روايات منى سلامة

روايات دكتورة منى سلامة
للتواصل مع الكاتبة:
الفيس بوك
الصفحة العامة

الانستجرام

الفصل الثاني والثلاثون من رواية مزرعة الدموع

رواية مزرعة الدموع بقلم بنوتة أسمرة

سارت الأيام التاليه فى المزرعة فى هدوء وسكينة .. مازالت "ياسمين" تعبش مشاعر الحيرة والتخبط .. بين نداء قلبها و نصائح عقلها .. كانت تشعر أنها ممزقة بينهما .. كل منهما يجذبها فى اتجاه مختلف تماماً عن الآخر .. كانت تتمنى شئ واحد فقط .. وهو أن يتفق قلبها وعقلها على شئ واحد .. أى ان كان هذا الشئ .. أما "عمر" فكل ما كان يفكر فيه هو كيف يكسب ثقة "ياسمين" وكيف يفز بقلبها .. الذى أيقن الآن تماماً بأنه جوهره غاليه جداً تستحق التعب للحصول عليها .. منذ أن رحت "ثريا" و "ايناس" من المزرعة لم تحاولان الاتصال .. ولم يحاول "نور" وزوجته مهاتفتها .. فضلوا ترك الأمور لتهدأ لبعض الوقت .. قبل فتح جلسة للعتاب والمصارحه ..


فى بيت المزرعة .. التفت الأسرة على طاولة الطعام .. عندما قالت "كريمه" :
- ازى أحوالك انت و "ياسمين"
نظر اليها "عمر" قائلاً :
- مفيش جديد
- هى لسه رفضاك ؟
فكر "عمر" قليلاً ثم قال :
- مش رفضانى .. ومش قبلانى
ابتسم أبوه قائلاً :
- فزورة دى
قال "عمر" فى شرود :
- لأ مش فزورة .. بس هى لحد دلوقتى موثقتش فيا .. أنا اللى مش قادر أفهمه هو ليه هى مش قادرة تثق فيا .. يعني مش قادر أفهم تحددياً ايه اللى مخوفها منى
نظرت اليه أمه قائله بخبث :
- ما يفهمش الست الا الست
قال "عمر" بإستغراب :
- يعني ايه ؟
ابتسمت "كريمه" قائله :
- يعني لو أنا اتكلمت معاها ممكن أقدر أفهم أسباب رفضها
ظهرت علامات السعادة على وجع "عمر" وابتسم قائلاً :
- بجد يا ماما .. هتتكلمى معاها
- أيوة يا حبيبى
قال "عمر" بحماس :
- تماما أوى .. أنا هعزمهم عندنا هنا هى وأختها وأبوها .. وفرصه الكل يتعرف ببعضه
قالت أمه بهدوء :
- أفضل ان أول مقابله تكون بيني أنا و"ياسمين" بس .. وبعد كده نبقى نعزمهم هنا
قال "عمر" بحيره :
- بس ما أعتقدش انها ممكن توافق تيجي هنا لوحدها
ابتسمت أمه قائله :
- خلاص مفيش مشكلة .. أروحلها مكتبها .. وكمان عشان أعتذرلها عن اللى "ثريا" و "ايناس" عملوه .. ده الواجب يا "عمر" عشان البنت تعرف ان كرامتها مصانه عندنا
قام "عمر" من فوره وتوجه الى أمه عانقها وهى جالسه وقبل رأسها قائلاً :
- بجد يا ماما ربنا ميحرمنيش منك .. فعلا ده اللى كان نفسي فيه بس خفت أطلب منك كده ترفضى .. "ياسمين" فعلاً لازم تحس اننا بنحافظ على كرامتها .. وان اللى حصل ده تصرف فردى من فرد واحد فى العيله لكن انتى وبابا حاجه تانيه .. وأنا فهمتها الكلام ده وقولتلها ان ميهمنيش رأى حد غيركوا انتوا الاتنين
قال "نور" :
- متقلقش ان شاء الله الموضوع هيتحل على خير
ثم التفت الى زوجته مبتسماً :
- طالما "كريمه" بنفسها دخلت فى الموضوع يبقى اعرف انه هيتحل ان شاء الله
نظرت اليهما "كريمة" قائله :
- ربنا يخليكوا ليا انتوا الاتنين

*********************
طلب "كرم" من "ريهام" الحضور الى مكتبه .. ذهبت اليه فأعطاها بعض التعليمات .. وقبل أن تغادر قال لها :
- استنى يا آنسه "ريهام"
توقفت .. فوقت ودار حول المكتب ليقف فى مواجهتها ..ظل ينظر اليها بصمت .. انتظرته أن يتحدث فلم يفعل .. شعرت بالخجل من نظراته فهربت بعينيها لتنظر الى شئ آخر .. فقال لها بهدوء :
- أنا كنت عايز أقولك خبر .. يعني بما انك سكرتيرتى .. وبقالنا فترة شغالين مع بعض يبأه أكيد هتفرحيلى
نظزرت اليه قائله بإهتمام :
- خير يا بشمهندس "كرم"
تفرس فيها لحظة ثم قال :
- أنا هخطب قريب
شعرت بقلبها يرتجف بين ضلوعها لكنها حاولت التماسك .. أكمل قائلاً وهو يتأملها :
- واحدة كنت أعرفها فى القاهرة
وقع قلبها أرضاً .. شعرت بغضه فى حلقها .. حاولت قدر الإمكان التماسك .. قالت بسرعة قبل أن تظهر العبرات فى عينينها :
ألف مبروك بعد اذنك
خرجت لتغادر المكتب .. ذهبت الى مكتبها .. جلست وهى تحاول استجماع شتاتها .. شعرت بالألم يغزو قلبها .. لم تدرى بنفسها إلا وهى تحمل حقيبتها وتغادر المكتب من فورها
عادت "ياسمين" من عملها لتجد "ريهام" جالسه على سريرها فى حالة يرثى لها .. اقتربت منها وجلست بجوارها قائله :
- مالك يا "ريهام" ايه اللى حصل ؟
أجهشت "ريهام" فى البكاء وألقت بنفسها فى حضن أختها قائله :
- كرم هيخطب يا "ياسمين"
قالت "ياسمين" وهى تربت على ظهرها :
- وانتى بتعيطى ليه ؟
رفعت "ريهام" رأسها لتنظر الى أختها .. نظرت "ياسمين" الى وجهها المبلل بالدموع ثم أدركت ما يعتمل فى قلب أختها .. قالت "ريهام" بأسى ودموعها تتساقط على وجنتيها :
- أنا بحبه يا "ياسمين" .. بحب "كرم"
نظرت اليها "ياسمين" بأسى قائله :
- الله يهديكي يا "ريهام" .. ليه تعلقى نفسك كده وتتعبى قلبك .. أكيد كان اليوم ده هيجيى .. ما هو لازم يخطب مش هيفضل كده على طول .. انتى ليه تعلقى نفسك بواحد .. اديكي انتى اللى تعبتى فى الاخر
قالت لها "ريهام" بحزن :
- مش بإيدي والله .. أنا معرفش اتعلقت بيه ازاى
ثم قالت بحزم :
- أنا مش هروح المكتب تانى .. خلاص كفايه كدة .. مش عايزة أشوفه بعد كدة
تنهدت "ياسمين" بحسره ونظرت الى "ريهام" قائله :
- ده فعلاً أحسن حل .. لان أكيد كل ما هتشوفيه هتتعبى
عانقتها "ياسمين" قائله :
- ربنا يريح قلبك يا "ريهام"


*********************

كانت "ريهام" متوجهه الى المكتب لتأخذ متعلقاتها وتخبر "كرم" برغبتها فى ترك العمل .. عندما وجدت "هانى" قبالتها ..تظاهرت انها لا تراه لكنه أوقفها قائلاً :
- لو سمحتى ثوانى
توقفت ونظرت اليه بنفاذ صير
فقال "هانى" ببرود :
- انتى وأختك اتعاملتوا معايا بإسلوب غريب جدا .. أكنى واحد جاى أشحت مش جاى أتقدم
ثم قال بترفع :
- أنا بس حبيت أقولك انى صرفت نظر عن الموضوع
قبل أن تفتح فمها للرد وجدت "كرم" خلفها يقول ل "هانى" بحنق :
- يلا يا ابنى من هنا معندناش بنات للجواز
نظر اليه كل من "ريهام" و "هانى" بإندهاش .. فاقت "ريهام" من دهشتها لتقول لـ "كرم" :
- وحضرتك ايه دخلك فى الموضوع ده
نظر "هانى " الى "كرم" قائلاً :
- أحب أعرفك يا بشمهندس "كرم" ان ده أخر يوم ليا فى المزرعة بصراحة مش حابب آجى هنا تانى بعد كل المعاملة اللى شوفتها منكوا هنا
قال "كرم" بحبور :
- والله يا ابنى تبقى ريحتنا وريحت نفسك .. بس اوعى تقطع الجوابات .. ولا أقولك اقطعها أحسن
رحل "هانى" وهو يتمتم فى غضب .. نظرت "ريهام" الى "كرم" بغضب قائله :
- ايه اللى حضرتك عملته ده .. ازاى تدخل كده فى حاجه تخصنى وتقوله معندناش بنات للجواز ؟
نظر اليها "كرم" قائلاً :
- هو عاجبك ؟
صمتت ولم تجب .. ظهرت علامات الجديه على وجه ونظر اليها مكرراً سؤاله مرة أخرى :
- الواد ده عاجبك ؟
نظرت اليه قائله وهى تحاول التماسك :
- ده شئ ميخصكش
نظر اليها بطريقة لم تعتادها منه .. احتارت فى تفسير معناها .. لكنها شعرت وكأن عينيه تحتويانها فى صمت .. كرر السؤال للمرة الثالثه .. لكن هذه المرة بصوت أقرب الى الهمس :
- الواد دع عجبك ؟ .. عايزاه ؟
كانت ترغب فى عدم الرد عليه وتتركه وتذهب .. لكنها لا تدرى لما قالت :
- لأ
ظهر المرح فى عين "كرم" وسألها قائلاً :
- لأ ايه
أجابت وهى تحاول التحدث بجديه :
- لأ مش عاجبنى .. ولأ مش عايزاه
ابتسم "كرم" ابتسامه ذاب لها قلبها وقال بمرح :
- أصلاً لو كنتى قولتى غير كده كنت قطمت رقبتك
شعرت بقلبها يخفق بقوة .. حاولت التحدث بحده قائله :
- وانت مالك انت يعجبنى ولا ميعجبنيش .. وايه قطمت رقبتك دى
قال وهو محتفظاً بابتسامته :
- لسه مفهمتيش ؟
شعرت بأنفاسها وقد بدأت بالتسارع .. ترى هل ما تظنه صحيح .. هل "كرم" على وشك .... هل هذا صحيح .. همت بأنه تتركه وتنصرف لكنه قال لها فجأه :
- أنا بحبك يا "ريهام"
نظرت اليه فى دهشة .. قلبها يخفق .. عقلها يدور .. بل الدنيا من حولها تدور .. لم تستوعب .. لم تصدق .. قال لها بابتسامته المرحه :
- بصراحة من أول يوم شوفتك فيه فى المكتب وانتى لفتى انتباهى بشكل كبير .. وكل يوم بعرفك بتعلق بيكي اكتر وبحترمك أكتر .. مكنتش متخيل انى ممكن ألاقى واحده زيي وشبههى .. أنا حاسس اننا متشابهيين فى حاجات كتير جدا ..
صمتت ولم تتحدث فأكمل قائلاً :
- كانت بس المشكلة اللى شاغله بالى هو فرق السن اللى بينى وبينك .. يعني خايف انك تشوفى دى حاجه تضايقك .. خاصه بعد الواد الغتت ده ما اتقدملك .. خفت بجد انك تختاريه ومبقتش طايق أشوف وشه فى المزرعة دى وعايز أمشيه منها بأى طريقه

كانت "ريهام" تشعر بسعادة غامرة وهى تسمع تلك الكلمات من كرم" الذى حلمت به وهى تعلم أنه حلم صعب المنال .. ظهرت تلك السعادة على وجهها لم تستطع مداراتها .. أكمل مبتسماً :
- حركة الخطوبة دى كنت بس حابب أعرف رد فعلك .. كنت عايز أعرف حاجه زى كده تضايقك ولا لاء .. كان وشك فعلا باين عليكي انك مضايقه ولما دخلت مكتبك ولقيتك مش موجوده بصراحة فرحت أوى .. وده اللى شجعنى انى أتكلم معاكى دلوقتى
ثم نظر اليها وقال بقلق :
- انا مش غلطان .. صح .. يعني .. انتى كمان .... صح ؟
تماسكت "ريهام" وأخفت بصعوبة ابتسامة الفرحة التى كادت أن تقفز الى شفتيها وقالت :
- بعد اذنك أنا مضطرة أمشى
قال "كرم" بلوعه :
- بتهرجى يا "ريهام" .. لأ بقولك ايه أنا مبحبش التوتر والقلق ده .. جاوبى على سؤالى .. أنا حسيت صح مش كده ؟ .. يعني انتى كمان حسه بحاجه نحيتى .. صح ؟
قالت له بجديه :
- لا والله .. عايزنى أقولك ايه يعني
قال بمرح :
- .. طيب بلاش سؤال مباشر طالما صعب .. هسألك سؤال تانى خالص ملوش علاقه بالسؤال الأول .. ها .. ملوش علاقة
نظرت اليه مترقبه .. فقال وعيناه تلمع فى مرح وابتسامه خبيثه على شفتيه :
- هو عم "عبد الحميد" فاضى اروح أتكلم معاه كلمتين كده ؟
احمرت وجنتاها وقد فهمت معنى سؤاله لكنها تظاهرت بالجديه وقالت :
- معرفش روح اسأله
- يعني انتى شايفه هو فاضى ولا مشغول ؟
ظهرت ابتسامه خفيفه على شفتيها وقالت وهى تتحاشى النظر اليه :
- أظن فاضى
اتسعت ابتسامة "كرم" قائلاً :
- لأ أنا مش عايز أظن دى .. انا عايز رد أكيد .. فاضى ولا مشغول ؟
اتسعت ابتسامتها قائله :
- فاضى
ثم تركته وغادرت مسرعة .. دخلت الى غرفتها أغلقت الباب ووقفت خلفه تتذكر ما قيل منذ قليل .. لا تصدق أن "كرم" اعترف أخيراُ بحبه لها .. ويرغب أيضاً فى الزواج منها .. شعرت بسعادة طاغية فى قلبها .. أخرجت هاتفها واتصلت بـ "ياسمين" قائله وهى تقفز فرحاً :
- "ياسمين" .. "كرم" قالى بحبك
صاحت "ياسمين" بدهشة :
- ايه .. بتقولى ايه
ضحكت "ريهام" قائله :
- بقولك "كرم" قالى بحبك
- بتهزرى .. هو مش هيخطب
- لأ طلع ابن اللذين بيعمل فيلم عليا .. "ياسمين" أنا فرحانه فرحانه فرحانه .. "كرم" قالى بحبك .. قالى "بحبك" يا "ياسمين"
ضحكت "ياسمين" قائله :
- برافو يا "كرم" أصلا البنت كان فى عقلها برج واحد سليم ودلوقتى جيت حضرتك قضيت عليه
قالت "ريهام" بمرح :
- أقولك خبر كمان ..قالى انه هيتقدم ويطلبنى من بابا .. هو مقلهاش صراحة بس معنى كلامه كده
صاحت "ياسمين" بفرح :
-بجد .. بجد يا "ريهام" .. فرحتيني .. أنا مش مصدقه
- أمال أنا اقول ايه .. بجد حسه انى بحلم .."كرم" قالى بحبك .. كرم قالى "بحبك" .. ومش بس كده ده كمان هيتقدملى
صمتت قليلا ثم صرخت بفرح :
- "ياسمين" "كرم" قالى بحبك وهيتقدملى
- "ريهام" صوتك واصل من الأوضة لعندى هنا .. اهدى شوية .. الله يسامحك يا "كرم"
- "ياسمين" عشان خاطرى خلصى بسرعة وتعالى عايزة أتكلم معاكى كتير .. عشان خاطرى متتأخريش
- طيب يا حبيبتى هخلص وأجيلك على طول

كانت "ياسمين" سعيدة للغاية من أجل اختها ... كانت جالسه فى مكتبها عندما رأت امرأة تتقدم وتدخل الغرفة .. نظرت "ياسمين" لهذه المرأة الأنيقة بملابس محتشمة وابتسامتها على ثغرها .. فابتسمت لها "ياسمين" قائله :
- أهلا بحضرتك اتفضلى
دخلت فوقفت "ياسمين" أمامها .. قالت "كريمه" :
- انتى اسمك ايه ؟
ابتسمت "ياسمين" قائله :
- أنا اسمى "ياسمين"
أومأت "كريمة" برأسها قائله :
- وأنا كريمه والدة "عمر"
اضطربت "ياسمين" من المفاجأة .. ولم تدرى ماذا تقول .. بعد برهه قالت "ياسمين" :
- اتفضلى حضرتك
جلست "كريمه" على أحد المقاعد .. وجلست "ياسمين" على المقعد المجاور لها .. نظرت اليها "كريمه" متفحصه .. شعرت "ياسمين" بالخجل فأطرقت برأسها .. ابتسمت "كريه" قائله :
- بصراحة أنا مصدومة شوية
خفق قلب "ياسمين" فهى ليست مستعدة أبداً لتكرار تجربتها مع عمته .. فقالت "كريمه" :
- أولاً "عمر" ما قاليش سنك فعشان كده كنت متخيلاكى أكبر من كده .. بس انتى شكلك بنوته صغيره .. ده غير ان باين عليكي هادية وخجوله .. يعنى بصراحة صورة غير اللى كنت رسماها فى خيالى

شعرت "ياسمين" بالضيق فهى لا تعرف هل هذا مدح أم ذم .. فقالت لها :
- اظاهر ان كل اللى بيشوفونى من عيلة البشمهندس "عمر" بيتصدموا
قالت "كريمة" وقد أنتبهت الى أن الفتاة مجروحه مما قالته "ثريا" سابقاً .. فقالت لها :
- أنا فضلت ان أنا اللى آجى ..لانى شايفه ان لازم حد مننا يعتذرلك عن الكلام والاساءه اللى اتوجهت ليكي
نظرت اليها "ياسمين" بإستغراب فأكملت "كريمه قالئه :
- بصى يا بنتى .. أنا أهم حاجه عندى ان ابنى يكون مبسوط ومرتاح .. وانه يختار بنت تعرف تحافظ عليه .. "عمر" ابنى ده أنا بحبه حب مش قادرة أوصفهولك .. لانى مخلفتش غيره .. فهو عندى بالدنيا .. ومفيش عندى حاجه أحب من انى أجوزه وأشوف ولاده بيتنططوا حواليا
ابتسمت "ياسمين" وقد شعرت بحنان و أمومة تلك المرأة الجالسه بجوارها .. أكملت "كريمه" قائله :
- وأنا شايفه ان ابنى متعلق بيكي أوى .. صحيح معرفكيش من فترة كبيرة .. بس أنا أول مرة أشوف "عمر" متعلق بواحده كده
شعرت "ياسمين" بالسعادة تغمر قربها لكلمات "كريمه" .. أكملت "كريمه" قائله :
- الحاجه الوحيدة اللى "عمر" بيتمناها دلوقتى هو انك تكونى زوجة ليه .. وأنا عرفت انك رفضيته .. فحابه اننا نتكلم مع بعض .. زى أم وبنتها .. ده لو طبعاً تحبي تعتبريني زى ماما
شعرت "ياسمين" بحنان تلك المرأة يغمرها .. وشعرت بالفعل بأن قلبها مال اليها فقالت لها بصدق :
- بجد كلام حضرتك وكون ان حضرتك تجيلى هنا دى حاجه كبيرة أوى عندى .. وأنا طبعا يشرفنر انى أتكلم مع حضرتك كلام أم وبنتها
ابتسمت "كريمه" قائله :
- اتفقنا .. يباه قوليلى بأه وبصراحة شديدة انتى ليه رافضه "عمر" .. هل لكلام "ثريا" ولا فى أسباب تانيه ؟
صمتت "ياسمين" قليلا ثم نظرت اليها قائله :
- أعتقد البشمهندس "عمر" قال لحضرتك عن ظروفى
أومأت "كريمه" برأسها فأكملت "باسمين" قائله :
- أنا حسه ان فى فروق كتير بينى وبينه وده مخوفنى .. خايفه منقدرش نتفاهم مع بعض .. خايفة ان الخلافات تكون جوهرية لدرجة انها تصدمنا بعد كده .. أنا مريت بتجربة قاسية أوى .. وخايفه بجد انى أختار غلط مرة تانيه .. مش عايزة أتجرح .. أنا بطبعى مش متردده .. وببقى عارفه أنا عايزة ايه .. بس يمكن التجربة اللى مريت بيها خلتنى خايفه .. خاصة وأنا شايفه الفروق اللى بينه وبين البشمهندس "عمر" .. مش بتكلم عن الفروق المادية بس .. لكن فى الطباع .. وفى الجو اللى كل واحد فينا اتربي فيه .. خايفه يحصل صدام بينا فى يوم من الأيام .. وعشان كده أنا متردده أوى
استمعت "كريمه" اليها .. ثم قالت :
- أولا أان بحترم فيكي انك واحدة عاقلة مش متسرعة .. يعني بنات كتير غيرك كانوا شافوا "عمر" فرصه بالنسبة لهم .. وما كانوش اترددوا أبدا .. بس ترددك ده دليل على انك انسانه جاده وعاقلة وفاهمة الجواز صح ..وأنا معاكى ان ممكن كيون فى فعلا فروق بينكوا .. أما هل الفروق دى ممكن تسبب صدام بينكوا ولا لاء دى حاجه انتوا الاتنين اللى تقدروا تقرروا مع بعض .. مش انتى لوحدك .. ومش هو لوحده .. لازم تعدوا تتكلموا مع بعض ونحطوا النقط فوق الحروف .. تعرفيه ايه اللى انتى خايفه منه .. وهو كمان اكيد عنده مخاوف يتكلم معاكى فيها .. وتحلوا الموضوع سوا .. وتقرروا اذا كنتوا مناسبين لبعض فعلا ولا لاء .. لكن الرفض بدون محاولة لفهم الشخص اللي أدامك ده أكبر غلط .. لانك ممكن بكده تضيعى على نفسك فرصه انك تكونى سعيدة معاه
صمتت "ياسمين" وهى تستمع الى لكلمات "كريمه"الى اخترقت علقها واستقرت به .. اكملت "كريمه" قائله :
- اللى أنا أقترحه عليكي .. وليكي طبعا حرية الموافقة او الرفض .. هو ان تتتعمل خطوبة .. وفترة الخطوبة اصلا معمولة عشان الاتنين يعرفوا بعض ويدرسوا شخصية بعض .. ويقرروا هل كل واحد شايف التانى شريك حياته المناسب ولا لاء .. فرأيي انكوا تاخدوا خطوة الخطوبة .. وبعدين تقرروا انتوا عايزين ايه

ابتسمت لها "ياسمين" قائله :
- بجد كلام حضرتك ريحنى كتير .. حسيت انك فهمانى فعلاً
ابتسمت "كريمه" فى حنان :
- وأنا عايزة أقولك انى ارتحتلك أوى .. وحسه ان "عمر" المرة دى اختار صح .. وأحبك أطمنك .. مش عشان أنا أمه .. بس "عمر" بجد راجل مش هتلاقى زيه .. وانتى بنفسك هتكتشفى ده
قامت "كريمه" .. فوقفت "ياسمين" هى الأخرى .. قبلتها "كريمه" على وجنتيها قائله :
- ربنا يقدملكوا اللى فيه الخير يا بنتى .. أستأذن أنا
كان لتلك المقابلة أثر السحر على نفس "ياسمين" شعرت بالراحة الشديدة لكلام "كريمه" وتفهمها لموقفها .. شعرت بالراحة والسكينة فى قلبها

***************************
عادت "كريمة" لتجد "عمر" فى استقبالها وعلامات اللهفة على وجهه قائلاً :
- ها .. ايه الأخبار
قالت "كريمه" بخبث :
- الحمد لله .. يلا أسيبك بأه عشان هطلع أنام شوية
وقف "عمر" أمامها قائلاً بمرح :
- لا ميدخلش عليا الكلام ده .. قرى واعترفى يا ماما باللى حصل بالتفصيل الممل
ضحكت "كريمه" قائله :
- طيب ممكن على الأقل أعد
أفسح "عمر" الطريق أمامها ومد يده بطريقة مسرحية قائلاً :
- طبعاً اتفضلى يا ست الكل
جلست "كريمة" على الأريكة وجلس "عمر" بجانبها قائلا بإهتمام :
- ها رأيك فيها ايه ؟
ابتسمت "كريمه" :
- بصراحة عجبتنى
ابتسم "عمر" وظهرت علامات السعادة على وجهها :
- مش قولتلك هتحبيها .. ها اتكلمتوا فى ايه .. وصلتوا لايه .. قالتلك كل الأسباب اللى مخلياها ترفض ؟
قالت "كريمة" بجديه :
- بصى يا "عمر" أنا شافيه ان البنت معاها حق تخاف وترفض .. البنت عايشة فى مستوى غير اللى انت عايش فيها .. وانت بالنسبة لها واحد غريب عليها متعرفش لا أخلاقه ولا طباعه .. ده غير تجربتها اللى زودت خوفها ده
فكر "عمر" قليلاُ ثم قال :
- طيب ما أنا حابب انى أقرب منها أكتر وأطمنها من نحيتى
- وده اللى أنا قولتهولها .. اقترحت انكوا تعملوا خطوبة .. وتحاولوا تفهموا بعض أكتر .. وتتكلموا مع بعض بصراحة
قال "عمر" بلهفه :
- ووافقت ؟
ابتسمت "كريمة" قائله :
- أنا سبتها تفكر .. بس احساسى بيقولى انها هتوافق .. الى حسيته يا "عمر" ان البنت دى بتحبك .. هى بس محتاجه انها تطمنلك
عانق "عمر" أمه قائلاً :
- ربنا يخليكي ليا يا أمى .. بجد ريحتى قلبي
نظرت اليه "كريمه" وقالت:
- بس ايه ده يا "عمر" .. يعني اختيار غير "نانسي" تماما ..بصراحة لما شوفتها اتصدمت شوية
قال "عمر" بجديه :
- وده اللى جذبنى ليها .. حاسسها مختلفة .. محافظة على نفسها جداً .. تصورى حتى مبتسلمش عليا بايدها .. لا أنا ولا غيري .. مبتسمحش لحد انه يتجاوز حدوده معاها .... وبتحط خطوط حمرا للى أدمها ومش مسموحله أبدا انه يعديها .. مبتسمحش لأى راجل انه يقرب منها مهما كان هو مين .. وده مخليني هتجنن عليها
- ربنا يجعلها من نصيبك يا "عمر"
- أيوة يا أمى ادعيلى الدعوة دى

**********************
رن جرس الهاتف .. اخرجه "مصطفى" من جيبه ليجد رقماً غريباً رد فأتاه صوت فتاة قائله :
- البشمهندس مصطفى معايا ؟
- أيوة أنا مين معايا
أنا واحدة متعرفهاش
ابتسم "مصطفى" قائلاً :
- وعايزة ايه ياللى معرفكيش
- اسمعنى للاخر وانت تعرف أنا عايزه ايه
- قولى يا موزه
- أنا أعرف طليقتك "ياسمين" وأهلها .. وأعرف هما أعدين فين دلوقتى
قال "مصطفى" بدهشة :
- انتى عرفتى رقمى منين
- باباها راجل غلبان أوى .. ومش صعب تاخد منه اى معلومة انت عايزها .. عرفت منه اسمك واسم الشركة اللى بتشتغل فيها .. كلمتهم فى الفرع الرئيسي وطلبت رقم فرع البحر الاحمر .. واتصلت بالموقع عندك ورد عليا واحد من حسن حظى انه صاحبك وادانى رقم موبايلك
- وايه اللفه الطويلة دى ؟
- اسمعنى للاخر وانت تعرف .. طليقتك اللى كانت مراتك .. طلبت الطلاق عشان يخللها الجو مع الراجل اللى بتحبه .. ولما انت ضربتها هاخدتها حجة عشان تعرف ترفع القضية وتطلق منك
قطب "مصطفى" جبينه قائلا :
- انتى بتقولى ايه ؟
- بقول انها كانت بتحب واحد وخباها فى بيته هو واهلها وشغلهم كمان .. ودلوقتى هيتجوزوا بعد ما "ياسمين" اديتك أكبر قلم وضحكت عليك
صاح بغضب :
- أنا مفيش حد يقدر يضحك عليا ده أنا تييييييييييييييييت هى وأهلها
- أيوة تعجبنى وانت حمش كده .. لو فعلا عايز تنتقم منها ومن عشيقها ده .. ومش بس كده تكسب انت كمان فأنا عندى خطة متخرش الميه
سألها بشك :
- وانتى هستتفادى ايه لما تساعديني ؟
- هاخد بتارى منهم هما الاتنين .. وكمان هبقى كسبتلى قرشين
- انتى عايزانى اعمل ايه بالظبط .. ومكسب ايه اللى هيكون ليا وليكي ؟
- فلوس .. ملايين بمعنى اصح
قال "مصطفى" بسخريه :
- انتى شكلك واحدة فاضية وبتهرجى
- لأ مش بهرج اسمعنى للآخر وانت تعرف انى جد .. وجد أوى كمان .. بس الموضوع محتاج راجل بجد .. يا ترى انت راجل بجد يا "مصطفى"
صاح قائلاً :
- ده انا أرجل من أرجل راجل عرفتيه .. قولىوسمعيني الكلام اللى عندك

**********************

- بصراحة يا "سماح" كلام مامته ريحنى أوى .. حستها فهمانى
ابتسمت "سماح" قائله :
- أنا فرحانه اوى بالتطورات دى .. كون أصلاً انها تجيلك لحد عندك وتعتذرلك عن اللى عمته عملته دى حاجه كويسة أوى .. وكمان كلامها مقنع .. انا كمان رأيي من رأيها ..وافقى على الخطوبة يا "ياسمين"
تنهدت "ياسمين" قائله :
عارفه يا "سماح" .. أنا عامله زى اللى عين فى الجنة وعين فى النار .. بجد حسه بحيرة وخوف كبير أوى جوايا .. عارفه ايه أكتر حاجه مخوفانى .. ان "عمر" ميكنش بالصورة الحلوة اللى أنا رسمهاله .. يعني بجد هتصدم أوى لو فى يوم قالى اقلعى حجابك .. أو لو قالى البسى زى ما بشوف البنات بتلبس .. بجد هحتقره أوى .. أنا مش قادرة أفهم لحد دلوقتى تفكيره .. انتى عارفه يا "ٍسماح" اننا اتربينا من صغرنا ان الحجاب ده جزء من البنت مينفعش تتخلى عنه أو تفرط فيه .. حاجه مهمة أوى فى حياتها .. خايفه أتصدم فى "عمر" .. وتكون الحاجة دى بالنسبة له مش مهمة ومحصله بعضها .. خايفه كل اللى أنا أكون شايفاه خطوط حمرا هو يشوفها خضرا ..ده غير اسلوبه مع البنات .. مستحيل أقبل ان جوزى يسلم بالايد على بنت عمته او على اى واحده ويسبها تبوسه وتحضنه كمان .. مش ممكن أقبل ده أبداً .. خايفة يحصل صدام بينى وبينه .. ويقولى أنا كده واتربيت كده وعيشتى كده .. لان أنا مش ممكن هقبل كده .. خايفة يكون بعيد عن ربنا أوى .. أنا حساه فعلا بعيد .. بس خايفه يكون بعيد اوى .. بعيد البعد اللى أفشل فى انى أقربه ..أنا لحد دلوقتى مش عارفه أفهمه .. خايفه يا "سماح" لو قررت فى يوم انى اسلم على صحابه وقرايبه الرجاله بايدي ألاقى ان ده عادى عنده ومش فارق .. خايفه لو قولتله فى يوم انى عايزة ألبس لبس مفتوح او ضيق يفرح بكده او يقولى عادى ومش فارقه .. خايفه محسش انه راجل وخايف عليا وبيغير عليا .. خايفه ميحسسنيش انه غيران عليا يا "سماح" .. خايفه أكون جذبه انتباهه بس عشان انا حاجه جديدة فى حياته .. بس بعد فترة يتعود عليها ويمل منها .. ويحن للبنات اللى يعرفهم .. خايفة أسيب قلبي يحبه ويتعلق بيه والآخر ألاقيه هو اللى سبنى .. خايفة أوى يا "سماح"
كانت "سماح" تنظر اليها وتستمع فى صمت .. أكملت "ياسمين" قائله :
- وفى نفس الوقت شوفت منه حاجات مطمنانى .. يعني مثلا عارف حدودى كويس ومش بيحاول يتعداها معايا .. ولما برفض حاجه بيبقى فاهم سبب رفضى .. شوفت اللى عمله مع العامل اللى اتصاب .. كان شجاع أوى وهو بيحاول ينقذ ايده .. ولما ساعد الست الغلبانة اللى طردوها .. ولما كان معايا وأنا بولد المهره .. وهو بيلبس الجلبيه الفلاحى .. حسيته أد ايه طيب ومش مغرور وحنين وقريب منى ومن طباعى
قالت "ياسمين" مبتسمه :
- تعرفى ان بابا لما راح المستشفى اللى فيها العامل هو و "ريهام" أهل العامل قالوله ان "عمر" دفع كل مصاريف علاجه وكمان مرتبه قالهم هيوصلهم كل شهر
- مكنتش أعرف .. "أيمن" ما قاليش
- بجد متتصوريش اللى عمله ده خلانى حسه بايه .. بجد عجبنى أوى اللى عمله .. واحد غيره كان قال وأنا مالى .. بس هو كان فى الموقف ده راجل بجد .. حنيته دى بتجننى يا "سماح" .. أنا بحب أوى الراجل الحنين
ابتسمت "سماح" لصديقها فأكملت "ياسمين" بسعادة :
- أنا حسه انى بدأت أتعلق بيه أوى يا "سماح" .. وعشان كده نفسي فعلا أعرفه أكتر عشان أقدر أقرر صح .. أنا فعلا حسه ان كلام مامته صح .. وان المفروض نعمل خطوبة .. عشان نقدر نفهم بعض
هتفت "سماح" بفرح :
- يعني وافقتى ؟
أوقفتها "ياسمين" بيدها قائله :
- لأ استنى ما قولتش انى وافقت .. أنا قولت انى حسه ان ده المفروض يحصل .. بس لسه ما قولتش أيوة
صاحت "سماح" :
- يا ستى قولى أيوة بأه
ضحكت "ياسمين" قائله بدلع :
- هستخير الأول .. وبعدها هقول رأيي
رفعت "سماح" كفيها هاتفه :
- يارب يبقى أيوة يارب

***************************

عادت "ياسمين" من عند "سماح" ودخلت بوابة المزرعة لتسمع خلفها صوت سيارة "عمر" .. التفتت .. خفق قلبها لرؤيته أكملت طريها .. سار بسيارته مسرعاً وأوقفها أمام بيت المزرعة ثم نزل والتفت ينتظرها .. كادت أن تكمل طريقها لكنه أوقفها قائلاً:
- ازيك يا "ياسمين"
قالت بصوت خافت :
- الحمد لله
ابتسم قائلاً :
- كنتى فين ؟
- كنت عند "سماح"
اتسعت ابتسامته ونظر اليها بخبث قائلاً :
- شكلى هبتدى أغير من "سماح"
احمرت وجنتاها ومشيت خطوتين قبل أن يناديها قائلاً :
- "ياسمين" أستنى
التفتت اليه وقلبها يخفق بشده .. سألها بإهتمام :
- فكرتى فى اللى ماما قالتهولك ؟
أومأت برأسها .. فقال :
- وقررتى ايه ؟ .. موافقه ؟
شعرت بالارتباك لكنها نظرت اليه قائله :
- هستخير وبعدين أقول قرارى
نظر فى عينيها بحنان قائلاً بصوت شجى :
- وأنا هستنى قرارك .. بس متتأخريش عليا .. مبقتش مستحمل بعدك ده .. كفايه تعذيب بأه .. نفسي أحس انك ليا بجد .. وايدك دي يبأه فيها دبلتى .. والكل هنا يعرف انك بتاعت "عمر" .. بتاعته هو وبس.
شعرت بحنان عينيه يغمر قلبها .. وبكلماته تخترق أعماق روحها لتستقر بها .. أومأت برأسها .. ثم التفتت لتغادر وعلى ثغرها ابتسامه عذبه ..
Comments
0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق