روايات منى سلامة

روايات دكتورة منى سلامة
للتواصل مع الكاتبة:
الفيس بوك
الصفحة العامة

الانستجرام

الفصل الخامس والثلاثون من رواية مزرعة الدموع

رواية مزرعة الدموع بقلم بنوتة أسمرة

أوقف "كرم" سيارته أمام احدى المستشفيات الخاصة .. نزل "عمر" من السيارة وهو يحمل "ياسمين" ويلقى نظرة عليها بين لحظة وأخرى .. توجه الى مكتب الإستقبال فأدخلوهم أحد الغرف .. وضعها "عمر" على السرير برفق .. اقتربت منها الممرضة فتراجع "عمر" قليلاً للخلف ينظر الى "ياسمين" بقلق .. قامت الممرضة بتمديدها وتغطيتها وقالت :
- ثوانى هروح أنادى للدكتور
التفت "عمر" الى "كرم" قائلاً :
- روح انت يا "كرم" اتصل بـ "أيمن" وشوف وصل لايه مع البوليس .. وروح هات والدها وأختها من المزرعة ..
أومأ "كرم" برأسه وهم بالخروج .. لكن "عمر" أوقفه قائلاً :
- معلش يا "كرم" عارف انى تاعبك معايا وشاغلك بمشاكلى


قال "كرم" بسرعة :
- عيب عليك يا "عمر" هو احنا مش اخوات ولا ايه .. أنا لو كنت مكانك عارف انك هتعمل عشاني أكتر من اللى أنا بعمله
ربت "عمر" على كتفه شاكراً اياه .. خرج "كرم" فإلتفت "عمر" الى "ياسمين" الممده على الفراش ..اقترب منها ومسح بظهر أصابعه على وجنتها .. لحظات وعادت الممرضة بصحبة الطبيب .. وقف الطبيب مكان "عمر" الذى رجع قليلا الى الوراء وهو يتابع ما يحدث ..التفت الطبيب الى "عمر" قائلاً :
- ايه اللى حصلها بالظبط
قال "عمر" بحزن :
- كانت مخطوفه التلات أيام اللى فاتوا .. ولما لاقيتها كانت كويسه .. وفجأة نامت .. أنا معرفش هى نامت ولا هى أغمى عليها .. جبتها وجيت بها على هنا على طول

أومأ الطبيب برأسه .. ثم التفت الى "ياسمين" .. فتح سوسته الجاكيت الذى ألبسها اياه "عمر" ثم شرع فى فك أزرار بلوزتها حتى يدخل سماعته الطبيه لتفحص تنفسها .. شعر "عمر" بالإختناق وبالنيران تشتعل بداخله وهو يرى أصابع الطبيب تفتح أزرار ملابسها واحد تلو الآخر .. اقترب منه فجأة وأمسكه ذراعه بحزم قائلاً :
- لو سمحت .. مفيش دكتورة فى المستشفى دى ؟
التفت اليه الطبيب قائلاً بدهشة :
- أيوة فى
قال "عمر" بحزم :
- طيب لو سمحت خلى الدكتورة هى اللى تفحصها
نظر اليه الطبيب بحده قائلاً :
- وايه المشكلة يعني لو كشفت عليها أنا
قال "عمر" ببرود :
- لأ .. عايز دكتورة .. يا إما هاخدها مستشفى تانيه

نظر اليه الطبيب بحنق .. ثم أمر الممرضة بإحضار الطبيبة المناوبة وغادر الغرفة .. اقترب "عمر" منها مرة أخرى .. مسح بأصابعه حبات العرق التى تكونت على جبينها وهو ينظر اليها فى حنان .. لحظات وحضرتك الطبيبة .. رجع "عمر" للخلف ليفسح لها المجال .. أشاح "عمر" بعينيه عما كشفته الطبيبة من جسدها .. أنهت الطبيبة فحصها ثم التفتت الى الممرضة وطلبت تعليق محلول لها .. وأعطتها بعض التعليمات الأخرى .. نظر "عمر" الى الطبيبة قائلاً بقلق :
- هى كويسه ؟
أومأت الطبيبة برأسها قائله :
- أيوة متقلقش .. هى بس واضح انها مرهقة أوى .. وكمان عندها هبوط وضغطها واطى .. متقلقش هنعلقلها محاليل وهتبقى كويسة ان شاء الله .. هى محتاجه راحه مش أكتر
قال "عمر" بلهفه :
- يعني هتفوق امتى
ابتسمت قائله :
- انت جوزها
هز "عمر" رأسه نفياً :
- لأ خطيبها
- متقلقش زى ما قولتلك هى محتاجه راحه .. وهتفوق امتى على حسب .. هى من الواضح انها محتاجه للنوم أكتر من أى حاجه تانية .. ممكن تفوق على بكرة وتبقى كويسه ان شاء الله

شكر "عمر" الطبيبة التى غادرت بعد أن أعادت التعليمات على الممرضة مرة أخرى .. أنهت الممرضة تعليق المحلول .. وحقنت به الأدوية التى وصفتها الطبيبه .. وأزاحت قميص "عمر" من على رأسها وأعطته اياه فإرتداه .. ثم خرجت من الغرفة وأغلقت الباب خلفها .. اقترب "عمر" من فراشها وجلس بجوارها .. يتأملها وهى نائمة .. شعر بحنان جارف تجاهها .. أرادها أن تستيقظ وتفتح عينيها ليطمئن أنها بخير .. لكم اشتاق لرؤية عينيها  .. أمسك كفها الموضوع به الكانيولا ووضعه بين كفيه .. تحسس بأصابع يده الأخرى العروق التى ظهرت حول الكانيولا .. كان يبدو عليها الضعف الشديد .. رق قلبه لها .. لكم قاست وتعذبت فى الأيام الماضية .. بل وقبل ذلك أيضاً .. أراد أن يعوضها عن كل ما قاست .. وكل ما عانته من قبل .. ظل يتحسس كفها ويتأملها حتى سمع طرقات على الباب نهض وما كاد يصل الى الباب حتى فتح والدها الباب وبصحبته "ريهام" .. أقبل الاثنان عليها فى لهفة .. قال والدها فى هلع :
- بنتى حبيبتى .. "ياسمين" .. ايه اللى حصلها؟
طمأنه "عمر" :
- متقلقش هى كويسه .. الدكتورة قالت انها نايمه من التعب وممكن تصحى على بكرة
جلست "ريهام" بجوارها تبكى فى صمت .. ثم خرجت من الغرفة .. التفت "عبد الحميد" الى "عمر" قائلاً :
- ايه اللى حصل بالظبط
تنهد "عمر" فى حسرة قائلاً :
- لسه معرفش أنا خدتها وجيت على هنا على طول .. وسبت "أيمن" هناك مع البوليس

عادت "ريهام" حاملة معها بونيه للرأس .. ألبستها اياه لتخفى شعرها المنساب .. نظر "عمر" الى "ريهام" مبتسماً .. ثم خرج من الغرفة ليجد كل من "كرم" و "أيمن" .. اتجه اليه "أيمن" قائلاً :
- ها ايه الأخبار ؟
أومأ "عمر" برأسه وقال بوهن :
- كويسه الحمد لله .. قولى انت عملت ايه
قال "أيمن" :
- قبضوا على واحد من الاتنين .. والتانى هرب بس بيدوروا عليه
سأله "عمر" :
- عرفوا هما مين ؟
هز "أيمن" برأسه نفياً ثم قال :
- لا لسه هما خدوه على القسم عشان يبدأوا التحقيق .. وعلى فكرة الفلوس معايا فى العربية .. وكمان جهز نفسك عشان تروح القسم لأن أكيد هيطلبوا أقوالك .. وكمان أقوال "ياسمين"
قال "عمر" :
- بكرة ان شاء الله هروح القسم .. لكن النهاردة مش هقدر أمشى من المستشفى واسيبها .. وكمان هتصل بالأستاذ "شوقى" يجيلى الصبح ان شاء الله .. لازم اللى عمل كده ياخد جزاءه .. مش هرتاح الا لما يتسجنوا هما الاتنين
قال "كرم" مطمئناً اياه :
- متخفش ان شاء الله هيتسجنوا .. القضية لبساهم لبساهم

رن هاتف "عمر" فرد قائلاً :
- أيوة يا ماما
قالت "كريمه" بلهفه :
- أيوة يا "عمر" طمنى على "ياسمين"
- بخير يا ماما الحمد لله .. هى نايمه دلوقتى والدكتورة طمنتنى عليها
قالت بإرتياح :
- الحمد لله .. بكرة ان شاء الله أنا وباباك هنيجى نزورها
- ان شاء الله يا ماما
- هتبات عندك ولا هترجع
- لأ هبات مش هقدر أسيبها فى المستشفى وآجى
- باباها وأختها عندك مش كده ؟
- أيوة
- طيب يا حبيبى لو احتجت حاجه كلمنى .. وعلى فكرة حسابي معاك بعدين عشان روحت لوحدك لمجرم زى ده من غير ما تعرفنى
- ماما نتكلم بعدين فى الموضوع ده
- ماشي يا "عمر" .. وخلى بالك من نفسك .. وابقى طمنى عليها
- ماشى يا ماما مع السلامة
- مع السلامة

