روايات منى سلامة

روايات دكتورة منى سلامة
للتواصل مع الكاتبة:
الفيس بوك
الصفحة العامة

الانستجرام

الفصل الحادى والأربعون (( الأخير )) من رواية مزرعة الدموع

رواية مزرعة الدموع بقلم بنوتة اسمرة


نزلت "ياسمين" بعد ساعة .. تبحث عن "عمر" .. لم تجد له أثراً فى الفيلا .. فقالت لها "كريمه":
- قالى انه هيخرج وهيرجع متأخر ما أستناهوش على العشا .. هو ما قالكيش رايح فين ؟
قالت "ياسمين" بسرعة :
- أصل هو خرج من الأوضة قبل ما نتكلم مع بعض .. أنا كنت طالعه أغير هدومى
خرجت "ياسمين" لتتمشى فى الحديقة .. اختلت بنفسها على أحد المقاعد وتركت لعبراتها العنان .. كانت تشعر بندم كبير بداخلها .. ندمت لأنها ظلمته .. وندمت لانها لم تثق به .. وندمت لانها لم تواجهه من البداية بما تعرف .. ندمت لأنها تركت شكوكها ووساوسها تتلاعب بها وتتحكم بها .. ندمت لأنه أشعرها بأنها لا تحبه ..


أجهشت فى بكاء صامت .. كيف يقول بأنها لا تحبه .. فحبه متغلل داخل قلبها .. أخرجت هاتفها من جيبها ومسحت عبراتها بظهر يدها واتصلت به .. لم يرد .. أعادت اتصالها عشرات المرت .. ونفس النتيجة لم يرد .. شعرت بأنها قد أضاعته من يدها .. أخذت تتساءل هل سيطلقها فعلاً .. هل كرهها .. هل سيهون عليه فراقها .. ألن يسامحها يوماً .. كيف ستحتمل العيش بدونه .. لن تستطع التحمل .. حل المساء .. ظلت ساهرة فى غرفتها .. واقفة فى الشرفة .. تنتظر حضوره .. حتى رأت سيارته تقف أمام الباب .. انتظرته ان يصعد الى الغرفة لكنه لم يصعد .. طال وقت انتظارها .. حتى فتح باب الغرفة أخيراً وجدها واقفه أمام باب الشرفة فى انتظاره .. غلق الباب وفتح الدولاب يبحث عن بيجامه يرتديها .. اقتربت منه قائله :
- "عمر"
لم يجب .. دخل الحمام .. جلست على طرف فراشها تنتظر خروجه .. خرج وتوجه الى الفراش وحمل أحد المخدات و أحد الأغطية وفرشه على الأرض بجوار السرير ونام عليه وأولاها ظهره .. فهمت بأن الخطب جلل .. صعدت الى الفراش وتدثرت بالغطاء وظلت تنظر الى زوجها النائم بجوارها على الأرض والذى يوليها ظهره .. تساقطت العبرات من عينيها وبللت وسادتها .. لكم تشتاق الى حضنه الدافئ وكلماته الحانية  .. ظلت العبرات تبلل وسادتها فى صمت وعيونها معلقة به .. تقلبت فى فراشها وكأنها تنام على جمر .. جلست وهى تنظر اليه فى أسى .. حتى غلبها النعاس .
استيقظت على آذان الفجر .. نظرت الى مكان زوجها النائم توجهت اليه ونادته بهدوء :
- "عمر" .. "عمر" .. اصحى
استيقظ ونظر اليها فقالت مبتسمه :
- يلا عشان تصلى الفجر
نهض وتوضأ وعاد ليجدها فى انتظاره لتصلى معه جماعة مثل كل يوم .. صلى بها .. حاولت التحدث معه :
- "عمر" .. ممكن نتكلم
قال بخشونه :
- لأ
ثم توجه الى مكان نومه ونام .. ونامت هى وعيونها معلقه به .. فى الصباح استيقظت على صوت غلق الدولاب .. وجدته وقد ارتدى ملابسه .. اعتدلت بسرعة فى فراشها قائله :
- "عمر"
لم يجيبها توجه الى باب الغرفة فأسرعت ونهضت من فراشها وأمسكت ذراعه قائله بأسى :
- استنى .. "عمر" .. أنا آسفة .. أنا آسفة أوى .. أنا عارفه انى ظلمتك أوى .. "عمر" مش هقدر أعيش بعيد عنك
لم ينظر اليها .. فأكملت بألم وبصوت مرتجف وعينين دامعتين :
- لو انت عايز تطلقنى عشان تعاقبنى .. أنا موافقة يا "عمر ".. عاقبنى .. وطلقنى ..
تساقطت عبراتها وهى ترجوه :
- بس ردنى تانى يا "عمر" .. عشان خاطرى ردنى تانى

صمت ولم يجب .. بل ولم يلتفت اليها .. وفتح باب الغرفة وخرج .. وقفت لا تدرى ماذا تفعل وعلامات الألم مرسومة على وجهها .. رن جرس هاتفها .. فأتاها صوت "ريهام" قائله :
- حبيبتى يا "ياسمين" .. احنا جاينلكوا النهاردة أنا و "كرم" .. حماتك اتصلت الصبح وعزمتنا على الغدا
قالت "ياسمين" بوجوم :
- لو انتى مكنتيش جيتي النهاردة كنت انا هجيلك لانك وحشانى اوى اوى
- مش اكتر منى يا "ياسمين" .. احنا قولنا نسيبكوا ترتاحوا اليومين اللى فاتوا .. بس خلاص كدة لازم أشوفك
- خلاص يا حبيبتى منتظراكى ان شاء الله
تناول الجميع طعام الافطار معاً .. وقالت "كريمه" :
- على فكرة "ثريا" كمان هتيجيى النهاردة .. وكمان "ايناس" و "علاء"
تضايقت "ياسمين" عندما سمعت بإسمها .. وتذكرت ما قالته المرة الماضية عن الفرق بينها وبين خطيبة "عمر" القديمة .. وعندما قالت انها حب "عمر" فى الطفولة والمراهقة .. شعرت بنيران الغيرة تشتغل فى قلبها .. نظرت الى زوجها الجالس بجوارها دون أن يعيرها أدنى اهتمام .. كانت حزينه واجمه فسألها "نور" :
- مالك يا "ياسمين" فى حاجه مضايقاكى
قالت بسرعة :
- لا يا عمو .. يمكن بس متأثره شوية انى هشوف "ريهام" لانها وحشتنى أوى
ابتسمت "كريمه" قائله :
- ربنا يخليكوا لبعض

*****************************
جلست "نادين" فى حديقة فيلتها تحتسى كوباً من الشاى .. التفتت فرأت "نانسي" وهى توقف سيرتها وتنزل منها فنادتها قائلاً :
- "نانسي" تعالى شوية
جاءت "نانسي" وقالت :
- خير
- تعالى اعدى
- لا قولى اللى عايزاه بسرعة عشان عايزة أنام
صاحت "نادين" بغضب :
- طبعا رجعه الضهر من بره وطول الليل سهرانه كالعادة
قالت بتأفف :
- أوف انتى ناديتيلى عشان تسمعينى المحاضرة دى .. فكك .. أنا مصدعة وعايزة أنام
التفتت لترحل فقالت "نادين" :
- عرفتى ان "عمر" هنا هو مراته
التفتت الى أمها بحده قائله :
- انتى عايزة تحرقي دمى يعني
ابتسمت أمها بتشفى وقالت :
- عرفت الفلاحه تخطفه منك وتتجوزه
قالت "نانسي" بحده :
- عرفتى منين انهم هنا
- "جيهان" ما انتى عارفه انها صاحبة "ثريا" عرفت منها
ثم قالت بسخرية :
- لأ وايه .. حاجه كدة لوكل .. تصورى مرضتش تخلى "عمر" يسلم على "ايناس"
- ازاى يعني
- الهانم بتغير باين .. ولا ده عبط متعرفيش
رفعت "نانسي" حاجبها بخبث وقالت بحقد :
- بتغير .. جميل
التفتت لتدخل الفيلا فقالت "نادين" بحده :
- انت لحد امتى هتفضلى سارحه مع اللى اسمه " عماد" ده .. يا بنتى طول ما انتى مدوقاه العسل ومقدماله كل حاجه على طبق من فضه عمره ما هيفكر يتجوزك
صاحت "نانسي" بغضب :
- ملكيش دعوة بيا حياتى وأنا حرة فيها .. متركزيش معايا .. ركزى مع جوزك النسوانجى أحسن
تركتها لتدخل الفيلا .. وملامح "نادين" تختلط فيها الحســرة بالألـــم.

*************************
التف لجميع حول طاولة الطعام .. "نور" .. "كريمة" .. "ثريا" .. "علاء" .. "ايناس" .. "عمر" .. "ياسمين" .. "كرم" .. "ريهام" .. اندمج الجميع فى الضحك والمزاح ماعدا اثنان بدا عليهما الوجود .. "عمر" بدا وكأنه غير مهتم بالحديث الدائر .. أما "ياسمين" فبدت حزينه تتطلع الى "عمر" بين الحين والآخر وتراقب تعبيرات وجهه لتتبين فيما يفكر .. لم يوجه اليها حرفاً واحداً .. كان يمسك الملعقة بيد .. ويده الأخرى وضعها على قدمه .. نظرت الى الجميع لتجدهم مشغولون بالحديث .. و .. مدت يدها ولمست كف يده .. توقف "عمر" عن تناول الطعام ونظر الى يدها التى تمسك بيده .. ثم أبعد يده عنها ووضعها فوق المائدة .. شعرت "ياسمين" بالألم يغزو قلبها .. نهضت واعتذرت من الجميع متعلله بصداع أصابها .. كادت أن تتوجه الى غرفتها لكنها شعرت بالإختناق وارادت السير فى الهواء الطلق .. خرجت من الفيلا وتمشت فى الحديقه .. تبعتها "ريهام" قائله :
- "ياسمين" قومتى ليه
حاولت "ياسمين" الابتسام قائله :
- مفيش حسيت انى مصدعة شوية .. وكمان شبعت
-فى حاجه مضايقاكى
- لا أبداً .. بس لسه مش متعودة على الوضع هنا
عانقتها "ريهام" قائله :
- حبيبتى يا "ياسمين" وحشتينى اوى .. أنتى الحاجة الوحيدة اللى بتصبرنى على فراق ماما وبابا الله يرحمهم
تأثرت "ياسمين" بكلامها وبكت . قالت "ريهام" وهى دامعة العينين :
- أنا كمان وحشونى أوى .. بس ان شاء الله ربنا يجمعنا بيهم فى الجنة .. ربنا يخليكي ليا يا "ياسمين"
قالت لها "ياسمين" بعينين دامعتين :
- ويخليكي ليا يا "ريهام"
انتهى اليوم ورحلت "ريهام" و "كرم" .. وبقيت "ثريا" وأبنائها لاكمال السهرة .. استأذنتهم "ياسمين" وصعدت الى غرفتها .. كانت تشعر بألم حاد فى بطنها .. دخلت الحمام لتخرج متأففه :
- ده وقته

ارتدت ملابسها وصعدت الى الفراش وتدثرت وهى تتلوى من الألم .. شعرت بالحرج من الذهاب الى "كريمه" لتبحث لها عن دواء .. كما أنها لم تكن تقوى على الحركة .. بعد قرابة النصف ساعة .. وجدت "عمر" يفتح باب الغرفة .. أرادت أن تقوم للتحدث معه .. لكنها لم تستطع من الألم ..نظر "عمر" اليها ليجدها مغمضة العينين مقطبة الجبين وتضم الغطاء بقوة الى صدرها ويبدو على ملامحها الألم .. اقترب منها قائلا:
- انتى كويسه ؟
فتحت عينيها وهى لا تصدق أنه اخيراً تحدث معها .. ودت لو قامت تتحدث معه لكنها لم تستطع .. قالت بصعوبة :
- أيوة كويسة
تركها وخرجه .. نظرت الى الباب المغلق بحسرة وألم .. لكم تشتاق الى وجوده معها والى حديثها معه .. دقائق ووجدته يدخل مرة أخرى حاملاً كوب تتصاعد منه الأخبرة وحبة دواء .. نظرت اليه بإستغراب .. مد يده بالحبة .. فجلست وأخذتها .. ثم أعطاها الكوب قائلاً:
- اشربي ده .. ولو لسه حسه بالألم قوليلى وأنا أجبلك حباية تانية
شعرت بالحرج الشديد أخذت منه الحبة والكوب دون أن تنظر الى وجهه .. تمنت ان يرحل لكنه ظل واقفاً ينظر اليها .. أرادت أن تتحدث لكنه أوقفها بيده قائلاً بحزم :
- اشربي ونامى
ثم تركها وخرج ..


بعد عدة ساعات سمعت صوت الباب يفتح .. فتظاهرت بالنوم .. شعرت به وهو يغير ملابسه ثم يقترب منها ويمسح حبات العرق على جبينها بظهر يده ..يلفها بالغطاء جيداً .. ثم .. يحمل وسادته وغطائه ويفرشهم على الأرض وينام
استيقظت على آذان الفجر .. وقامت لتوقظه لكنه لم تجده نائماً .. بل وجدته واقفاً يصلى .. تابعته بعيناها حتى أنهى صلاته وتوجه الى مكانه على الأرض ونام .. شعرت بالحنق والضيق .. نظرت اليه لتجده يغط فى سبات عميق .. كانت تتألم من هذا البعد .. لم تعتد على بعده عنها بهذا الشكل .. قامت على فور وحملت وسادتها وغطائها وفرشتهم على الأرض بجواره .. ونامت وهى تتطلع الى وجهه
فى الصباح شعرت بيده توقظها .. فتحت عينيها فوجدته نيظر اليها بحزم قائلاً :
- ايه اللى منيمك على الأرض هنا
قالت بضعف :
- كده عشان انت نايم هنا
أمرها بحزم :
- الارض ساقعه وانتى تعبانه قومى اطلعى نامى على السرير
امتثلت لأوامره .. وهى تشعر بالحنق والضيق .. قام وغير ملابسه ثم خرج دون ان يتفوه بكلمه

***********************

بعد عدة أيام كانت "ياسمين" جالسه مع "كريمة" فى الحديقه
قالت "كريمه" :
- "نور" سافر النهاردة الصبح
قالت "ياسمين" :
- هيرجع امتى ؟
- كمان يومين سافر فى شغل مهم .. و"علاء" كمان مش هيكون موجود النهاردة لانه مسافر .. بس ناوية أعمل سهرة حلوة فى الجنينة
شردت "ياسمين" قليلاً ثم قالت :
- يعني مش هيكون فى رجالة موجودة النهاردة
- أيوة .. "عمر" بس
- كويس
- اشمعنى
قالت بثقه :
- عشان أرد القلم
قالت "كريمه" بإستغراب :
- مش فاهمة قلم ايه
ابتسمت "ياسمين" :
- هتعرفى النهاردة

****************************
فى المساء .. أخرجت "ياسمين" أحد الفساتين الذى أصر "عمر" على شراءه يوم أن كانا معاً فى المول لشراء ملابسها .. كان رقيقاً للغاية ومتناسقاً مع بشرتها الخمرية .. ارتدت حذاء ذو كعب وصففت شعرها لأعلى وتركت بعض الشعيرات التى تتساقط على وجهها برقة .. كانت قد تعلمت الكثير من "سماح" عن وضع المكياج فإستعانت بخبرتها وبأدوات الزينة التى تزين التسريحة فى غرفة نومها .. كان مكياجها يتسم بالرقة والبساطة .. كانت راضية تماماً عن شكلها ..  كانت تشعر بالخجل من الظهور بهذا المظهر أمام الجميع وخاصة "عمر" .. لكنها تشجعت ونزلت الدرج بعدما رأتهم من شرفة غرفتها وقد تجمعوا معاً فى الحديقه استعداداً لتمضية الأمسية بها .. خرجت الى الحديقة وقلبها يرتجف .. لكنها حاولت رفع رأسها والسير بإتزان دون أن يبدو عليها التوتر .. أول من لمحتها هى "كريمه" التى هتفت بدهشة :
- "ياسمين" !

ازدادت ضربات قلبها عندما وجدت أنظار الجميع تلتفت اليها .. لمحت نظرات التعالى فى عين "ثريا" وهى تفحصها من رأسها الى أخمص قدميها .. أما "ايناس" فكانت نظراتها تتسم بالحقد والغيرة .. كانت "ايناس" متحررة فى ملبسها .. وفى وضع الزينة .. لكن "ياسمين" تفوقت عليها بحسن اختيارها لما يناسب لون بشرتها وطبيعة جسدها .. فلم تفعل مثل "ايناس" وتحاول تغيير لون بشرتها بإضافة المزيد من مستحضرات التجميل والتى جعلتها تبدو كتمثال صب من الشمع فبدت مصطنعه الى حد كبير .. بل زينت ماهى عليه بالفعل .. فبدت أكثر رقة وأكثر شفافية وأكثر جمالاً ..

أما نظرات "كريمه" فكانت تتسم بالفرح والاعجاب والحنان .. لكم تعشق تلك المرأة الحنون الطيبة .. جلست ثم .. التفتت لتتطلع الى "عمر" .. خفق قلبها بجنون عندما ارتطمت بنظراته الشغوفة التى تتأملها بصمت .. شعرت بقلبها وكأنه سيقفز من مكانه .. ودت لو نهضت وارتمت بين ذراعيه
شعرت بالسعادة تسرى بداخلها وقد أيقنت بأنها أصابت عصفورين بحجر واحد ..

تعمد "عمر" طوال السهرة ألا ينظر اليها وألا يوليها أى انتباه .. ظلت تراقبه بطرف خفى .. اقترحت "كريمه" فجأة :
- "عمر" قوم ارقص مع "ياسمين"
توترت "ياسمين" .. لم ترد احراج "كريمه" .. لكنها قالت بخفوت :
- معلش يا ماما بس مش بسمع موسيقى
فقالت "ثريا" بحده :
- ليه بأه ان شاء الله .. رجز من عمل الشيطان
لم تجاريها "ياسمين" .. لأنها شعرت بأن المرأة تبغى شجاراً .. نهض "عمر" ومد يده الى "ياسمين" بصمت .. نظرت اليه أسلمت كفها له ونهضت معه .. سار بها قليلاً فقالت بصوت مضطرب :
- أنا مش بسمع موسيقى يا "عمر"
قال ببرود :
- محدش قال ان أنا هشغل موسيقى
أوقفها أمامه فقالت بدهشة :
- هنرقص من غير موسيقى ازاى
قال ببرود :
- نحاول .. أحسن من الحرب اللى كانت هتحصل من شوية بينك وبين عمتو

أخذ يتحرك بها يرقصان بحركات يتقنها "عمر" جيداً .. كان صوت نبضات قلبها عالياً يصم آذانها .. شعرت بالسعادة لقربها منه .. ظلت تنظر اليه .. لكنه بدا بعيداً عنها
نهضت "كريمه" بصحبه "ثريا" الى الداخل .. اقتربت منهما "ايناس" ووضعت يدها على ذراع "عمر" قائله :
- "عمر" تعالى نرقص سوا
شعرت "ياسمين" بالغضب والحنق والضيق ونظرت الى يدها الموضوعه على ذراع زوجها بنظرات نارية .. أبعد "عمر" ذراعه عن يدها قائلاً بهدوء :
- مش هينفع يا "ايناس"
شعرت "ايناس" بالضيق .. وعادت مرة أخرى الى مقعدها وهى تشتعل غضباً
نظرت له "ياسمين" هامسه :
- "عمر"
لم يجبها .. ولم يلتفت اليها
تطلعت اليه بعينين حزينتين قائله :
- طيب أعمل ايه عشان تسامحنى .. قولى أعمل ايه وأنا أعمل

ظل متمسكاً بصمته .. فشعرت بالألم يغزو قلبها .. التفتت لتجد "ايناس" تنظر اليها بشماته .. وقد بدأت "ايناس" تشعر بوجود خلاف بينها وبين "عمر" .. وانتبهت للوجوم البادى على وجه كل منهما .. تلاقت نظرات المرأتين فى تحدى صارخ .. تبادلتا نظرات نارية .. نظرات "ايناس" تقول : لن تملكيه أبداً لن يكون لكِ .. ونظرات "ياسمين" تقول : هو ملكى بالفعل وهو لى وحدى .. اشتعلت نظرات التحدى بينهما .. وفجـــأة .. لا تعلم "ياسمين" كيف أتتها الجرأة لتفعل ذلك .. لكنهــا .. نظرت الى "عمر" ألقت براسها فوق صدره .. أمام عيني "ايناس" التى ضاقت من الغضب .. وقامت فى عصبية لتغادر المكان
قال "عمر" بصوت خافت :
- ايه اللى انتى عملتيه ده
رفعت رأسها وقالت له بعند وثقه :
- انت بتاعى يا "عمر" .. مش هسمحلك تبعد عنى
قالت له هامسه :
- أنا اسفه .. سامحنى بأه
لم يقطعهما سوى صوت "كريمه" الآتى من الفيلا وهى تنادى على "عمر" .. همس اليها "عمر" وهو يوصب تجاهها نظرات حنونه :
- خليكي هنا .. هشوف ماما عايزة ايه وأرجعلك

ابتسمت له و أومأت برأسها .. بدا وكأنه لا يريد مفارقتها .. وقفت "ياسمين" تنتظره وقد وضعت يدها على قلبها وارتسمت ابتسامه على ثغرها .. فجأة شعرت بمن يطوقها بذراعه من الخلف ويضع كفه على فمها .. حاولت التخلص منه فلم تستطع .. حاولت الصراخ .. فجاء صراخها مكتوما .. شعرت بأنه يجرها فى اتجاه سور الحديقه التفتت اليه وهى تحاول التخلص منه لتفاجأ بوجه "مصطفى" .. نظر اليها بعينين تشعان كرهاً وقال :
- حياتى قصاد حياتك يا ياسمين .. انتى اللى عملتى كده فى نفسك .. لو مكنتيش هربتى منى مكنش ده كله حصل
حاولت التحرر منه لكنه كان يطبق عليها بقوة .. فجأة صرخ من الألم عندما تمكنت من عض يده التى تكمم فمها حتى سال الدم منها .. أفلتت منه وأخذت تجرى فى اتجاه الفيلا وهى تصرخ :
- "عمر" .. "عمر" الحقنى
جرى "عمر" فى اتجاهها وتلقاها بين ذراعيه باكيه وهى تشير الى اتجاه السور وتقول :
- "مصطفى" .. "مصطفى" هنا
جرى "عمر" فى الاتجاه الذى أشارت منه "ياسمين" .. أسرع "مصطفى" بالجرى وتسلق سور الفيلا وقفز من فوقه الى الجانب الآخر بسرعة .. لم ينتبه الى تلك الدراجة النارية التى أتت فى اتجاهه وتسير بسرعة جنونية .. ارتطمت به لتدفعه بقوة عدة أمتار قبل أن يسقط على الأرض والدماء تنفجر من رأسه التى ارتطمت بالأرض بشدة .. ليسقط جثة هامدة.

*******************************
رحلت الشرطة بعدما أخذوا أقوال "ياسمين" التى بدت مضطربة للغاية .. جلست "ياسمين" على احدى الأرائك وهى مازالت لا تستطيع ايقاف رجفة جسدها .. جلس "عمر" بجوارها ولف ذراعيه حولها وقبل رأسها .. قالت "كريمه" بأسى :
- آدى آخرة الظلم .. ضيع حياته على الفاضى .. هيقابل ربنا يقوله ايه دلوقتى
قالت "ثريا" بضيق :
- كان ملنا ومال المشاكل دى .. ما كنا فى حالنا
نظر اليها "عمر" بحده .. وجذب "ياسمين" من يدها واستأذن من الجميع وصعدا الى غرفتهما .. ألقت "ياسمين" بنفسها فى حضنه وطوقت رقبته بذراعيها بشدة .. أحاطتها بذراعيه وطمأنها قائلاً :
- خلاص يا "ياسمين" .. متخفيش
قالت بصوت مرتجف :
- خفت أوى لما شوفته .. ولما كتفنى .. معرفش كان ناوى يموتنى ولا كان ناوى يعمل ايه
قال "عمر" بحنان :
- خلاص انسى متفكريش فى الموضوع ده تانى .. خلاص مات ومعدش هيقدر يأذيكي تانى
جذبها "عمر" قائلاً :
- يلا نامى انتى .. وأنا هروح أشوف الثغرة اللى فى السور اللى عرف يدخل منها .. عشان أأمنها وميحصلش حاجة زى كده تانى
قالت بلهفه :
- لازم تروح دلوقتى
- أيوة معلش .. عشان أبقى مطمن
أومأت برأسها ..خرج .. دخلت الى الفراش وقد شعرت بأنها مرهقة للغاية .. حاولت السهر لتنتظره لكنها لشدة تعبها استسلمت لنوم عميق

***********************
فى اليوم التالى زارتها أختها للإطمئنان عليها .. كانت "ياسمين" أفضل حالاً .. قالت "ريهام" :
- سبحان الله فى ناس كده بتعيش مؤذية وتموت مؤذية
قالت "ياسمين" بخفوت :
- ربنا يرحمه بأه ويغفرله
- الحمد لله ان ربنا حماكى امبارح ونجاكى منه
- الحمد لله
رحلت "ريهام" بعدما اطمئنت على أختها .. جاءت الخادمة لتخبر "ياسمين" أن هناك من يتصل بها على تليفون المنزل .. استغربت بشدة .. فمن يعرفها سيقوم باللإتصال بها على الموبايل مباشرة .. كمان أنها لم تعطى أحداً تليفون المنزل بل هى نفسها لا تعرفه .. أخذت الهاتف من الخادمة .. كانت تقف فى الردهة الواسعة بالأسفل .. قالت بإستغراب :
- السلام عليكم
أتاها صوت انثوى :
- هاى .. انتى "ياسمين"
- أيوة أنا .. مين حضرتك
- أنا "نانسي" .. خطيبة "عمر"
شعرت "ياسمين" بمزيج من الدهشة والغيظ .. فهى ليست خطيبته بل خطيبته السابقة .. قالت "ياسمين" ببرود :
- أفندم .. حضرتك عايزانى فى ايه
قالت "نانسي" بغِل :
- عايزة بس أقولك حاجه يا مدام "ياسمين" .. اذا كنتى فاكره ان "عمر" نسانى تبقى غلطانه .. عمر مستحيل ينسانى انتى متعرفيش ايه اللى حصل بينى وبينه فى بيت المزرعة
صمتت "ياسمين" للحظة ثم قالت بغضب :
- مسمحلكيش تتكلمى عن جوزى بالطريقة دى
حاولت "نانسي" بث سمومها مرة أخرى فقالت :
- حتى لو قولتلك انى عندى دليل على اللى أنا بقوله
قالت "ياسمين" بثقه وبدون تردد :
- أنا واثقة فى جوزى جداً وفى أخلاقه .. وميهمنيش الدليل اللى بتقولى انه معاكى لانى مستحيل أصدقك .. حتى لو "عمر" قالى الكلام ده بنفسه مش هصدقه .. لو سمحتى متتصليش ببيتي تانى .. يا إما هعملك مشاكل انتى مش قدها

قالت ذلك وأنهت المكالمة وهى تشعر بالحنق .. وقفت تستعيد هدوءها للحظات .. ثــم .. التفتت لتجد "عمر" فى مواجهتها .. تبادلا نظرة طويلة صامته .. كانت ملامحه خاليه من أى تعبير ولم تستطع فهم نظرته .. قال:
- مين اللى كان بيتكلم
قالت بصوت خافت :
- "نانسي"
- قالتلك ايه
ابتلعت ريقها قائله :
- كانت بتحاول تقنعنى ان فى حاجه حصلت بينكم فى بيت المزرعة

نظر اليها قليلاً .. ولكن بصمت .. ثــم تركها ودخل مكتبه حيث كان ينتظره والده فى الداخل .. اندمجا معاً فى العمل .. وقضت "ياسمين" يومها بصحبة "كريمة" .. كانت "ياسمين" تفكر فى مشكلتها مع "عمر" .. ترى هل سيسامحها يوماً .. هل سيلغى فكرة الطلاق من رأسه أم مازال مصر عليها .. كانت حائرة مشتتة .. لكنها لم تخبر "كريمة" أو أختها أو حتى "سماح" لوجود مشكلة بينها وبين "عمر" .. فى المساء بعد العشاء استأذنت "ياسمين" وقالت أنها متعبة وتريد النوم .. قالت "كريمة" :
- هتنامى بدرى كده .. مش عادتك
قال "نور" بإهتمام :
- تعبانه ولا حاجه يا "ياسمين"
قالت بسرعة :
- لا يا عمو أنا كويسة بس حسه انى عايزة أريح شويه
قالت "كريمه" بحنان :
- طيب يا حبيبتى تصبحى على خير
- تصبحى على خير
قبل أن تغادر ألقت نظرة على "عمر" الجالس فى مكانه والذى بدا عليه الضيق لكنه لم يعيرها أى انتباه .. بعد ساعتين .. صعد "عمر" الى غرفتهما .. لم يجدها بالداخل وسمع صوتاُ فى الحمام .. توجه الى الشرفة وفتحها ووقف فيها .. فجأة شعر بحركة خلفه .. استدار لتتسع عيناه من الدهشة .. أسند ظهره الى السور .. كانت "ياسمين" ترتدى فستان زفافها .. وهى بكامل زينتها .. كانت تبدور كأميرة .. بل كملكة متوجة .. أحسنت وضع زينتها .. فكانت فى أبهى صورة .. وقفت على باب الشرفة .. تطلع اليها "عمر" وعيناه تلمعان اعجاباً وانبهاراً .. لكنه بقى صامتاً كما هو ... لم يوجه اليها كلمة .. ولم يقترب منها .. أتعبها هذا الصمت الذى طال .. فإقتربت وقفت على بعد خطوتين منه .. قطعت هذا الصمت وهى تتطلع اليه قائله :
- أنا آسفة يا "عمر" .. عارفه انك زعلان منى أوى .. بس أنا آسفة
قطع صمته وقال بهدوء :
- أنا مش زعلان منك يا "ياسمين" .. أنا مجروح منك
نظرت اليه برجاء وقالت :
- انت قولتلى انى مكنتش صريحة معاك وده صح فعلا .. وقولتلى انى مكنتش واثقة فيك وده صح فعلا انا مكنتش بثق فيك زى ما أنا بثق دلوقتى .. بس انت قولتلى انى محبتكش .. انت غلطان يا "عمر" ..
ثم قالت بصوت متهدج :
- انا بحبك أوى يا "عمر" .. ازاى مش حاسس بيا
قال بهدوء وهو مازال بعيداً عنها :
- انا مشفتش منك حاجه تدل على الحب ده يا "ياسمين" .. أنا اللى كنت طول الوقت بقربلك وانتى اللى كنتى بتبعدى
نظرت اليه بألم وقالت :
- آسفة بجد .. اتصرفت غلط .. سامحنى بأه يا "عمر"
اقتربت منه خطوة ونظرت الى فستانها وتطلعت الى عينيه قائله بهمس :
- "عمر" .. أنا أول مرة ألبس فستان فرح .. أنا لابساه عشانك انت .. عشان انا عروستك
قال بدهشة :
- يعنى ملبستيش فستان فرح قبل كده
- لأ
- ليه ؟
- مكنتش حسه انى عايزة ألبسه
لانت ملامحه قليلاً وهو يتطلع اليها .. فعلمت أنها حققت هدفاً .. اقتربت منه أكثر وتطلعت اليه بحب قائله :
- متقنعنيش انك معدتش بتحبني لانى مش ممكن أصدق

لم يستطع الاستمرار فى غضبه منها .. والذى تبدد بالفعل .. ارتسمت ابتسامه واسعه على شفتيه .. فابتسمت له بسعادة وهى تتطلع الى عينيه التى لم تفارق عينيها لحظه

بدأ حياتهما وقد تعاهدا على المصارحة فى كل امور حياتهما

______________________________
 


فى صباح اليوم التالى أيقظها "عمر" بطريقته الخاصه .. ثم تركها وفتح الدولاب وأخرج منه علبة قطيفه وعاد الى جوارها .. ألبسها شبكتها ودبلها وألبسته دبلته .. ضحكت قائله :
- أول مرة فى حياتى أشوف عروسة بتلبس شبكتها فى السرير
- الحفلة بعد تلت أيام ان شاء الله .. لو تحبي ألبسهالك تانى فى الحفلة مفيش مشكلة
ابتسمت قائله :
- لأ هتكسف تلبسهالى أدام الناس دى كلها .. وبعدين انت خلاص لبستهالى
لمس السلسلة التى لا تخلعها من رقبتها أبداً وقال :
- أيوة كده خليكي لبساها على طول .. مش عايزك تقلعيها خالص
قالت بدلال :
- حاضر يا حبيبى
مسح بيده على شعرها وهو ينظر اليها بحنان قائلاً :
- ليه ما قولتليش
نظرت اليه وقد فهمت ما يرمى اليه فابتسمت .. فضمها الى صدره فى حنان

**************************

  حضرت عمته .. فنزل "عمر" و "ياسمين" التى كانت تبدو مختلفة .. فرحة سعيدة .. مبتهجة .. كانا يشبكان أصابعهما ببعضها البعض .. ألقت عليهما "ايناس" نظرة حقود ثم أشاحت بوجهها فى عصبيه .. أيضاً "ثريا" كانت ترمقهما بنظرات غير مريحة .. قالت "ثريا" ساخرة :
- ايه عروستك وخداك مننا ولا ايه
تنهدت "ياسمين" فى ضيق فقال "عمر" :
- ايه لزمته الكلام ده يا عمتو .. ما انا معاكوا أهو
التفتت اليها "ثريا" وقالت بنبرة ساخرة :
- اللى يشوف كدة يقول عروسه جديده
احمرت وجنتاها خجلاً وغضباً فى آن واحد .. قال "عمر" بتحدى :
- هى فعلاً عروسة جديدة
نظرت اليه "ثريا" قائله :
- آه عروسه فرز تانى
كادت "ياسمين" أن تغادر .. لكن "عمر" أوقفها ولف ذراعيه حولها وقربها منه .. ثم نظر الى عمته قائلاً بتحدى :
- يعني ايه فرز تانى
- يعني يا حبيبى كانت متجوزة قبل كده ..
قال "عمر" بحزم :
- لأ مكنتش متجوزة قبل كده
رفعت "ياسمين" نظرها الى "عمر" قائله :
- "عمر" خلاص
حاولت التحرر من بين ذراعيه لكنه أطبق عليها بشدة وقال لعمته :
- الأولانى ده ملمسهاش .. يعني "ياسمين" كانت بكر لما اتجوزتها
نظرت اليه عمته بدهشة وقد ألجم لسانها .. أما "ايناس" فقد شعرت بحقد فوق حقد .. فأكمل "عمر" بصوت هادر :
- يعني مفيش داعى لكلامك وتلميحاتك كل شوية .. هى متفرقش حاجه عن أى بنت تانية بتتجوز لأول مرة .. لأ مش بس كده .. هى أفضل من بنات كتير أوى بتتجوز لأول مرة .. مراتى مش زى أى بنت .. هى بنت غالية أوى وعالية أوى وقيمتها عندى كبيرة أوى .. لانها عاشت طول عمرها تحافظ على نفسها من مجرد لمسة ايد ممكن تغضب ربنا .. عاشت وهى بتبص للحلال والحرام وتميز بينهم .. حافظت على نفسها لجوزها وبس .. وأنا معرفتش ان ربنا بيحبنى الا بعد ما رزقنى بيها .. لان الطيبون للطيبات .. ومش عايز الموضوع ده يتفتح تانى أبداً


ابتسمت "كريمه" التى كانت تشفق على "ياسمين" من معاملة "ثريا" .. شعرت "ياسمين" بالسعادة ودمعت عيناها فرحاً وهى ترى زوجها .. يرفع من شأنها أمام أهله .. ويتحدث عنها بتلك الطريقة .. لم تبالى بنظرات أحد وألقت برأسها على صدره .. قبل "عمر" رأسها ومسح على شعرها .. فقامت "ايناس" لتغادر مع "ثريا" التى تعللت بأن لديها بعض الأعمال الهامة .. وما هى الا حجه بعدما أفلست وألجم لسانها ولم تجد ما تقوله من كلمات

**************************
أتى يوم الحفل .. فى صباح اليوم .. بدا الجميع مهتماً بتفاصيل اعداد الحفل .. كانت "ياسمين" مع "ثريا" و "ريهام" فى غرفة المعيشة يتناقشون حول بعض تفاصيل الحفل .. عندما أتى "عمر" قائلاً :
- "ياسمين" .. فين البدلة بتاعتى ؟
التفتت اليه قائله :
- فى الدولاب يا "عمر"
- لأ .. تعالى شوفيها
قالت بدهشة :
- أنا واثقه انها فى الدولاب
قال بإصرار :
- طيب تعالى شوفيهالى
صعدا معاً الى غرفتهما وكادت أن تتجه الى الدولاب لكنها أوقفها وأطبق ذراعيه حولها قائلاً :
- وحشتيني
ابتسمت قائله :
- كنت بتستدرجنى يعني
ابتسم بخبث ومرح وقال :
- أيوة الله ينور عليكي .. كنت بستدرجك .. ودلوقتى انتى وقعتى أسيرة فى ايدي
ابتسمت بسعاده ... و ... بعده فترة .. قالت :
- ممكن ننزل بأه ماما "كريمه" على أعصابها من امبارح
ابتسم وقبلها قائلاً :
- ماشى يلا ننزل .. أنا عارف ماما وقت ما بيكون فى حفلة .. طول عمرها دقيقة وبتحب كل حاجة تكون مظبوطه

بعد ساعة خرجا معاً الى غرفتها وهما ينزلان على الدرج أوقفها قائلاً :
- بقولك ايه متيجي نهرب من الحفلة دى .. وأخدك ونطلع على المزرعة
قالت بجديه وهى تحاول أن تبتعد عنه :
- "عمر" ماما "كريمه" زمانها على نار .. اتصلت بينا أكتر من مرة يلا انزل
تركها على مضض قائلاً :
- يلا انزلى روحى لماما "كريمه" بتاعتك ابقى خليها تنفعك
قالت "كريمه" وهى تصعد الدرج :
- آه ما شاء الله انتوا الاتنين واقفين تتسايروا مع بعض .. وأنا ملبوخه لوحدى تحت .. يلا يا "عمر" شوف الناس اللى بيظبطوا الترابيزات والزينه بره .. وانتى يا "ياسمين" يلا تعالى معايا عايزاكى

نزلت "ياسمين" معها واندمج كل فى عمله .. فى المساء خرج الحفل بشكل رائع .. حضر جميع أصدقاء ومعارف العائله .. وتعرفت عليهم "ياسمين" .. أحبت البعض وتحفظت تجاه البعض .. وشعرت بسعادة غامرة عندما رفض "عمر" بأدب أن يسلم على النساء فى الحفل بيده .. وأجاب بطريقه مرحه :
- معلش أصل المدام بتغير

كانت واقفه تتحدث الى احدى السيدات .. عندما اقترب منها "عمر" فابتسمت المرأة وقالت لـ "عمر" :
- ازيك يا "عمر" .. ألف ألف مبروك عروستك عسوله أوى
ابتسم "عمر" قائلاً :
- الله يبارك فى حضرتك
استأذن "عمر" وجذب "ياسمين" من يدها .. قال وهو ينظر ليها بحنان :
- أنا النهارده حاسس بفرحه غير عاديه
ابتسمت قائله :
- اشمعنى النهاردة
قال وهو ينظر اليها بحب :
- عشان ايدي فى ايد مراتى أدام الناس كلها
توقف قائلاً بحنان :
- انا بحبك أوى يا "ياسمين" .. انتى غيرتى فيا حاجات كتير .. غيرتيها للأحسن .. أنا بجد كنت محتاج لوجودك فى حياتى أوى
ابتسمت قائله :
- أنا كمان كنت محتاجة وجودك فى حياتى أوى يا "عمر"
نظرا بحب وشوق الى بعضهما البعض وابتسما وكل منهما يشبك أصابعه بأصابع الآخر.. وكأنه لا يريد أن يفارقه أبداً.

*************************
بعد سبعة أشهر ...


استيقظت "ياسمين" وأيقظت "عمر" قائله :
- "عمر" الحقنى .. "عمر"
استيقظ فرعاً وقال :
- فى ايه
قالت وهى تتألم :
- بسرعة يا "عمر" شكلى بولد
هب "عمر" واقفاً وأحضر ملابسها سريعا وصراخها يتعالى .. ألبسها بسرعة وقال :
- متخفيش يا حبيبتى متخفيش
قالت وهى تتألم بشدة :
- مش قادرة يا "عمر" .. مش قادرة
حملها وخرج بها مسرعاً وقال :
- قولتلك بلاش نروح المزرعة دلوقتى انتى اللى اصريتي
قالت وهى وسط صرخاتها المتألمه :
- وأنا كنت أعرف يعني انى هولد فى السابع
جرى "بها "عمر" وأدخلها السيارة وانطلق بها الى المستشفى .. تعالت صرخاتها فقالت الطبيبة بعد فحصها :
- لسه شوية
فقال "عمر" وهو ينظر الى زوجته بأسى :
- مينفعش تديها حاجه تخفف الألم شوية
التفتت له قائله ببرود :
- متقلقش كل ده طبيعى وأنا أفضل انها متاخدش حاجه
قالت "ياسمين" بغيظ وهى تصرخ :
- أنا أفضل آخد .. هو أنا اللى هولد ولا انتى
خرجت الطبيبة وهى تعطى تعليماتها للمرضة .. التفتت "ياسمين" الى "عمر" قائله بغضب :
- انت السبب .. انت اللى عملت فيا كده
ضحك قائلاً :
- هو انا غصبتك على حاجه ما كله كان برضاكى يا "ياسمين"
ضحكت الممرضة مرة أخرى .. فنظرت اليها "ياسمين" نظرة قاتله فخرجت فوراً من الغرفة .. اقترب "عمر" منها وجلس بجوارها وأمسك بيدها .. ووضعه يده الأخرى على رأسها وظل يقرأ ما حفظه فى الشهور الماضية من القرآن

بعد نصف ساعة فى غرفة العمليات سمع أصوات الرضيعه .. خرجت الممرضة تعطيها له وهى تلفها .. حملها بين ذراعيه ونظر اليها .. خفق قلبه بشدة واغرورقت عيناه بالدموع .. أمسك كفها الصغير بأصابعها الصغيره الرقيقة وطبع عدة قبلات حانيه عليها .. وأذن فى أذنها .. وقبل جبينها .. ثم التفت الى الممرضة وسألها بلهفه :
- "ياسمين" كويسة
ابتسمت تطمئنه :
- أيوة كويسة شوية وهتخرج
اجتمع الجميع فى المستشفى وحضرت "ريهام" و "كرم" .. و "سماح" و"أيمن" وابنهما الرضيع "مازن" .. و"كريمة" و "نور" .. كانت سعادة الجميع غامرة بتلك الصغيره التى تبادلوا حملها فى سعاده .. اقتربت "ريهام" من "ياسمين" قائله :
- "ياسمين" هى الولادة دى حاجه صعبه
نظرت "ياسمين" الى "سماح" قائله :
-اسألى "سماح"
ضحكت "سماح" وقالت :
- لا بلاش أنا بالذات .. أنا فضحت الدنيا يوم ولادتى
قالت "ريهام" بقلق :
- انتوا هتقلقونى ليه بأه
وضعت "سماح" يدهل على بطن "ريهام" المنتفخة قليلا وقالت :
- انتى لسه بدرى عليكي .. متقلقيش نفسك من دلوقتى
هتفت "ريهام" :
- ده انا هموت من القلق .. وانتوا بترعبونى اكتر
قالت "ياسمين" ضاحكة وهى تغمز لـ "سماح" :
- لأ متخافيش .. ده زى شكت الدبوس بالظبط
كتمت "سماح" ضحكتها وقالت :
- آه صح .. شكت دبوس

وقف الأصدقاء الثلاثة معاً فى الخارج .. قال "كرم" الذى يحمل الصغيرة :
- دى صغيره أوى يا "عمر" .. ده أنا حتى خايف أشيلها
ضحك "عمر" قائلاً :
- معلش بكرة تكبر يا "كرم"
ابتسم "أيمن" قائلاً :
- يلا عقبالك انت كمان .. ربنا يرزقك ببنوته زيها
هتف "كرم" :
- لا أنا مش عايز بنات .. كفايه عليا واحدة فى البيت .. اذا كان واحدة ومطلعة عيني .. مش هقدر انا على اتنين حريم فى البيت .. أنا عايز ولد عشان نبقى اغلبيه ساحقه و "ريهام" تحس انها أقليه
ضحك "أيمن" و "عمر" الذى قال :
- أغلبيه ايه واقليه ايه يا ابنى هو برلمان
قال "كرم" بمرح :
- ما انتوا متعرفوش اللى بيحصل فى صاحبكوا .. أنا قولت من الأول مالى ومال الجواز
قالت له "ريهام" الواقفه خلفه :
- بتقول حاجه يا "كرم"
التفت اليها بسرعة قائلاً :
- كنت بقول ل "عمر" و "أيمن" .. ما أحلى الجواااااز .. نعيم نعيم نعيم
رفعت حاجبها قائله :
- آه .. ماشى
رحل الجميع الى بيت المزرعة .. وعاد "أيمن" و "سماح" وابنهما الى بيتهم

دخل "كرم" و "ريهام" الى احدى الغرف ببيت المزرعة .. وقفت "ريهام" تغير ملابسها فاقترب منها "كرم" التفتت اليه قائله :
- مخصماك على فكرة
ابتسم قائلاً :
- ليه يا حبيبتى
قالت بدلع :
- عشان اللى قولته لصحابك فى المستشفى .. ماشى يا "كرم" مكنتش أعرف انك ندمان على جوازك منى بالشكل ده
لفها اليه ونظر فى عينيها قائلاً :
- انتى مجنونة .. أنا اندم انى اتجوزتك .. ده انتى حب حياتى .. ده انتى كل حاجة حلوة فى حياتى يا "ريهام"
ابتسمت قائله :
- بجد يا "كرم"
- بجد يا حبيبة قلب "كرم" "ريهام"
ابتسمت له وتلاقت أعينها فى سعادة .


جلس "عمر" بجوار "ياسمين" على السرير وابتسم وهو يراها ترضع الصغيره وقال :
- مش قادرة أصدق .. القمر دى تبقى بنتى
ابتسمت "ياسمين" قائله :
- أموره أوى صح .. وصغنونه أوى
أمسك "عمر" أصابعها الصغيره ولفهم على اصبعه وقبلها .. التفت الى "ياسمين" وقبل رأسها قائلاً :
- ربنا يخليكوا ليا انتوا الاتنين وتفضلوا منورين حياتى على طول
نظرت اليه "ياسمين" قائله :
- هنسميها ايه .. أنا احترت .. لسه ما استقرناش على اسم
قال "عمر" :
- لأ أنا خلاص اخترت اسمها
- ايه هو ؟
نظر اليها بشك قائلاً :
- خايف ميعجبكيش
ابتسمت وقالت :
- طالما انت اللى اخترته يا "عمر" أكيد هيعجبنى
نظر فى عينيها قائلاً :
- نفسي أسميها "عائشة"
نظرت اليه :
- اشمعنى "عائشة"
نظر الى الصغيرة وهو يمسح وجهها بأصابعه وقال :
- على اسم أم المؤمنين عائشة .. لما قرأت عنها حبيتها أوى .. وحبيت انى أسمى بنتي بإسمها
ثم نظر الى "ياسمين" وقال :
- عجبك ؟
انحن لتطبع قبلة على وجنته وقالت :
- طبعاً عجبنى
نظر "عمر" اليها قائلاً :
- انت عمرى يا "ياسمين" .. ربنا يقدرنى وأحافظ عليكوا انتوا الاتنين
قالت بحنان :
- بحبك أوى يا أحن "عمر" فى الدنيا

ابتسمت ونظرت الى زوجها وابنتها بسعادة .. لم تنسى أن تحمد الله على ما رزقها .. وعلى ما عوضها به عن كل ما قاست فى حياتها فكان جزاء صبرها تلك السعادة التى بين يديها .. ودعت لوالديها بالرحمة والمغفرة .. نظر "عمر" الى ابنته الصغيره والى زوجته .. وقبل جبين كل منهما ولف ذراعيه حولهما وهو يعاهد الله عز وجل على أن يحافظ على تلك الأمانة التى ائتمنه عليها .. تبادلا نظرات صامته تشى بحب كل منهما للآخر وتمسك كل منهما بالآخر .. ورغبة كل منهما فى اسعاد الآخر .. والتقت العيون لتمضى عهداً بالحب والمودة والرحمة والتسامح والمشاركة .. طــوال العمــــر .


... تمت بحمد الله ...11/3/2013 08:36pm
Comments
26 Comments

هناك 26 تعليقًا:

  1. اعجز عن التعليق من روعتها

    ردحذف
  2. بجد رواية جميله بأسلوب رائع احسن روايةة

    ردحذف
  3. جميله جدا

    ردحذف
  4. من أفضل الروايات اللي قرأتها في حياتي ^_^
    "علا الرابعاوية "

    ردحذف
  5. جميلة بسم الله ما شاء الله
    بجد انتي مبدعة
    بارك الله فيكي

    ردحذف
  6. انتي فعلا مبدعة ما شاء الله عليكي .. الرواية في غاية الروعة وتناولت مواضيع كتيرة حساسة في المجتمع .. ان شاء الله دايما موفقة

    ردحذف
  7. روووووووعه
    وغيرتني

    ردحذف
  8. جمييييلةة اووووي... بس فيها تفاصيل افضل مكنتش تتقال فهماني.. و كمان حتت الخطف لما مصطفي و بسطريسي خطفها كانت نقليدية جدا في كل حاجة فنية بنشوف ان حبيبة البطل تتخطف بقة و كدة .. بس ده نقد بسسيييط . بس الرواية بجد تحففففةةةةة ما شاالله:)) و احلي حاجة فيها الطابع الاسلامي

    ردحذف
  9. بجد ادى احلى روايه قراتها فى حياتى يا ريت تبهرينا برويات اجمل واحلى وانت مبدعه ماشاء الله :-D

    ردحذف
  10. أقل ما يقال عنها إنها راااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااائعه من أجمل الروايات اللي قرأتها في حياتي
    ربنا يخليكي لينا يا قمر......ويسعدنا بكل جديدك.....تقبلي مروري
    بنت مصر

    ردحذف
  11. الروايه اكثر من رائعه

    ردحذف
  12. برافوو روايه اكثر من رائعه انا قراتها عشرات المرات في ايام قليله جدا من اعحبي وحبي ليها واعحبى باسلوب الكاتبه بالتوفيق وللامام دايما

    ردحذف
  13. انا اول مره اقرا عمرى ماقرات رويات قبل كده ولا فكرت بس بصراحه يدوب قرات اول سطرين من الروايه دى وشدتنى لقراتها ونهايتها
    بجد روايه جامده وهقرا لحضرتك ع طول ان شاء الله
    ربنا يبارك لحضرتك

    ردحذف
  14. ماشاءالله تبارك الله
    رواية حلوة اوي واحلى حاجة فيها الطابع الاسلامي دي انتي مبهرة دي تالت رواية اقراها ليكي وكل مرة بزيد انبهار من اسلوبك الحلو وفكرك المثقف وكمية الثقة بالله البيتمتع بيها شخصيات رواياتك والتشجيع على قيام اليل والصلوات في وقتها و..... انا مش عارفة اقول ايه غير جزاك الله خيرا

    ردحذف
  15. روايه جميله جدا جدا انا كنت مستمتعه جدا وانا بقراءها ماقدرتش انام من غير مااخلصها هي وروايه قطه في عرين الاسد بحد عيشوني في جو حلو ياريت حضرتك تعرفيني روايات تانيه ليكي بنفس النمط والطابع الرومانسي الاسلامي عشان اقرأها وشكرا

    ردحذف
  16. رواية جميلة ما شاء الله

    بس فى سؤال معلش مش كانت المفروض تخليهم يعملوا الحفلة من غير اختلاط واا تتعامل مع قرايبه الرجالة ؟

    ردحذف
  17. نادية عبد المنعم حسونة5 ديسمبر 2016 في 5:11 ص

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الرواية قرأتها فوق الخمس مرات
    والله بحب اقرأها جدا ولا امل منها ابدا
    انا عموما بعشق الروايات لكن هذه النوعية من الروايات خرجت بفوائد جديدة
    جزاكى الله خيرا ونفع بكي وجعل فوائدها فى ميزان حسناتك

    ردحذف
  18. 💟💟💟💟💟😍😍😍😍😍😍😍😍😍😘😘😘😘😘👍👍👍👍👍👍👍👍👍✌✌✌👌👌👌👌👌👌👌👌👌👌👌👏👏👏👏👏👏👏👏👏👏👏👏👏👏👏👏👏👏👏👏💞💞💞💞💞💝💝💝💘💘💘💜💜👏👏👏👏👏👏👏👏👏👏👏

    ردحذف
  19. روايه رووووووعة بس تتتتتتتيييييت لخمتني

    ردحذف
  20. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  21. بجد رائعة أسلوب جميل وأحداث حلوة اووووي بجد استمتعت بقراءتها جدا

    ردحذف
  22. ابدعتي فامتعتينا
    قرأتها بل عشتها بكل احساسي ومشاعري

    ردحذف
  23. ماشاء الله جميله وأن شاء الله هخلي بناتي يقرؤها وانا مطمأنه انها محترمه وهادفه وتحسهم علي الالتزام والادب مش اللي الواحد شايفه دلوقتي من بنات 😍😍😍😍

    ردحذف
  24. جد جد روايه جد حلوه اول بحب روايه زي هاي

    ردحذف
  25. جد جد روايه جد حلوه اول بحب روايه زي هاي

    ردحذف