روايات منى سلامة

روايات دكتورة منى سلامة
للتواصل مع الكاتبة:
الفيس بوك
الصفحة العامة

الانستجرام

الفصل الرابع والعشرون من رواية مزرعة الدموع

رواية مزرعة الدموع بقلم بنوتة أسمرة


جلس الأصدقاء الثلاثة فى بيت المزرعة يتضاحكون ويتجاذبون أطراف الحديث .. قال "كرم" فى استمتاع :
- ياااه .. والله وحشنى يا ولاد الايه
ربت "عمر" بكفه على كتف "كرم" قائلاً :
- وانت كمان يا "كرم" .. بجد وحشتنى جدا .. ووحشتنى غتاتك
قال "أيمن" :
- أيوة واتك أوى على غتاته دى
قال "كرم" :
- تنكروا انى عملت جو للمزرعة من أول ما جيت وأنا مبقاليش ساعة واصل ..
ابتسم "عمر" قائلاً :
- آه والله وأحلى جو أنا من زمان مضحكتش كده
قال "كرم" بجديه :
- بصوا بأه عايزكوا تشوفولى سكرتيرة كويسة ..أنا مش جاى عشان أقضى يومي فى الشغل عايز واحده تنجز معايا


سأله "عمر" بإهتمام :
- طيب مشترط مؤهلات معينة
- آه يعني تكون زى مدام "حنان" مديرة مكتبتك
هتف "عمر" قائلا :
- انت هتهرج يا "كرم" .. مدام "حنان" ايه .. انت فى بلد أرياف يا ابنى ..
- طيب شوفولى أى واحدة المهم تكون ذكية وسريعة ونشيطة وبتفهم فى الكمبيوتر وبتعرف انجلش كويس
طمأنه "عمر" قائلاً :
- خلاص سيب الموضوع ده عليا
نظر "أيمن" الى "عمر" قالئلاً :
- "ريهام" مش كده ؟
أومأ "عمر" برأسه قائلاً :
- أيوة بس هتأكد الأول ليها فى الكمبيوتر والانجلش ولا لأ
هتف "كرم" فى مرح :
- ايه يا عم انت وهو انتوا جابيينى تجوعونى ولا ايه .. لا ويقولولك بلد فلاحين .. فين المشلتت والمحمر والمشمر أنا على لحم بطنى من الصبح
وهنا أتت الخادمة لتخبرهم بأنها انتهت من تحضير الطعام .. التف الجميع حول طاولة الطعام فى استمتاع وهم يستعيدون ذكرياتهم معاً

****************
- حالك مش عاجبنى اليومين دول
قالت "ريهام" هذه العبارة وهى واقفة مع "ياسمين" فى شرفة غرفتهما .. قالت "ياسمين" دون أن تلتفت اليها :
- لا أبداُ مفيش حاجه
تفرست فيها "ريهام" قائله :
- واثقه ؟
- أيوة واثقه .. يمكن بس شوية ارهاق من الشغل
قالت "ريهام" بعدم اقتناع :
- هحاول أبلعها .. بس انتى عارفه انك وقت ما تحبي تتكلمى أنا موجوده وهسمعك
التفتت اليها "ياسمين" وابتسمت ابتسامه ضعيفة .. نظرت "ريهام" للأسفل قائله :
- مين ده ؟
نظرت "ياسمين" حيث تنظر أختها .. فرأت "عمر" و "أيمن" ومعهما شخص ثالث لا تعرفه
قالت "ريهام" :
- أنا حسه انى شوفته قبل كده
قالت لها "ياسمين" :
- أنا أول مرة أشوفه فى المزرعة
- لأ .. مش فى المزرعة .. تقريبا لمحته فى خطوبة "سماح" .. أصلا احنا يوميها ملحقناش نعد ولا نشوف حد ..حضرتك مشتينا بدرى
تذكرت "ياسمين" يوم خطوبة "سماح" .. كانت فى صباح ذلك اليوم فى المحكمة .. مع "مصطفى" .. أثارت ذكراه القشعريرة فى جسدها .. أحاطت جسدها بذراعيها وكأنها تحمي نفسها من ذكراه .. نظرت الى الأسفل مرة أخرى .. على "عمر" الذى كان يتحدث مع صديقيه فى مرح .. حانت منه التفاته لأعلى .. فتلاقطت نظراتهما فى لحظة خاطفة .. خفق لها قلبها الصغير .. ولم تكن تدرى أن خفقات قلبها كان صداها يُسمع فى قلبه هو الآخر .. أشاحت بوجهها بسرعة وقالت لـ "ريهام" :
- أنا دخله
هربت "ياسمين" الى الداخل بسرعة .. ولحقت بها "ريهام" التى نظرت بعتاب الى "ياسمين" التى جلست على فراشها وضمت وسادتها الصغيرة الى صدرها قائله :
- براحتك مش هضغط عليكي
شردت "ياسمين" فى وجوم.

**********************
كانت "ياسمين" جالسه فى استراحة الغداء برفقة "شيماء" و "مها" .. التى كانت تحاول الإقتراب من "ياسمين" بأى طريقة لتعلم معلومات عنها وعن أسرتها .. لكن "ياسمين" كانت ذكية .. فلم تكن تتحدث معهما أو مع غيرهما فى أمورها الخاصة .. حتى لا يتصيد أحد الأخطاء لها .. فكان الجميع يظن بأنها آنسه لم يسبق لها الزواج .. هى لم تكذب .. لكن هذا ما ظنوه .. وهى تركتهم وظنونهم .. قالت "شيماء" فجأة وكأنها تدلى بمعلومة خطيرة :
- تعرفوا مين اللي جه المزرعة امبارح ؟
قالت "مها" فى تعالى :
- أيوة طبعاً عرفت .. مش مستنياكى تعرفيني
نظرت "ياسمين" اليهما بعدم فهم , فقالت لها "شيماء" :
- البشمهندس "كرم" صاحب البشمهندس "عمر" و البشمهندس "أيمن"
أومأت "ياسمين" برأسها وقد تذكرت الرجل الذى رأته بصحبة " عمر " و "أيمن" يوم أمس
أكملت "شيماء" هامسه وهى تحنى قامتها الى الأمام :
- ده بأه غير الاتنين التانيين خالص .. دمه زى الشربات .. ومرح جداً .. وتحبي تتكلمى معاه .. ومش قفل زى البشمهندس "أيمن" .. ولا جد أوى زى البشمهندس "عمر"
اهتمت "ياسمين" بتناول طعامها وكأن الأمر لا يعنيها .. فقالت "مها" بهيام مصطنع :
- لا كله كوم و "عمر" كوم تانى خالص .. هو فى زى "عمر" .. ده مفيش منه إلا نسخة واحدة بس .. ومفيش راجل لا قلبه ولا بعده
شعرت "ياسمين" بالحنق لكنها تظاهرت بعدم الإهتمام وظلت محتفظه بتعبير اللامبالاة على وجهها
فأكملت "مها" قائله بخبث :
- هو فعلاً يبان عليه انه جد .. بس لما بكون عنده فى المكتب .. بحس انه بيفك خالص .. وبيحب الهزار جدا .. هو تقريباً بيركب الوش الخشب عشان الموظفين ميسوقوش فيها .. لكن مع الناس اللى بيعزهم بيكون حاجه تانية

شعرت "ياسمين" بأن حنقها وضيقها يتصاعد .. لكنها كانت مصره على ألا تظهر أى رد فعل لحديث "مها" .. بعد لحظات فوجئن بـ "عمر" يدخل الاستراحة .. نظرت "مها" اليه مبتسمه .. فتوجه الى طاولتهم .. نظرت "ياسمين" الى الطعام أمامها ولم تعيره أى اهتمام .. بمجرد أن وقف أمام طاولتهم قالت "مها" مبتسمه :
- ازيك يا بشمهندس "عمر" .. تعالى اتفضل معانا
تجاهلها "عمر" تماما ونظر الى "ياسمين" قائلاً :
- بعد اذنك يا دكتورة "ياسمين" خلصى أكلك ومستنيكي فى مكتبي
قال ذلك ثم انصرف .. شعرت "مها" بالحنق وتصاعدت الدماء لتلون وجهها باللون الأحمر .. ساد الصمت لفتره .. استأذنت "ياسمين" وقامت مغادره .. قالت "مها" بحنق :
- مش مكسوفين من نفسهم .. يجي يقولها تعاليلى المكتب .. وهى ما صدقت قامت جريت وراه
ضحكت "شيماء" قائله :
- الراجل أكيد عايزها فى شغل
قالت "مها" بغل :
- شغل آه ما هو واضح أوى نوعية الشغل ده
ابتسمت "شيماء" قائله :
- وانتى متغاظه ليه ؟
صاحت يغضب :
- وهتغاظ من ايه يعني .. معدش الا البتاعه دى اللى أتغاظ منها
وهبت واقفه وخرجت دون أن تكمل طعامها .


**************************

توجهت "ياسمين" الى مكتب "عمر" وهى تشعر بالتوتر وتتساءل .. عن ماذا يريد التحدث اليها .. طرقت الباب طرقات خفيفه ثم دخلت بعدما أتاها صوته :
- اتفضلى
دخلت ووقفت أمام المكتب فأشار برأسه الى الكرسي أمامه قائلاً بإبتسامه :
- ايه هتفضلى واقفه .. اتفضلى اعدى
جلست "ياسمين" فى انتظار ما سيقوله .. نظر اليها "عمر" متئملاً إياها .. شعر بقلبه يقفز من مكانه مرة أخرى .. أضاق عينيه يحاول ترجمة مشاعره .. أمعقول أنه ...؟ .. لماذا ؟ .. وكيف ؟ .. لماذا يشعر بهذا الحنان تجاهها .. والحنين اليها .. والرغبة فى القرب منه .. والنظر اليها .. والاستماع لها .. لماذا هى دون غيرها .. ألأنه يشفق على حالها وعما أصابها .. كلا .. ما يحرك قلبه شئ آخر غير الشفقة والعطف .. شئ شعر أنه لم يذقه يوماً .. طال صمته .. وزاد توترها .. فأخذت تتململ فى جلستها .. فأفاق "عمر" من شروده وتساؤلاته تنحنح قائلاً بهدوء :
- هى "ريهام" تعرف انجلش وكمبيوتر ؟
اندهشت لسؤاله فرفعت نظرها اليه فتلاقت نظراتهما .. شعرت بأن عينيه بحر عميق .. كانت تخشى الغرق فيهما .. فتجنبت النظر اليهما قائله :
- أيوة .. هى واخده كورسات فيهم
ابتسم قائلاً :
- طيب تمام .. احنا محتاجين سكرتيرة .. شريكي هيعد هنا فترة ومحتاج سكرتيرة عشان يقدر يتابع شغلنا اللى فى القاهرة
- يعني حضرتك تقصد ان "ريهام" تشتغل سكرتيره
- أيوة بالظبط كدة .. لما قالى انه محتاج سكرتيرة أنا فكرت فى أختك على طول
قالت له بإمتنان :
- متشكرة أولا على الثقه دى .. ثانياً أعتقد دى حاجه هتفرح "ريهام" لأنها بتمل من الأعده لوحدها طول النهار .. وكمان دى فرصة كويسة ليها عشان لو اضطرت انها تشتغل بعد كده
سألها قائلاً :
- وليه مطلبتيش منى قبل كده انى ألاقيلها شغل فى المزرعة
قالت بحرج :
- مرضتش أزعج حضرتك أكتر من كدة .. يعني كفاية ان حضرت وفرت شغل ليا ولوالدى كمان
ابتسم "عمر" قائلاً :
- مفيش ازعاج ولا حاجه .. قولتلك قبل كده لو احتجتى حاجه تعرفيني
ثم استطرد قائلاً :
- تمام يبقى اتفقنا .. خليها تيجيلى مكتبي بكرة الساعة 8 ان شاء الله .. ومتقلقيش عليها "كرم" صاحبي وعشرة عمر
ثم نظر اليها وابتسم بخبث قائلاً :
- بس تخليها تيجي 8 بالظبط ها .. يعني متجليش بدرى ربع ساعة وتتأمص انى سايبها أعده وبكمل شغلى

ابتسمت "ياسمين" رغماً عنها وتصاعدت حمرة الخجل الى وجنتيها .. شعرت بالحرج لتذكرها تسرعها فى هذا اليوم .. تأمل "عمر" وجهها بإبتسامه قائلا :
- تعرفى ان دى أول مرة فى حياتى أشوف بنت وشها بيحمر وبيحلو كده لما بتتكسف
نهضت "ياسمين" بسرعة قائله :
- ان شاء الله هتكون عند حضرتك فى المعاد
قالت ذلك وانصرفت .. هاربه

أخبرت "ياسمين" "ريهام" ووالدهما بعرض العمل الذى قدمه "عمر" الى "ريهام" .. فقال والدهما :
- والله راجل فيه الخير .. ربنا يوسع رزقه
صفقت "ريهام" فى مرح طفولى قائله :
- أخيراً هلاقى حاجه انشغل فيها .. ده أنا كنت قربت أتجنن من كتر البص للحيطه
قالت "ياسمين" وقد ابتسمت لسعاده أختها :
- معادك بكرة ان شاء الله الساعة 8 متتأخريش
- أتأخر ايه ده أنا هروح أبات على باب مكتبه من دلوقتى
ضحكت "ياسمين" .. وعانقتها "ريهام" فى حبور .. غادر والدهما الى غرفته .. فقالت "ياسمين" :
- عارفه مين اللى هتشتغلى معاه ؟
تساءلت "ريهام" بإهتمام :
- لأ ... مين ؟
- صاحب البشمهندس "عمر" اللى شوفناه من البلكونه امبارح
قالت "ريهام" بمرح :
- ااااه الواد الموز اللى واخد قلم فى نفسه ده
قالت لها "ياسمين" :
- "ريهام" مش عايزه جنان
قبلها "ريهام" قائله بمرح :
- متخفيش عليا دى أختك تجنن بلد

توجهت "ريهام" فى صباح اليوم التالى الى مكتب "عمر" الذى أخذها الى مكتب "كرم" نهض "كرم" بعد أن رآهما .. فقدمهما "عمر" لبعضهما البعض قائلاً :
- "كرم" دى الآنسه "ريهام" هتكون سكيرتيرتك طول فترة وجودك هنا .. انسه "ريهام" ده البشمهندس "كرم"
مد "كرم" يده ليسلم على "ريهام" قائلا بإبتسامه :
- أهلا بيكي يا آنسه "ريهام"
نظرت "ريهام" الى يده الممدوده ثم نظرت اليه قائله :
- أهلا بحضرتك
نظر "كرم" الى يده ثم اليها قائلاً :
- هفضل مادد ايدى كده كتير
تنحنح "عمر" وابتسم الى صديقه قائلاً :
- الآنسه مبتسلمش
نظر "كرم" الى صديقه ثم اليها وسحب يده ومسح بها على رقبته ورفع حاجبيه قائلاً :
- والله .. طب كويس
انصرف "عمر" وتركهما يبدأن عملهما .. أعطاها "كرم" تعليماته و آراها مكتبها :
- أهم حاجه عندى الالتزام بالمواعيد أنا باجى المكتب 8 .. عايزك 8 بالظبط موجوده مش عايز دقيقة تأخير ... اللى عايزه منك دلوقتى انك تجمعيلي كل الايميلات اللى محتاجه رد وتنسخيها عشان همليكى الرد اللى هتبعتيه لكل واحد فيهم .. فى أى مشكلة
قالت "ريهام" بجديه وهى تجلس على مكتبها :
- لا يا فندم .. هبدأ حالا
بدأت "ريهام" فى عملها بنشاط أنهت ما طلبه منها وتوجهت الى مكتبه .. طرقت الباب ثم دخلت .. وجدت "كرم" يتحدث فى الهاتف وقفت أمامه حتى أنهى مكالمته .. ثم قال :
- جمعتيم ؟
- أيوة يا فندم
أخذهم منها .. وأخذ فى املائها بالردود .. كانت سريعة فى الكتابة وهذا أسعده .. انتهت معه وذهب الى مكتبها لكتابه الردود واراسلها .. كانت فرحه تعمل بهمه وبدقه واتقان .. بعد لحظات طلبها "كرم" فتوجهت اليه .. قال دون أن يرفع عينيه عن الورق أمامه :
- هتلاقى عندك على الكمبيوتر ملف بإسم شركة الصباحى هاتيلى منه كل بياناتهم
قالت وهى تهم بالإنصراف :
- حاضر يا فندم
استوقفها "كرم" بإشارة من يده قائلاً وهو مازال منهمك فى الأوراق أمامه :
- اعمليلى قهوة دبل لو سمحتى
توقفت "ريهام" ونظرت اليه قائله :
- أفندم ؟
- قهوة دبل .. وبسرعة لو سمحتى
وقفت "ريهام" لحظات صامته وهى تشعر بالضيق .. ثم نظرت اليه وقالت بهدوء :
- أنا هنا سكرتيرة مش خدامه .. اعملها لنفسك أو اطلب من الفراش يعملها
قالت ذلك ثم توجهت الى الخارج ..رفع "كرم" رأسه ينظر الى الباب الذى خرجت منه للتو .. وهو يحاول استيعاب ما قالت .. جلست على مكتبها و قد بدأت فى البحث على الملف عندما أطل عليها قائلاً :
- انتى قولتى ايه دلوقتى ؟
نظرت اليه قائله وهى لاتزال جالسه فى مكتبها :
- قولت أنا سكرتيره مش خدامه
ثم أعادت النظر الى الكمبيوتر مرة أخرى
نظر اليها بغيظ ثم خرج وطلب من الفراش احضار قهوته وتوجه الى مكتبه ليكمل عمله

اتصلت "ياسمين" بـ "سماح" قائله :
- لو انتى فاضية حبه أعدى عليكي نتكلم شوية
قالت "سماح" بقلق :
- خير فى حاجه
تنهدت "ياسمين" قائله :
- لا أبدا متقلقيش .. بس حبه أتكلم معاكى .. هو زوجك هيرجع امتى
- لا النهاردة "أيمن" هييجى متأخر لانه خارج يتعشى بره مع صحابه
- طيب تمام هعدى عليكي الضهر كده
- وشغلك
- هاخد أجازة النهاردة .. وأصلا مفيش شغل كتير النهاردة
قالت "سماح" بقلق :
- قلقتيني يا "ياسمين"
طمأنتها قائله :
- قولتلك متقلقيش .. حبه بس أتكلم معاكى
- طيب هتعرفى تيجي لوحدك ؟
- أيوة الطريق سهل وكمان هركب مش همشى أكيد .. قوليلى بس أركب ايه وأنزل فين .. أنا عارفه شكل الشارع والعمارة بس معرفش اسم الشارع
أعطتها "سماح" العنوان .. وتوجهت "ياسمين" الى بيت صديقتها التى استقبلتها بالترحاب .. عادت من الطبخ بالعصير وقدمته الى صديقتها قائله :
- قوليلى بأه مالك فى ايه
أخذت "ياسمين" رشفه من العصير قائله :
- مفيش .. حبه أتكلم معاكى عامة .. مش فى حاجه محدده يعني
نظرت اليها "سماح" بإمعان .. ثم قالت :
- طيب مفيش مشكلة .. اتكملى
نظرت اليها "ياسمين" قائله :
- أخبارك ايه .. مبسوطة ؟
ابتسمت "سماح" قائله :
- الحمد لله .. أنا مكنتش أتمنى زوج أحسن من "أيمن" .. ربنا يباركلى فيه
ابتسمت "ياسمين" قائله :
- انتى يا "سماح" حد طيب أوى وتستاهلى كل خير .. مش الطيبون للطيبات .. كان لازم ربنا يرزقك بواحد زى "أيمن" .. لأنك تستاهليه
عانقت "سماح" صديقتها وابتسمت قائله :
- وانتى كمان طيبة وتستاهلى كل خير .. وبكرة ربنا يرزقك بواحد طيب زيك
ابتسمت "ياسمين" بضعف .. ساد الصمت بينهما لفتره .. كانت "سماح" تفهم صديقتها جيداً وتعلم بأن هناك ما يشغل بالها .. لكنها لم ترد الضغط عليها .. قطعت "ياسمين الصمت قائله :
- "سماح" عايزة أسألك عن حاجه
- خير يا حبيبتى اتفضلى
قالت "ياسمين" بشئ من التردد وهى تعبث بأصابعها بكوب العصير الذى بين يديها :
- صاحب جوزك ..
سألتها "سماح" :
- مين تقصدى ؟
قالت بأرتباك :
- اللى انا بشتغل فى مزرعته
- أيوة .. "عمر" .. ماله
قالت بإرتباك :
- تعرفى عنه ايه ؟
صمتت "سماح" قليلا ثم قالت :
- اللى أعرفه ان هو و"أيمن" وصاحب تالت ليهم اسمه " كرم" .. صحاب من أيام الجامعة .. و"أيمن" فضل على تواصل معاهم بعد ما سافر كل فترة .. بس فى اخر سنتين الاتصالات بينهم اتقطعت ..
تأملت "سماح" "ياسمين" قائله :
- بتسألى ليه ؟
قالت "ياسمين" وهى تتظاهر باللامبالاة :
- عادى .. فضول مش أكتر
لكن "سماح" شعرت بأن الأمر أكثر من مجرد فضول .
مكثت "ياسمين" ساعتين ثم همت بالإنصراف .. قالت لها "سماح :
- يا ابنتى متخليكي شوية كمان انتى جيتي فى ايه وماشية فى ايه
- معلش يا "سماح" عشان أروح قبل ما الدنيا تليل
- يا بنتى ده العصر لسه مأذنش والطريق للمزرعة ربع ساعة ولا تلت ساعة
- معلش هيجيلك مرة تانية ان شاء الله
- وأنا اللي كنت متعشمة اننا نتغدى مع بعض .. بجد انتى رخمه
ابتسمت "ياسمين" قائلا :
- هو بعد كل اللى انتى عماله تقدميهولى من ساعة ما جيت هيبقى فى مكان للأكل
- لأ اعملى احسابك المرة الجاية نتغدى سوا .. ممنوع اعذار
- خلاص اتفقنا
ودعت "ياسمين" صديقتها واستقلت السيارة المتوجهه الى المزرعة .. قبل أن تصل الى المزرعة بخمس دقائق تعطلت السيارة .. واضطرت أن تنزل هى والركاب للبحث عن سيارات قادمة فى هذا الاتجاه .. وقفت وهى متضايقه من ذلك المأذق .. سمعت صوت امرأة عجوز من على بعد عدة أمتار منها وهى تتحدث الى نفسها وتنتحب .. كانت فلاحه بسيطه .. توجهت اليها "ياسمين" قائله :
- فى حاجه يا حجه ؟
قالت لها باكية :
- الفرس هتموت .. الفرس هتموت منى
أشارت المرأة الى الفرس النائمة على جمبها فى ظل احدى الأشجار .. توجهت "ياسمين" الى الفرس لتجدها على مشارف الولادة .. فقالت للمرأة :
- دي بتولد
هتفت المرأة قائله :
- عارفة يا بنتى انها بتولد بس بألها ساعة بتتوجع ونايمة على جمبها ومش عارفه اتصرف .. والواد ابنى راح ينادى لجوزى ولسه مرجعش .. خايفه لتموت منى ..
تفحصت "ياسمين" الفرس لتجد كيس أحمر اللون ولا أثر للمهر .. فقالت للمرأة :
- مش هينفع نستنى أكتر .. دى عندها عسر ولاده ..لازم نقطع المشيمة ونولدها دلوقتى ..
أخذت المرأة تلطم وجهها قائله :
- عسر ولاده يعني هتموت
نهرتها "ياسمين" قائله :
- يا حجه حرام اللى انتى بتعمليه ده .. دوريلى على حاجه حاده يعني مقص سكينه أى حاجه حاميه ..
هرولت المرأة الى بيتها الذى يبعد أمتار قليلة وعادت حاملة مقص .. جلست "ياسمين" بجوار الفرس .. أخذت تمسح على جسمها بيدها وطلبت من المرأه أن تجلس بجوار رأس الفرس وتمرر يدها على وجهها لتطمئنها .. أخذت بقص المشيمة وحاولت مساعدتها على سحب المهر الى الخارج .. أثناء انهماكها فى عملها مرت سيارة "عمر" فى طريق عودته الى المزرعة .. لفت نظره الفتاة المنحنية على الفرس الراقد تحت ظل احدى الأشجار .. نظر الى الخلف ليتبين هيئة "ياسمين" .. عاد قليلاً الى الخلف وأوقف السيارة على جانب الطريق .. ونزل ليتبين الأمر .. ماذا تفعل هنا .. ومن تلك المرأة الجالسه بجوار المهر .. اقترب منهما .. وكانت "ياسمين" قد بلغ منها التعب مبلغه .. فلم تستطع بجسدها النحيل أداء المهمة بمفردها .. اقترب "عمر" قائلاً :
- بتعملى ايه هنا ؟
نظرت اليه وقالت بلهفة :
- بسرعة تعالى ساعدنى
وقف "عمر" لبرهه وكأنه لا يعى ما تقول .. فأعادت ما قالت بحده :
- بسرعة بقولك
جلس "عمر" الى جوارها ولا يدرى ماذا يصنع فأعطته قدم المهر .. وأمسكت هى بما ظهر من الجسم .. تحاول جذبه للخارج .. جذب "عمر" قدم الفرس بقوة فصاحت به :
- حاسب براحه مش كده .. فعل "عمر" كما تفعل هى .. استغرق الأمر قرابة الربع ساعة حتى ظهر المهر كاملاً .. كانت مهره جميلة ذات لون أسود فاحم .. أضفى لها جاذبيه خاصه .. حضنت "ياسمين" رأس المهره والابتسامه تعلو شفتيها ووضعتها برفق على الأرض .. سبحان الله الذى يخرج روح من روح .. وجسد من جسد .. وحياة من حياة .. تأمل "عمر" المهره والابتسامه تعلو شفتيه هو الآخر حاول أن يمسح على جسدها فأوقفته "ياسمين" قائله :
- استنى لازم مامتها تشمها وتنضفها الأول
سألها "عمر" فى دهشة :
-ليه
قالت مبتسمة وهى تنظر الى المهره الصغيره فى حنان :
- عشان تتعرف عليها
هشت المرأة وبشت وأخذت تزغرط وكأن ابنتها هى التى كانت تلد .. مثل هؤلاء الفلاحين البسطاء يعتزون بدوابهم جداً وكأنها فرد من أفراد أسرتهم .. خاصة لو كانت هى مصدر رزقهم ..
كانت ملابس "عمر" و "ياسمين" فى حالة يرثى لها من افرازات الولاده .. نظرت "ياسمين" الى ملابسها ولا تدرى ماذا تصنع .. كيف ستوقف سيارة بملابسها المتسخة لتعود الى المزرعة .. أخرجتها المرأة العجوز من حيرتها وقالت هاتفه فى فرح :
- احنا لازم نكرمكوا بركه ولاده المهر .. وتعالت الزغايد مرة أخرى .. عندئذ أقبل رجل كبير ومعه غلام صغير .. ضربت المرأة الغلام على رأسه قائلا :
- كل ده بتنادى لأبوك يا وله
قال الولد معتذرا :
- والله يامه دخت على مالقيته فى الغيط
أقبل الرجل فرحاً .. جلس بجوار الفرس وهو يمسح بيده على رأسها مردداً :
- اللهم لك الحمد والشكر
- قالت له زوجته :
- الهانم والبيه هما اللى ولدوا الفرسه يا حاج
قام الرجل الطيب من فوره ومد يده الى "عمر " قائلاً :
- جميلكوا ده على الراس والله
سلم عليه "عمر" قائلاً :
- مبروك عليكوا المهر
صححت "ياسمين" قائله :
- مهره
التفت الرجل الى "ياسمين" قائلا :
- مدام مهره وانتى اللى ولدتيها يبقى تتسمى على اسمك .. اسمك ايه ؟
ابتسمت "ياسمين" بخجل قائله :
- "ياسمين"
قال الرجل فى فرح :
- الله .. عاشت الأسامى يا ست "ياسمين" .. خلاص المهره نسميها "ياسمين"
سمعت "عمر" الواقف الى جوارها يقول لها مبتسماً :
- الحمد لله انه مطلعش مهر .. كان زمانهم سموه "عمر"

ضحكت "ياسمين" ضحكه خافته .. أصر الرجل والمرأة على تقديم واجب الضيافة لـ "ياسمين" و "عمر" .. وحلف الرجل بأغلظ الأيمان .. فإنصاع له الاثنان .. كان بيتهم ضعير مبنى بالطوب .. خرجت المرأة الى "ياسمين" حاملة جلباب مطوى وأعطته لها .. وأعطت جلبابا الى "عمر" .. نظرت "ياسمين" الى ما بيدها وقالت لها محرجه :
- متشكرة أوى بس .....
- ايه يا بنتى هتكسفيني ولا ايه .. ده احنا لو نطول نقدملكوا حته من السما كنا قدمناها

أدخلت المرأة "ياسمين" الى حجرة صغيرة تحتوى على فراش موضوع على الأرض علمت "ياسمين" أن هذه هى غرفة المرأة .. ارتدت "ياسمين" الجلباب النظيف ونظرت الى مرآه صغيره متآكله موضوعه على الأرض .. كان جلباب واسع ذو لون أخضر مطعم بالورود الصغيرة الحمراء وطرحه من نفس لون ونوع الجلباب .. نظرت "ياسمين" الى نفسها وضحكت ضحكة خافته لهيئتها التى لم تعتاد عليها
حملت "ياسمين" ملابسها المتسخة وخرجت من الغرفة .. لتقابل "عمر" فى مواجهتها وهو يخرج من غرفة أخرى .. نظرت اليه فرأته وقدر ارتدى جلبابا بدى قصيراً عليه نظراً لطول قامته .. لم تتمالك نفسها فإبتسمت ثم التفتت لتغلق باب الغرفة
نظر اليها "عمر" بخبث قائلاً :
- قبل ما تضحكى عليا بصى لنفسك فى المراية الأول
ثم ضحك ضحكة عالية .. طار لها قلبها .. أقبلت المرأة وتقدمت "عمر" الى حيث يجلس زوجها وابنها وقدمت لهم صنية بها كسر من الخبز الناشف وطبق عسل وطبق جبنه وبضع حبات الطماطم والخيار .. حلف الرجل وأقسم أن يأكل "عمر" ليرد اليه صنيعه .. جلست المرأة مع "ياسمين" وأخذت تقدم لها كسرات الخبز .. كانت المرأة سعيدة بما تقدمه لـ "ياسمين" وقالت لها :
- والله مقامك أكبر من كده يا بنتى .. بس احنا على أد حالنا زى ما انتى شايفه ..والحاج حالف اننا لازم نكرمك انتى والبيه .. يلا مدى ايدك وكلى متتكسفيش

أكلت "ياسمين" بنهم وهى تشعر بأن لهذا الطعام المقدم لها مذاقاً خاصاً وبركة خاصة .. كانت التجربة جديدة على "عمر" أيضاً لكنه شعر بسعادة وسكينة وهو جالس مع أولئك الناس البسطاء .. انهيا طعامهما وصليا العصر واستأذنا فى الإنصراف .. خرجت "ياسمين" بصحبة "عمر" ليتوجها الى الطريق .. اقترب "عمر "من سيارته .. فوقفت "ياسمين" .. التفت لها "عمر" قائلاً :
- تعالى أوصلك أنا راجع المزرعة
تمتمت "ياسمين" بخفوت :
- شكراً أنا هوقف عربية من على الطريق
ابتسم "عمر" ونظر اليها قائلاً :
- عارفه من ضمن الحاجات اللى عجبانى فيكي ايه ؟
خفق قلبها لوقع كلماته .. فأكمل قائلاً دون أن يرفع نظره عنها :
- انك يعتمد عليكي .. وبتعرفى تتحملى المسؤلية .. وشخصيتك قوية .. الواحد يسلم نفسه ليكي وهو مطمن
صمت لبرهه ثم قال :
- ده طبعا بالإضافه لحاجات تانية كتير أوى
نظرت "ياسمين" الى السيارات المارة بجوارها لتهرب من النظر اليها .. كانت تخشى أن يسمع صوت خفقات قلبها الذى يخفق بجنون .. فسألها بهدوء :
- هتعملى ايه ؟
ردت دون أن تنظر اليه :
- زى ما قولت هوقف عربيه
قال لها :
- لأ بلاش تركبي عربية من على الطريق فى الوقت ده خلاص الدنيا هتليل .. امشها أحسن المسافة مش كبيرة .. ربع ساعه بالكتير وتكونى فى المزرعة
نظرت اليه "ياسمين" بدهشة وقالت :
- بس أنا أخاف أمشى لوحدى فى الوقت ده المغرب خلاص هيأذن
نظر اليها وكأن عينيه تعانقانها وقال فى حنان :
- مش لوحدك ..
نظرت اليه مستفهمه فإستطرد قائلاً :
- همشى وراكى بالعربية
شعرت "ياسمين" بسعادة تغمر قلبها .. أهو خائف عليها حقاً .. أخرجها من أفكارها قائلاً بصوت خافت :
- أنا قولتلك بس عشان تبقى عارفه انى معاكى .. يعني اطمنى متخفيش
مشت "ياسمين" بضع خطوات فأوقفها صوته قائلا بمرح :
- مش تجيبى البؤجه اللى معاكى دى .. أحطها فى العربية أحسن
ابتسمت وهى نظرت الى ملابسها التى تحملها والتى لفتها على بعضها البعض قائله :
- لأ شكرا .. هشيلها أنا

ثم سارت فى طريقها .. ركب "عمر" سيارته وتبعها ..كانت كلما ابتعدت قليلا فى خطواتها سار بسيارته ووقف خلفها بخطوات ثم يتركها تسير لفترة ثم يعود ليقرب المسافة كلما بعدت .. كان يشعر بشئ واحد .. أن قلبه أصبح ملكاً خالصاً لتلك الفتاة التى تسير أمامه .. والتى يخاف عليها ويرغب فى حمايتها بأى شكل .. لأنها متربعه على عرش قلبه الذى ينبض بداخله .. شعر بسعادة لذيذة تسرى داخله .. وهو يراها أمامه .. ود لو أوقف السيارة ونزل ليعانقها عناقاً طويلاً لا ينتهى أبداً .. ظلت عينيه معلقة بها .. حتى عبرت الطريق ووصلت الى بوابة المزرعة .. كان قلب "ياسمين" يخفق بشدة طوال الطريق وهى تختلس النظر الى الخلف فتجده يسير بسيارته خلفها ببطء .. كانت الابتسامه واسعة على شفتيها .. حمدت ربها أنه يسير خلفها وليس أمامها .. حتى لا يرى تلك السعادة البادية على وجهها .. طرقت البوابة ففتح الغفير ونظر اليها قائلاً :
- مين انتى ؟
فنظرت اليه قائله :
- أنا دكتورة "ياسمين"
تذكر الرجل أنه رآها تخرج فى الصباح .. انتبه الى ملابسها ونظر اليها فى دهشة .. دخلت "ياسمين" والرجل يتبعها بنظراته ويمط شفتيه فى دهشة .. كاد أن يغلق البوابة عندما سمع صوت زمور سيارة "عمر" فالتفت اليه ليجد رجلا يرتدى جلبابا فصاح قائلا :
- انت مين ؟
أخرج "عمر" رأسه من السيارة قائلاً :
- افتح أنا البشمهندس "عمر"
فأسرع الرجل بفتح البوابة على مسرعيها مرددا :
- اتفضلى يا بيه .. لا مؤاخذه ..
نظر الرجل الى ملابس "عمر" والسيارة تمر أمامه فضرب كفاً على كف وهو يفتح فمه فى دهشة

دخلت "ياسمين" الى غرفتها .. رأتها "ريهام" فهبت واقفه .. نظرت اليها فى دهشة قائله :
- ايه يا "ياسمين" فينك موبايلك مقفول ليه .. قلقتينى عليكي .. وايه اللى انتى مهبباه فى نفسك ده
قالت "ياسمين" وهى تخرج هاتفها وتضعه فى الشاحن :
- الموبايل فصل شحن معلش
هتفت "ريهام" بدهشة قائله :
- ايه اللى انتى لابساه ده .. عامله زى اللى جايه من ورا الجاموسه .. انتى آه دكتورة بيطرية بس مش لدرجة النيو لوك ده يا "ياسمين" هتفضحينا
ضحكت "ياسمين" وأخذت تقص على أختها الأحداث الغريبة التى مرت بها

دخل "عمر" بيت المزرعة ليجد نور مكتبه مضاءاً .. ترك الملابس المتسخة من يده على المقعد وتوجه الى المكتب .. ليرى "أيمن" جالس أمام الحاسوب .. نظر "أيمن" الى صديقه وانفجر ضاحكاً :
- ايه يا "عمر" اللى انت لابسه ده .. انت بقيت أبا العمده ولا ايه
- لا يا خفيف هدومى اتوسخت .. وملقتش حاجه ألبسها غير الجلبيه دى
قام "أيمن" من على المكتب ونظر الى صديقه وهو لا يستطيع وقف ضحكاته قائلاً :
- وكمان قصيره .. عارف بتفكرنى بمين .. جاموسة راحت تقابل جاموسة يا عيني ملقتهاش جاموسة لقتها بقرة يا عيني يا ليييييل
ضحك الصديقان فى مرح .. وتركه "عمر" وذهب الى غرفته ليأخذ دشاً .. وصورة "ياسمين" لا تفارق رأسه

****************************
فى صباح اليوم التالى دخل "كرم" مكتب "ريهام" قبل التوجه الى مكتبه لإعطائها بعض التعليمات .. بمجرد أن دخل هبت "ريهام" واقفة وعلامات الغضب على وجهها .. قال "كرم" :
- صباح الخير يا آنسه "ريهام"
لم تجب بل نظرت الى ساعتها وهتفت فى حنق :
- حضرتك جاى متأخر 3 ساعات ونص
نظر لها فى دهشة قائلاً :
- نعم ؟
قالت بهدوء ممزوج بالغضب :
- معاد حضرتك فى المكتب الساعة 8 .. وحضرتك فى أول يوم نبهت عليا انى آجى فى معادى ومتأخرش .. حضرتك اتأخرت 3 ساعات ونص وأنا اعده فى المكتب لوحدى ومش لاقيه أى حاجه أعملها .. طيب كنت قولى انك هتتأخر كنت روحت جبت كتاب ذاكرتلى كلمتين ينفعونى ولا كنت عملت أى حاجه مفيدة بدل الوقت الضايع ده
نظر "كرم" الى أعلى وأغمض عينيه وحاول تمالك أعصابه ثم نظر اليها قائلا :
- أنا آسف يا آنسه "ريهام" ان شاء الله لو حبيت اتأخر المرة الجاى هبقى أبلغ حضرتك
ثم تركها وذهب الى مكتبه وهو يحرك رأسه يميناً ويساراً فى بغيظ .. بعد فترة طلبها "كرم" لتحضر له بريد اليوم ليملي عليها الرد عليه .. ذهبت اليه ووقفت أمام المكتب أعطته الأوراق وانتظرت ما سيمليه عليها .. حانت منه التفاته اليها قائلاً :
- هو حضرتك مينفعش تبتسمى ؟
قالت له بجديه :
- نعم
- تبتسمى تبتسمى .. يعني تعملى كده
ابتسم ابتسامه صفراء أظهرت أسنانه .. ثم قال لها :
- أى سكرتيره بتبتسم فى وش المدير بتاعها
قالت "ريهام" فى هدوء :
- أنا كده مبحبش أبتسم
ثم نظرت الى الأجنده التى تحملها قائلاً :
- حضرتك مش هتملينى الردود
أنتهى "كرم" من تمليتها وقبل أن تغادر قال لها .. وهو يفحص احدى الملفات أمامه :
- انتى دايما بتنسي الباب مفتوح وانتى دخلالى المكتب .. متبقيش تنسى تقفليه
قالت له ببرود :
- لأ أنا مبنساش أقفله .. أنا متعمده أسيبه مفتوح
رفع نظره اليها قائلا :
- ليه ان شاء الله
قالت بنفس البرود :
- عشان ميبقاش فى خلوة ..
نظر لها بعدم فهم للحظات .. ثم قال بسخريه :
- آه عشان الشيطان ثالثهما والجو ده يعني .. لا يا آنسه "ريهام" فى حالتك دى الشيطان هيخاف يهوب هنا أصلا
قالت له بحده :
- نعم ؟ .. حضرتك بتقول ايه
قال بسرعة :
- بقولك اطبعى الورق اللى اديتهولك 3 نسخ ايه مبتسمعيش .. يلا بسرعة

نظرت له "ريهام" بغيظ ثم خرجت لتكمل عملها ... فى اليوم التالى حضر "كرم" الى مكتب "ريهام" قبل أن يمر على مكتبه .. دخل فرفعت رأسها تنظر اليه فأشار الى ساعته قائلاً :
- الساعة 8 يعني فى معادى بالظبط ..
أشاحت بوجهها دون أن ترد .. فنظر اليها قائلاً بحسره :
- على رأى المثل "تأتى الرياح .. محملة بالأتربة "
خرج من المكتب فلم تتمالك "ريهام" نفسها فابتسمت .. فدخل مرة أخرى بسرعة قائلا :
- ما احنا بنبتسم زى البنى آدمين أهو .. وابتسامتنا حلوة كمان
تحدثت اليه بجديه قائلاً :
- بشمهندس "كرم" .. اتفضل على مكتبك لو سمحت
أحنى رأسه قائلاً بسخرية :
- تحت أمرك يا آنسه "ريهام"

*********************
جلس الأصدقاء الثلاثة معاً فى مكتب "عمر" فهتف "كرم" قائلاً :
- ايه يا جماعة السكرتيرة اللى انتوا جايبينهالى دى ؟ .. أنا عايز بس أفهم حاجه واحدة هو انتوا مشغلين السكرتيرة دى عندى ولا مشغليني أنا عندها
سأله "عمر" مبتسماً :
- ليه ايه اللى حصل ؟
قال "كرم" وهو يضرب كفاً بكف :
- أقولها اقفلى الباب تقولى خلوة .. أقولها ابتسمى تقولى أنا كده مبتسمش .. أقولها اعمليلي قهوة تقولى أنا سكرتيرة مش خدامه
ضحك "ايمن" و "عمر" .. فهتف "كرم" قائلاً :
- لا استنوا خدوا التقبله .. لقتيها بتزعقلى وكان هاين عليها تاخدنى ألمين عشان اتاخرت عن معادى .. أنا خايف أروح بكرة الشغل ألاقيها جيبالى دفتر حضور وانصراف
ضحك "عمر " قائلاً :
- أختها برده معلمانى الأدب
- هى أختها برده سكرتيره ؟
- لأ .. دكتورة بيطرية
ابتسم "أيمن" قائلاً :
- والله بنتين ميه ميه
نظر "كرم" الى ساعته ثم قام لينصرف .. فسأله "عمر" :
- على فين ؟
نظر اليه قائلاً بسخريه :
- استراحة الغدا خلصت .. خايف أروحلها متأخر تخصملى يوم من مرتبي
Comments
4 Comments

هناك 4 تعليقات:

  1. كان ممدن ياسمين او عمر يوضحوا للحارس الموقف ويحكوله ببساطة لان للاسف الناس دى ممكن تظن ظنون سيئة وتتكلم بيها.

    ردحذف
  2. أنا بحب المشاهد الكموديه
    وهي بجد الروايه تجنن

    ردحذف