قضت "ريهام" ليلتها بجوار أختها .. أما "عبد الحميد" و "عمر" جلسا على مقاعد الإنتظار خارج الغرفة .. كان "عمر" على تواصل طيلة الليل مع "كرم" و "أيمن" اللذان يحضران التحقيقات بقسم الشرطة و بالمكان الذى تم اختطافها فيه
فى الصباح .. ذهب "عبد الحميد" لإحضار قهوة له ولـ "عمر" .. فجأة فتحت "ريهام" باب الغرفة ونظرت الى "عمر" قائله :
- بابا فين ؟
قال "عمر" بلهفه :
- ثوانى وراجع .. هى فاقت ؟
أومأت برأسها ايجاباً وقالت :
- أيوة .. هروح أنادى للدكتوره
دخل "عمر" ليجد "ياسمين" وقد فتحت عينيها تنظر من نافذة الغرفة .. اقترب منها .. أحست بوجوده .. نظرت اليه .. تلاقت نظراتهما فى صمت .. كان "عمر" ينظر اليها بشوق ولهفه وحنان و .. حــب .. أما هى فكانت تتذكر ما فعله من أجلها الليلة الماضية .. كيف خاطر بحياته .. كيف قدم ماله .. كيف حماها .. كيف أنقذها .. شعرت بقلبها يخفق لهذا الرجل الواقف أمامها ..وجدته يقترب أكثر .. جلس بجوارها .. فانتبهت وأشاحت بوجهها قائله بحرج بصوت خافت ومبحوح من أثر تعب الليلة الماضية :
- لو سمحت مينفعش كده
تجاهل ما قالت .. نظر اليها بحنان قائلاً :
- انتى كويسه .. كنتى خايف عليكي أوى
أعادت ما قالت بحرج أكبر وهى تحاول أن تبتعد عنه :
- لو سمحت بجد مينفعش كده
قام من مكانه ووقف بجوارها ونظر اليها وابتسم بخبث قائلاً :
- ايه المشكلة يعني ما انتى كنتى فى حضنى امبارح
احمرت وجنتاها بشدة ونظرت اليه نظرة صارمه .. ضحك "عمر" قائلاً :
- لأ كده اطمنت عليكي .. الدم رجع ينور وشك تانى
صمت برهه ثم قال وهو ينظر اليها نظرة متوعده :
- اعملى حسابك .. أنا مش هقدر أستحمل الوضع ده كتير .. أنا سبتك تدلعى بما فيه الكفايه .. بس خلاص صبرى نفذ
نظرت اليه بإستغراب قائله :
- يعني ايه ؟
لمعت عيناه بشوق قائلاً بإبتسامه عذبه:
- يعني خلاص معدتش قادر أبعد عنك لحظة .. لولا انك تعبانه والظروف اللى انتى فيها أنا كنت جبت المأذون وكتبت عليكي حالاً
خفضت عيناها وتلون وجهها مرة أخرى .. تأملها مبتسماً .. لحظات ودخل "عبد الحميد" واقترب منها قائلاً :
- "ياسمين" .. عامله ايه دلوقتى
ابتسمت له قائله :
- الحمد لله يا بابا .. اطمن
مسح على رأسها وجلس بجوارها مردداً :
- الحمد لله والشكر لله .. الحمد لله والشكر لله
حضرت الطبيبة وطمأنتهم على حالها ثم دعت لها بالشفاء وخرجت .. حضرت "ريهام" ومعها طرحه وساعدت "ياسمين" على ارتدائها .. سألها "عمر" بإهتمام :
- احكيلى اللى حصل بالظبط يا "ياسمين"
تنهدت "ياسمين" ثم قصت عليهم كل شئ بدءاً من مكالمة "مها" .. وحتى وجدها "عمر" .. صاح "عمر" بحنق :
- يعني اللى اسمه "مصطفى" ده كان واحد من اللى خطفوكى
أومأت برأسها وقالت بمراره :
- أيوة .. وعشان كده كانوا عايزين يقتلونى ..لانى عرفته من صوته
قل "عبد الحميد" بغضب :
- لا حول ولا قوة الا بالله .. ده طلع بجد شيطان .. يارب يقبضوا عليه ويعدموه عشان نخلص منه
نظر "عمر" الى علامات الألم على وجهها ..احتار فى تفسيرها .. جاءت الشرطة لأخذ أقوالها وأقوال "عمر" .. خرج عم "عبد الحميد" و "ريهام" واستمع الظابط لرواية "ياسمين" .. كانت تقص عليه ما حدث بالتفصيل وهو يقاطعها بالأسئله .. حتى سألها :
- وازاى عرفتى انه طليقك .. انتى قولتى انهم كانوا مغميين عنيكي ومكنش حد فيهم بيتكلم أدامك
قالت بإرتباك :
- هو اتكلم فى مرة فسمعت صوته وعرفته
سألها الظابط :
- اتكلم قالك ايه ؟
توترت أكثر ثم قالت بصوت خافت :
- شتمنى
- ليه ؟
صمتت قليلاً وهى تتجنب النظر الى "عمر" الذى يراقبها بإهتمام .. ثم قالت :
- عشان زقيته برجلى ووجعته
قال الظابط :
- ليه هو حاول يتهجم عليكي ؟

أومأت برأسها وهى تنظر الى أسفل .. انفجرت الدماء فى وجه "عمر" واشتعل غضباً .. فأكمل الظابط قائلاً :
- على العموم احنا مسكنا شريكه .. وجارى البحث عن طليقك .. وكمان جبنا اللى اسمها الدكتورة "مها" أنكرت كل حاجه فى الأول خاصة ان الخط اللى كلمتك منه مش خطها ومش بإسمها .. بس لما شدينا عليها اعترفت خاصه لما أوهمناها ان عندنا أدلة ضدها .. وان شاء الله قريب هنمسك طليقك هو كمان

أومأت برأسها فى صمت .. أعطاها المحضر لتمضى عليه هى و"عمر" .. انصرف الظابط ومن بصحبته .. فالتفت اليها "عمر" قائلاً بحزم :
- متقلقيش لو معرفوش يوصلوله أنا هلاقيه وأخليه يندم على اليوم اللى اتولد فيه
نظر والى التصميم على وجهه .. فأكمل قائلاً :
- أنا هعرفه ازاى يتعرض لمراتى
خفق قلبها لكلمته .. نظرت اليه مندهشة فوجدته ينظر اليها بحنان مبتسماً :
- أيوة مراتى
دخلت "ريهام" وأعقبها والدهما .. بعد فترة جاءت "كريمه" و "نور" و "سماح" لزيارتها والإطمئنان عليها .. سعدت "ياسمين" للغاية بتلك الزيارة وبإلتفاف كل من تحبهم حولها .

***************************

فى نهاية اليوم سمحت الطبيبة لـ "ياسمين" بالمغادرة .. عاد الجميع الى المزرعة .. بقيت "سماح" مع صديقتها فى غرفتها في حين كان "أيمن" و "كرم" فى منزل "عمر" .. جلست "سماح" بجوار "ياسمين"على السرير قائله :
- قلقتينى عليكى .. كنت حسه انى هموت من الرعب
ابتسمت "ياسمين" فقالت "ريهام" :
- كنت حسه انى عايشة فيلم رعب .. أختى مخطوفه واللى خطفها طالب فديه .. حاجه ولا فى الأحلام .. دايماً بقرأ الحوادث دى فى الجرايد بس عمرى ما تخيلت انها تحصل معانا
قالت "ياسمين" :
- الحمد لله انها جت على أد كده
قامت "ريهام" قائله :
- هروح أطمن على بابا .. اليومين اللى فاتوا الضغط على عليه أوى
شعرت "ياسمين" بالأسف .. لأنها سبب تعب والدها .. نظرت اليها "سماح" قائله :
- أكيد التجربة كانت صعبة عليكي أوى
تنهدت "ياسمين" بأسى قائله :
- جداً .. كنت مرعوبة .. مكنتش فى الأول عارفه هما عايزين منى ايه .. ولا هما مين .. وبعد ما عرفت اترعبت أكتر
ثم قالت بألم :
- أكتر حاجه ألمتنى .. لما اكتشفت ان "مصطفى" واحد منهم .. بجد مكنتش متخيله ان الانسان ده جواه السواد ده كله
قالت "سماح" بتقزز :
- بجد حسبي الله ونعم الوكيل فيه .. ربنا ينتقملك منه
قالت "ياسمين" بصوت متألم :
- تخيلى لو كنت لسه مراته لحد دلوقتى .. كان زمانى كرهت نفسي .. الحمد لله انى خلصت منه
- الحمد لله .. فعلاً ربنا خلصك منه
ساد الصمت قليلا .. ثم قالت "سماح" مبتسمه :
- "أيمن" قالى ان "عمر" كان هيموت من خوفه عليكي .. أول ما طلبوا الفدية مترددش انه يدفعها .. كان أهم حاجه عنده انك ترجعى سليمه
ابتسمت "ياسمين" فى خجل قائله :
- عمرى ما هنسى اللى عمله معايا .. كان خايف عليا أكتر من خوفه على نفسه .. كان شجاع جداً وهو بيواجههم وواقف أدامى يحميني ..لما سمعت صوته فى الأوضه أول ما دخلوه اطمنت أوى .. حسيت ان مجرد صوته بيطمنى .. ولما خدونى عشان يقتلونى .. كنت حسه انى خايفه عليه .. وأعدت أفكر هيأذوه ولا لأ
ثم استطردت قائله بتأثر :
- تعرفى يا "سماح" انه لما لقى هدومى اتقطعت و شعرى مكشوف قلع الجاكيت والقميص بتوعه وغطى جسمي وشعرى بيهم
ابتسمت "سماح" .. فأكملت "ياسمين" :
- متتصوريش أنا كنت حسه بإيه .. فاكرة أخر مرة كنت عندك لما قولتلك انى مش عارفه طباعه وخايفه يخليني اقلع الحجاب او يلبسنى مكشوف او ميغرش عليا .. لما عمل كده حسيت ان مخاوفى دى راحت .. أنا عارفه انه عمل كده غيره .. يعني مش عشان حلال وحرام .. بس الغيره اللى عنده دى بتديني أمل ان جواه حاجه كويسه .. هو بس ملقاش اللى يوجهه .. عارفه مخلاش حتى "كرم" يقرب منى ويشوفنى وأنا فى الحالة دى
أكملت مبتسمه :
- تعرفى ان الممرضة اللى كانت معايا قالتلى خطيبك ده بيحبك أوى وبيغيرعليكي أوى .. استغربت .. لقيتها بتقولى انه مرضاش يخلى الدكتور يكشف عليا وأصر انهم يجيبولى دكتورة .. وقالهم لو مجبتولهاش دكتورة أنا هخدها مستشفى تانيه .. متتصوريش لما قالتلى كده أنا حسيت بإيه .. بجد على فى نظرى أوى أوى .. وحسيته راجل بجد

صمتت قليلاً ثم قالت وابتسامة جميلة فى عينيها وعلى شفتيها :
- أنا بحبه أوى يا "سماح"
ضحكت "سماح" قائله :
- الله أكبر .. بركاتك يا "عمر" .. كان لازم تتخطفى يعني عشان نسمع الإعتراف ده
ضحكت "ياسمين" فى خجل قائله :
- أنا كنت شكه بس خلاص دلوقتى اتأكدت .. أنا فعلاً بحبه يا "سماح" .. واللى حصل ده كله خلانى أشوفه راجل بجد .. وحسه انه بشوية توجيه ممكن حاجات كتير فى حياته تتغير
ابتسمت "سماح" قائله بخبث :
- طبعاً عشانك يا قمر ممكن كل حاجه فى حياته تتغير
عادت "ريهام" لتنظر اليهما قائله فى مرح :
- ايه مش تضحكونا معاكوا .. والا الاكتئاب والعياط لـ "ريهام" .. والابتسامه اللى من الودن للودن لـ "سماح"
قالت "سماح" بمرح :
- أخيراً أختك اعترفت وقالت : بحبه يا "سماح"
زغرطت "ريهام" قائله :
- أخيراً .. يا فرحة قلبك يا "عمر" يا ابن طنط "كريمة" .. أخيراً نلت الرضا السامى و "ياسمين" بذات نفسها قالت انها بتحبك
قالت "ياسمين" بدلع :
- بصراحة بعد اللى عمله دخل مزاجى
قالت "ريهام" فى مرح :
- دخل مزاجك بس .. ده المفروض يدخل عقلك وقلبك وشرايينك وكل حته فيكي .. يعني المفروض لو عملنالك تحليل شامل نلاقى "عمر" جواكى عمال ينتشر وتوغل ويتسرب ويستمر ويستمر ويستمر
ضحكت "سماح" .. نظرت اليهما "ياسمين" مبتسمه :
- انتوا في ايه مالكوا .. ياريتنى مكنتش فتحت بقى أنا غلطانه أصلاً
"ريهام" بمرح :
- لأ أبوس ايدك .. احنا طلعت عنينا عشان ناخد منك الإعتراف ده .. اوعى ترجعى فى كلامك .. خلى الدنيا تمشى حلو بأه .. ونعمل خطوبتى وخطوبتك فى يوم واحد
ابتسمت "سماح" وقالت :
- حد كان يصدق ان احنا التلاته ناخد 3 صحاب
ابتسمت "ياسمين" :
- لأ بصراحة عمرى ما كنت أتخيل
"ريهام" مبتسمه :
- ولا أنا .. سبحان الله
ثم نظرت الى "ياسمين" قائله :
- أنا من أول يوم وأنا بقولك انى حسه انى البلد دى وشها حلو علينا وهنطلع منها بفردتين .. ادينا خدنا أحلى فردتين فى البلد
لم تتمالك "سماح" و "ياسمين" نفسهما من الضحك .. قالت "سماح" :
- آه لو يسمع "كرم" موضوع الفردتين دول مكنش عتقك يا "ريهام"
نظرت "سماح" اليهما قائله :
- احم احم فى خبر كده عايزة أقولكوا عليه
نظر اليها كل من "ريهام" و "ياسمين" .. فإبتسمت قائله :
- أنا حامل
صاحت الفتاتان فى فرح .. قالت "ياسمين" :
- بجد يا "سماح" .. ألف ألف مبروك
قالت "ريهام" فى سعادة :
- مبروك يا "سماح" ربنا يتمم حملك على خير يارب
قالت ضاحكة :
- الله يبارك فيكوا .. أنا عرفت فى اليوم اللى "ياسمين" اتخطفت فيه .. والحمد لله أهى رجعت وسطينا تانى قولت أبشركوا بالخبر ده
قالت "ياسمين" بسعادة :
- بجد ده أحلى خبر سمعته .. ياه بقالى فترة طويلة مفرحتش كده .. يعني هبقى أخيراً خالتو
عانقتها "سماح" قائله :
- طبعاً يا "ياسمين" انتى أكتر من أختى

***************************
صاح "كرم" بمرح :
- وأخيراً هنشوف ابن واحد مننا .. أنا كنت بدأت افقد الأمل خلاص
قال "عمر" لـ "أيمن" بسعاده :
- ألف ألف مبروك يا "أيمن" .. بجد فرحتلك أوى
قال "أيمن" مبتسماً :
- ربنا يكرمك يا "عمر" .. يلا اتجدعنوا انتوا كمان خلونا نفرح بيكوا بأه بدل أعدتكوا كده .. بأه شكلكوا وحش
ضحك "عمر" .. صمت قليلاً ثم قال :
- أنا عايز أكلم أبوها تانى .. بس خايف يفتكر انى بستغل الموقف
قال "أيمن" :
- لأ الموضوع مفيهوش استغلال فرص ولا حاجه .. يعني ده جواز
قال "عمر" بقلق :
- خايف يفتكر انى بضغط عليهم عشان يعني اللى عملته مع "ياسمين"
قال "كرم" مؤكداً :
- لأ محدش هيظن كده .. المهم "ياسمين" نفسها انت مالى ايدك منها المرة دى ولا هترفض زى المرة اللى فاتت
فكر "عمر" قليلاً ثم قال :
- بصراحة مش مالى ايدي أوى
ثم ابتسم بخبث قائلاً :
- بس برده ايدي مش فاضيه
قال "كرم" بمرح :
- يبأه على خيرة الله .. توكل على الله وكلم أبوها تانى
ابتسم "عمر" قائلاً :
- بس المرة دى أنا مش هتكلم فى خطوبة
صاح "كرم" قائلاً :
- الله .. اشمعنى انت .. أنا كمان مش عايز خطوبة
قال "أيمن" بمرح :
- الله الله أهو هو ده الكلام .. يلا عشان نخلص منكوا انتوا الجوز مرة واحدة

اتصل "أيمن" بـ "سماح" ونزلت من عند صديقتها ليعودا الى منزلهما .. سألته عن تطورات التحقيقات فأجابها قائلاً :
- "بسطويسي" و "مها" اتقبض عليهم .. والبوليس بيدور على "مصطفى" متخفيش أيام ويتقبض عليه ان شاء الله
قالت "سماح" بحنق :
- ربنا ينتقم من اللى اسمه "مصطفى" ده .. ده هيكون عبرة ان شاء الله ولسه عقابه عند ربنا .. ده بجد انسان ظالم أوى

نامت "ريهام" .. وظلت "ياسمين" ساهره .. تفكر فى كل ما حدث لها .. وفيما قاسته منذ وفاة والدتها رحمها الله .. ثم وصلت بتفكيرها الى "عمر" .. عندما تذكرته ابتسمت .. نعم لقد أحبته .. دخل قلبها رغم الأسوار العالية التى بنتها حوله .. ملك مشاعرها وكل كيانها .. برجولته وغيرته وخوفه عليها .. التفتت الى هاتفها لتراه يضئ فى صمت .. نظرت فوجدت رقماً لا تعرفه .. تعجبت من الذى يتصل بها فى هذا الوقت .. ظنت بأنه ربما يكون "مصطفى" .. شعرت بالخوف .. لم ترد .. اتصلمرة أخرى .. غلبها الفضول ففتحت الخط دون أن ترد .. ولدهشتها سمعت صوت "عمر" يقول :
- ازيك يا "ياسمين"
صمتت ولم تجب .. كانت مندهشة من اتصاله بها .. أكمل "عمر" بصوت حانى :
- كنت قلقان عليكي وحبيب بس أسمع صوتك
صمت قليلاً ثم قال :
- وحشتيني أوى
خرجت "ياسمين" من صمتها قائله :
- أنا آسفة مضطرة أقفل
قال بصوت دافئ :
- ماشي .. أنا بس كنت حابب أسمع صوتك .. ممكن أطلب منك طلب
صمتت .. فأكمل قائلاً :
- أنا واقف تحت البلكونه .. ممكن بس تبصيلي .. وحشتيني الساعتين دول .. عايز بس أشوفك
شعرت بسعادة غامرة .. لكنها قالت بخفوت :
- أنا أسفه مش هينفع
طال صمته ثم تنهد قائلاً :
- طيب خلى بالك من نفسك .. لو احتجتى أى حاجه ده رقمى سيفيه عندك .. تصبحى على خير يا حبيبتى

خفق قلبها بشدة عندما سمعت منه "حبيبتى" .. أغلقت .. وقامت تفتح باب الشرفة بهدوء .. وقفت خلف الستارة .. رأته بالفعل .. كان ينظر بإتجاه الشرفة .. وقف قليلاً ثم انصرف عائداً الى بيته .. تابعته "ياسمين" بعينيها والإبتسامه على شفتيها

فى اليوم التالى ظلت "ياسمين" حبيسة غرفتها .. التزمت بتعليمات الطبيبة براحة وعدم ارهاق نفسها .. فى منتصف النهار .. رن هاتفها لتجد رسالة من "عمر" فتحتها لتجد مكتوب فيها :

وحشتينى .. على قدر ما فى المنام تأتينى
وحشتينى .. على قدر ما فى الأحلام تزورينى
وحشتينى .. على قدر الحب الذى بيه وهبتينى
ومنه حرمتينى .. واليه ارجعتينى .. وحشتينى
حبيبتى .... ببعدك لا تزيدينى .. فأنتِ بداخلى وفى تكويني .

شعرت بسعادة لذيذة تجتاح كل كيانها .. تسللت الابتسامه الى شفتيها .. ضمت هاتفها الى صدرها تعانقه .. نظرت الى كلماته مرة أخرى .. قرأتها مرات ومرات .. والابتسامه لا تفارق شفتيها .. وقلبها لا تهدأ سرعة ضرباته .

بعد المغرب .. قال "نور" لـ "كريمة" و "عمر" :
- ما تيجوا يا جماعة نخرج شوية .. نتعشى بره فى أى مكان
قالت "كريمه" بسعادة :
- والله فكرة .. حتى تغيير جو .. قولت ايه يا "عمر"
فكر "عمر" قليلاً ثم قال :
- لأ روحوا انتوا يا ماما
قالت "كريمه" تحثه :
- وتعد لوحدك فى البيت ليه تعالى معانا تغير جو .. الواحد أعصابه تعبت اليومين اللى فاتوا
- لأ معلش يا ماما روحوا انتوا .. وكمان عندى شغل كتير متراكم عليا .. الأيام اللى فاتت انتوا عارفين أنا مكنتش بهتم بالشغل خالص ..وفى حاجه كتير لازم تخلص
- خلاص يا حبيبتى ربنا يعينك .. على العموم لو غيرت رأيك كلمنا
خرج والداه وركبا السيارة وانطلقا الى المنصورة .. ذهب "عمر" الى مكتبه .. ليبدأ عمله .. كان ينظر الى هاتفه كل فتره .. وكأنه ينتظر اتصالاً أو رسالة منها .. يعلم بأنها لن تفعل ذلك .. لكنه بقى متأملاً


شعرت "ياسمين" بالملل .. فنزلت لتتمشى قليلاً فى المزرعة .. ظلت تمشى لساعات وسط الطبيعه الخلابه .. لم تجرب السير فى المزرعة ليلاً .. وجدت له مذاقاً خاصاً .. والنسمات المنعشة أفادتها كثيراً .. أخذتها قدماها قرب بيت "عمر" ألقت نظرة على البيت وابتسمت .. أخرجت هاتفها وأعادت قراءة الرسالة مرة أخرى .. ثم أكملت طريقها .. عندما همت بالعودة .. نظرت لتجد قرب البوابة عند الأسلاك الشائكة .. رجل يحاول اقتحام المكان والتسلل من بين الأسلاك .. دب الخوف فى أوصالها .. شعرت الرعب .. خافت أن تتقدم أكثر فيراها الرجل .. دققت النظر تحت ضوء القمر .. لتجد أن للرجل هيئة كهيئة "مصطفى" .. لم تستطع رؤية ملامح وجهه جيداً بسبب الظلام .. لكن كان نفس الهئية والجسم .. كان قد اقترب بالفعل من الدخول من بين الأسلاك .. فزعت .. خافت أن تجرى فى اتجاه حجرة الغفير فيراها "مصطفى" ويسرع بالإمساك بها .. شعرت بأن تفكيرها قد شُل من الخوف .. جرت فى الإتجاه الآخر .. ثم وجدت نفسها تلقائياً تصعد الدرجات الى بيت المزرعة .. أخذت تطرق الباب بسرعة منادية :
- "عمر" .. "عمر"

تجمعت الدموع فى عينيها وهى تطرق الباب بقوة .. وتنظر يميناً ويساراً خشية من أن يلحق "مصطفى" بها .. ويمسكها وينتقم منها .. فهى الشاهدة الوحيدة عليه .. "عمر" لم يرى وجهه .. ولم يتعرف صوته أحد غيرها .. وهى تعلم أنه لن يتردد لحظة فى قتلها اذا سنحت له الفرصه .. لينقذ نفسه من السجن .. طرقت الباب بهلع وأخيراً فتح "عمر" .. نظر اليها بلهفة قائلاً :
- "ياسمين" مالك فى ايه ؟
قالت "ياسمين" بصوت مرتجف وبأنفاس متقطعه :
- "مصطفى"
سألها بهلع :
- هو فين ؟ .. عملك حاجه ؟
ابتلعت ريقها وقالت بأعين دامعه :
- شوفته بيحاول يدخل من السلك اللى جمب البوابة
جذبها "عمر" من ذراعها بقوة وأدخلها البيت وقال بحزم :
- خليكي هنا واقفلى الباب كويس من جوه ومتفتحيش لحد غيرى
أغلق الباب خلفه .. فتأكدت من غلقه جيداً .. ثم توجهت الى احدى النوافذ القريبه تستطلع الأمر منها .. رأت "عمر" يسير بإتجاه البوابة .. خافت عليه بشدة .. خافت أن يهاجمه "مصطفى" .. خافت أن يكون "مصطفى" حاملاً للسلاح ويتهور ويطلق النار على "عمر" .. شعرت بالخوف والفزع .. ليتها لم تأتى اليه .. ليتها لم تقحمه فى الأمر وجرت بإتجاه البوابة الى حيث غرفة الغفير .. وقفت فى نافذة أخرى فلم ترى شيئاً .. اختفى "عمر" من أمام ناظريها وأعاقتها الأشجار عن متابعة ما يحدث .. تساقطت العبرات على وجنتيها .. هى آمنه فى الداخل .. وهو فى الخارج تحت رحمة هذا المجرم .. أخرجت هاتفها وحاولت أن تتصل به .. رن الهاتف ثم سمعت طرقات على الباب .. انتفضت .. أغلقت الهاتف وتوجهت الى الباب .. سمعت الطرقات مرة أخرى .. قالت بصوت مرتجف :
- مين ؟
أتاها صوته :
- افتحى يا "ياسمين" أنا "عمر"
شعرت بالخوف .. ماذا لو كان "مصطفى" معه .. ماذا لو كان يهدده .. قالت بشك بصوت مضطرب :
- انت لوحدك ولا "مصطفى" معاك ؟
صمت قليلاً ثم أتاها صوته فى حنان :
- متخفيش أنا لوحدى .. "مصطفى" مش موجود متخفيش
مازالت تشعر بالخوف .. قالت له فى حيرة وألم :
- طيب ما ممكن يكون "مصطفى" بيهددك بالسلاح دلوقتى عشان تقولى انه مش معاك وأفتح الباب وهو يدخل
طال صمته .. ثم أتاها صوته الدافئ وهو يقول :
- لو فعلاً ده حصل و "مصطفى" أو غيره هددنى عشان أديكي الأمان وتفتحى الباب .. فأنا أفضل انه يقتلنى ولا انه يطول شعره منك .. مش ممكن أسمح لحد انه يأذيكي يا "ياسمين" .. حتى لو فيها موتى أنا
شعرت بكلماته الصادقة تخترق قلبها وتستقر به .. فتحت الباب ببطء .. ابتسم ونظر اليها وعينيه تغمرانها بحنانه .. لكم تحب تلك العينين والرسائل التى ترسلانها اليها .. رسائل حب وعشق صامته ..
سألته بقلق :
- لقيت "مصطفى" ؟
طمأنها قائلاً :
- متخفيش مش هو
قالت بإستغراب :
- أمال مين
- ده عامل شغال هنا فى المزرعة فضل يخبط على البوابة بس الغفير نام ومسمعوش .. فحاول يدخل من بين الأسلاك
أومأت "ياسمين" برأسها وشعرت بالحمق لأنها أزعجته بدون داعى .. تقدمت لتخرج فوجدت وقف أمام الباب ليمنع خروجها .. نظرت اليه بدهشه .. فنظر اليها بخبث قائلاً :
- تعملى ايه لو حبستك هنا
شعرت بالخجل فخفضت بصرها وقالت :
- لو سمحت عديني
قال بمرح وعينا تلمعان بخبث :
- لأ مش هعديكي .. وهحبسك هنا لحد ما تستسلمى تماماً
وفجأة دخلت سيارة والده الى المزرعة .. اضطربت "ياسمين" بشدة ونظرت الى "عمر" بعتاب فلو كان سمح لها بالذهاب لما كانت ستتعرض لهذا الموقف .. ابتسم لها "عمر" وهو يراقب علامات الارتباك على وجهها .. نزل والده ووالدته من السيارة ليروا "عمر" واقف على باب المنزل من الخارج و "ياسمين" واقفة على الباب من الدخل ..شعرت بالخجل الشديد من هذا المأذق الذى وجدت نفسها فيه .. اقتربت "كريمه" منها قائله بإبتسامه :
- ازيك يا "ياسمين" حمدالله على سلامتك يا حبيبتى
قالت "ياسمين" بتوتر :
- الله يسلمك
تقدم والد "عمر" وسلم عليها هو الآخر .. كانت تتمنى أن تنشق الأرض وتبلعها أصحاب البيت واقفون على الباب من الخارج وهى تقف من الداخل .. لا تدرى كيف تشرح ما حدث .. أنقذها "عمر" قائلاً :
- "ياسمين" كانت بتتمشى واتخضت لما شافت راجل بيحاول يدخل من الأسلاك اللى جمب البوابة جتلى عشان أشوف مين اللى بيحاول يدخل ودخلتها البيت لحد ما أرجع
قالت له أمه بإهتمام :
- وطلع مين ؟
- عامل من اللى ساكنين فى سكن العمال .. الغفير كان نام ومسمعش خبطه على البوابه
قال "نور" موجهاً حديثه الى "ياسمين" :
- متخفيش يا "ياسمين" محدش يقدر يدخل المزرعة هنا .. أكيد طليقك هيخاف ييجى هنا
شعر "عمر" بالحنق عندما سمع لفظ "طليقك" .. كان يحاول قدر الإمكان تناسى بأنها متزوجه من قبل .. لأن هذا الأمر .. يؤلمه أشد ألم .. أفسحت "ياسمين" الطريق ليمر والداه .. دخلوا الى المنزل .. حاولت الخروج فسد "عمر" الباب بجسده مرة أخرى وابتسم بخبث .. صاحت بضيق :
- لو سمحت مينفعش كده .. كفايه اللى حصل .. لو كنت خلتنى أمشى مكنش زمانى اتحطيت فى الموقف ده .. لو سمحت عديني
قال "عمر" بمرح دون أن يتخلى عن ابتسامته :
- فعلاً معاكى حق شكلنا بأه بايخ أوى .. وكمان أنا ليا سمعه لازم أحافظ عليها
اقترب برأسه منها ونظر فى عينيها قائلاً:
- لازم تصلحى غلطتك وتتجوزيني
حاولت كتم ابتسامتها بصعوبة وقالت بجديه :
- لو سمحت عديني
هتف وهو يتظاهر بالجديه :
- وسمعتى اللى ضاعت على اديكي .. وأهلى اللى شافونى واقف معاكى على عتبة بيتنا .. خلاص كده مفيش بنت هترضى تبص فى وشى .. لازم تتجوزيني وتسترى عليا يا "ياسمين"
لاحت ابتسامه صغيره على شفتيها لكنها أخفتها سريعاً وهتفت بجديه :
- خليني أمشى يا إما هنادى لطنط "كريمه" وأقولها انك مش راضى تعديني
قال بتحدى :
- نادى طنط "كريمه" بتاعتك وأنا أقولها على اللى عملتيه في العربية
قالت بدهشة :
- انا .. عملت ايه ؟
نظر اليها بخبث وهو يقول :
- كل ما أحاول أبعدك عنى .. تقوليلى لا يا "عمر" متسبنيش وفضلتى لازقه فى حضنى طول الطريق مش عارف أتحرك منك
احمرت جنتاها بشدة وهتفت قائله :
- والله ما حصل .. أنا معملتش كده
قال بتحدى :
- لأ عملتى كدة و "كرم" شاهد كمان
صاحت بضيق :
- بطل تهريج أنا معملتش كده .. صحيح أنا مش فاكرة اللى حصل بس أكيد معملتش اللى انت بتقوله ده
قال وهو يتظاهر بجديه :
- بصى يا بنت الناس .. يا توعديني انك تصلحى غلطتك وتتجوزيني يا اما مش هطلعك من البيت وهجيب المأذن وأكتب عليكي بالعافية .. ها قولتلى ايه .. تختارى ايه ؟
قالت بجديه :
- عديني لو سمحت
قال بتحدى :
- خلاص انتى حرة انتى اللى اخترتى
ثم هم بالدخول فإبتعدت .. كاد أن يغلق الباب فقالت بسرعة :
- خلاص .. خرجنى
لمعت عيناه وابتسم قائلاً :
- يعني خلاص هتتجوزيني ؟
تحاشت النظر فى عينيه وتضرجت وجنتاها خجلاً .. فحثها قائلاً :
- ها .. مش هفضل مستنى كده كتير .. هتتجوزيني ؟
ابتسمت دون أن تنظر اليه .. فنظر اليه بحب قائلاً بهمس :
- كفاية الإبتسامه الحلوة دى .. هعتبرها بدل كلمة موافقة
قالت بصوت خافت وهى لا تستطيع أن ترفع عينيها فى عينيه :
- ممكن لو سمحت تعديني
أومأ برأسه قائلاً وعيناه تغوصان فى بحر عينيها :
- ماشى هعديكي بس عايزك تعرفى حاجه .. مش هسيبك سمعانى .. أنا خلاص لا عاد ينفعنى خطوبة ولا كتب كتاب .. أنا هكلم باباكى ونحدد معاد الفرح .. لأنى مش هقدر أصبر أكتر من كده .. عايزك فى حضني فى أقرب وقت .. عايز أفتح عيني كل يوم عليكي وأغمضها عليكي .. انتى حته منى وبعدك عنى تاعبنى .. ومعدتش قادر أستحمل بعدك ده .. لازم نبقى مع بعض بأه .. أنا تعبان من غيرك يا حبيبتى .. حبيبك محتاجلك أوى .. ومشتاقلك أوى .. وبيتعذب من غيرك .. حسي بيه .. ومتبقيش قاسيه عليه
ازداد احمرار وجهها .. لم تستطع حتى النظر اليه .. أفسح لها الطريق .. فخرجت مسرعه .. وعيناه تتابعانها .. تحسست وجنتاها لتجد الحرارة تنبعث منهما .. عادت الى غرفتها وعلى شفتيها ابتسامة تشى بسعادة لم تشعر بها من قبل .. وقلبها قد جن وأخذ يخفق فى جنون .. وضعت يجها على صدرها لعلها تبطئ من سرعة دقاته .. ها هى أحلامها أوشكت أن تصبح حقيقـــة.
فى اليوم التالى تحدث "عمر" ووالداه و "كرم" الى "عبد الحميد" واتفقوا جميعاً على كتب كتاب الأختين بعد ثلاثة أيـــام فى نفــس اليــوم .. كانت سعادة الرجليــن غامرة .. وكذلك الفتاتيـــن .

Comments
0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق