روايات منى سلامة

روايات دكتورة منى سلامة
للتواصل مع الكاتبة:
الفيس بوك
الصفحة العامة

الانستجرام

الفصل الثامن والعشرون من رواية العشق الممنوع



جيرانا فى الشارع فتحولنا بيوتهم نقعد نستنى فيها بدل وقفتنا فى الشارع .. سعتها حسيت ان الناس دى كلها عيلة كبيرة أوى .. ومتقسمة على بيوت جمب بعض .. بيحبوا بعض وبيخافوا على بعض .. حتى لو فيهم ناس وحشة .. وناس مؤذية .. هتفضل الأغلبية طيبة وكويسة

********************************
عمتى "انعام" عرف يضحك عليها ويطويها تحت جناحه .. لكن بقيت اخواته محدش بيطيقه .. حتى اللى ماتوا مكنوش بيطيقوه

********************************



استيقظت "سمر" فزعة من نومها بعدما رأت حلماً أفزعها .. وضعت يدها على صدرها الذى يعلو ويهبط بسرعة جنونيه .. أزاحت الغطاء ونهضت متوجة الى المطبخ لتشرب كوباً من الماء .. تذكرت الحلم الذى رأته منذ قليل .. رأت نفسها تقف فوق سطح أحد المنازل .. وفجأة هوت من ذاك المرتفع اختلطت صرخاتها ببكائها .. ظلت تهوى وتهوى .. الأرض تقترب ببطء .. الإصطدام آت لا محالة .. شعرت بألم حارق فى كل جسدها وكأنه جسدها تهشم الى قطع صغيره .. الأرض تقترب أكثر فأكثر .. لا يوجد ما تتشبث به لتنقذ نفسها .. أغمضت عينيها واستسلمت لمصيرها .. المسافة اضمحلت حتى حانت لحظة الإصطدام .. تفتح عينيها فجأة لتجد نفسها فى أحضان والدتها .. تتشمم رائحتها تتأمل ملامحها .. ثــم .. تستيقظ من حلمها .. وضعت كوب الماء الفارغ على طاولة المطبخ .. وعادت الى فراشها وهى تسترجع ذلك الحلم .. حاولت أن تستسلم للنوم .. لكنه خاصم جفونها .. وفقد قلبها سكينته !

*******************************


قال "مهند" شارداً :
- أتعلم أيها البحر لما أحببتها ؟! .. لأننى شعرت بأنها تكملنى وبأننى أكملها .. أحببت ضعفها أيها البحر .. أحببت حاجتها الىّ .. لم تكن زوجتى فحسب .. بل كانت طفلتى .. طفلتى الصغيرة المدلله .. كم كنت أحب أن أجلسها أمامى وأمشط خصلات شعرها .. كنت أحب أن أهتم بكل ما يخصها .. أحببت حبها لى أيها البحر .. أحبب نظرات القلق فى عينيها عندما أعود متأخراً من العمل .. أحبب نظرات الشوق فى عينيها ترمقنى بها فى لحظات وصالنا .. أحببت استكانتها بين ذراعى .. أحببت حاجتها الىّ كما لو كانت بدونى ضائعه .. وكأننى دعامتها التى ترتكز عليها فى هذه الحياة .. أشعرنى ضعفها بقوتى .. وأنوثتها برجولتى .. قاسمتنى أحلامى وطموحى .. أتذكر يدها الدافئه وهى توقظنى لصلاة الفجر .. أتذكر ترتيلنا معاً للقرآن فى يوم الجمعة .. أتذكر كل ما علمتها اياه .. وكيف علمتها اياه .. كانت طفلتى بالفعل .. طفلتى وحبيبتى ونصفى الآخر
************************************

- نفسى أكون دلوقتى حالاً فى اللحظة دى ...
صمتت قليلاً .. ثم قالت بنبره حالمه :
- على شط اسكندرية
نظرت اليها "فيروز" بإستخفاف فأكملت "سمر" مبتسمه وهى تنظر الى السماء فوقها :
- وحشنى سماها و بحرها ورملها وأهلها وشوارعها وكل حته فيها
دخلت "فيروز" وهى تهمهم :
- أنا داخله
ظلت "سمر" واقفة كما هى .. وكعادتها .. أغمضت عينيها .. لتهرب من واقعها .. الى تخيلاتها .. تخيلت أنها فى تلك اللحظة .. واقفه أمام البحر .. بحر اسكندرية .. تداعب نسمات الهواء خصلات شعرها .. وتلفح وجهها فى نعومه !

************************************
- "باهر" مليش غيرك دلوقتى .. اوعى تسيبنى
قال لها "باهر" مستفهماً :
- ليه دايماً بتكررى الجملة دى .. مين قال انى هسيبك
تنهدت وابتسمت بتوتر وهى تقول بأعين دامعه :
- مفيش بس أنا طبعى كده .. لما بحب حاجه بخاف تضيع منى .. يمكن عشان طول عمرى كل حاجه حبتها ضاعت منى .. فبقيت على طول بحس بخوف وبقلق .. متزعلش منى .. لما بقولك كده مش معنى كده انى مش واثقه فيك .. لأ .. أنا بس بحب أسمعك دايماً وانت بتقول هفضل معاكى يا "سمر" .. مش هسيبك أبداً يا "سمر" .. الكلام ده بيطمنى وبيقلل الخوف جوايا
***********************************

أغمضت عينيها وتمنت لو كانت والدتها على قيد الحياة .. لتلقى بنفسها بين ذراعيها .. وتبكى الى أن تنضب دموعها .. شعرت بأنها فى أمس الحاجة لذلك الحضن الحانى .. يحيطها ويحميها ويبث الأمل فيها .. فتحت عينيها على واقعها المر .. تتذوقه كالعلقم فى فمها .. ليس لكِ أحد فى هذه الدنيا يا "سمر" .. أنتِ وحدك .. ستواجهين واقعك بمفردك .. يجب أن تصبحى أقوى حتى تستطيعي الاستمرار فى هذه الحياة .. لا تأملى أن يساعدكِ أحد .. أو أن يحنو عليكِ أحد .. أو أن يبكى عليكِ أحد .. أنتِ بالنسبة للجميع لا أحد يا "سمر" .. لا تعنين لهم أى شئ .. لا لـ "باهر" .. و لا لـ" فيروز" .. ولا لأى أحد

**********************************


- انتي اللي فضلتي "حمدي" عليا .. كنتي فاكراني هقف محلك سر ومش هعرف اكبر ورثي .. طرتى علي "حمدي" اللي ورث في أبوه اكتر ما ورثت في أبويا .. اتجوزتيه وطرتي معاه علي تركيا .. حسبتيها غلط يا "فيروز" .. أهو فضل واقف محلك سر لحد ما مات
ثم قال بكبرياء وهو يشير بذراعيه الى ما حوله :
- أما أنا بنيت امبراطورية كبيرة أوى
ثم أخذ نفساً عميقاً وهو ينظر اليها بتهكم ويقول بصرامة وكبرياء :
- جايه دلوقتى تقوليلى مفيش حاجه تبعدنى عنك !! .. أنا مخدش بواقي غيري يا "فيروز" .. لما أحب أتجوز مش هتجوز واحده كانت ملك غيرى
ابتلعت "فيروز" كرامتها مع تلك المهانه التي سببتها كلماته .. وقبل أن يعى ما يحدث رجعت عدة خطوات الي الوراء وفتحت باب المكتب وأومات برأسها .. دخلت سمر متوترة مضطربه .. ضاقت عينا "عدنان" وهو يتطلع الى تلك الفتاة الشابة ممشوقة القوام بفستانها القصير الذي أبرز جمال ساقيها و ذراعيها العاريتان .. وخصلات شعرها الأسود تتساقط فوق جبينها في رقه .. تأملها من رأسها حتى أخمص قدميها وعينا "فيروز" تتابعان تعبيرات وجهه في شغف .. بللت "سمر" شفتيها بلسانها وقد بلغ توترها أقصاه وهى تجعد فستانها بقبضه يدها .. التفتت تنظر الي "فيروز" التي نظرت اليها نظرة مشجعه .. عادت تنظر الي "عدنان" الذي لمعت عيناه وهو يمرر نظراته علي صفحة وجهها الأملس .. نظر الثلاثه الي بعضهم البعض وقد شعر كل منهم أنه وجد مبتغاه .. كل منهم يبحث عن شئ وجده في الآخر .. فكان ثلاثتهم بمثابة حلقه تصل احداها بالاخري وتكمل احداها الاخري .. تلاقت العيون .. وخفق قلب ثلاثتهم .. فأخيرا سيحصل كل منهم علي ما أراد .. أحدهم سيحصل علي غنيمته .. وأحدهم سيحصل علي مبتغاه .. وأحدهم سيحصل علي أقصى أمانيه !

ساد الصمت طويلا الى أن قطعته "فيروز" قائله بابتسامه واسعة :
- أيوة .. هى يا "عدنان"
التفت "عدنان" ينظر الى "ٍمر" باعين متسعة وهو يتمتم :
- مش فاهم .. هى مين
تجمعت العبرات فى عيني "سامرين" وهى تهمس :
- أنا "سامرين" يا خالو
كادت عيناه ان تخرج من محجريهما وهو ينظر اليها بعدم تصديق .. انسابت العبرات من عينيها وهى تقول :
- وحشتنى أوى .. كلكوا وحشتونى أوى
بلع رقيه بصعوبة وهو يقول :
- ايه اللعبة دى .. بتهزرى يا "فيروز"
اقتربت "سامرين" منه تذكره بذكريات وأشياء لا يعلمها سوى من عاش وتربى بين يديه .. لم يصدق ما يرى وهتف :
- ازاى .. ازاى انتى "سامرين" بنت أختى .. ازاى شكلك اتغير
قصت عليه "سامرين" بألم وبصوت مبحوح كل شئ .. كل شئ .. منذ أن سافرت الى تركيا مع "حمدى" وحتى عثور "فيروز" على ايميله ضمن قائمة رسائل "حمدى" .. اقترب منها "عدنان" يمرر عيناه على وجهها وهو يتمتم بتأثر :
- انتى "سامرين" .. "سامرين" ؟
أومأت برأسها وهى تنظر الى صدره تتمنى أن تلقى برأسها وبجسدها وبهمومها وبأحزانها فوقه ويحيطها بذراعيها يحميها من كل شئ .. وفعل .. أجهشت البكاء وهو يعانقها والعبرات تتجمع فى عينيه ويقول :
- وحشتيني أوى .. وحشتيني أوى يا "سامرين" .. كلمت أبوكى كتير على ايميله اللى كان معايا واللى كان وسيلة الاتصال الوحيدة اللى بتربطنى بيه .. اترجيته كتير انه يخليني أشوفك أو أسمع صوتك .. بعتله قولتله انى هجيلك لحد عندك أشوفك .. بس كان بيرفض .. ومكنتش أعرفلك عنوان ولا أعرف حتى البلد اللى انتى فيها .. سنين طويله وأنا بترجاه .. والحمد لله .. الحمد لله انك ربنا ردك ليا تانى .. متعرفيش فراقك أثر فيا أد ايه

استكانت "سامرين" بين ذراعى خالها وهى تشعر بأنه ملاذها وسندها فى هذه الحياة
جلسا معاً يتحدثان في أحوال كل منهما وما أصاب كل منهما .. تردد فى داخلها سؤال .. أرادت أن تسأله لكنها كبحت جماح نفسها الى أن فاقت قدرتها على كتمانه فسألت بصوت مضطرب حاولت أن يبدوا طبيعيا :
- و "مهند" اخباره ايه هو و "نهلة" ؟
نظر اليها "عدنان" بتأثر وقال :
- "نهلة" ماتت الله يرحمها يا "سامرين"
عقدت "سامرين" جبينها وقالت :
- من امتى .. وماتت ازاى ؟
- فى حدثة عربية .. بعد سنة من جوازهم
تمتمت بصوت مخفض :
- سنة
هتف "عدنان" فجأة بحماس :
- جتيلى فى وقتك يا "سامرين" .. جتيلى فى وقتك مظبوط . .أنا محتاجك أوى .. نفسى أربى العيلة اللى محتاجة تربية من أول وجديد دى
قالت "سامرين" بدهشة :
- مش فاهمة يا خالو
قال "عدنان" بتأثر :
- عايزين يحجروا عليا .. ويورثونى بالحيا
قالت "سامرين" بدهشة :
- مين عايز يعمل كدة ؟
قال بحدة :
- ده اللى عايز أعرفه .. عايز أعرف عدوى من حبيبى .. عايز أعرف اللى بيتمنالى الخير .. واللى بيتمنى موتى .. عايز أوقف قضية الحجر وأمنعهم من انهم يرفعوها
قالت "سامرين" بلهفة :
- أنا معاك يا خالو فى أى حاجة تطلبها منى
قالت بحماس :
- هنعمل لعبة على خيلانك وخالاتك .. هفهمهم انى اتجوزت وانتى هتساعديني فى كدة
تحدثت "فيروز" لأول مرة منذ أن بدأ حديثهما وقالت بلهجة ذات معنى :
- طيب ما تتجوز فعلا
نظر اليها "عدنان" بحزم وقال :
- لا أنا مبفكرش فى الجواز دلوقتى ولا بعدين .. بس لو الخطة اللى هعملها منفعتش .. يبقى هضطر أتجوز بجد .. عشان أحمى نفسى من قضية الحجر
قالت "سامرين" بإستغراب :
- طيب وازاى هتفهمهم انك متجوز يا خالو .. ما أكيد هيطلبوا يشوفوا العروسة
قال وهو يمسك بيدها :
- انتى العروسة
تراجعت الى الوراء وهى تنظر اليه بدهشة فأكمل بحماس :
- هفهمهم انك عروستى .. واننا اتجوزنا .. منها أنفذ خطتى .. ومنها انتى ترجعى لعيلتك .. ولما أوصل للى أنا عايزه هنقولهم على الحقيقة
ترددت "سامرين" فقا "عدنان" بحنق :
- كانوا عايزين يقتلونى يا "سامرين" .. بس جت فى الجنايني الله يرحمه
قالت "سامرين" بدهشة بالغ :
- معقوله .. معقوله يكون حد منهم اللى عمل كدة .. مش ممكن
قال "عدنان" بحزم :
- وده اللى أنا عايز أكتشفه .. عايز أعرف مين الخاين فى العيلة دى
أمسك بيدها بلهفة قائلاً :
- ها يا "سامرين" قولتى ايه .. هتساعديني
فكرت "سامرين" قليلا ثم قالت بتوتر :
- نفسى أساعدك بس خايفه .. يعنى أنا مش هعرف أمثل
قال بحماس :
- مش مطلوب منك تمثلى .. خليكي على طبيعتك .. وشكلك متغير تمام مستحيل حد فيهم يعرفك .. ها قولتى ايه
بعد تفكير أومأت "سامرين" برأسها قائله :
- ماشى يا خالو .. هساعدك
ابتسمت معانقاً اياها .. ثم نظر الى ذراعها بتأثر وهو يربت عليه قائلاً :
- متقلقيش يا حبيبتى .. هاخدك عند أحسن دكاتره .. أوعدك ان دراعك هيرجع يتحرك تانى
لاحت على شفتيها ابتسامه وهى تنظر اليه بأعين دامعه وتقول :
- نفسي يا خالو .. نفسى
قالت "فيروز" مبتسمة بخبث :
- وأنا ايه دورى فى اللعبة الجميلة دى .. لازم يبقالى دور مش كده
قال "عدنان" بتهكم :
- دورك خلص لحد كده يا "فيروز" اختفت ابتسامتها وقالت بحده :
- يعني ايه ؟ .. يعني ايه الكلام ده
قال "عدنان" وهو يخرج دفتر شيكاته .. ثم يكتب شيكا ويعطيه اياها قائلاً :
- تقدرى تعتبريها مكافأة عشان وصلتينى ب "سامرين" .. وتقدرى تقعدى فى الفيلا لحد ما تشوفى سكن تانى .. وكدة دورك يبقى انتهى فى عيلة "زياكيل"
أخذت الشيك ونظرت بإحتقار الى المبلغ الذى لا يرقي لطموحها لكنها ابتلعت غضبها خشية أن يثور ويأخذه منها .. ثم قالت بعصبية :
- وهروح فين بعد كده .. أنا على الحديدة .. و "حمدى" كل اللى سابه خسرناه
أطلق "عدنان" ضحكة عالية ثم قال :
- انتى على الحديدة .. مصدقش .. أنا عارفك وحافظك كويس يا "فيروز" .. العبى غيرها
ابتلعت غضبها مرة أخرى وهى تشيح بوجهها عنهما .. فيما كانت "سامرين" تنظر اليها بتشفى وكأنها تقول لها .. ها أنا قد عدت الى عائلتى وما عدت فى حاجة اليكي

*********************************

- آسف مبسلمش
أعادت "فيروز" يدها الى جوارها وابتسامتها تتلاشى ليحل محلها شعور بالغضب لهذا الاحراج الذى تعرضت له .. التفت "عدنان" لينادى :
- "سمر"
التفتت "سمر" التى كانت توليه ظهرها واقتربت منه .. وقفت أمام "مهند" مباشرة وهى تنظر الى "عدنان" الذى قال مبتسماً :
- أقدملك "مهند" ابن أخويا .. "مهند" أأقدملك "سمر"
بتلقائية رفعت "سمر" عينيها لتنظر الى "مهند" وهى تمد كفها اليه للمصافحة .. التقت عيناها بسواد عينيه القاتم فقط لتشعر بشعور غريب وكأنها تغوص فى بحر حالك الظلمات فى ليلة اختفى فيها القمر .. ثانيتين هى مدة الغوص فى ذلك البحــر .. قبل أن يرفع "مهند" كفه لـــ .. ليصافحهـــا .. ملتقطاً كفها الرقيق فى كفه التى شعرت بقوته وخشونته بمجرد تلامس أيديهما .. وللمرة الثانية تشعر بشعور غريب حينما غاصت يدها فى بحــر يده .. دام تلاقى أيديهما ثانيتين .. لتفترق مرة أخرى !


*********************************

ابتسمت "فيروز" وهى تتأملها قائله :
- زى القمر .. أيوة كده عايزاكى تكيدي الأعادى
نظرت اليه "سمر" ببرود وقالت :
- حلى عنى يا "فيروز"
قالت "فيروز" وهى تتلفت حولها :
- خلى بالك دول عقارب
هتفت "سمر" بحده وبصوت خافت :
- بقولك حلى عنى
ثم نظرت اليها بقسوة قائله :
- أنا خلاص بدأت حياة جديدة .. حياة انتى ملكيش مكان فيها .. ولا هيكونلك مكان فيها .. وجودك هنا مؤقت .. انتى فاهمة

**********************************
انتهت من السلام عليهم واحداً تلو الآخر .. ثم التفتت الى "مهند" الواقف مستنداً الى الجدار واضعاً كفيه فى جيب بنطاله .. اقتربت منه مبتسمة وهى تمد يدها قائله :
- صحيح انت من أهل البيت وعايش معانا فى الفيلا بس مبشوفكش خالص .. أهلاً بيك نورت
نظر "مهند" للحظة الى كفها الممدود .. ثــم بتبرم وبوجه متجهم أخرج كفه من جيب بنطاله .. ليصافحهــــا .. بلا مبالاة .. ثم تركها وذهب للجلوس على أحد المقاعد دون أن يلتفت اليها .. شعرت "سمر" بالحنق والضيق وهى تتطلع اليه دون أن يوليها أدنى اهتمام

**********************************


- انتى كده بعتى الفاكس ؟
التفتت اليه وابتسمت بخجل وقالت :
- مش عارفه .. أصل أنا مبعتش فاكسات قبل كده
ثم أشارت الى الآلة قائله :
- ولا أعرف أصلا بيشتعل ازاى
نهض "مهند" بتثاقل .. وأشار لها بيده لتبتعد من أمام الآلة ففعلت .. سألها بهدوء :
- فين رقم الفاكس اللى عايزة تبعتى الورق عليه ؟
أخرجت من هاتفها رقم مدون وأعطته له وقالت :
- هو ده الرقم
أنجز "مهند" المهمة بسرعة .. ثم التفت ليعود الى مكتبه .. نقلت بصرها منه الى الآلة وقالت :
- خلاص كده اتبعت ؟
أومأ برأسه وهو ينظر الى حاسوبه ويقول :
- أيوة خلاص
ابتسمت بسعادة وقالت :
- ميرسى ..
اختفت ابتسامتها ببطء عندما قابلها بتجاهل تام منه .. لم يرفع حتى بصره اليها .. التفتت تحمل الملف فى يدها وتغادر المكتب بهدوء

************************************


نظر اليها قائلاً :
- صباح النور
ثم عاد للإنهماك فى مطالعة جريدته .. أقبلت احدى الخادمات لتخبرها :
- ثوانى يا فندم ويكون الفطار جاهز
أومأت "سمر" برأسها .. ثم عادت لتنظر الى "مهند" الذى لا يعيرها أدنى انتباه .. قالت بهدوء :
- "عدنان" نزل بدرى مش كده ؟
قال "مهند" دون أن ينظر اليها :
- أيوة سافر بعد الفجر
أومأت برأسها وأخذت تنقر فوق الطاولة بأصابعها .. ثم قالت :
- هتوصلنى الشركة ؟
رفع "مهند" رأسه لينظر بضيق الى ملابسها المكشوفة .. طوى جريدته ووضعها جواره بينما أخذ فى تناول طعامه قائلاً :
- مفيش مشكلة
نظرت اليه "سمر" بإهتمام قائلة :
- شكلك اضايقت .. بفرض نفسى عليك مش كدة ؟
قال بهدوء :
- لا مش كده
حضرت الخادمة لترص الأطباق وتصب لـ "سمر" فنجان الشاى .. نظرت الى "مهند" مرة أخرى متفحصة .. ثم قالت بعدما انصرفت الخادمة :
- خلاص مفيش مشكلة هخلى السواق يوصلنى
قال "مهند" ببرود :
- مفيش مشكلة .. زى ما تحبى
أغاظتها ردة فعله البارده .. نهض ليغادر الغرفة وتبعتها بنظراتها الى أن خرج !

******************************************


قالت "فيروز" بتهكم :
- أيوة خاصة شط اسكندرية
رفع "مهند" عينيه يتابع بإهتمام "سمر" التى تقول بشرود وبنبرة حالمة :
- معاكى حق .. خاصة شط اسكندرية
التفتت لتلتقى عيناها بعينيه .. لتبتسم فجأة وهى تقول متطلعة الى عينيه :
- خاصة "المندرة"
عقد "مهند" جبينه وهو ينظر اليها .. والى تلك النظرة التى لم يستطع تفسير معناها .. خفق قلبه عند ذكرها تلك المنطقة تحديداً .. والتى تحمل ذكرياته مع زوجته الراحلة .. قالت "فريدة" بدهشة :
- ايه ده انتى من "المندرة" ؟
أومأت "سمر" برأسها .. فقالت "فريدة" وهى تنظر الى "مهند" :
- "مهند" شقته هناك .. كان عايش هناك
عادت لتلتقى أعينهما من جديد .. وفى عينيها تلك النظرة الغريبة .. أشاحت بوجهها عنه سريعاً

****************************************


وقفت "سمر" فى شرفة غرفتها تنظر الى "مهند" و "فريدة" الجالسان فى الحديقه يتحدثان معاً كما لو كان صديقان حميمان .. ابتسمت وهى تتطلع اليهما والى هذه الألفة بينهما .. رأت "مهند" وهو يحيط كتفى "فريدة" بذراعه ويتحدث معها حديثاً بدا جدياً .. تطلعت الى اهتمامه بـ "فريدة" فاختفت البسمة من فوق شفتيها لتحل محلها عبرة فى عينيها .. ابتسمت "فريدة" ثم ضحكت .. وشاركها "مهند" الضحك والمزاح .. بدا كصديقى طفولة .. بل أكثر من ذلك .. شعرت بغصة كبيرة فى حلقها .. وبطعم مر فى فمها .. كلما تطلعت اليهما أكثر .. كلما ازدادت الدموع فى عينيها غزارة .. تمنت أن تنزل وتجلس معهما .. أخذت تنظر الى وجه "مهند" الضاحك .. قلما تراه هكذا .. بل نادراً .. تمنت أن تكون جالسه بجواره الآن .. مكان "فريدة" !
***************************************

- ممكن أعرف ايه اللى انت بتعمله ده .. ازاى تخون ثقة عمك كده
نظر اليها "مهند" مندهشاً وهو يقول :
- مش فاهم
قالت بحده :
- لا فاهم .. ايه اللى بينك وبين "نهال" ؟
اتسعت عيناه دهشة وهو يقول :
- "نهال" ؟ .. مفيش حاجه بيني وبين "نهال"
زمت "سمر" شفتيها وهى تنظر اليه بحدة وتقول بحزم :
- لأ فى .. حرام عليك .. ازاى تضحك على بنت صغيرة زى "نهال" .. أنا مش مصدقه انك بتحبها بجد .. مفيش أى حاجه مشتركة بينكوا
عقد "مهند" جبينه وهو يرمقها بنظرات نارية قائلاً :
- انتى ازاى تتكلمى معايا كده .. بقولك مفيش حاجة بيني وبين "نهال" .. "نهال" بعتبرها زى "فريدة" وقولتلها الكلام ده كتير .. عايزة تصدقى صدقى مش عايزة تصدقى انتى حره
نظرت اليه "سمر" وقد ضاقت عيناها قائله :
- يعني انت قولتلها انك بتعتبرها زى "فريدة" ؟
قال بحزم ونظرات كالصقر :
- أيوة
أومأت برأسها وهى تقول معتذرة :
- طيب خلاص .. شكلى أنا اللى فهمت غلط
ظل يرمقها بتلك النظرات الثاقبة وهو يفتح باب المكتب ويغادره !

**************************************


- ازاى عرفت ان "مهند" مبيحبش البسبوسة بالقشطة ؟
نظر الجميع الى "نهال" فى دهشة .. بينما تجمدت ملامح "سمر" وهى تنظر اليها .. نقل "مهند" نظره بين الفتاتان فأكملت "نهال" وهى تنظر الى "سمر" بتحدى :
- الصنية كان عليها 10 أطباق .. 9 منهم كان عليهم قشطة وواحد بس مش محطوط عليه قشطة .. عرفتى منين ان الواحد ده بتاع "مهند" ؟
تركت العيون "نهال" لتتجه الى "سمر" .. التى مازالت تعبيراتها خاليه من اى انفعال .. ألحت "نهال" قائله متظاهره بالمرح :
- ايه مش هتردى .. عرفتى منين انه بيحبها كده ؟
قالت "سمر" بهدوء ونظرات بارده :
- هو اللى قالى انه بيحبها من غير قشطة
ثم رفعت فنجانها ترشف منه بهدوء شديد متجاهلة نظرات "نهال" المصوبة تجاهها .. انهمك الجميع فى شرب الشاى وأكل الحلوى .. لكن "مهند" أخذ يتطلع الى "سمر" بتمعن .. شعر بالدهشة الشديدة .. ليس فقط بسبب علمها كيف يحب حلواه .. لكن بسبب كذبها .. فلم يتحدث معها فى أى شئ من هذا القبيل قط !

*************************************

- فى حاجه ؟
ابتسمت قائله :
- لا أبداً .. بس كنت زهقانه ومش عايزة أعد لوحدي
تجمدت ملامحه وقال ببرود :
- "فريدة" و "نهال" بره اعدى معاهم هيسلوكى
قالت وقد اتسعت ابتسامتها :
- انت على طول متنشن كده ؟
لم تتغير تعبيرات وجهه الجامدة وهو يتطلع اليها .. فأكملت بهدوء :
- لأ انت مش كده .. بتبقى مختلف مع "فريدة" .. بتبقى على طبيعتك معاها .. طيب مش انت بتقول انى من محارمك ليه مش بتعاملنى زى "فريدة"
عقد جبينه بإستغراب وهو ينظر اليها قائلاً بحده :
- انتى عايزه ايه بالظبط ؟
اختفت ابتسامتها ونهضت بعصبية وقالت :
- مش عايزة حاجه
أغلقت الباب خلفها بعنف وهو لا يزال يتطلع الى الباب المغلق وقد ازدادت تجاعيد جبينه حدة

****************************************


- مفيش حاجه بينك وبين "مهند" .. أنا سألته وقالى انه بيعتبرك زى أخته "فريدة"
امتقع وجه "نهال" ونهضت من فوق مقعدها وهى تهتف بغضب :
- مش من حقك أصلاً تسأليه عن حاجه زى كده .. وبعدين تعالى هنا انتى ايه دخلك اذا كان "مهند" يحبنى ولا ميحبنيش
نهضت "سمر" ووقفت أمامها بتحدى وقالت بحزم شديد :
- لأ دخلى .. ودخلى ونص كمان
رفعت "نهال" حاجبيها وهى تقول بعنف :
- ايه مش مكفيكي راجل واحد ولا ايه ؟
توقعت ان تقذف تلك الكلمات الغيظ فى نفس "سمر" فتتقهقر وتتراجع .. لكن يبدو أنها كانت مخطئة .. ابتسمت "سمر" وهى ترفع أحد حاجبيها قائله بمياعه :
- لأ مش مكفيني
امتقع وجه "نهال "أكثر واحتقن بالدماء وهى تقول :
- انتى واحدة مش محترمة
عقدت "سمر" ذراعيها أمام صدرها وهى تقول بتهكم :
- هاا وبعدين ؟
هتفت "نهال" بعنف :
- وهقول لعمى "عدنان" على الكلام اللى قولتيه دلوقتى
أطلقت "سمر" ضحكة ساخرة وهى تقول :
- هتقوليله ايه كنت بحاول أفهم "سمر" ان فى حاجه بينى وبين "مهند" .. تؤ تؤ .. معتقدش .. شكلك هيبقى مش لطيف خالص
أدركت "نهال" بالفعل أنها لن تستطيع مواجهة عمها ولا أبيها وأمها بما قالت والا ستضع نفسها فى موقف صعب وسيسخر منها الجميع .. هتفت "نهال" وهى تشعر بالعجز والغضب :
- "سمر" ابعدى عن "مهند" انتى واحدة متجوزة .. "مهند" مش ممكن يفكر فيكي انتى مراة عمه
رفعت "سمر" حاجبيه وهى تنظر اليها بخبث قائله :
- ابعدى انتى عنه يا "نهال" .. لانه مش ممكن يفكر فى عيله تافهه زيك
ابتسمت "سمر" بوجهها فى تشفى قبل أن تدور على عقبيها وتنصرف تاركه اياها تتلوى من الغيظ .. والغيرة .. والغضب

***************************************


- كان ممكن ترفضى
تلفتت "سمر" حولها لتتأكد من عدم وجون آذان متنصته ثم نظرت الى "نهال" بتحدى وقالت هامسه :
- وايه اللى يخلينى أرفض .. حد تجيله فرصة انه يقضى اليوم بطوله مع "مهند" ويقول لأ
أمسكتها "نهال" من ذراعها السليم بعنف وهى تقول بحده :
- "سمر" بطلى تستفزيني
حررت "سمر" ذراعها من يد "نهال" وهى تقول بتحدى :
- وان مبطلتش هتعملى ايه ؟
قالت "نهال" بغضب :
- ابعدى عن "مهند" .. هتتفضحى .. وعمى هيطلقك ويطردك بره الفيلا
قالت "سمر" بتحدى هامسه فى أذن "نهال :
- مش هبعد عنه .. لو تقدرى تبعديني ابعديني

***************************************
رفع "مهند" هديته أمام ناظريه وهو يعقد جبينه بشدة .. لم يكن مندهشاً فحسب من نوع الهدية التى اختارتها له وخصتها له دون سواه .. فلعلها لا تعلم بأنه غير مدخن .. لكن ما ادهشه .. وأصابه بالحيرة .. هو أنها أنفقت مبالغ كبيرة على هدايا تحمل ماركات عالمية .. إلا هديته .. لم تكن حتى ذات قيمة ! .. لم تكن حتى موضوعه فى علبه .. بل كانت من تلك القداحات الشعبيه التى تباع على الأرصفة والتى لا يتجاوز ثمنها خمسة جنيهات ! .. حتى الغلاف بدا .. رخيصاً .. ظهر الضيق على وجهه وهو يسأل نفسه .. ماذا تقصد بذلك ؟ . .أتقصد اهانتى ؟ .. اتقصد التحقير من شأنى ؟ .. رفع رأسه يبعد ناظريه عن الهدية لينظر الى "سمر" .. التى وجدها تنظر اليه بنفس النظرة التى يحتار دائماً فى تفسير معناها .. تلك المرة لم يهرب بعينيه بل غاص فى عينيها أكثر يحاول فهم ما فيهما .. لم تكن نظراتها تحمل سخرية .. ولا تهكم .. ولا تحقير من شأنه . .بل حملت شئ غريب لا يجد كلمات لوصفه .. أطبق على القداحة بين أصابعه ونظراته تشع حيره وأخذت عيناه ترسم أمام عيناها علامة استفهام كبيرة .. تمنى أن تستطيع محوها ليرتاح باله .. وليخرج من حيرته .. لكنها أطرقت برأسها للحظات .. ثم قامت لتغادر الغرفة فى صمت !

*****************************************


ثم نظرت الى "مهند" قائله بجدية بالغة :
- طول ما أنا بره .. كنت حسه ان روحى هنا .. فى مصر .. فى اسكندرية .. فى المندرة .. على شط البحر .. فوق الصخور
عقد "مهند" حاجبيه قائلاً بإستغراب :
- فوق الصخور ؟
أومأت برأسها وقالت وهى تنحنى الى الأمام وتستند بمرفقها الى الطاولة :
- أيوة فوق الصخور .. عارف صخرة ليلى "مراد" اللى فى مطروح ؟
أومأ برأسه وهو لايزال ينظر اليها فى حيرة .. فأكملت بهدوء :
- أنا ليا صخرة هناك .. فى اسكندرية .. ملهاش اسم .. بس أنا مسمياها بإسمى .. لانها بتاعتى أنا .. ولسه لحد دلوقتى فاكرة شكلها
قالت ذلك ثم أبعدت عينيها عن عينيه وهى تزيح مرفقها من فوق الطاولة .. أكملت طعامها فى صمت .. ندم "مهند" على ذلك الحديث الذى بدأه معها .. لأن كلامهــا لم يزيــده الا حيـرة فوق حيــرة !


*******************************************


وقفت "سمر" فى شرفة غرفتها تتابع "مهند" الذى عبر بسيارته بوابة الفيلا ليتوقف أمام بابها .. داعبت نسمات الليل شعرها الأسود فأعادت خصلاتها التى نزلت على عينيها لتحجب الرؤية الى الوراء .. وأخذت تتبعه الى أن نزل من سيارته .. توقف للحظات يستند بظهره الى السياره ويتحدث فى هاتفه .. بدا مندمجاً فى الحديث .. وكذلك هى مندمجة فى التطلع اليه .. شعر بشئ ما يدفعه لأن ينظر الى الأعلى .. لعلها حاسته السادسة التى أنبأته بوجود عينين متفحصتين تنظران اليه فى اصرار .. التقت نظراتهما .. لم تحاول "سمر" التوارى .. أو التظاهر بأنها تتطلع الى شئ آخر .. بل نظرت الى عينيه فى ثبات .. ثبات جعله يجفل .. وتضيق عيناه فى حيرة .. أنهى مكالمته .. ودخل الفيلا!

********************************************
تجمد "مهند" فى مكانه عندما سمع صوتاً أنثوياً يقول :
- نفسك فى واحد زيه ؟
رفع رأسه لتصطدم عيناه بعيني "سمر" .. اتسعت ابتسامتها وهى تقول :
- أنا كمان لما شوفته وشيلته حسيت انى نفسى فى واحد زيه
عاد "مهند" ينظر الى الصغير مرة أخرى دون أن يعقب على حديثها .. ظلت واقفة على باب الغرفة .. ظن بأنها سترحل .. لكنه كان مخطئاً .. تقدمت فى خطوات تؤدة .. لتجلس الى جواره .. محافظة على مسافة بينهما .. مدت يدها لتلمس وجنة الصغير مبتسمة مداعبة اياه .. التفت الصغير اليها مبتسماً وهو يطلق أصوات تنم عن استمتاعه بحركة أصابعها فوق وجنته .. اتسعت ابتسامتها وهى تقول بسعادة :
- أول مرة ألعب مع بيبى .. كل صحاب بابا مكنش عندهم أطفال صغنيين كده
شعر "مهند" بالحرج لجلوسهما معاً بمفردهما وبهذا الاسترخاء وبذلك الحديث الودى بينهما .. فالتفت اليها يمد يده بالصغير قائلاً :
- خديه أنا خارج
حملت منه الصغير فوضعت كفها بدون قصد فوق كفه .. رفعت رأسها تنظر اليه وجهه الخالى من أى تعبيرات .. قبل أن ينهض قالت بلهفه :
- مجاوبتنيش
التفت ينظر اليها بإستغراب .. فقالت وهى تنظر الى عمق عينيه :
- نفسك فى واحد زيه ؟
ازداد استغرابه من السؤال .. ومن اصراها على القاءه .. صمت ولم يجيب .. فقالت هامسه وهى لا تزال تنظر اليه :
- كنت بتحبها ؟
تحولت نظراته من الاستغراب الى الحده وهو يزم شفتيه فى غضب .. فأكملت هامسه وقد لاحت الدموع فى عينيها :
- "نهلة" .. اتجوزتها لمدة سنة .. حبيتها ؟ .. أد ايه ؟ .. لسه بتوحشك ؟ .. لسه فاكرها ؟
احتد قائلاً وهو ينهض من مكانه :
- مبحبش أتكلم فى حاجة خاصة كده مع حد
استمرت فى النظر اليه وتلك النظرة الغريبة فى عينيها وقد ازدادت تلك العبرات فى عينيها هى تقول بصوت مضطرب :
- قولى بس .. فاكرها ولا نسيتها ؟ .. فى قلبك ولا بأت ذكرى ؟ .. نفسك ترجعلك وتعيش معاك .. ولا نويت ترمى ذكرياتها ورا ضهرك وتكمل حياتك ؟
نظر اليها بدهشة قائلاً :
- انتى ازاى تتكلمى معايا كده ؟ .. ازاى تتكلمى معايا فى حاجة خاصة كده ؟ .. حاجة مبتكلمش فيها مع أى حد حتى مع أختى ؟
أطرقت برأسها تنظر الى الصغير .. بينما خرج "مهند" من الغرفة مسرعاً وامارات الغضب على وجهه .. حاولت رسم بسمة على شفتيها وهى ترجع بظهرها الى الوراء وتنظر الى الصغير هامسه :
- جاوبنى انت .. طالما هو مش عايز يجاوب !
وضعت أذنها على فم الصغير وكأنه يسرى اليها بالإجابه .. ثم رفعت رأسها تنظر اليه وهى تقول بأسى :
- أنا برده قولت كده !

***************************************

قالت "سمر" شاردة :
- معرفش .. عارفه لما تحسى ان فى حاجة جواكى ضايعة منك .. انا حاسة بكدة .. فى حاجه مفتقداها .. وحشانى .. حاجه مش مخليانى حسه انى أنا
التفتت اليها قائله :
- فهمانى يا "فريدة" ؟
قالت "فريدة" بحيرة :
- بحاول أفهمك
نظرت "سمر" الى فنجان الشاى فى يدها وهى تقول بأسى ومرارة :
- نفسى أغمض عيني وأفتحها وألاقى كل السنين اللى قضتها فى تركيا اختفت من أدام عينى. نفسى اغمض وأفتح ما أشوفش أدامى الا ماما .. واسكندرية .. والبحر .. وكل الناس اللى بحبهم
نظرت اليها "فريدة" بحيرة تتأمل امارات الألم على وجهها وهى تقول :
- ايه اللى مضايقك يا "سمر" .. حسه ان فى حاجه مضايقاكى .. أكنك عايزة تعيطي
التفتت اليها "سمر" بأعين دامعة وهى تقول بصوت مرتجف :
- صح معاكى حق .. انا نفسى أعيط
اقتربت منها "فريدة" أكثر وهى تقول :
- طيب قوليلى ايه اللى مضايقك .. موضوع دراعك
نظرت "سمر" الذى ذراعها المعلق الى رقبتها وهى تقول بمرارة :
- انتى فاكرة ان دراعى بس هو اللى مشلول ؟
نظرت اليها "فريدة" بدهشه .. فأكملت "سمر" وقد هربت دمعة من عينيها لتسقط حارة على وجنتها الملساء وهى تترك فنجانها وتشير الى قلبها قائلاً بمرارة:
- أنا حسه ان ده كمان مشلول .. بيموت .. بيطلع فى الروح .. بيتحرق .. ومحدش حاسس بيه

************************************

تجمدت فى مكانها .. وهى تنظر الى نقطة ما على الأرض .. أمام الدولاب .. تقدمت ببطء .. وانحنت .. والتقطت تلك الهدية التى أهدته اياها .. قلبت القداحة بين يديها .. والدموع تتجمع فى عينيها يؤلمها بنغزاتها الحارقة .. ارتجفت شفتيها وهى تضمهما الى بعضهما بقوة .. رجعت عدة خطوات للخلف .. وجلست فوق الفراش .. تنظر الى القداحة وعبراتها تتساقط فوق وجنتيها .. ثم تعود لتنظر الى .. الأرض .. الى حيث كانت القداحة ملقاة فى اهمال .. أجهشت فى البكاء وهى تضع كفها فوق فمها تحاول كتم صوتها حتى لا يفضحها فيسمعه أحد القاطنين فى هذا الطابق من الفيلا .. ارتعدت فرائصها وأنتفض جسدها بشدة وهى تسمع صوت مقبض الباب يُفتح .. ثم "مهند" يدخل الغرفة ويغلق الباب خلفه .. وقف متجمداً فى مكانه وقد اتسعت عيناه دهشه وهو يراها جالسة فوق فراشه .. هتف :
- انتى بتعملى ايه هنا ؟
تركت "سمر" القداحة من يدها فوق الفراش ونهضت وهى تجعد تنورتها بقبضة يدها فى توتر .. بدت كتلميذة صغيرة ضبطها معلمها بخطأ قد اقترفته .. ازدادت حدة صوته وهو يقول :
- بتعملى ايه هنا ؟
مسحت بكفها عبراتها المتساقطة وهى تقول بصوت مرتجف :
- أنا .. كنت ..
صمتت وهى تضغط على شفتيها ببعضهما البعض بقوة بينما الدموع تتساقط من عينيها من جديد .. اقترب منها "مهند" والشرر يتطاير من عينيه ونظر اليها بإحتقار قائلاً :
- انتى ايه ؟ .. مفيش عندك حدود ؟ .. مبتعرفيش تميزى الصح من الغلط .. اللى يصح واللى ميصحش .. ازاى تدخلى أوضة راجل غريب .. وتقعدى فوق سريره .. لو حد من البيت شافك هيقول ايه .. لو جوزك شافك هتقوليله ايه .. جاوبينى .. بتعملى ايه هنا ؟
أطرقت "سمر" برأسها وقد ازداد انهمار عبراتها وهى تقول بصوت مرتجف:
- أنا .. كنت .. كنت بس .. كنت عايزة أتكلم معاك
قال بحدة شديدة دون اقتناع وهو يراعى ألا يرفع صوته عالياً :
- واللى عايز يتكلم مع حد يدخل أوضته بدون استئذان ؟
قالت بصوت باكى وهى تطرق برأسها :
- أنا آسفة
ودون أن تضيف كلمة أخرى خرجت مسرعة من الغرفة

********************************************

- من غير ما حد يحس ملينى رقم "سمر"
فى دهشة فعلت "فريدة" ما طلب .. بينما كانت "انعام" مندمجة فى الحديث مع "عادل" رأت "سمر" "مهند" وهو يعبث فى أزرار هاتفه .. ثم يرفع رأسه وينظر اليها قبل أن تشعر بذبذبة هاتفها فى يدها .. بحركة سريعة ودون أن ينتبه أحد فتحت الرسالة وقرأت ما فيها :
- خلى بالك .. متتحركيش كتير .. ممكن يكون المسدس متعمر
لاحت ابتسامه عذبه على شفتيها وهى تقرأ رسالته .. أعادت قرائتها مرات ومرات .. ثم رفعت عينيها لتنظر اليه والى ذلك الإضطراب على وجهه .. والى الخوف الذى ظهر جلياً فى نظرات عينيه .. اتسعت ابتسامتها وهى تحرك شفتيهـا .. ببـطء .. ودون صـوت :
- متخفــش عليــا
قــرأ "مهند" رســم شفتيهــا .. ومجــدداً . . لمــح تلــك النظــرة فى عينيهــا .. خفــق قلبــه بقــوة ! .. وارتعــدت فرائصــه .. أخيــراً .. فهـــم .. برعــب .. وخــوف .. وفـــزع ! .. معنــى تلك النظــرات !


***********************************************

اقتربت منهم وقالت :
- صباح الخير
- صباح النور
- صباح النور
لم يجب "مهند" ! .. فزادها ذلك ضيقاً .. نظرت اليهم قائله :
-بتعملوا ايه على الصبح كده ؟
قالت "نهال" وهى تنظر الى "سمر" بتحدى :
- "مهند" بيشرحلى حاجات مش فاهماها .. وانتى عطلتينا
نظرت اليها "سمر" ببرود فقالت "فريدة" على الفور :
- متزعليش أكيد "نهال" مش قصدها
قالت "نهال" ببرود :
- لا قصدى
ثم التفتت الى "مهند" مبتسمة وهى تقول :
- يلا نكمل
أكمل "مهند" ما يشرح وكأنه يستثقل المهمة الموكله اليه .. كان يتحدث بسرعة وبعجاله وتزيد "نهال" من ابطاء شرحه بكثرة أسئلتها .. الى أن قالت "سمر" بتهكم :
- ايه يا "نهال" شكلك مبتفهميش من أول مرة ... تعبتى "مهند" معاكى
نظرت اليها "نهال" ببرود وقالت :
- محدش اشتكالك
ثم قالت بلؤم :
- عمى "عدنان" فى المرسم .. روحيله سليه بدل ما هو آعد لوحده
احتقنت الدماء فى وجه "سمر" وغادرت .. ليس الى المرسم .. بل الى الفيلا !


********************************************

التفتت اليه "سمر" قائله بإهتمام :
- فى حاجه مضايقاك ؟
هز رأسه نفياً بقوة دون أن ينظر اليها .. زفر بضيق أكبر عندما أغلقت الاشارة واضطر الى الوقوف مع طابور السيارات الطويل .. التفتت اليه "سمر" قائله ببنرة حملت الكثير من العتاب :
- خلصت مذاكره لـ "نهال" ؟
صمت ولم يجيب .. رأت الضيق على ملامحه .. وعينيه الغائرتان وكأنه شارد فى مكان آخر .. فأكملت :
- مش أخوها برده مهندس .. خليه هو يذاكرلها .. حتى لو تخصص مختلف بس أكيد هيفهم فى .......
قاطعها "مهند" وهو يلتفت اليها قائلاً بحده :
- لو سمحتى متدخليش فى أى حاجه تخصنى
شعرت بغصة فى حلقها وتجمعت العبرات فى عينها وهى تنظر اليه نظرة أجفلت قلبه فأشاح بوجهه عنها على الفور .. ازداد شعوره بالدهشه .. وأخذت نفسه تهتف .. صدق يا "مهند" صدق ما تراه .. فهتف عقله كيف أصدق .. بالتأكيد أنا مخطئ .. بالتأكيد ! .... تنهد بعمق وبدت متوتراً للغاية وهو يطبق بيديه على مقود السيارة .. تابعته "سمر" بعينيها بإهتمام .. فتحت الاشاره فإنطلق "مهند" بالسيارة وهو لا يزال يعقد جبينه .. بدا وكأن الغضب مسيطراً عليه بشدة .. بدت عيناه كشرارة غضب آخذه فى التزايد .. قالت "سمر" بهدوء :
- "مهند"
لم يجب .. كان شارداً بعمق فلم يسمعها .. مدت كفها لتلمس كفه فوق المقود وهى تقول :
- "مهند"
جذب كفه بسرعة وهو يلتفت اليها ناظراً اليها بغضب شديد .. بلعت ريقها بصعوبة وهى تقول :
- ناديتلك مردتش
عبرت السيارة مطبعاً صناعياً لم ينتبه اليه "مهند" فطاحت السيارة الى أعلى والى الأسفل فى حدة .. وقعت حقيبة "سمر" المفتوحة من فوق قدميها الى اليسار لتخرج محتويات الحقيبة متبعثرة داخل السيارة .. انحنت تجمع أشيائها .. لكنها تسمرت فى مكانها عندما امتدت يد "مهند" الى الصور الواقعة الى جوارها .. صورتــه .. تلك الصورة التى أخذتها من ألبوم " فريدة" دون علمها .. نظر "مهند" بغضب الى الصورة ثم التفت اليها قائلاً :
- صورتى بتعمل ايه فى شنطتك
ارتبكت بشدة وهى تقول :
- أنا .. كنت ...
ضغطت قدمه على دواسة البنزين وهو يصيح :
- انتى بتعملى ايه بالظبط .. ايه اللى انتى بتعمليه ده ؟
أطيق "مهند" بأصابعه على الصورة بشدة فى قبضة يده .. قفذت العبرات الى عين "سمر" . .أخذ "مهند" ينهج بسرعة وكأنه فى سباق للعدو .. زاد من الضغط على الدواسة وقد بدا غضبه جامحاً وهو يقول :
- انتى ... انتى .... مش عارف أقولك ايه .. مش عارف .. قولتك ..انتى مش بس مراة عمى .. انتى من محارمى .. أنا مش قادر أفهم ولا أتصور البشاعه اللى انتى فيها .. انتى واحدة مش طبيعية .. أكيد مش طبيعية
بكت "سمر" وهى تنظر الى عداد السرعة وتقول :
- "مهند" براحة
ما زادة ذلك الا ضغطاً على الدواسة فزادت سرعة السيارة وهو يقول يتمتم بغضب :
- أستغفر الله العظيم .. أستغفر الله العظيم
أجهشت "سمر" فى بكاء هيستيري وهى تنظر الى العداد صائحة بخوف :
- عشان خاطرى براحه .. "مهند" كفاية
أحاطت نفسها بذراعها وهى تنظر الى الطريق وقد أخذ جسدها يرتعش خوفاً .. أنحنت لتخفى وجهها بين قدميها وهى تصدر أنيناً من بين شفتيها .. انتبه الى بكائها وارتجافتها فأوقف السيارة على جانب الطريق وهى لا تزال تبكى وترتجف .. قال بإقتضاب وهو يتذكر أمر اصابتها فى حادثة سيارة من قبل :
- أنا آسف مكنش قصدى أخوفك
لم تتوقف عن البكاء أو عن الأنين .. كانت تمسك ذراعها المشلول وهى لا تزال تخفى رأسها فى قدميها
رفعت وجهها وهى تصيح بأمل :
- دراعى مش قادره
نظر الى ذراعها ثم قال بقلق :
- فى ايه .. مالك ؟
قالت وهى تستند بظهرها الى المقعد وتعببرات وجهها تنطق بألم شديد :
- مش قادرة .. بيألمنى أوى .. مش قادرة
نظر بخوف الى ذراعها وهو يتمتم بدهشه :
- ازاى يعني بيألمك مش المفروض انه مشلول
لم تجيب .. سكنت فجأة .. وتوقفت عن البكاء .. والحركة ! .. ناداها "مهند" قائلاً :
- "سمر" .. "سمر"
لم تجيب .. فهزها بيده :
- "سمر"
التفت فجأة وانطلق بالسيارة بسرعة وتوجه بها الى المشفى وهو ينظر اليها بين الحين والآخر فى قلق !

***************************************


قالت الطبيبة :
- حضرتك باباها
قال "مهند" بإقتضاب :
- ده جوزها
رفعت الطبيبة حاجبيها بدهشة ثم قالت :
- سورى أصلها أول ما فاقت فضلت تقول "مهند" فإفتكرت انك جوزها

*************************************


- وعرفتى الأبريه منين ؟ .. ده مشروب نوبى ميعرفوش الا النوبيين بس
عقد "مهند" جبينه بدهشه وهو يتناول كوبه وينظر الى السائل بداخله .. رشفت "فريدة" عدة رشفات ثم قالت :
- مممممم مشربتوش من زمان أوى .. ماما الله يرحمها هى اللى كانت بتعمله
ثم نظرت الى "سمر" وقالت بمرح :
- انتى تعرفى ان ماما الله يرحمها كانت نوبيه ؟
ابتسمت "سمر" بهدوء قائله :
- بجد ؟
قالت "فريدة" بحماس :
- أهاا كانت نوبيه عشان كده الأبريه ده عندنا مميز جدا أنا و "مهند" بنموت فيه
رفع "مهند" رأسه ينظر الى "سمر" التى قالت بهدوء :
- مش هتشرب
أخفض بصره ورشف عدة رشفات .. قالت "فردية" مبتسمه :
- لا وعملاه مزز أوى
قالت "سمر" بهدوء :
- ايه مبتحبيهوش كده ؟
قالت "فريدة" بمرح :
- بصراحة لأ .. أنا مش بحبه يكون مزز أوى .
ثم التفتت الى "مهند" وقالت :
- بس "مهند" بيحبه كده
انحنى "مهند" الى الأمام يدير الكوب بين كفيه يرشف منه بين الحين والآخر وهى يعقد جبينه شارداً .. رفع رأسه ونظر الى "سمر" قائلاً بإهتمام :
- اتعلمتيه فين ؟
نظرت اليه "سمر" قائله بهدوء :
- فى اسكندرية
قال بإهتمام :
- بس ده مش مشروب مشهور فى اسكندرية .. ده ميعرفهوش الا اللى عاش فى النوبه .. انتى عشتى فى النوبة قبل كده ؟
هزت رأسها نفياً
فضاقت عيناه وهو يقول :
- طيب تعرفى حد عاش فى النوبة ؟
ساد الصمت للحظات .. ثــم .. أومأت برأسها ايجاباً بهدوء .. والتقت نظراتهما ليخفق قلــب "مهند" بقــوة .. نظر الى عينيها وهو يشعر بأنه يعرف تلك العينــان جيداً .. شكلهــا .. رسمهــا .. نظراتهــا .. حديــث عيناهــا وشفراتهــا التى ترسمها أمام عيناه فى الهــواء .. بــدت عيناهــا البنيتــان كبحــر عميــق .. شعـــر بأنــه .. سبــح فيــه من قبـــل .. بل وغاص الى أعمــق أعماقــه !



*****************************************

تساقطت العبرات بغزاره من عين "سمر " ووجهها يقطر ألما .. كانت "فريده" تنظر امامها فلم ننتبه لوجهها الباكي واكملت:
- بعد ما مراته ماتت في الحادثه اتالم اوي .. خاصة انه كان حاسس بالذنب مع انها مش غلطته
قالت "سمر" بشفتين مرتجفتين ونبرة حزينه:
- تفتكري لسه بيحبها؟
التفتت "فريده" بعدما التقطت اذنيها نبرة الحزن في صوت "سمر" .. نظرت اليها بفضول وهي مندهشة من تلك الدموع التي تتساقط من عينيها واحدة تلو الاخري وقالت :
- ايوة اعتقد انه لسه بيحبها بدليل انه مش راضي ابدا يتجوز تاني
اشاحت "سمر" بوجهها وهي تمسح عبراتها بكفها قائله :
- يمكن نساها .. ايه ضمنك انه لسه بيحبها
قالت "فريده" وهي لا تزال تراقب تعبيرات وجهها بتمعن:
- لا انا واثقه انه لسه بيحبها .. كانوا مبسوطين مع بعض ومرتاحين مع بعض .. صحيح انا معشتش معاهم الا كام شهر وبعدها حصلت الحادثه بس في الكام شهر دول حسيت ان مفيش اي مشاكل بينهم .. يمكن "مهند" مبيعبرش عن مشاعره بالكلام ومتقدريش تعرفي اللي جواه بس "نهلة" كانت بتموت فيه كانت بتحبه بجنون .. وانا واثقه انه هو كمان كان بيحبها ولايزال
اطرقت "سمر" برأسها وهي تغمض عيناها بألم ثم تفتحهما لتتساقط منهما العبرات غزيرة تحرق وجهها وهي تقول بصوت مرتجف :
- مش مهم أي حاجه .. المهم يرجع بالسلامة .. أي حاجه تانيه مش مهمة
شعرت "سمر" بغصه في حلقها بينما نظرت اليها "فريدة" قائله بدهشة:
- انتي بتعيطي بيه يا "سمر"
مسحت "سمر" وجهها المبلل وهي تنظر اليها قائله بابتسامه باهته:
- اصلي اتاثرت بقصة حبهم .. يعني صعب انك تلاقي دلوقتي اتنين بيحبوا بعض كدة
نهضت "سمر" وتوجهت الي الفيلا بينما تتابعها "فريدة" باهتمام .. وهي لا تصدق التبرير الذي سمعته !


*************************************

- غريبة أنا في بلدي .. وحيدة أنا بين الناس .. لا أجد لنفسي موطنا .. لا أجد لها حاميا .. سوى قلب أسد لا يشعر بنبضات قلبي التي تصرخ بإسمه غير عابئ بتلك الصرخات .. يسمعها .. يفهمها .. لكنه لا يشعر بها وبي .. كم أريد نسيانه ومحوه من حنايا عقلي .. واسكات قلبي وارغامه على نسيان اسمه .. و منع روحي من أن تهفو اليه .. لكنني لم أستطع أن أفعل .. فسلطانه على نفسي قويا مهيبا لا أستطيع الفكاك منه .. قلبي يئن .. يتألم .. يحترق .. وصاحب القلعة يرفض ادخالي .. يرفض أن يمنحني رشفة من يداه أروي بها ظمأي.. وعطش أيامي .. يرفض أن يطفئ نيران قلبي المشتعل .. يا صاحب القلعة أستسلم .. فحصونك أنهكت قواي .. بنيتها عالية شامخة فأذاقتني العذاب والهوان .. يا صاحب القلعة أستسلم .. غلبتني حصونك بصلابتها .. رشقتني بسهام صفت ما بداخل جسدي من دماء .. وها أنا أسقط أمام عينيك القاسيتين أشلاء .. لن أمد يدي لتنقذني .. لن أصرخ طالبة أن تنجدني .. بل سأدعك تنظر الي وأنا أحتضر .. تتذكر صريعة حبك يوما .. اقترب من جسدي المسجى علي الأرض أمام قلعتك .. أخرج خنجرك من جرابه .. ارفعه عاليا واهوى به فوق قلبي .. اطعنه وفجر دماؤه .. اطعنه وبعثر أشلاؤه .. هيا تقدم ولا تتردد .. ها أنا أراك تخرج خنجرك يا صاحب القلعة .. وتقترب مني في تؤدة .. ها أنت ترفعه عاليا لتهوى به فوق قلبي .. لماذا توقفت يداك .. لماذا التفت الي خنجرك .. هيا اطعن ولا تنظر اليه .. لماذا أنت متعجب .. أتتعحب من الدماء التي تغلف خنجرك وأنت لم تطعني بعد؟ .. أخطأت يا صاحب القلعة .. فالدماء علي خنجرك هي دمائي .. لعلك لا تتذكر ولكنك .. طعنت قلبي بخنجرك من قبل .. ها أنا أغمض عيناي .. اطعني الثانية ولا تتردد .. فقلبي لن يموت مرتين!
عقد "مهند" جبينه وهو يقرأ تلك الكلمات التي لا يعلم كاتبها .. أراد قرائتها مرة أخرى لكنه سمع صوتا من خلفه يقول بصوت مشاكس :
- مش تستأذن قبل ما تقراها
التفت بحدة ليجد "سمر" واقفة خلفه .. نهض من فوق الأريكة ومد يده بالمفكرة قائلا:
- أنا آسف مكنتش أعرف انها بتاعتك
أخذتها منه وابتسمت وهي تنظر اليها قائله :
- أنا طول عمري بحب الكتابة .. وكنت بكتب خواطر وأنا صغيرة .. بس لما سافرت تركيا نسيت الهواية دي .. بس من كام يوم لقيت نفسي بمسك بالقلم وبشخبط الشخبطة دي
ابتسمت بخجل .. ورفعت رأسها لتنظر اليه .. اختفت ابتسامتها وهي تنظر الي ذراعه المبتور .. لمعت الدموع في عينيها ونطق وجهها بالألم وهي تهمس :
- انت كويس؟ .. صعب عليك مش كده ؟ .. حتى لو انت بينت أدامنا كلنا انك كويس .. بس أكيد من جواك اتأثرت .. وحزنت .. أنا حسه بيك
رأته يغادر الغرفة مسرعا .. فارا منها .. ولم تكن مخطئة .. شعر "مهند" بأنه يفر بالفعل .. توجه الي غرفته وجلس فوق فراشه وهو يلهث .. بلع ريقع بصعوبة وقد تجمدت ملامحه .. أخافه ما يشعر به بداخله .. زفر في ضيق وهو يحاول أن يسيطر علي مشاعره الغريبه التي تجتاحه .. وتتسرب الي كيانه .. كالهواء الذي ينتشر في غرفة مغلقة الأبواب .. يتسرب اليها من فتحات خفيه وثغرات .. رأى أمامه صورتها .. عيناها .. تلك العينان .. لماذا يشعر دائما .. بذلك الشعور المخيف .. شعور بالحنين الي الغوص داخل عيناها .. والتسليم لأمواجها .. تأخذه الي حيث شاءت !


***************************************
- مين الأموره دي ؟
أخرجت "سمر" الصورة وهي تنظر اليها بتأثر قائله :
- دي أنا
أخذت منها المرأة الصورة تنقل عينها بدهشة بينها وبين "سمر" وهي تقول :
- سبحان الله اللي يشوفها يقول واحدة تانية خالص
صمتت "سمر" وقد اكتسي وجهها الحزن وهي تقول :
- زمان حصلتلي حادثة .. حصلي كسور كتير في وشي .. وكان محتاج ترميم .. عملت عمليات كتير .. وده غير شكلي كتير
قالت المرأة بدهشة :
- فعلا يا بنتي شكلك اتغير أوي
ثم قالت تطيب بخاطرها :
- بس انتي دلوقتي أحلي
ابتسمت "سمر" بوهن وهي تقول :
- كنت بحب شكلي الأول أكتر .. عشان اتعودت عليه .. أما دلوقتي ساعات لما ببص في المراية بستغرب شكلي .. علي الرغم من ان الحادثة فات عليها سنين طويلة
***************************************


لمعت عيناها بالعبرات وهي تتشمم رائحة اسكندرية وبحرها .. رائحة مميزة لا تجدها في مكان آخر .. أشعرتها تلك الرائحة بحنين جارف .. حنين الي أيام مضت وولت مدبرة .. أغمضت عيناها بألم تنهمر عبرة حزينه من بين أهدابها المغلقة .. حانت من "مهند" التفاته الي مرآة السيارة .. فخفق قلبه لمرآى عبرتها وتغبيرات وجهها المتألم .. تطلع أمامه وهو يتمتم بالاستغفار ويعقد جبينه بضيق شديد .. ضيق من نفسه ومن مشاعره .. ومن الشئ الغريب الذي يشعره اتجاهها بالألفة .. ومن عيناها وما بهما من أسرار يتمني حل ألغازهما .. لتختفي علامات الاستفهام من داخله .. قال "مهند" بهدوء:
- تحبوا تروحوا فين ؟
قالت "سمر" علي الفور :
- المندرة
خفق قلبه .. فتجاهله .. وصفت له "سمر" طريقا .. وقالت :
- المكان ده من أحب الأماكن لقلبي
خفق قلبه للمرة الثالثه لكن هذه المرة بقوة أكبر .. وهو يتبع تعليمات "سمر" ويوقف سيارته أمام .. أحب بقعه له في اسكندرية ! .. بل في الدنيا بأسرها .. عقد جبينه بشده .. وعيناه تنطق بالحيرة .. قالت "فريدة" ضاحكة :
- هو كل أهل المندرة بيحبوا المكان ده ولا ايه
ابتسمت "سمر" مجاملة ونزلت من السيارة تعانق تلك البقعة بعيناها الممتلأة بعبرات شوق وحنين .. وقفت أمام البحر تنظر الي أمواجه المتلاطمة وهي تغمض عيناها .. تاركه زمنها لتعود سنوات الي الوراء .. وكأنها بنت الأمس .. نظرت "فريدة" الي "سمر" التي كانت تبعد عنها عدة أمتار وهي تقول ل "مهند":
- أول مرة أشوفها متأثرة كدة .. شكلها بتحب اسكندرية أوي
التفتت "سمر" تبحث بعيناها عن شئ ما .. ثم تمتمت فجأة بنبرة حملت شوق ولهفة :
- صخرتي
توجهت الي تلك الصخرة الكبيرة تتحسسها وتجلس فوقها .. تطلع اليها "مهند" بإهتمام شديد .. يراقب حركاتها وتعبيرات وجهها .. خفق قلبه من جديد .. وشعر بحنين يدفعه اليها .. استعاذ بالله وأشاح بوجهه عنها متقدما في اتجاه البحر .. رأت "فريدة" اللسان الصخري الممتد في البحر يشقه بصرامه ..
تقدمت تجاهه تسير فوق صخوره المتراصه بجوار بعضها البعض .. التفت "مهند" ينظر اليها فيما كان البحر يهدر بأمواجه عاليا مصدرا صوته الرتيب .. فتح "مهند" شفتيه ليهتف ب "فريدة" أن تنتبه .. لكن الدماء تجمدت في عروقه عندما هتفت "سمر" :
- "فريدة" خلي بالك .. في صخرة بتتحرك
التفت "مهند" بحدة ينظر الي "سمر" .. تلاقت نظراتهما في صمت .. للحظات .. طويله .. دون أن يحيد أحدهما بنظره عن الآخر .. اقترب منها .. وهي جالسه فوق الصخرة .. وقال :
- كنتي بتيجي هنا كتير ؟
أومأت برأسها .. فقال وهو يرمقها بنظراته الثاقبه:
- لوحدك؟
انتظر بلهفة أن يسمع اجابتها .. لكنها نظرت الي البحر دون أن تجيب .. سألها مرة أخري في اصرار لا يعلم هو نفسه سببه :
- لوحدك ؟
لكنها ظلت تنظر الي البحر .. دون أن تجيب

*******************************************
أدارت المفتاح في الباب فإنفتح بسلاسة .. تقدمت الي داخل البيت .. ثم التفتت تنير المكان بالمفتاح المثبت علي الجدار جوار الباب .. امتلأت عيناها بالعبرات وهي تتأمل البيت بآثاثه ومحتوياته .. هطلت الدموع غزيرة من عينيها وجسدهت يرتعش من بكائها .. تقدمت الي احدى الغرفتين في المنزل وأنارت مصباحها .. كانت غرفة نوم كبيرة .. دخلتها في هدوء ولا تزال دموعها تنهمر فوق وجنتيها .. نظرت بتأثر الي الأشياء الموضوعة فوق التسريحة والتي غلفها التراب .. مسحت بكفها جزء من التراب المعلق على المرآة ونظرت الي وجهها الباكي في ألم .. التفتت لتلقي نظرة علي الفراش خلفها .. قبل أن تغمض عينيها للحظات نطق خلالها وجهها بالألم .. في الأسفل انتهي "مهند" من حديثه مع الرجل ليلتفت فلا يجد حوله سوى "فريدة" التي اقترب منها قائلا :
- فين "سمر" ؟
قالت بقلق :
- خدت المفتاح وطلعت فوق
نظر اليها بحدة قائلا:
- فوق فين؟
أشارت بإرتباك الي شرفة بيته وقالت :
- في شقتك
تطاير الشرر من أعينه فشعرت "فريدة" بالخوف وهي تراه متوجها الي البناية .. فالتفتت تكمل بعقل مشتت حديثها مع المرأة التي كانت نهمه تواقه لمعرفة أخبارهما .. وجد "مهند" باب البيت مواربا ففتحه ودخل .. بحث بعيناه عنها فرأى ضوء المصباح يتسرب من غرفة النوم .. توجه اليها ليتجمد في مكانه وهو ينظر الي "سمر" الي استندت بظهرها الي الجدار تغلق عيناها بألم بينما العبرات تقفز من بين أهدابها وارتجاف شفتيها وهي تطبق عليهما بشدة .. دخل الغرفة .. شعرت بحركته ففتحت عينيها وحاولت مسح عينيها ووجهها في توتر .. فاتسخ وجهها من التراب الذي علق في يدها .. حاولت مسحه أكثر فلم يزيدها ذلك الا اتساخا .. نظر اليها "مهند" بإمعان كما لو أنه يراها لأول مرة .. تأمل نظرات عينيها الدامعة المضطربة ووجهها الذي يعلوه التراب المختلط بدموعها وهو يشعر برجفه في قلبه .. حاولت تجاوزه فوقف أمامها قائلا :
- ادخلي اغسلي وشك
وقفت ساكنه للحظات ثم أومأت برأسها وتوجهت الي المطبخ يتبعها "مهند" بإصرار وهو ينظر اليها بتمعن .. وبتلقائية شديدة مدت "سمر" يدها خلف الثلاجة لتفتح محبس المياة ! .. ثم تتوجه الي الحوض وتغسل وجهها .. وقف "مهند" خلفها وهو يقول بصوت عميق كأنه قادم من كهف مظلم :
- عرفتي منين ان محبس المية ورا التلاجه؟
توقفت عن غسل وجهها وقد تجمدت في مكانها .. وبحركة واحدة اقترب منها "مهند" وأدارها لينظر الي وجهها الذي تتساقط منه قطرات الماء .. أطبق علي ذراعها بقوة وهو ينظر اليها بعيني صقر قائلا :
- اتكلمي .. عرفتي منين مكان المحبس
نظرت اليه "سمر" بنظرة جمعت ما بين البرود و الألم والعتاب .. لهث بشدة وصدره يعلو ويهبط وهو يزيد من ضغط قبضته فوق ذراعها وهو يقول بصرامة :
- انتي مين ؟
ثم هتف بغضب :
- عرفتي منين مكان المحبس .. عرفتي منين الأكل اللي بحبه .. ايه معنى الولاعة اللي جبتهالي
ظلت "سمر" ترمقه في ثبات بنفس النظرات وهي تقول :
- سيبني
حاولت أن تفلت ذراعها من قبضة يده الحديدية ففشلت .. حاولت التحرك والابتعاد عنه فلم تستطع .. قال وهو ينظر اليها بنظرات ثاقبه تود النفاذ الي أعماقها :
- جاوبيني علي أسألتي .. كفاية غموض بأه
ثم قال بحيرة ممزوجة بالألم :
- انتي مين ؟
نظرت اليه بتحدي وهي ترفع حاجبيها وتقول بقوة :
- أنا "سمر" مراة عمك

********************************************


عقدت "فريدة جبينها بدهشة ممزوجة بالضيق .. بينما نظر "مهند" في مرآة السيارة ليجد نظرة عتاب في عيني "سمر" قبل أن تشيح بوجهها عنه .. ظل شاردا طوال الطريق .. محاولا تفسير تصرفاتها ونظراتها الغير مفهومه .. أكثر ما كاد أن يصيبه بالجنون هو علمها بتفاصيل دقيقة في بيته الذي لم يسكن فيه الا مع زوجته "نهلة" .. وانضمت اليهما "فريدة" بضعة أشهر قبل الحادث .. هذا ما كان يدهشه .. ويشتت تفكيره .. شك بأنها احدي صديقات "نهلة" ولكن لم يكن لها صديقات تودهن ويودونها .. ولم تدخل أحدا قط بيت الزوجية .. ولم يكن لها سوي والدها ووالدتها .. حتي أنها ليس لها اخوة ولا أخوات .. تطلع مرة أخري في السيارة .. الي ملامحها التي يشعر تجاهها بأنها شخص غريب عنه .. لكن تلك العينان .. لماذا يشعر بهذا الانجذاب وهذا الحنين اليهما .. فجأة انفرج ما بين شفتيه وهو يتطلع اليها .. لا يحيد بنظره عنها .. عن عينيها .. التفتت .. فرأت عيناه المصوبة تجاهها في مرآة السيارة .. خفق قلبها .. وقلبه.. وتعالت أصواتهما حتي كاد كل منهما يسمع دقات قلب الآخر .. رأته يلهث .. يتنفس بسرعة .. يركز علي عينيها .. قالت عيناه كلمة .. فتوترت واضطربت .. استطاعت ترجمة تلك الكلمة التي نطقت بها عيناه :
- عرفتك!

*******************************************


قاد "مهند" السيارة بغير هدى وعقله يعمل بلا توقف .. نعم عرفتك .. مهما وضعتي علي وجهك من أقنعه فسيعرفكي قلبي حتما .. استطعتي تغيير كل ملامحك .. لكن بقيت عيناكي كما هي ليتعرفها قلبي .. لماذا .. لماذا فعلتي ذلك .. لماذا غيرتي ملامحك .. لماذا تركتيني .. لماذا هربتي مني .. لماذا تركتيني أتعذب في بعدك .. لماذا .. لماذا عدتي الآن .. تظهرين من العدم .. وكأن شيئا لم يكن .. ما تلك اللعبة التي تلعبيها مع عمي .. لماذا أخفيتم الأمر عني .. من حقي أن أعرف .. نعم من حقي
أوقف "مهند" سيارته علي جانب الطريق وهو يلهث غضبا وقد ازداد انفعاله حتي خشى ألا يستطيع التحكم في مقود السيارة .. أغمض عينيه بألم وهو يقول .. لماذا تخفين نفسك عني .. لماذا؟ .. أتعاقبينني ؟ .. لست أنا من يحتاج الي العقاب .. سكن للحظات شاردا ثم أخذ نفسا عميقا وهو يقول وقد ظهرت ابتسامه عذبه علي شفتيه :
- عادت يا بحر .. عادت
عاد الي الفيلا قرب الفجر ليجد الجميع نيام .. توجه الي غرفته .. الي خزينته .. وأخرج منها القداحة التي أهدته اياها "سمر" .. جلس فراشه ينظر الي لهيبها المشتعل وهو يبتسم

********************************************

- "فريدة" أنا كل ما أشوف "سمر" أحس انها ........
صمت فحثته قائله :
- تحس انها ايه ؟
زفر بقوة وهو يقول بعصبيه :
- مش مهم خلاص .. طلع احساسي غلط .. "فريدة" أنا عايز أسيب الفيلا .. علي الأقل مؤقتا .. حاسس اني مخنوق
نظرت اليه بحزن وقالت :
- طيب هتروح فين .. وهتقول لعمي ايه
قال بضيق :
- هروح اسكندرية .. هقوله محتاج لأغير جو معتقدش انه هيمانع
أومأت برأسها وهي تشجعه قائلا بحماس :
- ماشي يا "مهند" سافر .. علي الأقل عشان تعيد حساباتك .. واستعيذ بالله كتير .. ربنا ينجيك ويعصمك من الفتن
قال بخفوت :
- آمين

*******************************************

- لما فاقت شافت العصير المدلوق علي هدومها فاتخضت وطلبت مني اني أفحصها .. يعني أنا متأكده من اللي بقوله .. وهي بخير الحمد لله .. الحمد لله انكوا خرجتوها بسرعة قبل ما تتخنق بالدخان
انصرفت الطبيبة وتركت "مهند" الذي يحاول أن يفيق من صدمته .. في تلك اللحظة حضر "عدنان" وقال بلهفة :
- هي فين ؟
أشار "مهند" الي الغرفه وهو ينظر الي عمه متفحصا اياه في امعان .. دخل "عدنان" الغرفة فتبعه "مهند" .. رآه وهو يجلس بجوار "سمر" ويمسك يدها ويقول لها :
- انتي كويسه يا حبيبتي
أومأت برأسها وابتسمت بوهن قائله :
- أيوة الحمد لله
وقف "مهند" علي باب الغرفة يرمق كليهما في غضب .. غضب شديد!

ثم صاح فجأة :
- "سامرين"
التفتت اليه "سامرين" تنظر اليه بخوف .. بإضطراب .. تزايدت سرعة ضربات قلبها داخل صدرها حتى كاد أن ينخلع .. كذلك هو .. تسارعت أنفاسه .. اضطربت نبضات قلبه .. رشقها بعيناه ل ايحيد بنظره عنها .. بدا مضطربا للغاية .. أطرق "عدنان" برأسه وقد أيقن أن لعبته قد انكشفت .. اقترب "مهند" خطوة من الفراش .. وهو لا يزال ينظر اليها قائلاً بصوت أجش :
- "سامرين"
رفعت رأسها تنظر اليه مرة أخرى .. أخذت عيناه تجول بوجها ذو الملامح الغريبة .. الغير مألوفه .. اخذت عيناه تبحث بين تلك الملامح عن ملامح الفتاة التى أحبها .. ورآها تكبر أمام عيناه .. وتحت جناحه .. لم يجد لها الا أثرا طفيفا .. أكثره فى عيناها .. اللاتان استطاع قلبه أن يعرفهما رغم اختلاف ما حولهما .. أطرقت برأسه .. يؤلمها تفرسه فيها .. تفرسها فى ملامحها الجديدة والتى لا تحبها .. لا تحبها لأنه لم يحبها هكذا .. دمعت عيناها وتساقطت عبراتهما فى ألم .. حاولت أن توقف بكاء عيناها لم تستطع .. خفق قلبه بقوة .. ورق لمرآى دموعها .. اضطرب بشدة .. وبدت الدموع فى عيينه .. شعر بغصة فى حلقة .. وبالعرق يتصبب من جبينه .. وبسخونه فى جسده .. قال "عدنان" بهدوء :
- اقعد يا "مهند" وأنا أحكيلك على كل حاجة
مرت لحظات .. بدا وكأنه لم يستمع الى عمه .. وأخيرا استجاب .. و جلس .. محاولا أن يغض بصره عنها .. مذكرا نفسه بأنها الآن .. امرأة لا تحل له .. آلمته تلك الحقيقة المرة .. أخذ يستمع الى "عدنان" فى ذهول .. قص عليه "عدنان" كل شئ .. دون أن يتطرق الى خدعة "حمدى" و "فيروز" و "نهلة" للإيقاع بين "سامرين" و "مهند" .. ترك تلك المهمة ل "سامرين" و "مهند" ليكشف كل منهما عن الخداع الذى مورس عليه ليبتعد عن الآخر وهو يظن أنه طعنه فى قلبه وأرداه قتيلاً .. شعر "مهند" بالأسى لما أصابها من تلك الحادثة التى غيرت تلك الملامح التى عشقتها عيناه .. تمتم مستغفرا ربه وهو يحاول أن يخرج من قلبه مشاعره تجاهها .. لكن هيهات .. عاد قلبه ينبض من جديد .. ولن تستطيع قوة على ايقاف نبضاته .. قال "عدنان" وهو ينقل نظره بينهما :
- ياريت الموضوع ده يفضل بينا .. لحد ما أعرف مين اللى بيحاول يقتلنى
شرد "مهند" قائلا :
- معقول يفكروا فى موضوع الحجر ده
قال "عدنان" بمرارة :
- الحقد يعمل أكتر من كده .. فى ناس حب المال بيعميها عن أى حاجة تانية .. حتى عن صلة الرحم وأخوة الدم
رمق "مهند" "سامرين" بنظراته والتى أطرقت برأسها دون أن ترفعه لتواجهه .. ثم نظر الى عمه بأسى قائلاً :
- ليه ما قولتليش يا عمى .. ليه خبيت عليا .. حتى انا مكنتش واثق فيا ؟
تنهد "عدنان" وقال :
- ماقولتلكش لسببين .. السبب الأول انى كنت عارف طبعا انك مستحيل تحاول تقتلنى .. أنا عارفك وعارف معدنك كويس ومتربي أدام عيني .. بس كنت حابب أشوف هتحبلى الخير ولا لأ .. فرحت جدا لما لقيتك بتحذرنى من انى اتجوزت بنت صغيرة ممكن تكون طمعانه فى فلوسى .. بس فى نفس الوقت خفت تكون بتقول كده عشان خايف على ميراثك منى .. عشان كدة قولتلك ان ثقتى فيك لسه ما كامله .. بس الحمد لله اتأكدت ان خوفك عليا وحبك ليا صادق ومخلص زيك بالظبط
ثم قال :
- أما السبب التانى .. هو انى خفت لما تعرف ان "سمر" هى "سامرين" تتعامل معاها على انها مش من محارمك .. وبالتالى هتكشف نفسك أدام العيلة .. ويحسوا انها لعبه وانى متجوزتهاش بجد
قال "مهند" بعناد :
- ودلوقتى ؟ .. ايه اللى المفروض يحصل
قال "عدنان" بحزم :
- لازم أستمر فى اللى بدأته
صمت "مهند" مطرقا برأسه .. ثم لمعت فى عقله فكرة خبيثة .. يطبق بها على تلك الفتاة الجامحة التى كانت دوما مثل الزئبق كلما حاول الامساك بها انزلقت من بين أصابعه .. رفع عيناه يلقى نظره عليها ثم نظر الى عمه بمكر قائلا :
- زى ما انت قولت يا عمى .. مش هعرف أتعامل مع "سامرين" على انها من محارمى .. وخاصة دلوقتى بعد ما اتحجبت .. يعني مستحيل هتقدر تعد أدامى بشعرها .. وده ممكن يشككهم
لمعت عينا "عدنان" وهو يتطلع الى "مهند" ويلمح تلك النظرة الخبيثة فى عينيه ويفهم مراده .. فظهرت ابتسامه على شفتيه سرعان ما أخفاها وهو يقول :
- ممم .. طيب والحل
قالت "سامرين" بإباء وهى تنظر الى "عدنان" :
- ممكن تطلب من "علاء" انه يكون موجود فى الفليا الفترة الىل جايه .. وبكدة هفضل طول الوقت بالحجاب .. وأصلا أنا مبتقابلش مع "مهند" كتير فى الفيلا يعني محدش هيكتشف ان معاملته اتغيرت معايا
قال "عدنان" بمكر وهو يحك رأسه :
- "سامرين" أنا تعبت أوى فى الخطة دى .. ومعنديش استعداد انها تبوظ .. عامة أنا سرعت اللعبة بخبر الحمل .. وده كل حاجة تظهر وتبان .. وكل اللى فى نفسه فى حاجه هيقولها أو هيعملها .. دلوقتى مفيش الا حل واحد عشان الخطة تستمر صح ومنتكشفش
عقدت جبينها وقالت :
- ايه هو الحل
قال بحزم :
- لازم انتى و "مهند" تكتبوا الكتاب
شهقت "سامرين" قائله :
- لأ طبعا
بينما بدت ملامح "مهند" خاليه من أى تعبير وان كان يشكر عمه فى نفسه لالتقاطه ما يفكر به عقله .. وما يهواه قلبه .. قال "مهند" ببرود مصطنع :
- انا شايف برده كده يا عمى .. نكتب الكتاب مؤقتا لحد ما القاتل يتكشف
صاحت بحده وهى تنقل بصرها بينهما :
- لأ طبعا .. مش ممكن أوافق .. الخطة مش هتتكشف ولا حاجة .. و ممكن أوى البشمهندس "مهند" يسيب الفيلا زى ما كان عايز يسيبها النهاردة وبكدة مفيش حاجة هتتكشف
قال "عدنان" بحزم :
- أنا محتاج "مهند" جمبى اليومين دول .. الله أعلم ايه اللى هيحصل .. وبعدين يا "سامرين" انتى مش هتخسرى حاجة .. مجرد ورقة وبعد ما القاتل يتكشف ابقوا قطعوها
أخذت تحرك قدميها بعصبيه .. فالتفت "عدنان" قائلاً ل "مهند" :
- روح مع "بشير" دور على مأذون واديني تليفون وهجيلك انا و "سامرين" .. ودور على اتنين يشهدوا على العقد .. بس خلى بالك "بشير" و "دياب" مش عايزهم يحسوا بحاجه
نهض "مهند" بسرعة وقال :
- طيب ما أمشيهم أحسن
فكر "عدنان" وقال :
- لأ .. ممكن الىل فى البيت يسألوا ليه مشيناهم .. عايز الأمور طبيعيه .. مش عايز أى حد يشك فى أى حاجه
خرج "مهند" مسرعا بينما التفتت "سامرين" الى خالها قائله بغيظ :
- أنا موافقتش على اللى هيحصل ده
قال "عدنان" مربتا على كفها وهو ينظر الى عينيها بحنان :
- ادوا لنفسكوا فرصة كل واحد يفهم التانى ويعرف ايه اللى حصل وخلى كل واحد منكم يفتكر ان تانى باعه
قالت "سمر" بألم :
- "مهند" باعنى فعلا .. باعنى واتجوز صحبتى
قبل "عدنان" رأسها قائلاً :
- متتسرعيش فى حكمك .. هو أكيد عنده كلام كتير نفسه يقولهولك .. لازم تتكلموا مع بعض وتشرحوا مشاعركوا لبعض .. اللى فرق بينكوا زمان خلاص تحت التراب دلوقتى .. اتمسكى بيه يا "سامرين" .. "مهند" راجل .. راجل بجد .. ومستحيل تلاقى زيه


خفق قلبها وهى جالسه أمام المأذون بجوار "عدنان" .. رنت فى أذنيها كلمات "عدنان" .. أن العقد مؤقت يمزقاه متى انتهت اللعبة .. لكنها عندما وافقت على الزواج وأوكلت "عدنان" وليا لها .. لم تشعر فى قلبها بأى رغبة فى تمزيق العقد .. أو الفكاك من قيده .. رفعت بصرها تنظر الى "مهند" وقلبها يهتف .. احبك حتى لو طعنتى بخنجرك .. حتى لو سالت دمائى بين أصابعك .. لا أملك الا أن أحبك
عندما قال بلسانه .. كلماته الموافقة والقبول .. لم يكن فى قلبه ذرة رغبة فى تركها تفلت مرة أخرى من بين يديه .. رفع رأسه نظر اليها وقلبه يهتف .. لن تفلتى من قلعتى هذه المرة .. ستبقى سجينتى الى الأبد !
**************************************
همس بالقرب من أذن "سمر" :
- هستناكي في أوضتي بعد ما الكل ينام
خفق قلبها بقوة وهمست وهي تتطلع الي الجميع بقلق :
- مش هاجي
همس بحزم :
- هتيجي
زمت شفتيها بقوة بينما عاد "مهند" الي مكانه وهو يرمقها بنظراته بين الحين والآخر
******************************
- انت اتجننت .. اتفضل اطلع بره .. افرض حد شافك
فجأة صاحت "سمر" بألم عندما قبض "مهند" بقوة علي شعرها ودفعها الي الخلف ليلتصق ظهرها بالجدار .. أصدرت آهات ألم وهي تحاول الفكاك من قبضة يده وهي تهتف :
- "مهند" انت اتجننت .. سيب شعري
سحب شعرها للخلف فاضطرت أن ترفع رأسها فالتقت عيناها بعينيه التي تشع غضبا وسمعته بقول بغضب شديد وهو يزيد من ضم قبضة يده علي شعرها :
- فرحانه بيه وبجسمك وعاملالي عرض أزياء من أول ما جيتي ؟ .. عارفه أنا عايز أعمل فيكي ايه دلوقتي .. أديكي كام قلم علي وشك أطفي بيهم النار اللي جوايا
هتفت بغضب وهي تحاول من جديد أن تفلت شعرها من بين أصابعه المتشبثة بها بقوة :
- سيب شعري .. انت ملكش حكم عليا .. ملكش دعوة أبين شعري ولا مبينوش .. ألبس متغطي ولا عريان .. أنا حرة .. آآآآآه
أطلقت صرخة ألم أخري عندما اشتدت قبضته علي شعرها حتي تمزقت شعرتين أو ثلاث بين أصابعه وهو يقول بغضب شديد:
- قسما بالله لو شوفتك من غير حجاب تاني ولا شوفتك لابسه حاجه تبين مللي واحد من جسمك لهديكي حتت علقة .. وأدامهم كلهم ولا هيهمني
علي الرغم من قسوة قبضته علي شعرها وما تشعر به من ألم الا أنها لم تستطع أن تمنع شعور السعادة الذي تسرب اليها وجعل قلبها يخفق بقوة .. لكنها أخفته بداخلها وهي ترسم تعبيرات غاضبة علي وجهها قائله بحده :
- ممكن تسيبني بأه
ترك "مهند" شعرها فأعادت جمع الخصلات المشعثة وهي تتطلع الي عيني "مهند" التي تحولت من الغضب الي الحنان في لمح البصر .. أخفضت بصرها لا تقوي علي مواجهة نظراته التي تتأمل في ملامحها بإمعان خشية أن يفضحها وجهها معلنا عما يعتمل في داخلها من أحاسيس .. سمعته يهمس متنهدا :
- هحتاج فترة عشان أتعود علي شكلك الجديد
رفعت رأسها قائله بكبرياء :
- تتعود أو متتعودش دي حاجة متهمنيش
لكن كبريائها تحطم ومقاومتها تلاشت عندما رفع كفه يمرره علي وجنتها بحنان وهو يحتضنها بعينيه .. اضطربت "سمر" .. ثم .. لاحت في عينيها العبرات تصرخ معلنة عن ألم يشعل النيران داخل صدرها .. همس "مهند" بحنان وهو يمسح بأصابعه احدي العبرات الهاربه من عينيها :
- متعيطيش .. عشان خاطري متعيطيش
اضطرب تنفسها وتسارع وهي تنظر اليه برجاء هاتفه بألم :
- اخرج .. أرجوك اخرج
أطرقت برأسها .. فما كان من "مهند" الا أن أومأ برأسه بهدوء ثم غادر الغرفة في صمت وامارات الأسى علي محياه

***************************
- أنا عرفت كل حاجة
توترت "سمر" وقالت :
- عرفت ايه
قال "مهند" والغضب علي محياه :
- الدكتوره قالتلي انك لما فوقتي اتخضيتي لما شوفتي العصير اللي كان علي هدومك وطلبتي منها تفحصك
بلعت "سمر" ريقها بصعوبة وقد احمرت وجنتاها خجلا وغضبا في نفس الوقت .. فأكمل "مهند" بغضب :
- اتكلمي .. عايز أفهم .. ليه عملتي كده .. انطقي ليه عملتي كده .. كان كتب كتاب بس مش كده ؟ .. ولا مكتبتوش الكتاب اصلا ؟ .. انطقي
هتفت بغضب :
- "مهند" ابعد عني .. أنا معنديش استعداد أفهمك أي حاجه أو أشرحلك أي حاجه
نزعت ذراعها من يده وسارت متوجهة الي باب المرسم لكن قبل أن تصل اليه أمسكها "مهند" مرة أخري وأدارها تجاهه .. وقبل أن تعي ما يحدث وجدته يحيط جسدها بذراعه يضمها اليه بشده .. بشوق .. بحنان .. سكنت فجأة .. لحظات بدت كسنوات خفق خلالها قلبها بقوة وأغمضت عيناها .. همس في أذنها بعذوبه :
- ياااااه .. أخيرا
تنهد بقوة ثم أبعدها قليلا ينظر الي أعماق عينيها هامسا :
- بحبك
خفق قلبها بشدة واضطرب تنفسها .. حاولت أن تبعده عنها لكنه كان مطبقا عليها بقوة .. نظرت اليه وقالت وهي تحاول أن تتصنع البرود :
- وأنا مش حسه بأي حاجه نحيتك
قال بحنان وهو يغوص بنظراته في عيناها :
- كدابه .. عنيكي بتقول غير كده .. عنيكي بتصرخ وتقول أنا كمان بحبك يا "مهند"
لمعت العبرات في عيناها وهي تهتف بألم :
- لو عنيا قالت كدة هغمضهم .. مش هفتحهم أبدا .. هغيرهم زي ما غيرت وشي
نظر اليها "مهند" هاتفا بأسي بصوت متهدج :
- الخنجر اللي اتكلمتي عنه في خاطرتك خنجرك انتي .. واللي علي الخنجر ده دمي أنا
قالت بتهكم ممزوج بالغضب :
- بتحاول تخدع نفسك ولا تخدعني ؟
أطرقت برأسها فوقعت عيناها علي فراغ البدلة مكان ذراعه الأيسر المبتور .. ازداد لمعان عينيها .. ودون تفكير .. رفعت كفها تتحسس ذلك الفراغ بطول ذراعه من أعلي الي أسفل والعبرات تتساقط فوق وجنتيها علي وجهها الذي ينطق ألما .. نظر "مهند" الي كفها الذي يرتعش متحسسا ذراع البدلة الفارغ ثم نظر اليها يضمها اليه بشدة .. ما ان لامس وجهها صدره حتي انفجرت في البكاء .. بدت وكأنها تحبس بداخلها بركانا تفجر فجأه لا تريد حممه أن تهدأ .. مسح "مهند" بيده علي ظهرها وقبل رأسها وهو يقول بحنان بالغ متأثرا لبكائها :
- حبيبتي أنا كويس .. صدقيني كويس .. وراضي باللي ربنا اختارهولي .. حالي أحسن من حال شباب كتير اصاباتهم كانت أكبر .. الحمد لله علي كل حال
رفعت وجهها المبلل العبرات وهي تنظر اليه هامسه :
- انت جميل أوي .. و قوي أوي .. ياريتني كنت قوية زيك
مسح عبراتها بأطراف أصابعه وهو يقول برقه :
- الحمد لله ان ربنا شافاكي .. الست ردتلي الجميل بأحسن حاجه ممكن أي حد في الدنيا يقدمهالي
نظر الي ذراعها الذي عاد كليا الي طبيعته .. متحسسا اياه .. ثم نظر اليها متطلعا الي تلك العينان التي لطالما رآهما تتطلعان الي .. بحب .. وعشق .. تحسس وجنتها بأنامله قبل أن ينحني ليطبع قبل رقيقه علي شفتيها دون مقاومة منها
وعلي مقربة منهما شهقت "يسرية" التي كانت تصورهما بهاتفها .. وقفت للحظات أخري فرأتهما يتحدثان قليلا وتنظر "سمر" الي ساعتها ثم يستعدان لمغادة المرسم .. أسرعت وتوجهت الي داخل الفيلا وهي تقبض علي هاتفها وكلها عزم واصرار علي فضح .. "مهند" .. و .. "سمر" !
توجهت الي غرفة المعيشة حيث اجتمعت العائلة بأسرها وصاحت بقوة :
- شوفت "مهند" بيبوس "سمر" في المرسم
بدا وكأن صاعقة ضربت في المكان ونزلت فوق رؤسهم !
Comments
0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق