روايات منى سلامة

روايات دكتورة منى سلامة
للتواصل مع الكاتبة:
الفيس بوك
الصفحة العامة

الانستجرام

الفصل السادس والعشرون من رواية العشق الممنوع


وقفت "سامرين" أمام المرآة تضع زبدة شفاه حمراء علي شفتيها وتدلكهما ببعضهما البعض .. عدلت حجابها ونادت علي والدها قائله :
- بابا أنا خارجه
أتاها صوته من غرفة النوم قائلا :
- طيب اقفلي الباب كويس وراكي
نزلت "سامرين" الدرج بخفه .. وسرعة .. اصطدمت أثناء خروجها من البوابه بصدر "مهند" الذي كان متوجها الي الداخل .. تراجعت الي الوراء بخجل وانتظرت أن يفسح لها الطريق .. انتفضت عندما سمعت نبرات صوته الغاضبه وهو يقول :
- ايه الهباب اللي حطاه علي شفايفك ده ...
قالت بتوتر وهي تمسح الصبغة الحمراء بلسانها :
- دي زبدة كاكاو
قال بحزم :
- امسحيها
أخرجت منديلا من حقيبتها المسدلة فوق كتفها ومسحت شفتيها .. فأفسح لها الطريق .. أطرقت برأسها وتوجهت الي البناية المقابله حيث كتب كتاب ابنة جيرانهم .. سلمت علي العروس وجلست بجوار "نهلة" التي قالت لها بعد فتره :
- مالك مبتسمه كده ليه من أول ما دخلتي
مالت علي أذنيها قائله بنشوه :
- وأنا نازله قابلت "مهند" علي السلم .. كنت حطه زبدة كاكاو زعقلي وقالي أمسحها
غارت عينا "نهلة" وهي تقول بإقتضاب :
- وايه يعني
قالت "سامرين" بلهفة :
- تفتكري بيغير عليا .. هو مبيرداش أبدا اني احط ميك آب ولو لبست لبس ضيق شويه بيزعقلي .. حتي مبيرداش يخليني أقف أتكلم مع "رامي"
قالت "نهلة" بحده :
- أنا أصلا مش عارفه انتي بتسمحيله يتحكم فيكي كده ويزعقلك كده ازاي .. المفروض توقفيه عند حده قوليله ملكش دعوه بيا انت مش ولي أمري
قالت "سامرين" بهيام :
- بالعكس أنا ببقي مبسوطة أوي لما بيعمل كده .. بفرح أوي لما بيعلق علي حاجات خاصة بيا .. بحس انه مسؤل عني واني أهمه
احتقن وجه "نهلة" وصمتت قليلا ثم قالت بحزم:
- أصلا اللي بيعمله ده مش معناه انه حاسس بحاجه نحيتك .. هو بيعتبرك زي "فريدة" أخته وعشان كدة بيتعامل معاكي بالشكل ده .. لكن مش غيره ولا حاجه .. أصلا هو أكيد شايفك عيله صغيره
لاحت امارات الحزن علي وجه "سامرين" وتحولت السعادة في عينيها الي أسي

***************************

وقفت "سامرين" في المطبخ تقطع صنية البسبوسة وتضعها في طبق تقديم كبير ..
ارتدت الاسدال وحملت الطبق وصعدت به الي الأعلي .. فتح لها "مهند" فابتسمت بخجل .. سلمت علي أم "فريدة" التي قالت ببشاشه :
- ايه ده يا "سامرين"
قالت بسعادة ممزوجة بالخجل :
- دي بسبوسة يا طنط أنا اللي عملاها
هتفت أم "فريدة" :
- تسلم ايدك يا حبيبتي
توجهت الي المطبخ قائله :
- هروح أجيب اطباق
وضعت قطعتين في طبق وقدمته الي أم "فريدة" ثم فعلت المثل مع "مهند" وهي تطرق برأسها مبتسمه بخجل .. تناوله منها قائلا :
- تسلم ايدك يا "سامرين"
شعرت بالسعادة لكلماته كما لو كان أسمعها غزلا .. رأته يزيح القشدة بطرف الملعقة فقالت :
- بتشيلها ليه .. دي حلوة
ابتسم قائلا :
- مبحبهاش بالقشطة
هتفت أم "فريدة" :
- الله .. تسلم ايدك يا "سامرين" حلوة أوي
جلست وهي تقول بسعادة :
- بالهنا والشفا يا طنط
نهضت أم "فريدة" فجأة وتركت طبقها قائله :
- نسيت الأكل علي النار
بعد لحظات شعر "مهند" بالحرج من جلوسه بمفرده معها .. فنهض حاملا طبقه .. قالت "سامرين" بنبرة حزينة التقطتها أذناه :
- انت ليه معدتش بتتعامل معايا زي الأول؟
التفت اليها فأكملت بتوتر :
- انت مضايق مني في حاجه ؟ .. بحس علي طول انك مضايق مني ومبتحبش تعد معايا لما آجي
أطرق برأسه للحظات صامتا ثم قال بهدوء :
- لا انتي غلطانه أنا مش مضايق منك ولا حاجه .. وان كنتي شايفه فرق في معاملتي معاكي .. فده لانك كبرتي ومعدتيش "سامرين" الصغيرة بتاعة زمان
ثم قال مبتسما :
- يعني مينفعش أعد معاكي أنا وانتي لوحدنا .. بصراحة بقيت بتحرج
أطرقت برأسها بخجل .. توجه الي غرفته فتركت شفتيها تتسعان لتعرب عما بداخلها من سعادة لكلماته التي أشعرتها بأنه يراها فتاة كبيرة .. يتعامل معها كأنثي .. وليس كطفلة

************************

(( بعد مرور عامان ))

قال "حمدي" :
- بس يا "عدنان" "سامرين" لسه في تالتة ثانوي
قال "عدنان" بمرح :
- بصراحة الواد خايف لتطير من ايده .. واحنا أولي بلحمنا .. وده ابن خالها يعني هيحطها في عنيه .. فعلي الأقل نلبس دبل دلوقتي .. ولما تخلص جامعتها يبقوا يتجوزوا
فكر "حمدي" قليلا ثم قال :
- بس فهم ابنك ان مفيش كتب كتاب الا قبل الفرح باسبوع .. عشان ميتنططليش كل شويه ويقولي نكتب الكتاب
قال "عدنان" :
- خلاص زي ما تحب .. عرف بأه "سامرين" بالموضوع .. وبالليل هكون عندكوا مع "رامي" و أم "رامي" و يا سلام لو ننزل نشتري الدبل النهاردة .. الواد "رامي" هيفرح أوي
أومأ "حمدي" برأسه قائلا :
- علي خيرة الله



تلقت "سامرين" لكمة قوية في ذراعها من "حمدي" وهو يهتف قائلا :
- يا تيييييييييييت اعقلي لربيكي عايزه تصغري رقبتي أدام الناس
أخذت "سامرين" تفرك ذراعها بألم وهي تهتف باكية :
- أنا مبطقش "رامي" ازاي اتجوزه
صاح "حمدي" فيها :
- هتتجوزيه ورجلك فوق رقابتك أنا محدش يكسرلي كلمة .. يلا قومي فزي البسي عشان خالك ومراته وابنه جايين بعد شوية وهنروح نشتري الدبل
دخلت "سامرين" غرفتها وألقت بنفسها فوق فراشها وقد أجهشت في بكاء مرير .. بعد دقائق طويلة نهضت وغسلت وجهها ودون أن يشعر والدها فتحت الباب وصعدت .. الي حيث ملجأها ومأمنها .. امتقع وجه "مهند" وهو ينظر الي وجهها الباكي وقال بلهفة :
- في ايه يا "سامرين" .. مين اللي زعلك ؟
تمتمت بصوت مضطرب :
- ممكن أدخل
لكنه ظل واقفا يسد الباب وقال بخفوت :
- ماما مش هنا
أومأت برأسها وقد تجمعت العبرات في عينيها وهمت بأن تنزل .. لكنها توقفت والتفتت تنظر اليه فوجدته لايزال واقفا أمام الباب وعلامات الضيق علي وجهه .. فنظرت اليه وهي تقول بنبره ذات معني:
- خالو "عدنان" و ابنه "رامي" هينزلولنا بعد شوية عشان نروح نشتري الدبل
تجمد "مهند" في مكانه واتسعت عيناه وهو يقول :
- دبل ايه ؟
قالت والعبرات تتساقط من عينيها :
- "رامي" اتقدملي و بابا وافق
رمقته بنظرة وكأنها تستنجد به .. ثم نزلت ودخلت بيتها .. ظل "مهند" واقفا في مكانه أمام الباب لفترة قبل أن يدخل ويجلس في وجوم .. عادت أمه من الخارج لتجده جالس فوق أحد المقاعد كالتمثال .. فاقتربت منه قائلا :
- مالك يا "مهند"
قال بوجوم :
- "سامرين" طلعت من شوية .. بتقول ان "رامي" اتقدملها وأبوها وافق .. وهيروحوا يجيبوا الدبل النهاردة
جلست أمامه دون أن يبدو عليها الدهشة وهي تقول :
- ما أنا عارفه
نظر اليها بدهشة قائلا :
- عرفتي منين ؟
قالت :
- بعد ما "عدنان" كلم "حمدي" النهاردة الصبح في الشغل .. أم "رامي" نزلت وعرفتني اللي حصل
قال بحدة :
- وليه ما قولتليش يا ماما
تفرست فيه قائله :
- عادي .. قولت أستني لما أشوف رأي "سامرين" وأبقي أقولك وننزل نباركلها
احتد وهو يقول :
- نباركلها علي ايه .. دي كانت مقطعه نفسها من العياط .. هي عمرها ما كانت بتطيق "رامي" .. ومستحيل توافق عليه أنا عارفها كويس
رفعت أمه حاجبيها قائله :
- ده بدل ما تعقلها وتحاول تقنعها ب "رامي"
هب واقفا وهو يقول بعصبيه :
- "رامي" ايه ده اللي أقنعها بيه .. ماما انتي بتلعبي بأعصابي ؟
لاحت ابتسامه علي شفتيها ونظرات خبث في عينيها وهي تقول :
- وهلعب بأعصابك ليه يعني
نظر اليها "مهند" بثبات وهو يقول بحزم :
- انتي عارفه كويس اني عايزها ليا .. واني حاطط عيني عليها
أطلقت أمه ضحك عالية وهو تقول :
- هعرف منين يا ابني هو انت عمرك نطقت بحاجه
قال بعصبية :
- أنا واثق انك كنتي حسه
ابتسمت بلؤم وقالت :
- طبعا كنت حسه .. ده أنا اللي مربياكوا انتوا الاتنين
قال "مهند" بلهفة :
- طيب ما دمتي عارفانا احنا الاتنين .. قوليلي بأه .. هي حسه بحاجه نحيتي ولا مشاعرها مشاعر اخوة من أكتر من كدة
أطلقت أمه ضحكة عاليه وهي تقول :
- اخوة ايه يا "مهند" ده اللي ميشفش م الغربال يبقي أعمي .. البت بتحبك من ساعة ما فتحت عنيها علي الدنيا
ابتسم "مهند" بسعادة وقال :
- طمنتيني ربنا يطمن قلبك
لكن ابتسامته ما لبثت أن تلاشت وحل محلها التوتر وهو يقول :
- طيب هنعمل ايه دلوقتي دي بتقول نازلين يشتروا الدبل
ضحكت أمه بسعادة قائله :
- قولتلك يا ابني أنا اللي مربياكوا وأكتر واحدة في الدنيا دي عارفاكوا وحفظاكوا .. "سامرين" قويه .. ومتحبش حد يغصبها علي حاجة هي مش عايزاها .. والله لو أبوها مسكلها السكينة وقالها هموتك هترفض "رامي" ولا هيهمها
فكر "مهند" قليلا ثم سألها :
- يعني رأيك متدخلش
قالت بحكنة :
- لا متدخلش .. لو اتدخلت هتحصل مشاكل .. سيبها تيجي منها
دخل غرفته وهو يشعر بالإضطراب .. خشي أن تضعف قوتها أمام اصرار والدها .. توضأ وصلي ركعتين دعا فيهما الله عز وجل أن يجعلها نصيبه .. و حلاله

**********************

في صباح اليوم التالي فتحت أم "فريدة" الباب فقابلتها أم "رامي" بوجهها الممتقع .. دخلت صامته وجلست في وجوم .. جلست أم "فريدة" بجوارها وهي تسألها بإهتمام :
- خير يا أم "رامي" كفا الله الشر
وكأنها كانت تحتاج الي هذا السؤال لتندفع الكلمات من بين شفتيها بحدة وعصبية :
- البت المفعوصة اللي كنت بغيرلها البامبرز من كام سنة تقف عند الصايغ وبكل قلة أدب وبجاحه تقول انها مش عايزة تتجوز ابني
لاحت ابتسامة ارتياح علي شفتي أم "فريدة" أخفتها سريعا .. فأكملت أم "رامي" بغضب :
- تصوري لا همها أبوها ولا خالها ولا عملت اعتبار لحد ورفضت انها تنقي الدبل .. رجعنا من عند الصايغ وأفانا يقمر عيش .. الواد ابني منقوط من امبارح يا كبدي عليه صعبان عليه نفسه ان حتت بت زي دي ترفضه .. و "عدنان" هيطق هو كمان لانه فضل يحايل فيها أكنه بيشحت علي ابنه والهانم مركبة الوش الخشب وبتتكلم بطريقة لو شوفتيها يا أم "فريدة" تقولي ان عمرها ما شافت ربايه
قاطعتها أم "فريدة" وقالت :
- لا "سامرين" متربية متقوليش عليها كدة
هتفت أم "رامي" بحدة:
- لو شوفتيها امبارح كنتي قولتي زي ما بقول بالظبط
ثم قالت بشماته :
- بس أبوها رباها .. أول ما رجعنا واتقفل عليهم الباب .. واحنا طلعين سمعناه وهو ببضربها .. أحسن خليها تتعلم الأدب قليلة الحيا دي
هتفت أم "فريدة" قائله :
- لا حول ولا قوة الا بالله .. هو الجواز بالغصب .. يضربها ليه "حمدي" .. البت من حقها تقول آه أو لأ هي حره
قالت أم"رامي" بأنفه :
- هو ابني "رامي" يترفض برده .. دي البنات بتتجنن عليه .. وسامة وشياكة ومرتاح وهيهنيها لكن هيا وش فقر
ثم قالت بغل :
- الواد "رامي" أول ما لقاها مصره علي الرفض قال ل "حمدي" في وشه شكل بنتك شايفالها شوفه تانيه وحد لاعب بعقلها
هتفت أم "فريدة" بغضب :
- وكمان بتخوضوا في عرض البت .. لا حول ولا قوة الا بالله .. اتقوا ربنا دي البت غلبانه ومش ناقصه كفايه اللي شفته في جوازة أبوها .. دي أقل حاجه بتراضيها وبتفرح بيها .. الجواز مش بالغصب طالما مش عايزاه هي حره
خرجت أم "رامي" من بيت أم "فريدة" وهي تشعر بالغضب الشديد لعدم وقوفها في صفها .. ولدفاعها عن"سامرين"


وقفت "سامرين" تنظر الي المرآة تتحسس الكدمة التي خلفتها صفعة والدها علي خدها الأيسر .. سمعت طرقات علي الباب فارتدت اسدالها وفتحته ليخفق قلبها بقوة ويسقط أرضا وهي تري "مهند" أمامها .. لم يكن حاله مختلفا .. تعالت ضربات قلبه الذي ارتوي لرؤيتها وتألم لما أصابها .. ود لو مد أصابعه يتحسس تلك الكدمة ويقبلها برقة محاولا تخفيف آلامها .. انتبه لنفسه فغض بصره وقال بصوت مضطرب فضح مشاعره الجياشه :
- "سامرين" اطلعي لماما عايزاكي
غادر بسرعة فحملت "سامرين" المفتاح وصعدت الي الأعلي .. قصت علي أم "فريدة" ما حدث من رفضها شراء الدبل رغم اصرارهم الشديد الذي وصل الي حد تعنيفها .. ظنوا في بداية الأمر بأنه تمنع العروس الخجول .. لكن ثارت ثائرتهم بعدما أيقنوا من أن رفضها قاطع لن تتزحزح عنه .. ربتت علي ظهرها قائله :
- معلش يا بنتي .. أنا مش عارفه هما بيفكروا ازاي .. هو في حد بيتجوز بالغصب .. ربنا يهديهم
ابتسمت "سامرين" رغم ألم وجهها وهي تقول :
- الحمد لله اني خلصت منه .. أصلا اضايق مني جدا وكان متنرفز يعني خلاص مش هيبص في وشي تاني
ابتسمت أم "فريدة" بحنان وهي تقول :
- للدرجة دي مكنتيش عايزه "رامي"
أومأت برأسها بقوة .. فقالت أم "فريدة" بلؤم :
- طيب في حد تاني حطه عينك عليه
اضطربت "سامرين" وأجابت بسرعة :
- لا طبعا يا طنط
قالت أم "فريدة" مبتسمة بخبث وعيناها تلمع بمرح :
- يعني مش حسه بأي حاجه كده ولا كده نحية "مهند" ابني
توقفت "سامرين" عن التنفس وقد شعرت بالفزع .. عادت لتلهث وكأنها تبذل مجهودا شاقا .. احتقنت وجنتاها بالدماء الساخنة .. بل امتدت لوجهها كله وهي تطرق برأسها .. ربتت أم "فريدة" علي كفها بحنان وهي تقول :
- أنا كنت حابه استني شويه لحد ما الموضوع يهدي بس "مهند" أصر اني اكلمك دلوقتي وأعرف رأيك
شعرت بأنها لحظات وتفقد وعيها .. ضحكت أم "فريدة" وقالت :
- مالك متبرجله كده ليه .. أول مرة أشوفك مكسوفة كدة
ثم قالت :
- ها قوليلي .. يكلم أبوكي ولا ياخدها من قاصرها وميحرجش نفسه معاه
أطرقت "سامرين" برأسها لا تقوي علي النظر اليها فحثتها أم "فريدة" ضاحكة :
- طيب هزي راسك وأنا هفهم
ببطء أومأت "سامرين" برأسها ايجابا .. وقبل أن ترد عليها أم "فريدة" سمعتا طرقات علي الباب ثم صوت المفتاح يجول فيه .. توترت "سامرين" واضطربت بشدة وهي تري "مهند" يدخل البيت .. ودت لو نهضت هاربه لكنه وقف أمام المنفذ الوحيد للهرب .. نهضت والدته ووقفت أمامه قائله :
- كنت واثقه انك مش هتصبر .. وانك مستعجل تعرف ردها
بلغ من "سامرين" الحياء مبلغه ودت لو انشقت الأرض وابتلعتها .. شعرت بأن نبضات قلبها العاليه تكاد تصل الي أذنيه .. ان لم تكن قد وصلت بالفعل .. نظرت "مهند" الي أمه مستفهما .. فتنهدت قائله وهي تتصنع الحزن :
- كل شئ نصيب يا ابني .. ربنا يوفقك مع واحدة تانيه
خفق قلب "مهند" بحسرة وألم .. التفت بحدة يتطلع الي "سامرين" بعتاب و التي رفعت رأسها وتطلعت الي عيناه وعيناها تصرخ قائله بلوعة :
- كلا .. لم أرفضك .. كيف أرفضك .. كيف أرفض من سكن فؤادي وملء كياني بحبه وعشقه .. كيف أرفض من علمني أولي كلماتي وأولي خطواتي .. كيف أرفض من تفتحت عيناي علي رؤية وجهه ومن احتواني صدره فكان ملجأي وأمني وأماني .. كيف أرفض من ذابت كلمات الهوي علي شفتاي كلما رأيته .. كيف أرفض من اعتلي قلبي حتي جلس متربعا علي عرشه لا ينازعه فيه أحد .. أحبك يا من تقطعت أنفاسي لقربه .. وودت لو تتوقف في بعده .. أحبك يا من سقيتني حنانك رشفه بعد رشفه فما كان من قلبي الضعيف الا أن سار ثملا فوقع أسيرا لعينيك .. متعطشا لأن ينهل المزيد من بحر حنانك .. تحركني أمواجك كيفما شئت ووقتما شئت .. كيف تسألني ان كنت أقبل بأن أكون وليفتك .. هذا لا يحتاج الي سؤالي .. فنظره الي عيناي تخبرك بحالي
قرأت عيناه كلمات عينيها .. فعلت البسمة ثغره وخفق قلبه يرقص طربا بين ضلوعه .. التفت ينظر الي أمه بتحدي .. فنقلت بصرها بينهما وهي تقول بمرح :
- آه يعني أطلع منها أنا
اقترب "مهند" منها وقبل رأسها فربتت علي صدره قائله :
- ربنا يهنيكوا ببعض يا ابني

*****************************

سجد "مهند" لله شكرا بعدما تلقي الموافقة والقبول به خطيبا ل "سامرين" .. لكن هذا الخبر سبب شقاق كبير في نفس "عدنان" و "رامي" وأمه .. اعتبروا رفض "سامرين" ل "رامي" وقبولها ب "مهند" اهانه كبيرة لهم خاصة مع مميزات "رامي" المادية والتي لا يتمتع بها "مهند" .. تعجبت "سامرين" من ذلك .. كلاهما ابن خالها .. لكن من حقها أن تختار الزوج الذي تتمني أن تقضي معه بقية عمرها .. لم تحسبها بالمال .. أيهما أغني .. بل امتثلت لأمر النبي عندما قال : "اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه" .. فاذا أضيف الي ذلك حبها له منذ الصغر فسيكون رفضها له هو ضربا من الجنون .. أصر "مهند" علي كتب الكتاب .. فالخطوبة لن تقدم له جديدا لأنه لن يستطيع الاختلاء بها ولا التحدث معها كيفما شاء .. وافق "حمدي" علي مضض .. وفي اليوم الموعود علقت الزينه وبثت الأناشيد من بيت أم "فريدة" وحولها الأهل والصحب .. تزينت العروس وجلست مع النساء .. فأميرها الولهان .. يغار عليها من عيون الرجال .. استأذن للدخول وسط الفرح والحبور .. وامتدت يداه للمس تلك اليد التي حرم عليه لمسها منذ أن كانت في العاشرة .. منذ أن تفجرت أنوثتها وخرجت من شرنقة الطفوله .. ها هو يلمسها مرة أخري .. ويحضنها بكفه .. كف الصغيرة كبر وأصبح كف أنثي يذوب قلبه حبا لها .. أدخل خاتمه الذهبي في اصبعها ليعلن للعالم بأسره أن تلك الفتاة صارت فتاته .. حقه وملكه وممتلكاته .. تركت كفها طيا بين كفه .. مستسلما للمسات تلك الأصابع التي تشد عليه فتنتقل عبرها نبضاته قلبه لترتطم بنبضات قلبها محدثة ذبذبات في جسدها وقشعريرة لذيذة ودت لو استمرت للأبد .. تركت أصابعه كفها علي مضض .. علي وعد بلقاء آخر أكثر حراره .. بعيدا عن العيون المتلصصة

أشع من عيون الجميع الفرح والسرور وانهالت الدعوات الصادقة من قلوب مخلصة .. قلب واحد امتلأ حقدا وكرها حتي غارت العينان وتجعد الجبين .. تطلعت "نهلة" الي "سامرين" الضاحكة بقلب مغلول وصدر يحمل بين جنباته الغيرة والحسد .. فازت صديقتها بقلب الرجل الوحيد الذي أحبته وتمنته .. لكنه لم يعيرها حتي مجرد نظرة بينما خفق قلبه بحب صديقتها .. تأملته "نهلة" وهو يضع خاتمه في أصابع "سامرين" وعيناه تشعان حبا وعشقا وهياما فازدادت غيرتها وظلت تأكل بقلبها حتي أحرقته من الغيظ

**************************

تعالي هدير البحر ليحمل الزبد الي الشاطئ يروي رماله الظمآنة .. اقتربت بعدها موجة عاليه حتي وصلت الي مقدمة الصخرة التي يجلس عليها هذان العاشقان اللذان يتهامسان بنعومه بينما نظرات كل منهما تحتضن الأخر .. وتتشبك الأصابع كأنها تتحدي الناظر اليهما أن يستطيع تفريقهما عن بعضهما البعض .. أحاط "مهند" كتفي "سامرين" بذراعه فوضعت علي الفور رأسها فوق صدره تستمع في استكانه الي نبضات قلبه المختلطة بصوت البحر .. همست قائله وهي تتطلع الي شمس الغروب :
- تعرف نفسى في ايه .. نفسي نفضل هنا ومنروحش أبدا
ابتسم "مهند" مقبلا رأسها وهو يقول :
- عارفه بأه أنا نفسي في ايه .. نفسي أجيب منك ولاد كتير .. ويبقي عندي أسرة كبيرة أوي
رفعت رأسها وابتسم له قائله :
- طيب ولو مخلفتش الا بنات هتزعل ؟
قال علي الفور :
- أنا لما قولت ولاد كان قصدي أطفال .. يعني صبيان وبنات .. أنا عمري أبدا ما هفرق بين ولادي وبناتي .. عمري ما هسمح للغيرة انها تدخل بينهم .. الرسول أمرنا اننا نعدل بين أبنائنا
صمت قليلا ثم قال :
- اللى بيفرق بين البنت والولاد فى المعاملة ويضايق من خلفة البنات ده بيعمل زى ما كانوا بيعملوا فى الجاهلية "وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًا وَهُوَ كَظِيمٌ" .. نسوا ان ربنا سبحانه وتعالى بيقول "لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور· أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير"
ثم قال بحزم :
- الرجاله اللى بتكره خلفة البنات دى رجاله جاهلة ميعرفوش ان البنات سبب فى دخول أبوهم الجنة .. النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ما من مسلم له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه أو صحبها إلا أدخلتاه الجنة" .. وقال كمان : "من سعى على ثلاث بنات فهو في الجنة وكان له كأجر مجاهد في سبيل الله صائماً قائماً" .. وفى مرة دخل راجل من الأنصار على النبي صلى الله عليه وسلم وقاله : "يا رسول الله إن لي بناتاً وأنا أدعو عليهن بالموت فقال : يا بن ساعدة لاتدع عليهن فإن البركة في البنات هن المحملات عند النعمة والمنعيات عند المصيبة والممرضات عند الشدة تقلهن على الأرض ورزقهن على الله" .. وقال كمان : "من كان له ثلاث بنات يؤدبهن ، ويرحمهن ، ويكفلهن ، ويزوجهن ، وجبت له الجنة البتة " .. قيل : يارسول الله ، فان كانتا اثنتين ؟ .. قال : " وان كانتا اثنتين " .. قال : فرأى بعض القوم ان لو قالوا : واحدة ، لقال : واحدة"
ثم نظر الى "سامرني" قائلاً :
- تعرفى ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : "سووا بين أولادكم في القبل "
نظرت "سامرين" اليه بدهشة وهى لا تزال واضعه رأسها فوق صدره فأكمل قائلاً :
- يعني حتى البوسة النبي أمرنا اننا نساوى فيها بين ولادنا منبسش واحد وننسى التانى .. لان ده هيولد الغيره والحقد والحسد فى نفوسهم
ثم قال بحزم :
- مش ممكن أغلط غلطة جدى وأفرق فى المعاملة بين ولادى
تنهدت "سامرين" بأسى وقالت :
- أنا مضايقه أوى ان عيلتنا مشتته كده .. جدو طول عمره مبيحبش ماما ولا خالتو "كوثر" و لا خالتو "انعام" وبيعاملهم وحش .. مامتك حكيتلى كده .. ده حتى ولاده الولاد بيفرق بينهم وطول عمره مسلم كل شغله هنا لخالو "عدنان" وكان واخد خالو "حسنى" معاه فى القاهرة .. حتى باباك كان بيعامله وحش عشان كده اضطر يسافر يشوف شغل بره
تنهد "مهند" بأسى وهو يقول :
- جدو طول عمره كان بيعامل بناته وحش جدا لدرجة انهم كرهوه .. تيتة الله يرحمها كانت بتراضيهم بس من تحت لتحت .. كتير كنت بضايق من معاملته الوحشة لبابا .. مش ذنب بابا انه مبيفهمش فى التجارة زى عمى "عدنان" و عمى "حسنى" .. كل واحد ربنا خلقه بصفات ومواصفات غير التانى .. ولازم يبقى فى تنوع لان الناس بتحتاج بعضها عشان يكملوا بعض .. بس للأسف ظلمهم وهو عايش وظلمهم بعد ما مات .. من ساعة ما كتب كل حاجة بيملكها لعمو "عدنان" و أنا حاسس ان العلاقات خلاص اتقطعت تماما بينه وبينه العيلة فى القاهرة اللى اضايقوا جدا من اللى حصل .. حتى بابا اتصل بعمو وقاله حرام انه يقبل حاجه زى كده .. واذا كان جدو غلط هو يصلح غلطة جدى .. بس للأسف عمو "عدنان" مرجعش لاخواته حقهم اللى جدو كتبه كله بإسمه
قالت "سامرين" وهى تنظر الى البحر :
- كان نفسى نبقى عيلة كبيرة مترابطة .. وجدوا يبقى كبير العيلة .. آخر مرة سافرتله معاك ومع مامتك قبل ما يموت عاملنى وحش .. صعبت عليا نفسى .. مش معقول لسه فى حد بيفرق فى المعاملة بين البنات والولاد .. أكن البنات دول مش بشر .. أكنهم معندهمش كرامه .. رغم ان دينا جميل .. وبيدي للبنت وضعها ويحفظلها كرامتها
قال "مهند" وهو يقبل كفها :
- أنا كمان كان نفسى ان عيلتنا تكون مترابطة .. عمتو "انعام" وحشتنى أوى مسافرة من زمن مع جوزها ومخدتش أجازة بقالها فترة .. وعمتو "كوثر" بحس انها بعيدة عن الكل وواخدة جمب لوحدها .. الوحيد اللى قريب منها هو عمو "حسنى" .. يمكن لاننا عايشين هنا فى اسكندرية وهما فى القاهرة
رفعت "سمر" رأسها ونظرت اليه قائله بحده :
- فى حاجة اسمها تليفون .. حتى لو المسافة بعيدة رغم انها مش بعيدة .. حتى لما بكلمها فى التليفون بحس انها بارده معايا مش عارفه ليه .. جدو هو السبب هو اللى خلى كل أخ ميحبش أخوه ولا ولاد أخوه
ابتسم بعذوبة وهو يسند جبينه الى جبينها قائله :
- سيبك من العالم دى كلها .. أنا وانتى فى دنيا لوحدنا
ابتسمت وقالت :
- وطنط أم "فريدة" و "فريدة" وباباك كمان
اتسعت ابتسامة "مهند" ثم أبعد رأسه قائلا :
- انتى ليه بتقولى لماما طنط أم "فريدة" .. ليه مبتقوليلهاش يا ماما
صمتت فأكمل :
- ماما بتقولى سيبها براحتها ومش راضية تكلمك فى النقطة دى .. بس أنا حابب تقوليلها يا ماما
ابتسمت وقالت :
- وأنا كمان حابه .. بس خفت تضايق .. يعني هى عمرها ما طلبت منى كده.. معرفش اتكسفت
مسح على وجنتها بأصابعه وقال :
- هى مطلبتش منك لانها حبت انها تيجي منك لوحدها .. بس لو قولتلها يا ماما هتفرح أوى
أومأت برأسها وقالت مبتسمة :
- حاضر هقولها يا ماما
اتسعت ابتسامته وهو يقول برقه :
- عقبال ما تبقي انتى كمان ماما
ضحكت بسعادة وهى تنظر الى عيناه وتغوص فى بحارهما .. لم تشعر بشئ آخر الا .. زوجها .. والبحر .. والصخرة .. والهواء الذى يدغدغ وجهها

****************************************
لم يكن اعلان خبر خطبة "رامى" الا ردا على خبر كتب كتاب "مهند" و "سامرين" .. قدم الجميع اليه التهنئة الواجبة على الرغم من النفوس التى لم تعد صافية .. فى الشهور التالية بدأ الضجر يتسرب الى نفس "حمدى" خاصة وهو يرى ويسمع "رامى" يتحدث بتفاخر عن شقة الزوجية التى يعدها لعروسه .. بينما "مهند" لم يستطع حتى الآن شراء شبكة لابنته .. بإستثناء الخاتم الذى توج به اصبعها يوم كتب الكتاب .. بدأ الشيطان يبث سمومه فى نفس "حمدى" بأنه تسرع فى الموافقة على "مهند" والذى سيحمله عبء مصاريف ابنته وجهازها .. ود لو زوجها لرجل مثل "رامى" لن يتوانى عن تحمل كل شئ خاصة مع والد كـ "عدنان" ورث من أبيه الكثير ولم يبخل على ابنه بشئ رغم أنه استزف ماله الى حد كبير .. لكنه أراد له أن يتفاخر خاصة أمام من رفضته وفضلت عليه من هو أقل منه مالا .

كان "حمدى" دائما يسخر من هدايا "مهند" البسيطة بينما كانت "سامرين" تطير بها فرحا .. فهى من زوجها وحبيبها ونبض قلبها .. بدأ "مهند" فى العمل لساعات أطول حتى يستطيع جمع المال اللازم ليغير أثاث بيت والدته بالكامل .. بعدما اتفق مع والدها أن بيت أمه سيكون بيت الزوجية .

فى أحد الأيام عاد "مهند" متأخرا من عمله الثانى الذى يمتد الى الساعة الثانية صباحا .. كان منهك القوى يكاد يترنج من النوم الذى غلب عيناه .. وقفت "سامرين" فى الشرفة بقلق تنتظر حضوره .. رآها والقلق بادى على محياها فارتسمت ابتسامه عذبة على محياه .. توجهت الى الباب وفتحته تنتظر دخوله من البوابة .. اقترب منها فرأت الاجهاد على وجهه .. لم تشعر الا وقد لمعت عيناها بالعبرات ..فقال بدهشة :
- ايه يا "سامرين" فى حاجه مضايقاكى
قالت بتأثر :
- صعبان عليا أوى .. انت مبترتحش خالص ..خد اجازه كام يوم يا "مهند" صحتك أهم حاجه عندى
على وجهه المتعب ابتسامه حانيه وهو يقول :
- أجازة ايه .. ده أنا نفسى أفضل صاحى ومنمش وأشتغل ال 24 ساعة عشان أقدر فى أقرب وقت أجمع فلوس العفش .. نفسى بأه نبقى فى بيت واحد يا "سامرين"
ابتسمت وهى تنظر اليه بأعين مبلله وتقول :
- وأنا كمان نفسى أوى فى كده .. بس حرام عليك نفسك .. ارتاح يومين كده مش هتعرف تواصل انت حتى يوم الجمعة مبتريحش
تأمل نظراتها القلقة بسعادة ثم اقترب منها يمسح على وجنتها برفق وهو يهمس لها :
- فداكى يا حبيبتى .. فداكى أى حاجة .. المهم تبقى معايا وفى بيتى
أغمضت عينيها للحظات ثم دفنت وجهها في ذلك الصدر الذى طالما احتواها برفق وحنان

********************************************

تلقى الجميع بأسى ولوعة خبر وفاة "رامى" ووالدته فى حادث مرورى عندما كانوا فى طريقهم لنقل أغراض "رامى" الى بيت الزوجية .. عم الحزن البيت الذى ما كان يخلو من الضحكات .. تأثر "عدنان" بشدة وترك كل شئ واختفى ! .. لا أحد يعلم مكانه .. لا يجدون له أثراً .. ترك كل شئ وانزوى فى احدى الشقق يأكل ويشرب وينام .. كانت صدمته كبيرة فى فقد أسرته الصغيرة خاصة قبيل أيام من زواج ابنه الوحيد .. فى تلك الفترة بدأت ضغوط "حمدى" على "مهند" تتزايد .. وطلباته تكثر .. حاول "مهند" ارضاءه بكل السبل .. وحاول ألا يصطدم معه .. من أجل حبيبته وزوجته .. الى أن تصير فى بيته .. كان على استعداد أن يتحمل كل شئ .. رغم احساسه بالمهانة كلما طالبه والدها بما لا يستطع غير مقدراً لظروفه كشاب فى مقتبل العمر .. طلب النجدة من والده .. لكن والده فى تلك الفترة لم يطن ليستطيع مساعدته بشئ .. كان عمله فى بداياته خاصة بعدما ترك كفيله الأول لمشاكل بينهما بسبب خسائر فادحة تعرض لها والده بعدما نصب كفيله عليه .. فبعد مرور تلك السنوات الطوال كان كمن يبدأ من الصفر فوقف عاجزا عن مساعدة ابنه .. كان التواصل بين "فريدة" و "مهند" عبر الهاتف .. وكذلك مع والدتها التى علمت منها بسوء وضع "مهند" الذى لا يستطيع الزواج لنقص ما يحمله من مال لا يكفى لتجهيز عش الزوجية .. كانت "فريدة" تلوم والدها كثيراً على عدم مساعدته ل "مهند" رغم تأكيده لها بأنه لا يملك ما يساعده به غير ما يرسله كل شهر منذ أن سافر من نفقة خاصة به و بطليقته كانت تساعد فى المصاريف ومنها استطاع "مهند" طوال تلك السنوات أن يفتح دكانا خاصا به لبيع مستلزمات الكمبيوتر .. فكر كثيرا فى بيع محتويات الدكان وتجهيز البيت بالمال .. لكن عندها سيبقى بلا عمل .. بالإضافه الى رفض "حمدى" بتلك الفكرة تماما قائلاً :
- أنا مش هجوز بنتى لواحد عاطل مش هيقدر يصرف عليها
كانت تلك الكلمات كالخناجر فى صدر "مهند" مما دفعه للعمل الاضافى لتجهيز البيت بأفضل ما يبكون .. لكن شهر وراء شهر مر العام دون جديد .. لم يستطيعا لا شراء غرفة النوم .. والتى أصر "حمدى" على المشاركة فى اختيارها فقضت تكلفتها على ما مال "مهند" فلم يبقى معه الا القليل الذى يكاد يكفى للفرح .. حاول كثيراً استرضاء "حمدى" بأن يتم الزفاف بغرفة النوم التى اشتراها على أن يكمل تجهيز البيت فيما بعد لكنه قال بتزمت :
- ليه ان شاء الله انت واخد واحده من الشارع .. ازاى تدخل على عفش قديم .. مش كفاية انهاه تعيش مع أمك فى بيت واحد
عاد "مهند" الى الصفر مرة أخرى يحسب الأيام والشهور التى تفصله عن تحقيق حلمه .. حاول كثيرا البحث عن "عدنان" لطلب المساعده منه .. لكن لم يهتدى اليه سبيلا .. سافر الى "حسنى" يستسمحه فى أن يسلفه بعض المال لاتمام زواجه .. لكنه قوبل بالصد .. حتى أنه توجه مرغما الى "كوثر" والتى لم يكن ردها بأفضل من رد أخيها .. كمحاولة أخيرة هاتف "انعام" يطلب منها أن تسلفه بعض المال لكنها بحسرة أخبرته بأنها لا تملك مالا خاصا بها .. طلبت من زوجها مساعدة ابن أخيها لكنه رفض مساعدته لربما لأنه يعلم بظروفه ويعلم بأنه لن يستطيع در المال .. حاول أن يوازن بين ما تبقى معه وبين طلبات "حمدى" لكنه فشل .. بدا وكأنه "حمدى" يصعب عليه الأمر ويعسر أمر زواجه .. لم يعلم "مهند" بأن الشيطان لعب برأس "حمدى" حتى تملك منه .. خاصة بعدما أبدى أحد أصدقائه اعجابه ب "سامرين" وطلبها لابنه دون أن يعلم بأمر زواجها من"مهند" .. عند تلك النقطة صمم "حمدى" بكل ما أوتى من قوة على التفريق بين "مهند" و "سامرين" خاصة وأن له مصالح كثيرة مع هذا الرجل ولكم يريد أن تتوطد العلاقات بينهما بالنسب .. فعزم فى نفسه قائلاً :
- لازم أفرق بينهم بأى شكل !

Comments
0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق