روايات منى سلامة

روايات دكتورة منى سلامة
للتواصل مع الكاتبة:
الفيس بوك
الصفحة العامة

الانستجرام

الفصل الثالث والثلاثون من رواية مزرعة الدموع

رواية مزرعة الدموع بقلم بنوتة أسمرة

كانت سعادة "عبد الحميد" غامرة عندما زاره "كرم" فى مخزن العلف قائلاً :
- يشرفنى انى اطلب من حضرتك ايد الآنسه "ريهام"
قال له "عبد الحميد" فى سعادة غامرة :
- وأنا طبعاً يشرفنى انى أديك بنتى يا بشمهندس "كرم" .. بس لازم آخد رأى "ريهام" الأول
أومأ "كرم" برأسه قائلاً :
- طبعاً يا عم "عبد الحميد" خد وقتك ..بس ياريت بعد اذنك احنا مش محتاجين فترة خطوبة .. يعني احنا بنشتغل مع بعض من فترة .. والأفضل يبقى كتب كتاب على طول
صمت "عبد الحميد" قليلاً ثم قال :
- فى العجلة الندامة يا ابنى .. خليها فترة خطوبة الأول حتى لو فترة صغيرة وبعد كده لما تحبوا تكتبوا الكتاب مفيش مشكلة .. بس كل حاجه تيجى بالهداوه


أومأ "كرم" برأسه قائلاً :
- خلاص زى ما تشوف يا عم "عبد الحميد" .. بس زى ما حضرتك قولت فترة خطوبة صغيرة
ابتسم "عبد الحميد" فى فرح قائلاً :
- على خيرة الله
ذهب "عبد الحميد" الى غرفة بناته .. وبشرهم بالخبر .. نظر الى "ريهام" قائلاً :
- البشمهندس "كرم" طلب ايدك منى يا "ريهام" يا بنتى .. قولتى ايه ؟
حاولت "ريهام" كتم فرحتها بصعوبة .. كانت تشعر بالرغبة فى القفز فى الهواء .. لكنها تمالكت نفسها قائله بهدوء :
- وحضرتك قولتله ايه يا بابا ؟
- قولتله هسألك الأول وبعدين أرد عليه .. ها رأيك ايه
نظرت "ريهام" الى الأرض فى خجل وابتسامه واسعة مرسومة على شفتيها .. فتدخلت "ياسمين" قائله :
- قوله موافقه يا بابا .. بس متقولوش دلوقتى سيبه يومين كده
ضحك "عبد الحميد" قائلاً :
- والله الحريم دول عليهم حركات .. ما نريح الراجل ونقوله موافقه
قالت "ياسمين" بسرعة :
- لأ استنى يومين تلاته كده وبعدين قوله انها موافقه
خرج "عبد الحميد" وتعانق الأختان فى فرح .. قالت "ريهام" :
- أنا مش مصدقة يا "ياسمين" حسه بجد انى بحلم .. أنا مش بحلم صح ؟
ضحكت "ياسمين" قائله :
- لأ مش بتحلمى .. فوقى بأه ده انتى ضربتى خالص
- مش ليا حق .. أنا فرحانه أوى .. هاين عليا أنزل دلوقتى أروحله المكتب وأقوله "كرم" أنا موافقة يلا نتجوز
ضحكت "ياسمين" قائله :
- والله مجنونة وتعمليها
صمتت "ياسمين" قليلاً ثم قالت :
- بس احنا لسه معرفناش هو ناوى يعيش هنا فى المنصورة ولا هيرجع القاهرة
قالت "ريهام" وقد انتبهت للأمر :
- فعلاً معاكى حق .. النقطة دى مش واضحة بالنسبة لى
- لازم نعرف النقطة دى
قالت "ريهام" بسرعة :
- أى ان كان مش هتفرق بالنسبة لى المهم انى أعيش مع "كرومتى"
ضحكت "ياسمين" قائله :
- "كرومتك" ؟ ... تصدقى كرهتيني فى اسمه
قالت "ريهام" بخبث :
- آه "كرومتى" .. زى ما "عمر" "عمورتك "
ابتسمت "ياسمين" فى خجل .. فقالت "ريهام" بلهفة :
- يا ستى حنى على الراجل بأه .. هتفضلى تقلانه لحد امتى .. الراجل خلاص سخن واستوى على الآخر .. فاضلة تكه ويشيط الحقيه قبل ما يشيط أبوس ايديكى
ضحكت "ياسمين" قائله :
- عليكي تعبيرات تودى فى داهية
قالت"ريهام" بخبث :
- بالله عليكي أما بتشوفيه ما بتحسيش ان قلبك ده من كتير الدق صوته واصل لأسوان
قالت "ياسمين" بخجل :
- أيوة بحس بكده
تنهدت "ريهام" قائله :
- طيب بأه ارحمى قلبك وقلبه .. خلينا نعمل خطوبتنا فى يوم واحد أنا وانتى
نظرت اليها "ياسمين" قليلاً فى صمت .. ثم قائله :
- ربنا ييسر
صاحت "ريهام" قائله :
- "ياسمين" بجد انتى تشلى .. ربنا يكون فى عونك يا "عمر" .. ليك الجنة يا ابنى
قالت "ياسمين" بجديه :
- "ريهام" متنسيش انى مطلقة يعني أى حاجه أعملها محسوبة عليا .. مش عايزة أتسرع .. حاولى تفهميني
قالت "ريهام" :
- والله فهماكى .. ومتخفيش "عمر" انسان كويس
-عرفتى منين بأه انه كويس
ابتسمت "ريهام" قائله بـمرح :
- مش صاحب "كرومتي" لازم يبقى كويس
ثم نظرت لها بجديه قائله :
- استخيريى وشوفى ربنا هيختارلك ايه
أومأت "ياسمين" برأسها قائله :
- أنا بعمل كده فعلاً .. بستخير .. وراضة باللى ربنا يختارهولى

**********************
- يعني خلاص أخيراً قررت انك تتجوز
هتف "أيمن" بهذه العبارة أثناء جلوسه مع "كرم" فى "عمر" فى حجرة المعيشة بمنزل "عمر" .. قال "كرم" بمرح :
- أعمل ايه مكنتش عايز أتجوز أبداً .. بس جت اللى خدتنى على ملا وشى .. وقلبت حياتى من فوقها لتحلتها
ابتسم "عمر" قائلاً :
- أخيراً عشت وشوفت اليوم ده .. "كرم" قرر يتجوز أنا لسه لحد دلوقتى مش مصدق
قال "أيمن" :
- لأ ومش أى بنت .. "ريهام" اللى هتطلع عليه القديم والجديد ان شاء الله
ضحك "عمر" قائلاً :
- يستاهل .. بصراحة هما الاتنين يستاهلوا بعض
قال "كرم" :
- آه غنوا أصاد بعض انتوا الاتنين
ابتسم "عمر" قائلاً بفرح :
- بجد والله فرحتلك أوى يا "كرم"
قال "أيمن" :
- يلا شد حيلك انت كمان يا "عمر" .. وممكن تعلموا انتوا الاتنين خطوبتكوا مع بعض
قال "عمر" بلهفه :
- ياريت بجد يا "أيمن"
قال "كرم" :
- لا اطمن .. أنا حاسس ان خلاص فاضل على الحلو زقه
صاح "عمر" :
- ما تحترم نفسك يا ابنى انت .. ايه حلو دى ؟
ضحك "كرم" قائلاً :
- خلاص يا باشا غلطة مطبعية
- لأ ابقى خد بالك بعد كده
- حاضر يا عم الحمش

أقبلت "كريمة" ومعها الخادمة حاملة صنية بها عصير وبعض أطباق الحلوى .. قالت "كريمه" بسعادة :
- ألف مبروك يا "كرم" .. بجد فرحتلك أوى ..ربنا يتمملك على خير
قال "كرم" بمرح :
- شوفتى يا طنط .. أخرة صبرى آخد أخت خطيبة "عمر" .. يعني "عمر" ورايا ورايا حتى فى جوازى مش عايز يعتقنى
ضحكت "كريمة" قائله :
- ربنا يخليكوا لبعض
ثم نظرت الى ثلاثتهم قائله :
- بجد يا ولاد صداقتكوا دى عملة نادرة دلوقتى .. انتوا ربنا أنعم عليكوا بنعمة كبيرة ناس كتير أوى محرومة منها .. صداقتكوا دى كنز بجد .. انتوا من سنين وانتوا مع بعض أكتر من الاخوات .. واقفين جمب بعض فى الحزن قبل الفرح .. بجد انتوا فى نعمة بكيرة أوى حافظوا عليها .. وعلموا ده لوالدكوا وقربوهم من بعض عشان يكون بينهم الصداقة الجميلة اللى بينكوا دلوقتى .. واوعوا تبعدوا عن بعض أبداً مهما حصل .. سبحان الله الطيور على أشكالها تقع وانتوا التلاته متتخيروش عن بعض .. ربا يعلم ان معزتك يا "كرم" انت و "أيمن" من معزة "عمر" ابنى وبعتبركوا ولادى زيه بالظبط
كان الأصدقاء الثلاثة ينظرون لها بتأثر فأقبل "عمر" عليها وقبل رأسها قائلاً :
- ربنا ما يحرمنى منك يا أمى ولا من نصايحك الغالية
خرجت الأم لتترك الأصدقاء الثلاثة ينعمون بصحبة يعضهم البعض


***************************

قال "مصطفى" لذلك الصوت الأنثوى عبر الهاتف :
- لأ الفلوس هتتقسم على 3 مش 2 ؟
الصوت بضيق :
- ليه بأه 3
- عشان هجيب واحد محتاجه معايا فى المهمة دى
- واحد مين ان شاء الله .. بقولك ايه احنا مش عايزين عك
قال "مصطفى" بعصبيه :
- بقولك محتاجه معايا .. افرض حصلت أى ظروف أحتاج فيها لحد جمبى .. وطبعا حضرتك مش هتساعديني لو احتجتك
- أنا دورى فى الخطة دى معروف ومش هعمل أكتر من اللى اتفقنا عليه .. وكفاية ان أنا اللي خطت لكل العملية دى
- وعشان كده محتاج واحد معايا وقت التنفييذ .. لأن وقت التنفيذ الله أعلم ايه اللى ممكن يحصل .. وكمان هو بيفهم فى الحاجات دى كويس وأكيد هيفيدنى كتير بدل ما الدنيا تتعك فوق دماغنا
- خلاص مفيش مشكلة بس طالما الفلوس هتتقسم على 3 يبأه نطلب أكتر
- ازاى ؟
- يعني بدل ما كنا هنطلب 2 مليون نطلب 3 وبكدة حصة كل واحد فينا تفضل زى ما هى
قال "مصطفى" :
- تمام كده
- بس قولى اللى هتجيبه ده واثق فيه ؟
- أيوة متقلقيش .. أمان
- طيب .. بس خلى بالك .. حركة واحدة غلط وهنروح فى ستين داهية
قال "مصطفى" بنفاذ صبر :
- قولتلك متخفيش
- امتى التنفيذ
قال "مصطفى" وهو يضيق عيناه :
- بكرة

*************************

توجهت "ياسمين" الى مكتب "عمر" لإعطائه ملف التقارير الاسبوعية .. فتحت الباب لتجد والدته جالسه معه فى المكتب على أريكة جانبيه ..ابتسمت "كريمة" قائله :
- ازيك يا "ياسمين"
بادلتها "ياسمين" الابتسامه قائله :
- الحمد لله ..ازى صحة حضرتك
- بخير يا حبيبتى الحمد لله
ثم نهضت قائله :
- أسيبكوا بأه تشوفوا شغلكوا
غادرت ثم أمسكت الباب وأغلقته خلفها .. توترت "ياسمين" .. ولدهشتها وجدت "عمر" يتجه الى الباب ويفتحه مرة أخرى ثم يتقدم منها ويقف أمامها مبتسماً .. لاحت ابتسامه صغيره على شفتيها و خفضت عينيها فى خجل قائله :
- اتفضل يا بشمهندس التقرير الاسبوعى .. الدكتور "حسن" راجعه ومضى عليه
أخذ منها الملف قائلاً :
- عارفة أنا نفسي فى ايه ؟
صمتت .. فأكمل بحنان قائلاً :
- نفسي أسمع "عمر" بدل بشمهندس
شعرت بالخجل فنظر اليها بدفء :
- تعرفى انك عمرك ما نطقتى اسمى أبداً .. حتى ما بتقوليليش بشمهندس "عمر" .. بتقولى بشمهندس بس .. نفسي أسمع منك "عمر" .. أكيد اسمى هيبقى له طعم تانى لما أسمعه منه
قالت بسرعة لتتهرب من تأثير كلماته عليها :
- بعد اذنك
ثم غادرت مسرعة وخفقات قلبها تتعالى وابتسامة شفتيها تتسع .. حتى أن "ولاء" لاحظت السعادة البادية على محياها فاقتربت منها قائله :
- خير .. مش عادتك يعني الابتسامه اللى من الودن للودن
حاوت "ياسمين" اخفاء ابتسامتها قائله :
- عادى يعني
ابتسمت "ولاء" قائله :
- لأ مش عادى .. لما أشوف والدة "عمر" جيالك المكتب وتعد معاكى وقت طويل يبأه مش عادى .. وانتى تبقى الفرحة مش سيعاكى يبقى مش عادى
نظرت اليها "ياسمين" وهى تشعر بالحيرة أخبرها .. أم لا تخبرها .. أخرجتها "ولاء" من حيرتها قائله بإبتسامه :
- من غير ما تقولى واضح جداً اللى بيحصل .. انتى بنت طيبة وتستاهلى كل خير
قالت "ياسمين" بخجل :
- أنا لسه موافقتش
قالت "ولاء" بنفس الابتسامه :
- أهم حاجه استخيري كويس واسألوا عليه كويس .. وأى حاجه تسمعيها عنه ناقشيه فيها وشوفى رده عليها ايه .. يعني اللى أقصد أقولهولك لما تعرفى عنه حاجه متكبريش دماغك منها .. لأ لازم تعرفى أصل وفصل الحكاية منه .. عشان تبقى على نور من الأول .. وتكونى متأكدة من أخلاق الراجل اللى هترتبطى بيه
أومأت "ياسمين" برأسها قائله :
- معاكى حق .. أى حاجه اشاعه أسمعها عنه لازم أتأكد هى صح ولا لأ
- ربنا يتمملك على خير يا "ياسمين" لو كان فيه خير ليكي
ابتسمت "ياسمين" قائله :
- تسلمي يا ولاء .. وعقبالك انتى كمان

****************************
جلست "كريمه" مع زوجها على شرفة غرفتهما قائله :
- بصراحة اتصدمت لما شوفتها .. لانها مختلفه عن "نانسي" .. وقولت الكلام ده ل "عمر"
قال "نور" :
- بصراحة اللى اسمها "نانسي" دى أنا مكنتش مرتحلها خالص .. بس انتى عارفه انى مبحبش أفرض رأيي على "عمر"
قالت "كريمه :
- البنت لبسها محتشم أوى و محجبة وهادية وخجولة وكمان عاقلة وذكية وحسيتها كمان طيبة أوى
ضحك "نور" قائله :
- كل ده عرفتيه عنها من مقابلة واحدة
ابتسمت "كريمه" :
- انت عارف انى بقدر أفهم الناس بسرعة .. والبنت فعلاً مريحه .. تعرف يا "نور" محستش أبداً انها واحدة كانت متجوزة قبل كده .. يعني تحسها بنوته صغيرة .. ولما اتكملت عن جوازتها الأولى وانها كانت تجربة قاسية عليها .. بصراحة صعبت عليا أوى .. حسيت ان البنت دى اتظلمت كتير .. وشايله فى قلبها كتير .. وده سبب خوفها من الارتباط مرة تانية
- حبتيها يعني
- بصراحة أيوة .. لما أعدت واتكملت معاها حستها انسانه ناضجة .. مش واحدة بتجرى ورا المظاهر وخلاص .. واحدة شايفه "عمر" عريس لقطة بالنسبة لها .. لأ البنت بتفكر فى كل حاجه .. لأنها مش عايزة تختار غلط .. ومش مهتمة بالمظاهر .. أد ما هى مهتمة بشخصية "عمر" وبأخلاقه .. البنت دى لو حبت "عمر" هتحبه من كل قلبها .. وهتحبه عشانه هو .. عشان "عمر" .. مش عشان هو مين وابن مين
ثم أكملت قائله :
- وبعدين واضح انها مؤدبة ومتربية كويس .. مراعية حدودها فى الكلام معايا وبتتكلم بإحترام وبأدب .. بعكس "نانسي" اللى لما كنت بحاول أنصحها عشان مصلحتها هى و "عمر" كانت بتسمعنى كلام ميصحش بنت متربية تقوله لواحده فى سن والدتها .. بصراحة "ياسمين" دخلت دماغى
ابتسم "نور" قائلاً :
- فرحتيني بكلامك ده .. ومن كلامك عنها واضح انى هحبها أنا كمان
أكدت "كريمه" قائلاً :
- هى فعلاً تتحب .. حسه ان "عمر" المرة دى اختار صح

************************

- طيب نتفق كده من الأول الكلمة كلمتى واللى هقوله يتنفذ بالحرف .. يا كده يا مش داخل اللعبة
نطق "بسطويسي" هذه العبارة .. كان رجل طويل القامة عريض المنكبين له هيئة مرعبة منفرة والشرر يتطاير من عينيه .. تشعر وأنت تنظر اليه بعدم الارتياح .. رد عليه "مصطفى" قائلاً :
- ماشى يا "بسطوسي" اتفقنا .. بس بشرط مش عايز البنت تتأذى يعني عمليه نضيفه من غير نقطة دم
قال بصوت أجش :
- اتفقنا يا برنس .. امتى التنفيذ
- بكرة
- قشطة .. ونصيبي ؟
- مليون جنية زى ما اتفقنا
- حلو الكلام .. يلا بأه تعالى اعد عشان نتفق على التفاصيل

************************

قامت "ياسمين" فزعة من نومها مردده ثلاث مرات :
- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
استيقظت "ريهام" على صوتها قائله :
- خير فى ايه ؟
لم تستطع "ياسمين" التحدث فقامت "ريهام" وجلست الى جوارها تتفحصها قائله :
- مالك فى ايه ؟
قالت "ياسمين" بصوت مرتجف :
- معرفش حسيت ان فى حاجة طابقه على نفسي أوى
قالت لها "ريهام" :
- استعيذى بالله
أزاحت "ياسمين" الغطاء ونهضت .. سألتها "ريهام" :
- راحة فين
قالت "ياسمين" وهى تحاول استماع شتات نفسها :
- هقوم أتوضى وأصلى قيام باقى ساعة على الفجر .. توضأت "ياسمين" وصلت حتى آذان الفجر .. كانت كلما شعرت بالخوف لجأت الى الصلاة التى تريح قلبها وتطمأنه .. أيقظت "ريهام" لصلاة الفجر .. ثم عادت الى مصلاها ورددت أذكار الصباح التى تحافظ عليها كل يوم وتذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل يوم: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات فيضره شيء " ... ثم أمسكت مصحفها وأخذت تقرأ فيه حتى الشروق


كان يوم عمل عادى بالنسبه الى "ياسمين" .. أنهت عملها وأوشكت على التوجه الى غرفتها عندما وجدت رقماً غريباً يتصل بها ردت فوجدت من تقول :
- ازيك يا "ياسمين" أنا الدكتورة "مها"
شعرت "ياسمين" بالدهشة .. لماذا تتصل بها .. خاصة بعدما عملت "ياسمين" من "سماح" بدور "مها" فى قصة حريق مخزن العلف .. قالت "ياسمين" ببرود :
- خير يا دكتورة ؟
قالت "مها" :
- محتاجة أتكلم معاكى شوية
قالت "ياسمين" بنفس البرود :
- مفيش أى حاجه بينى وبين حضرتك نتكلم فيها .. مع السلامه
قالت "مها" بسرعة :
- الحاجة دى عن البشمهندس "عمر"
توقفت "ياسمين" لتسمعها .. فأكملت "مها" قائله :
- أنا مش هاخد من وقتك أكتر من خمس دقايق بس
قالت "ياسمين" :
- اتفضلى سمعاكى
قالت "مها" على الفور :
- لأ مش هينفع فى التليفون الأفضل أكلمك وجهاً لوجه أنا واقفه أدام باب المزرعة من بره لو سمحتى اطلعى نتكلم شوية لانى مش هينفع أدخل المزرعة بعد اللى حصل
صمتت "ياسمين" قليلاً فألحت عليها "مها" قائله :
- مش هاخد من وقتك أكتر من خمس دقايق .. بس بجد المعلومات اللى عندى مهمة جداً ولازم تعرفيها .. أنا منتظراكى أدام البوابة .. سلام
أغلقت الخط وتركت "ياسمين" تتخبط من الحيرة .. أنهت "مها" المكالمة لتتصل بـ "مصطفى" قائله :
- أنا كدة عملت اللى عليا الدور عليك بأه .. نفذ اللى مطلوب منك صح
قالت ذلك ثم أغلقت .. ترددت "ياسمين" فى الذهاب ثم أخيراً عزمت أمرها وتوجهت الى البوابه .. فتح لها الغفير وخرجت .. نظرت يميناً ويساراً فلم تجد أحداً .. سارت قليلا فى اتجاه الأشجار التى تقع على أحد جانبي المزرعة .. لتجد فجأة من يطبق عليها من الخلف ويكمم فمها وأنفها بقطعة قماش .. وما هى إلا لحظات وفقدت "ياسمين" الوعى اثر المادة المخدرة الموضوعه فى القماش .

جرها الرجل فى اتجاه السيارة التى أخفاها فى شارع جانبي بجوار المزرعة ثم حملها ووضعها فى صندوق السيارة ودخل وجلس بجوار "مصطفى" وقال له :
- يلا بسرعة
انطلق "مصطفى" بالسيارة الى المكان الذى اتفقا عليها من قبل .. فقد مسحا المنطقة المجاورة للمزرعة جيداً واختارا أنسب مكان لاخفاء "ياسمين" به .. وصلوا الى المكان ونزل الرجلا وحملا "ياسمين" الى الداخل ووضعاها على الأرض وأخذ "مصطفى" يربط يديها خلف ظهرها وربط قدمها وكمم فمها ووضع عصبة على عينها .. ثم أشار له "بسطويسي" بالخروج فخرجا معاً وأغلقا الباب ووقفا بجانب السيارة .. قال له بسطويسي :
- زى ما اتفقنا فتشها كويس وخد منها موبايلها وأى حاجه معاها ومتخليهاش تشوف وشك ولا تسمع صوتك ..
ثم أعطاه قناع قماش للوجه وقال له:
- والبس دى كمان كل ما تيجي داخل عندها
قال له "مصطفى" :
- ألبسها ليه هى أصلا عينها متغميه ومش شيفانى
صرخ فيه "بسطويسي" بغضب قائلاً :
- انت سمعت أنا قولت ايه .. اللى أقولك عليه يتنفذ بالحرف الواحد بدون ما تناقشنى فيه .. سمعت
قال "مصطفى" بشئ من الخوف :
- ماشى
قال "بسطويسي" بلهجة آمره :
- يلا البسه وادخلها جوه .. وأنا هروح أعمل اللى اتفقنا عليه
انطلق "بسطويسي" بالسيارة وأرتدى "مصطفى" القناع وفتح الباب ودخل .. اقترب من "ياسمين" التى ترقد على الأرض وجثا بجوارها وأزاح ربطة عينها و فمها لينظر اليها بسخريه قائلاً بصوت خافت :
- قولتلك مش هعتقك
أخذ "مصطفى" يفك حجابها ويلقيه على الأرض .. راوده شيطانه للحظة للإنتقام منها والثأر لكرامته ولرجولته .. لكنه وجدها تتحرك وقد بدأت فى الإفاقه فأسرع بربط عصبة عينها وكمم فمها .. دقائق وقد بدأت "ياسمين" فى استعادة وعيها بالكامل .. حاولت التحرك و الوقوف .. فما كان من "مصطفى" إلا أن صفعها على وجهها صفعة قوية .. شعرت بالرعب والألم وجهشت فى بكاء شديد .. جلست ساكنة للحظات ثم حاولت القيام مرة أخرى فصفعها مرة أخرى بقوة .. سقطت على الأرض تبطى من شدة الخوف والألم الذى آلم وجهها .. جلست فى مكانها تبكى لا تفهم شيئاً .. لا تعى شيئاً .. خائفة من أن تتحرك فتتلقى لطمة أخرى على وجهها .

***********************
سمع "عبد الحميد" طرقات متواليه على باب غرفته .. نهض ليفتح الباب فوجد "ريهام" تقول فى لوعه :
- بابا الحقنى ياسمين مش موجودة فى المزرعة ومش بترد على موبايلها
صاح "عبد الحميد" بفزع :
- يعين ايه مش موجودة فى المزرعة .. كلمتى "سماح"
قالت "ريهام" وهى تشعر بالفزع :
- أيوة كلمتها قالتلى مجتلهاش ومتكلموش أصلاً النهاردة .. أنا خايفه أوى .. مش من عادتها انها تختفى كده ومتردش على موبايلها
خرج "عبد الحميد" و "ريهام" وبحثا عنها مرة أخرى فى مكان عملها وفى المزرعة كلها وسألا عنها كل من يقابلانه .. لكن لا أثر لـ "ياسمين" .. توجها الى مكتب "عمر" ليجداه وقد غادر .. ونفس الكلام مع "كرم" و "عمر" .. قال "عبد الحميد" :
- تعالى نروح بيت البشمهندس "عمر" يمكن يكون عارف عنها حاجه
توجها الى بيت المزرعة وطرقا الباب .. فتحت الخادمة فطلب منها "عبد الحميد" أن يتحدث الى البشمهندس "عمر" .. دخلت الخادمة ونادت "عمر" الذى كان يجلس مع والداه .. قام من فوره وتوجه الى الباب وقال بإهتمام :
- عم "عبد الحميد" .. اتفضل ادخل .. اتفضلى يا آنسه "ريهام"
قاطعه "عبد الحميد" قائلاً بلهفه :
- ماشوفتش "ياسمين" يا بشمهندس
نظر "عمر" اليه بحيره قائلاً :
- لأ مشوفتهاش النهاردة
أخذ "عبد الحميد" يضرب كفاً بكف قائلاً :
- لا حول ولا قوة الا بالله أمال راحت فين بس يا ربي
أجهشت "ريهام" فى البكاء بصوت خافت وحاولت الإتصال باختها مرة أخرى دون جدوى .. قال "عمر" بإهتمام :
- متخفش هى ممكن تكون عند "سماح" صحبتها أو هنا فى المزرعة
صاح "عبد الحميد" قائلاً :
- قلبنا عليها الدنيا هنا فى المزرعة .. و "سماح" بتقول مرحتلهاش النهاردة .. ومبتردش على موبايلها .. أنا هتجنن البنت دى راحت فين بس
شعرت "عمر" بالقلق فخرج معهما قائلاً :
- تعالوا ندور عليها فى المزرعة تانى
ذهب "عمر" الى شجرته حديث تنفرد "ياسمين" بنفسها .. لم يجدها هناك .. بحثوا فى كل مكان بالمزرعة دون أدنى أثر لها .. آخر من رآها كان الغفير الذى قال لـ "عمر" :
- فتحتلها البوابة وخرجت ومجتش من ساعتها
قال له "عمر" بلهفه :
- ما قالتش راحه فين .. فى حد كان مستنيها بره ؟
قال الغير :
- والله ما أعرف يا بشمهندس مخدتش بالى .. وهى ما قالتليش حاجه
كان الخوف قد تمكن من "عمر" .. كان يشعر الحيرة والخوف والإضطراب .. اتصل بـ "أيمن" و "كرم" اللذان كانا فى مهمة بالمنصورة فعادا أدراجهما الى المزرعة مرة أخرى تجمع الجميع فى بيت "عمر" الذى قال :
- هتكون راحت فين بس .. هى متعرفش أى حد هنا
قالت "ريهام" باكيه :
- هى أصلاً مبتروحش فى مكان من غير ما تقولى أنا أو بابا .. وكمان عمرها ما سابت موبايلها كده ومتردش علينا .. أكيد حصلها حاجه
قفز قلب "عمر" من مكانه عند سماع تلك الكلمات .. اقترب "كرم" من "ريهام" قائلاً بحنان :
- "ريهام" هدى نفسك شوية ان شاء الله هنلاقيها
أجهشت فى البكاء مرة أخرى فأمسك كوب الماء الموضوع على الطاولة وأعطاها لها قائلاً :
- طب اشربي واهدى
أخذت منه الكوب ورشفت رشفتين ثم أعطته له .. قالت "كريمه" بحنان :
- اطمنى يا حبيبتى ان شاء الله هى بخير ..وشوية وهنلاقيها هنا
قال "نور" :
- طيب خلونا يا جماعة نفكر تفكير عملى .. مثلاً لا قدر الله لما خرجت من البوابة ممكن تكون مشيت على الطريق وعربيه خبطتها وأكيد خدوها على المستشفى يبأه اللى نعمله دلوقتى اننا نتصلى بكل المستشفيات اللى فى المنصورة ونسأل عنها
أغمض "عمر" عيناه فى ألم وهو يشعر بالخوف الشديد قام من فوره فقال له والده :
- على فين
قال دون أن ينظر خلفه :
-رايح المكتب اتصل بكل المستشفيات اللى فى الدليل
اتصل "عمر" بجميع المستشفيات واقسام الطوارئ دون جدوى .. شعر بالحنق والغضب الشديد .. والخوف والفزع فى آن واحد
أخذ مفتاح سيارته وتوجه الى الخارج .. أسرع "كرم" و "أيمن" خلفه .. قال له "أيمن" :
- على فين يا "عمر"
لم يجيبه "عمر" وفتح باب سيارته .. فأشار "أيمن" لـ "كرم" بالركوب فركبا الاثنان مع "عمر" دون سؤاله .. انطلق "عمر" بسيارته يشق طريقه خارج المزرعة .. نظر اليه "كرم" الجالس بجواره فوجد علامات التوتر على وجهه .. كان يسير بسيارته على غير هدى فى المناطق حول المزرعة .. كانت عيناه تبحثان عنها فى لهفة .. قالت له "أيمن" الجالس فى الخلف :
- متقلقش يا "عمر" ان شاء الله هنلاقيها
لم يجبه "عمر" .. بل لم يسمعه أصلاً .. كل ما كان يسيطر على تفكيره .. أين هى "ياسمين" .. وماذا حدث لها .. أى بحاله جيده .. هل أصابها سوء .. كان قلبه ينزف فى لوعه .. ظل يبحث ويبحث دون جدوى .. مرت ثلاث ساعات لم يتوقف فيها لخظه .. بحث كان يخرج من شارع ليدخل فى آخر .. وعيناه تبحث على الجانبين فى لهفه .. قال له "كرم" :
- مفيش فايده من اللى بتعمله ده
هتف "عمر" فى غضب :
- أمال عايزنى أعمل ايه .. أعد فى البيت حاطط ايدي على خدى وأنا مش عارف هى فين ولا ايه اللى حصلها
هدئه "كرم" قائلاً:
- مش قصدى أضايقك يا "عمر" بس احنا بقالنا أكتر من 3 ساعات عمالين نلف ومفيش فايدة قال "عمر" بضيق بالغ :
- طب أعمل ايه .. لو روحنا بلغنا هيقولولنا استنوا 24 ساعة .. اعمل ايه .. اعمل ايه
اقترح "أيمن" :
- طيب تعالوا نرجع المزرعة تانى وندور فيها تانى .. يمكن تكون مثلاً تعبت وهى أعده فى مكان وأغمى عليها مثلاً .. تعالوا ندور تانى
صاح "عمر" بغضب :
- بقولك الغفير شافها وهى خارجه من المزرعة .. يعني هى مش هناك
سكت "كرم" و "أيمن" حتى لا ينفعل "عمر" أكثر من ذلك .. كان من الواضح أن الغضب قد بلغ من همبلغه .. لذلك آثرا الصمت .. رن هاتف "أيمن" فرد قائلا :
- أيوة يا "سماح"
تعلقت به عينا "عمر" بلهفه فى المرآه .. قال "أيمن" :
- لأ مفيش جديد .. حاضر هعرفك .. سلام
قال "عمر" بلهفه :
- ايه
- مفيش بتسأل عرفنا حاجه ولا لاء
ضرب "عمر" بقبضته بقوة على مقود السيارة قائلاً :
- هتكون راحت فين بس

**************************

ظلت "ياسمين" تبكى وتبكى .. كانت تخشى أن تتحرك من مكانها فيضربها ذلك الرجل الذى لا تراه .. وأخيراً سمعت باب يفتح ثم وقع أقدام تقترب .. ثم تنصرف مرة أخرى .. شعرت بوجود أكثر من شخص معها .. ثم خرجوا وأغلقوا الباب خلفهم .. قال "مصطفى" لـ "بسطويسي" :
- كله تمام خدت منها موبايلها ومعهاش أى حاجه تانية
مد يده بالموبايل الى "بسطويسي" الذى أخرج الشريحة وكسرها ثم هشم الموبايل تحت أقدامه .. قال له "مصطفى" بدهشة :
- ليه عملت كده ؟
قال "بسطويسى" بسخرية :
- متعرفش ان الموبايلات ممكن يتتبعوا اشارتها ويعرفوا المكان اللى الموبايل موجود فيه
هتف "مصطفى" :
- آه عشان كده خلتنا نسيب موبايلاتنا فى القاهرة
- أيوة
ابتسم "مصطفى" قائلاً :
- أحبيبي يا "بسطويسى" من غيرك كنت هضيع
قال "بسطويسي" بسخريه :
- صحيح انت بشمهندس ومعاك شهادة .. لكن الدنيا بتعلم أكتر من المدارس يا هندسه
ابتسم "مصطفى" قائلاً :
- ده انت اللى هندسه
ثم قال بجديه :
- قولى بأه هنعمل ايه بعد كده .. مش هنتصل بيهم
قال "بسطويسي" :
- اتقل .. كله بأوانه

*************************

بعد ساعتين أخرتين من السير والبحث .. عاد "عمر" بسيارته الى المزرعة مرة أخرى .. فتح باب البيت ليقوم "عبد الحميد" مسرعاً قائلاً بلهفه :
- فى جديد يا بشمهندس ؟
هز "عمر" رأسه نفياً .. فوضع "عبد الحميد" يده على رأسه قائلاً :
- بنتى ضاعت .. بنتى ضاعت
قال له "عمر" بصرامة :
- لأ مضعتش .. هنلاقيها .. "ياسمين" مضعتش هنلاقيها .. سليمة وكويسة
توجه "عمر" الى أقرب مقعد وتهالك عليه .. أسد رأسه بيديه وأغلق عينيه فى ألم .. اقتربت منه امه قائله بشفقه :
- انت كويس يا "عمر"
أومأ برأسه دون أن يتحدث .. مسحت أمه على شعره .. ثم التفتت الى "ريهام" قائله :
- تعالى يا بنتى ارتاحى فوق .. انتى هلكتى نفسك من العياط
قالت "ريهام" بوهن :
- لأ شكراً يا طنط أنا هروح أوضتى عشان لو "ياسمين" رجعت
قالت "كريمه" بحنان :
- طيب يا بنتى وربنا يطمننا عليها .. لو فى جديد بلغونا ولو فى جديد هنبلغكوا ..
ثم أعطت "ريهام" رقم هاتفها وأخذت رقم "ريهام"
غادرت "ريهام" مع "عبد الحميد" عائدان الى غرفة "ياسمين" ينتظرونها

ثم قامت وغادرت مع "عبد الحميد" الى غرفتهما .. لحظات ووجد "عمر" هاتفه يرن .. وجد رقماً غريب رد ليجد رجلاً يقول جملة واحدة :
- "ياسمين" عندى لو شميت ريحة البوليس فى الموضوع هقتلها وأبعتلك جثتها هدية لحد عندك .. استنى منى تليفون بعد يومين
قال ذلك ثم أغلق وترك "عمر" فى حالة من الخوف والرعب والفزع .. والحيرة
Comments
0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق