روايات منى سلامة

روايات دكتورة منى سلامة
للتواصل مع الكاتبة:
الفيس بوك
الصفحة العامة

الانستجرام

الفصل الأول من رواية العشق الممنوع


دوى صوت طلق النار عالياً حتى كاد أن يصم الآذان .. نهضت فزعة وجلست على فراشها تحاول تنظيم ضربات قلبها التى تسارعت فى جنون .. مدت يدها الى المصباح بجانبها وبحركات عصبية حاولت اضاءته دون جدوى .. حاولت تلمس الطريق الى هاتفها الى أن وجدته .. لعبت فى أزراره بعصبيه وصوت تنفسها المتقطع يتسرب الى أذنيها ليزيدها رعباً .. أضاءت الكشاف الصغير بالهاتف فأنار وجهها ذو البشرة البيضاء وذلك الشعر الأشيب الذى الذى يظهر من مقدمة رأسها .. دوى صوت الطلق النارى مرة أخرى لتنتفض فى فراشها وهى تتمتم :
- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. يارب استر يارب ........


أزاحت الغطاء لتنهض .. فحدث ما لم يكن فى الحسبان .. انتهى شحن الهاتف لتُظلم الغرفة مرة أخرى بظلام دامس .. حاولت تلمس طريقها الى الباب بأيدى مرتعشة وقلب ينبض رعباً .. فتحت الباب لترى الظلام بالخارج .. نادت بصوت مضطرب :
- "عدنان" .. "عدنان"
لم تجد رداً على نداءاتها المتكررة .. تلمست طريقها ووضعت كفيها على الجدار لتسير بمحاذاته حتى وصلت الى باب مغلق .. طرقت عليه عدة طرقات بإضطراب .. ثم بعنف أكبر .. ثم أدارت المقبض وفتحت الباب .. كانت الغرفة مظلمة كما هو الحال خارجها .. عبر ضوء القمر المتسلل من الشرفة استطاعت تبين أن الفراش فارغاَ .. وفجـــأة .. سمعت وقع خطوات على السلم المؤدى الى المكان الذى تقف فيه .. شعرت بالهلع .. دخلت الغرفة ووقفت خلف الباب تنظر علها تتبين القادم .. رأت دائرة برتقاليه كبيرة تتحرك على الأرض يميناً ويساراً لتضئ المكان .. قفز قلبها فى حلقها .. أخفت نفسها خلف الباب المفتوح وصدرها يعلو ويهبط بسرعه شديدة .. ماذا لو كان لصاً .! .. لو صرخت مستنجده سيجدها قبل القاطنين فى المنزل .. كادت أن تغلق الباب لكنها خشت أن يصدر صوتاً يُنبئه بمكانها .. نظرت مرة أخرى من الباب المفتوح .. تبــــأً .. هذا اللص فى غرفتها .. ماذا يفعل فى غرفتها ؟ .. عادت مرة أخرى تقف خلف الباب المفتوح وهى تحاول كتم أنفاسها .. وفجـــأة .. رأت الدائرة البرتقالية تلعب فى محيط الغرفة التى تقف فيها .. كتمت أنفاسها بصعوبة .. اللص يقف بمحاذاتها لا يفصل بينه وبينها سوى الباب الذى تختبئ خلفه .. شعرت بالهلع والفزع .. تستطيع أن ترى ظله الملقى على الفراش وهو يحمل الكشاف يسبح به فى فضاء الغرفة .. فجأة وبدون تفكير أمسكت الباب جيداً ثــــــم .. دفعته بقوة كبيرة ليرتطم به اللص صارخاً :
- آآآآآآآآآه
حاولت أن تدفع الباب لتدفع اللص الى الخارج وتغلقه عليها .. لكن عيناها اتسعت دهشة وهى تنظر الى ذلك الجسد المنحنى واضعاً كفه فوق جبينه يتحسس موضع الألم .. وقد أوقع الكشاف منه .. أمسكت الكشاف وسلطته على وجهه لتتسع عيناها أكثر وهى تهتف :
- "لميس" !
وضعت "لميس" ذراعها فوق جبينها تحاول حماية عينها من ذلك الضوء المسلط عليها وهى تئن بألم .. قالت بصوت متألم :
- أيوة أنا يا "انعام" هانم
قالت لها "انعام" معتذرة :
- آسفة جداً يا "لميس" افتكرتك حرامى .. كنت مرعوبة
قالت "لميس" وهى تحاول فرك جبينها بقوة حتى لا تترك الكدمة أثراً ظاهراً :
- لما سمعتك بتنادى على "عدنان" بيه طلعت عشان أطمن عليكي
سألتها "انعام" بلهفة :
- ايه اللى حصل .. ايه صوت ضرب النار اللى تحت ده ؟
قالت "لميس" :
- اتصلت بالسيكيوريتي على البوابة قالولى حرامى كان بيحاول ينط عندنا فى الفيلا .. بس معرفش لأن السور عالى .. هما شافوه وجريوا وراه وضربوا نار فى الهوا عشان يخوفوه
قالت "انعام" بدهشة :
- ايه الجرأة دى
ثم قالت :
- ومسكوه ولا لأ
- مش عارفه .. أنا عرفت منهم كده وجيت عشان أطمن عليكي .. أعتقد هو اللى فصل النور عن البيت .. ممكن يكون لعب فى الكبلات اللى بره الفيلا .. عامة أكيد حد من السيكيوريتي هيجى يطمنا
فجأة أنار ضوء المصابيح المكان كله .. عادت الكهرباء مرة أخرى .. فوضعت "انعام" كفها على صدرها وهى تتنهد قائله :
- الحمد لله
ظهر الارتياح أيضاً على وجه "لميس" التى احتفظت بجمالها رغم سنوات عمرها التى تجاوزت الخامسة والأربعون .. خرجتا من الغرفة وأغلقتها خلفها .. التفتت اليها "انعام" مستفهمة :
- فين "عدنان" ؟ .. افتكرته نايم
قالت "لميس" بأدب :
- "عدنان" بيه لسه مجاش
هتفت "انعام" بدهشة :
- معقوله .. فى الشركة لحد دلوقتى .. هروح أكمله
قالت "لميس" وهى تنزل الدرج :
- وأنا هروح أعرف آخر الأخبار من السيكيوريتي
دخلت "انعام" غرفتها وأخرجت الشاحن وأوصلته بهاتفها .. اتصلت بـ "عدنان" وهى جالسه فوق فراشها تضع ساقاً فوق ساق .. أتاها صوت رجولى أجش يقول :
- ألو .. أيوة يا "انعام"
هتفت بإستنكار :
- انت فين يا "عدنان" ؟
- فى الشركة
- معقوله لحد دلوقتى
- عندى شغل كتير يا "انعام" .. انتى ايه اللى مصحيكي لحد دلوقتى
قالت وهى تتذكر حالة الفزع التى أصابتها منذ قليل :
- اسكت يا "عدنان" .. كان فى حرامى بيحاول ينط على الفيلا عندنا .. وقطع النور عن الفيلا كلها
هتف "عدنان" بحده :
- ايه .. حرامى .. وانتوا كويسين .. حد جراله حاجة
قالت بسرعة :
- لا لا متقلقش .. تقريباً السيكيوريتي مسكوه
- أنا جاى حالا
لم يعطيها فرصة للرد .. بل أنهى المكالمة على الفور

*****************************************

تننتقل الى مكان آخر .. الى تركـيــــــا .. تحديداً العاصمة "اسطنبول" .. وفى أحد الشوارع الراقية .. عبرت سيارة رياضية بسرعة كبيرة .. ثـــم زحفت السيارة بقوة على أرض الأسفلت لتتطلق صريراً مرعباً عالياً قبل أن تتوقف .. كادت الفتاة بجوار السائق أن يرتطم رأسها بالتابلوه أمامها من قوة الرجه .. كانت تلهث بشدة .. التفتت الى الرجل بجوارها وهى ترجع شعرها الأسود الى الخلف وتنظر اليه بنظرة غاضبة تشع من عينيها البنيتين ثم هتفت :
- "باهر" .. قولتلك 100 مرة بخاف من السواقه بسرعة كدة
ضحك الرجل بجوارها ومد يده الى وجنتها مداعباً .. أشاحت بوجهها مبتعده عن يده ودفعت يده تبعدها عن وجهها .. ثم عادت تنظر اليه بغضب .. فقال دون أن يتوقف عن ضحكاته :
- يا بنتى جمدى قلبك بأه هتفضلى فافى كده لحد امتى
ازدادت حدة نظراتها وهى تقول :
- أنا مش فافى .. بس بترعب من السواقه المجنونة بتاعتك دى
اقترب منها مقبلاً وجنتها وهو يقول :
- آسف يا "سمر" معدتش هسوق كدة تانى
تنهدت بحدة قائله :
- كل مرة تقولى كدة وبرده تسوق بالشكل المرعب ده .. أنا كل ما اركب معاك أفضل حطه ايدي على قلبى وأقول يارب متحصل حاجه وحشة
قبلها مرة أخرى قائلاً :
- متخفيش يا حبيبتى .. انتى مش عارفه خطيبك ولا ايه
نظرت اليه قائله :
- لأ عارفه .. عارفه انك بطل من أبطال سباق السيارات .. بس ده فى السبق لكن هنا فى ناس حوالينا وعربيات لو انت محترف سواقه فى غيرك ممكن يكون بيسوق على أده .. ولا قدر الله ممكن تحصل حاجه وحشة
زفر بضيق قائلاً بتبرم :
- أوووف يا "سمر" .. دمك بيبقى تقيل لما بتقلبى وتسمعيني محاضرة من بتوعك
تنهدت فى يأس وابتسمت قائله :
- مفيش فايدة فيك .. مش بتسمع نصيحة من حد
نظر اليها مبتسماً يرفع أحد حاجبيه قائلاً بمكر :
- بس بتحبينى وبتموتى فيا مش كدة ؟
أطلقت ضحكة ناعمه وهى تمرر أصابعها فى خصلات شعرها قائله وهى تنظر اليه بحب :
- أهاا .. بحبك وبموت فيك .. نصيبى بأه أعمل ايه
قبل يدها ونظر اليها بسعادة وقال مبتسماً :
- ده نصيبى أنا .. أحلى نصيب
نزلت "سمر" من السيارة والتفتت تنظر اليه من الشباك وابتسمت قائله :
- باى أشوفك بكرة
أرسل لها قبلة فى الهواء وهو يقول :
- تصبحى على خير يا حبى
- وانت من أهله
التفتت لتتوجه الى البناية خلفها .. وقبل أن تعبر أبوابها .. سمعت صوت صرير السيارة مرة أخرى فإلتقتت لتجد "باهر" منحرفاً بسيارته فى أحد الشوارع بطريقة مرعبة .. هزت رأسهاً بحنق وزفرت بضيق وهى تعبر البوابة الى داخل البناية

***************************************

أشرق الصباح بضوئه على تلك الفيلا الكبيرة التى شهدت أحداث محاولة الإقتحام بالأمس .. وفى غرفة الطعام حول المائدة .. جلس على رأس الطاولة رجل خط الشيب رأسه فأختلطت شعيراته الرمادية بجاراتها السوداء فأعطته مع شاربة الأنيق مظهراً وقوراً .. جلس بحلته الأنيقة الكلاسيكية يتصفح جريدة الصباح .. يرتشف من كوب الشاى بجواره دون أن يحيد نظره عن الجريدة .. التفت وابتسم عندما دخلت "انعام" غرفة الطعام وهى تقول :
- صباح الخير يا "عدنان"
- صباح النور يا "انعام"
جلست فى مكانها المعتاد فى مواجهته على رأس الطاولة .. وأمسكت بالنابكن المطوى فوق الطاولة بعناية وفردته لتضعه فوق قدميها .. ثم تبدأ فى تناول طعامها وهى تقول :
- عملت ايه .. مفيش جديد ؟
ترك "عدنان" الجريدة من يده وتجعد جبينه فى ضيق وهو يقول :
- لا للأسف .. معرفوش يمسكوا الراجل
هزت "انعام" رأسها وهى تقول متذكرة أحداث الليلة الماضية :
- ده أنا كنت هموت من الرعب لما سمعت ضرب النار .. واللى زاد وغطى النور اللى اتقطع ده
قال "عدنان" شارداً وهو تناول رشفه من فنجانه :
- بس حرامى جرئ أوى اللى يقرب من الفيلا بتاعتنا .. أى حرامى المفروض انه بيختار مكان سهل يقتحمه .. لكن الفيلا سورها عالى وكمان عليها حراسة .. معقول يكون فى حرامى غبى للدرجة دى
قالت وهى تدس الطعام فى فمها وتلوكه ببطء :
- أنا برده استغربت قولت ايه الجرأة دى
ثم ضحكت بخفوت قائله :
- يا عيني "لميس" اللى راحت فيها .. افتكرتها الحرامى وخبطتها بالباب
لم تكد تنهى جملتها حتى عبرت "لميس" مديرة المنزل غرفة الطعام .. نظر "عدنان" بإشفاق الى تلك الكدمة فوق جبينها وهو يقول :
- ألف سلامة عليكي يا مدام "لميس"
ابتسمت قائله بأدب :
- الله يسلمك يا "عدنان" بيه
قالت "انعام" بأسف وهى تنظر الى كدمتها الظاهرة :
- آسفة مرة تانية يا "لميس"
التفتت اليها "لميس" قائله :
- لا مفيش حاجة يا "انعام" هانم .. وحضرتك كنتى هتعرفى منين انها أنا
نظرت اليها "انعام" بإمتنان أن تقبلت اعتذراها .. قالت "لميس" مشبكة يديها خلف ظهرها وهى تنقل نظرها بينهما :
- بخصوص حفلة الآنسة "نهال" أنا انتهيت من ترتيب كل حاجة .. واتفقت على التورت والجاتوه والأكل اللى هيتقدم ان شاء الله
هز "عدنان" رأسها قائلاً برضى :
- ممتاز
قالت "انعام" وهى تنظر اليهما :
- كلمتها الصبح .. ان شاء الله هترجع من الرحلة بكرة هى والجماعة .. طبعاً أنا مجبتش سيرة عن الحفلة اللى هنعمهالها بمناسبة دخولها الجامعة .. حبيت انها تكون مفاجأة
اتسعت ابتسامة "لميس" وهى تنظر اليها قائله :
- أكيد هتفرح أوى
ثم صفقت يبيدها قائله بحماس :
- أروح أنا أشوف اللى ورايا .. فى تجهيزات كتير لازم أعملها .. عن اذنكوا
عادت "انعام" الى اكمال طعامها ثم نظرت الى "عدنان" قائله :
- "مهند" هيحضر الحفلة بكرة ؟ .. ولا هيطول فى السفر ؟
قال "عدنان" وهو ينهض حاملاً هاتفه :
- لا ان شاء الله هيرجع قبل معاد الحفلة .. يلا سلام أشوفك بعدين
أومأت "انعام" برأسها وأكملت طعامها فى رضا

***************************************

خرجت "لميس" من الفيلا .. ونظرت الى ذلك الشاب الذى وقف يمسح تلك السيارة الفارهة التى تقف أمام الفيلا .. توجهت اليه مبتسمة وهى تقول :
- صباح الخير يا "بشير"
التفت الشاب اليها وقال بإحترام :
- صباح النور يا مدام "لميس"
قالت بإهتمام :
- عملت ايه فى اللى قولتلك عليه
قال "بشير" بحماس :
- متقلقيش يا مدام "لميس" .. كل حاجة هتبقى مظبوطة ان شاء الله .. والطلبات اللى حضرتك كتبتيهالى جبتها كلها وحطتها عندنا تحت
اتسعت ابتسامتها وهى تقول :
- تمام أوى .. تسلم يا "بشير"
التفتت .. فرأت "عدنان" الذى خرج من الفيلا متوجهاً اليهما .. أسرع بشير فى فتح باب السيارة قائلاً :
- اتفضل يا "عدنان" بيه
ابتسم له "عدنان" و ركب فى السيارة بينما توجه "بشير" الى مقعد السائق وانطلق بالسيارة خارج الفيلا تودعهما نظرات "لميس"

***************************************

تقلبت "سمر" فى فراشها وهى تفرك عينيها متمطعة .. كادت أن تعود الى نومها مرة أخرى لولا ذلك الصياح الذى سمعته فى الخارج .. جلست فى فراشها لبرهة وهى تستمع الى تلك الأصوات الصاخبة فى تبرم .. أزاحت الغطاء ونهضت عن فراشها مرتدية ذلك الروب الموضوع على أحد المقاعد .. خرجت من غرفتها وهى تفرك عينيها لتتضح لها الأصوات أكثر .. توجهت الى غرفة المعشية .. كان هناك رجل وامرأة يقفان فى مواجهة بعضهما البعض ويبدو أن نقاشاً حاداً يدور بينهما .. تمتمت "سمر" :
- صباح الخير
لم يجيبها أحد .. فكلاهما منشغل بالشجار مع الآخر .. صاح الرجل :
- اللى أنا أقوله يتنفذ .. الست دى مش عايز تعرفيها تانى
صاحت المرأة :
- ليه بأه .. انتى فاكرنى جاريه عندك ولا ايه .. لا فوق .. من امتى وانت بتقولى اعرفى دى ومتعرفيش دى .. احنا فى تركيا مش فى مصر
- اللى قولته يتنفذ يا "فيروز"
- انت ملكش حق فى انك تدخل فى علاقاتى وصداقاتى يا "حمدى"
- لا ليا الحق .. طالما علاقاتك وصداقات هتأثر على شغلى يبأه لازم أتدخل
تمتمت "سمر" بوهن والتى كانت تنقل نظرها بنيهما :
- فى ايه ؟
لم يجيبها احد تلك المرة أيضاً .. صاحت "فيروز" :
- أنا مش فاهمة اشمعنى الست دى اللى عايزنى أقطع معاها
صاح "حمدى" بغضب هادر :
- عشان ست زبالة وسمعتها زى الزفت .. وعندها شقة مفروشة وفيها قمار وسكر ومسخرة وقلة أدب .. أقول كمان يا "فيروز" .. أظن كفاية كده لانك عارفه كويس أوى بلاوى صحبتك
رفعت "سمر" حاجبيها فى دهشة وهى تنظر الى "فيروز" التى صاحت بحنق :
- دى اشاعات
قال "حمدى" بحده :
- لا مش اشاعات وأنا واثق انك عارفه أخلاق صحبتك كويس وعارفه اللى بتعمله .. وواثق ان هى اللى مضيعه الفلوس اللى بتسحبيها منى كل شوية والتانى لما خلاص قربت أبقى على الحديدة
زفرت "فيروز" بحدة :
- بطل بأه .. بطل كل شوية تفكرنى اننا خلاص هنفتقر
- اسمعى يا "فيروز" أنا داخل فى صفقة مهمة ومش مستعد أخسرها عشان مراتى مصاحبه واحدة سمعتها قذرة زى دى
- يا سلام وايه علاقة صحبتى بصفقاتك ان شاء الله
- العلاقة ان سمعتى مش عايزها تتأثر بأى حاجة .. شكلى هيبقى ايه لما شركائى فى الصفقة يعرفوا ان مراتى مصاحبه واحده زى دى وداخله خارجه معاها
- حياتى الخاصة ملكش دعوة بيها يا "حمدى"
- هى كلمة واحدة ومش هكررها تانى يا "فيروز" .. اقطعى علاقتك بيها فوراً
غادرت "فيروز" المكان فى تبرم بينما جلس"حمدى" متهالكاً فوق الأريكة شارداً حزيناً بائساً .. اقتربت منه "سمر" وربتت على كتفه قائله :
- بابا انت كويس
أومأ برأسه دون أن ينظر اليها .. ثم نهض وغادر البيت وأغلق الباب خلفه بقوة .. أسندت "سمر" ظهرها الى الأريكة وهى تتنهد فى حسرة .. لم تكن تلك الشجارات جديدة .. ولا حتى مضمونها غريباً .. ففى الغالب تحدث تلك الشجارات عدة مرات شهرية ويكون سببها الأول والأخير هو .. المــال .. لا تذكر أنها رأتهما يتشاجرات حول أى شئ آخر .. فكل منهما همه مصالحه الخاصة ..

*****************************************

وقفت "سمر" أما المرآة متأنقة تتمم على ملابسها التى أبرزت مفاتنها بذاك البنطلون الذى حدد تفاصيل ساقيها مرتدية فوقه بلوزة ضيقه تغطى بصعوبة نصفها العلوى ! .. نظرت الى لمسات المكياج التى زينت بها وجهها وعادت ضبط أحمر الشفاه على شفتيها .. ثم حملت زجاجة العطر وأخذت تعطر نفسها برشات خفيفه .. قبل أن تحمل حقيبتها وتتوجه الى الباب .. أوقفتها "فيروز" قائله بلامبالاة وهى تحمل كوباً من العصير :
- خارجه ؟
قالت "سمر" وهى تعبث فى هاتفها دون أن تنظر اليها :
- أيوة .. "باهر" مستنيني تحت
قالت "فيروز" بتبرم :
- مش ناويين تتجوزوا بأه .. خليكي ناصحة اتجوزيه قبل ما يهرب منك أو تيجي واحدة تانية ترسم عليه الرجاله ملهمش أمان
نظرت اليها "سمر" بحده ثم خرجت وهى تغلق الباب خلفها بعنف .. وقفت للحظة أمام الباب وهى تتمتم :
- مستفزة
توجهت الى المصعد ومنه الى أسف البناية لتجد "باهر" جالساً فى سيارته المكشوفة .. نظر اليها وأخذ يتأمل تفاصيل جسدها مبتسماً .. ركبت بجواره وقبلت وجنته قائله :
- معلش اتأخرت عليك
عدل من جلسته خلف المقود وهو ينطلق بالسيارة قائلاً :
- بس ايه الحلاوة دى .. موزه موزه يعني
أطلقت ضحكة رنانه تنم عن استمتاعها بكلماته ثم قالت :
- دى أقل حاجة عندى
توقفت سيارته أمام أحد المقاهى .. هبطا معاً محيطاً كتفيها بذراعه .. فظهرت السلسلة الذهبية المتدلية من عنقه من قميصة النصف مفتوح .. أشار لهما أحد الشباب فتوجها الى تلك الطاولة التى ضمت شباب وفتيات يتضاحكون ويتمازحون معاً بالألسن .. وبالأيدى !
كانت سهرة ككل السهرات التى حضرتها "سمر" برفقة "باهر" .. وبدونه .. كانت تلك أكثر اللحظات التى تشعر فيها بالسعادة .. فأصدقائها حولها لا يشغل بال أى منهم متاعب الحياة .. فجميعهم من تلك الطبقة التى تنام ملء جفونها لا يشغل بالها التفكير فى رزق الغد ! .. بعض تلك الوجوه مصرية وبعضها تركية .. لكن العامل المشترك بينهم .. هو تلك الأحاديث التافهة التى تدور بينهم .. وتلك الجرأة التى يتعاملون بها مع بعضهم البعض شباب وفتيات .. نظر أحد الشباب الى "باهر" يغيظه قائلاً :
- خلاص يا ابنى انت وقعت فى الشبكة خلاص .. معدتش طير حر زى الأول .. راحت عليك
قال "باهر" وهو ينظر اليها بلامبالاة :
- راحت على مين يا ابنى .. اتكلم على أدك
اقترب الشاب من "سمر" بجرأة واضعاً ذراعه حول كتفيها وهو يقول بمرح :
- طيب قولى انتى يا "سمر" .. "باهر" حر ولا متكتف بحبك ياقمر ؟
أزاحت "سمر" ذراعه ووقفت تواجهه وهى تنظر اليه بحده قائله :
- انت عارف كويس انى مبحبش الطريقة دى
نظر اليها الشاب بإستخفاف وهو يتناول رشفة من الكأس فى يده وهو يقول :
- طريقة ايه .. هو أنا عملت حاجة
ازدادت حدة "سمر" وهى تقول بوضوح :
- مبحبش حد يحط ايده عليا
صاح أحد الشباب ضاحكاً :
- الا "باهر"
تعالت الأصوات بالضحك .. فتوجهت "سمر" متبرمة الى الخارج مبتعدة عن الموسيقى الصاخبة شيئاً فشيئاً .. مالت احدى الفتيات على الأخرى قائله :
- مالها قافشه النهاردة كده
هزت الفتاة كتفيها بلامبالاة وقالت بحنق :
- سيبك منها .. أصلاً مش عارفه "باهر" معجب بيها على ايه .. دى حتى ميتقالش عليها حلوة .. هى بس شوية الشعر اللى هيا فرحانه بيهم .. وأنا واثقه حتى انه مش طبيعي أكيد بتعمل فير قبل ما تنزل كل يوم
قالت الأخرى ضاحكة :
- انتى بتغيرى ولا ايه
هتفت بإستنكار :
- هغير ايه انتى كمان هى دى واحدة يتغار منها
ثم قالت بثقة شديدة :
- واحد زى "باهر" بوسامته ومستواه وشخصيته المجنونه دى .. أكيد بعد فترة هيمل منها وهيرميها .. وبكرة تشوفى

لحق بها "باهر" وجذبها من ذراعها قائلاً :
- "سمر" .. ايه فى ايه
زفرت "سمر" بضيق وقالت :
- معرفش اتخنقت .. انت عارف انى مبحبش حد يرخم عليا كده
قال "باهر" وهو يزم شفتيه :
- هو كان بيهزر معاكى مكنش قصده حاجه
قالت "سمر" بحنق :
- اضايقت وخلاص
ثم نظرت اليه بأسف قائله :
- معلش يا حبيبى أنا هروح .. بجد مزاجى وحش النهاردة
اقترب منها قائلاً :
- ماشى يا حبى زى ما تحبى .. بس لازم تتعوض بكرة
لمعت عيناها بمرح واتسعت ابتسامتها وهى تقول بدلال :
- كل سنة وانت طيب يا حبيبى
لمعت عيناه بخبث وهو يرفع حاجبيه قائلاً :
- لا مينفعش كده .. بكرة ان شاء الله هعمل حفله صغيره عندى فى البيت .. أنا وانتى وبس .. وتبقى تقوليهالى ساعتها
قالت بمرح :
- اتفقنا
توجها الى السيارة ففتح لها الباب وأحنى قامته وأشار بيده بطريقة مسرحية .. فضحكت وركبت .. وانطلق بها الى بيتها
قبل أن تنام توجهت الى خزينتها وتممت على الهدية التى اشترتها لـ"باهر" .. ارتسمت ابتسامه على شفتيها وهى تتخيل فرحته بهديتها .. أعادتها الى خزينتها وتوجهت الى فراشها وقد داعب النوم جفونها

****************************************

فى ظهيرة اليوم التالى .. بينما كانت "انعام" جالسة فى شرفة غرفتها .. سمعت زمور سيارة يطلق بقوة .. قامت ونظرت الى الأسفل فارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيها وهى ترى السياراتان اللاتان عبرتا بوابة الفيلا .. نزلت الى الأسفل .. توجهت احدى الخادمات لفتح الباب .. اندفعت من الخارج فتاة جميلة شقراء ممشوقة القوام .. ارتمت فى أحضان "انعام" وهى تهتف :
- وحشتيني يا عمتو .. وحشتيني أوى
عانقتها "انعام" بقوة وهى تقول :
- حبيبتى "نهال" .. وحشتيني جدا جدا جدا
رفعت الفتاة رأسها لتنظر اليها مبتسمة .. فى تلك اللحظة دلف من الخارج رجلين وامرأة استقبلتهم "انعام" قائله :
- أهلا أهلا .. حمدالله على سلامتكوا
قبلها أحد الرجلين قائلاً :
- ازيك يا عمتو وحشتيني
ابتسم له قائله :
- وانت كمان يا "علاء" .. وحشتيني أوى
تقدمت الفتاة وعانقتها قائله :
- وحشتيني أوى يا طنط .. الرحلة كانت عايزاكى
ضحكت "انعام" وهى تعانقها قائله :
- حبيبتى "بيسان" انتى كمان وحشتيني أوى
ثم نظرت الى الرجل خلفها وقالت :
- ازيك يا "نهاد"
اقترب منها مبتسماً وقبلها قائلاً :
- ازيك يا عمتو .. وحشتيني أوى
- تسلم يا حبيبى
ثم نظرت اليهم قائله :
- اتفضوا على الصالون
دخل الجميع الى حجرة الصالون الواسعة والتى تقع فى الدور الأول من الفيلا .. قالت "نهال" بمرح وهى تجلس على يد المقعد الذى تجلس عليه "انعام" :
- متتصوريش يا عمتو فرحنا ازاى .. بجد الرحلة كانت رهيبة
قالت "بيسان" بمرح وهى تضع يدها على بطنها المتكور :
- كنت خايفة أوى أولد هناك .. كانت هتبقى مصيبة بجد
جلس "نهاد" على طرف المقعد بجوارها وأحاطها بذراعه قائلاً :
- متقلقيش يا حبيبتى لسه على ولادتك شهر بحاله
هتفت قائله بإستنكار وعيونه تتسع خوفاً :
- يا "نهاد" مسمعتش عن ستات بتولد فى السابع وفى التامن .. أنا بجد مرعوبة
قام "علاء" وقد بدا عليه الضجر .. فقالت له "انعام" :
- على فين يا "علاء" ؟
قال وهو يحك رأسه :
- شوية كدة يا عمتو
هتفت "نهال" بغيظ :
- آه شوية كدة يا عمتو .. وحشتك السرمحه مع صحابك مش كده
اقترب منها وجذبها من شعرها بمزاح وقال :
- عيب لما تتكملى مع أخوكى الكبير كدة
هتفت "نهال" تستنجد بعمتها :
- يا عمتو خلى البنى آدم ده يسيب شعرى
نظرت اليه "انعام" بحزم وقالت :
- عيب يا "علاء" هو انت صغير .. سيب أختك ميصحش كده
ترك شعر "نهال" وهو ينظر اليها مغتاظاً .. ثم خرج من الغرفة .. تابعه "نهاد" بنظره ثم قال بحنق :
- الواد ده مش هيعقل أبداً
قالت "انعام" مبتسمه :
- معلش يا "نهاد" .. أخوك لسه صغير ..بكرة يكبر ويعقل
هتف "نهاد" بإستنكاء :
- صغير ايه يا عمتو .. اللى أده فتحين بيوت دلوقتى
قالت "بيسان" وهى تنهض بصعوبة بمساعدة "نهاد" :
- معلش يا جماعة أنا هطلع أرتاح شوية قبل معاد الـ ..........
قطعت حديثها ووضعت يدها على فمها بعدما نظرت اليها "انعام" بإستنكار .. فهتفت "نهال" وهى تصفق كالأطفال :
- فى حفلة مش كدة .. عاملينلى حفلة بمناسبة دخولى الجامعة .. صح صح .. قولوا صح
نظرت "بيسان" الى "انعام" بخجل وهى تقول :
- والله آسفة يا طنط .. معرفش الكلام خرج منى ازاى .. باين الحمل خلانى غبية أوى
نظر اليها "نهاد" قائلاً :
- ولا يهمك يا حبيبتى .. حصل خير
ابتسمت انعام" وهى تقول :
- ولا يهمك يا "بيسان" .. أصلاً كان لازم تعرف من دلوقتى عشان تلحق تحضر نفسها للحفلة
قفزت "نهال" بمرح وعانقت عمتها وهى تقول :
- يا حبيبتى يا عمتو
ضحكت "انعام" وهى تقول :
- كنت واثقة انك هتفرحى كدة .. يلا اطلعى استعدى للحفلة
- ماشى
خرجت "نهال" متوجهة الى غرفتها عندما استوقفتها "لميس" وهى تقول بسعادة :
- حبيبتى "نهال" وحشتيني أوى .. اتبسطتى فى الرحلة ؟
قالت بمرح :
- جداً جداً يا مدام "لميس" .. انتى عارفه ان فى حفلة النهاردة عشانى ؟
ضحكت "لميس" ثم قالت :
- إلا عارفه .. طبعاً عارفه .. ده أنا اللى مرتبالك الحفلة بنفسى
قالت "نهال" بسعادة وحماس :
- طيب تعالى ساعديني بأه عشان أستعد للحفلة كويس .. أكيد هيكون فيها كل العيلة
أمسكت "لميس" بكفها الممدود ثم صعدتا معاً الى غرفة "نهال"

******************************************

نظر "باهر" فى المرآة يتمم على تصفيفة شعره التى استغرقت ما يقرب من نصف ساعة لضبطها .. ثم ألقى نظرة على الطاولة فى الشرفة .. نظر بعين الرضا الى المفرش الأحمر والى الكاسين الفارغين والثلج الموضوع به زجاجة الخمر .. والى الشموع و العشاء الشهى .. نظر الى ساعته لبرهه ثم .. سمع جرس الباب .. فعلت شفتيه اتسامه خبيثه وتوجه مسرعاً الى غرفة النوم يلقى نظرة على الشموع التى أعدها وعلى المفرش النارى الموضوع فوق الفراش .. ثــم توجه الى الباب وفتحه وهو ينظر اليها متأملاً اياها فى فستانها الأنيق الذى كشف عن ساقيها ذراعيها .. ثم قال مبتسماً وعيناه تلمع بخبث :
- سمــر !


وقفت فى الشرفة وكأنها تنتظر أحداً .. دخلت "لميس" الغرفة وهتفت بإستنكار :
- "نهال" بتعملى ايه عندك .. يلا الضيوف كلهم تحت
أطلقت نظرة قلقة على ساعتها ثم على الطريق وهى تقول :
- ثوانى بس يا مدام "لميس" .. ثوانى ونازله .. قوليلهم ثوانى
قالت "لميس" بحزم وهى تخرج :
- طيب متتأخريش عشان ميصحش كدة
عادت تتطلع الى الطريق خارج الفيلا .. ثم ما لبثت أن اتسعت ابتسامتها ولمعت عيناها بسعادة وهى تنظر بلهفة الى تلك السيارة السوداء الفارهة التى عبرت بوابة الفيلا .. وهتف قلبها وهو يقفز فرحاً :
- مهنــد !
Comments
1 Comments

هناك تعليق واحد: