روايات منى سلامة

روايات دكتورة منى سلامة
للتواصل مع الكاتبة:
الفيس بوك
الصفحة العامة

الانستجرام

الفصل التاسع والعشرون (( الأخير )) من رواية العشق الممنوع



سكتوا كأن علي رؤسهم الطير .. يحاول كل منهم استيعاب الحقيقة التى شرحها "عدنان" والتي زلزلت كيانهم .. أول من فاقت من صدمتها هي "فريدة" التي عانقت "سامرين" بقوة قائله :
- ياااه .. مش قادرة أصدق .. انتي "سامرين"
ابتعدت عنها لتنظر الي وجهها قائله :
- العمليات اللي عملتيها غيرتك أوي .. صحيح مشفتكيش من زمان .. بس شكلك مختلف أوي عن "سامرين" اللي في خيالي
ابتسمت "سامرين" بوهن .. اقتربت منها "انعام" معانقة اياها وهي تقول بحنان :
- بنت أختي ....
ثم ضحكت قائله وهي تنظر اليها :
- وأنا اللي كنت فاكراكي مراة أخويا طلعتي بنت أختي
اتسعت ابتسامة "سامرين" وهي تنظر اليها قائله :
- وحشتيني أوي يا خالتو
قالت "انعام" بتأثر :
- انتي كمان وحشتيني أوي .. للأسف كلنا كنا بعاد عن بعض لدرجة ان محدش فينا يعرف أخبار التاني
تنهدت في خسرة وهي ترمق عائلتها بنظراتها وتقول :
- ياريتنا كنا سند لبعض .. وحمى لبعض وقت الشدة
قاطعها صوت سرينة سيارة الشرطة فاندفع "عدنان" الي الخارج وكأنه كان يتوقع تلك الزيارة .. خرج من الفيلا ليجد "عادل" متوجها ومعه اثنان من الحرس الي جراج الفيلا .. فاندفع "عدنان" من خلفه وعلي أثره "مهند" و "سامرين" .. وقف "عادل" في منتصف الجراج ومن خلفه الجميع تتسع أعينهم في دهشة .. قال "عادل" بتهكم :
- كنت عارف انك هتيجي تدوري علي الورقة في الجراج
صرخ "عدنان" قائلا :
- انتي ؟ .. ازاي .. مش فاهم حاجه
هتفت "سامرين" بدهشة :
- بتعملي ايه هنا يا "فيروز" ؟
- وقفت "فيروز" مرتبكة وهي تقول :
- عادي يعني هكون بعمل ايه .. بركن العربية
قال "عادل" بسخرية :
- الجراج متركب فيه كاميرات مراقبة من ساعة ما قولت عن موضوع الورقه اللي القاتل سابها .. وواضح في الكاميرات انك مكنتيش بتركني العربية بس .. لا كنتي بتدوري علي حاجة في كل شبر من الجراج
قالت"فيروز" بتوتر شديد :
- كان فعلا في حاجه وقعت مني وبدور عليها .. فيها ايه دي
قال "عادل" بحزم :
- خلاص يا "فيروز" لعبتك اتكشفت والبنت اعترفت بكل حاجه
امتقع وجه "فيروز" وهي تهتف :
- كدابه .. البنت دي كدابه
قال بسخريه :
- وعرفتي منين انها كدابه .. مش تعرفي الأول هي قالت ايه
هتف "عدنان" بعدما تجمعت العائلة في الجراج يروون فضولهم مما يحدث .. فقال "عادل" وهو ينظر الي "عدنان" :
- الشخص اللي استخدم القاتل اللي قتل الحارس لما اكتشفوه وهو خارج من الجراج .. يبقي مدام "فيروز"
هتفت "سامرين" بدهشة :
- ازاي .. ليه تعمل كدة
قال "عادل" بثقه وهو ينظر الي "فيروز" بتشفي :
- مدام "فيروز" حبت تنتقم وتوقع العيلة في بعضها .. خاصة لما عرفت ان كان في محاولة قتل وهي في تركيا قبل ما تيجي مصر وبكدة الشبهات هتكون بعيد عنها تماما .. هدفها مكنش القتل .. هدفها كان ان الشخص اللي استخدمته يضرب كام طلقه في الهوا .. أو يعمل أي حاجة تدل علي انه جاي يقتل "عدنان" بيه .. عشان شكوكه تزيد حولين اخواته أكتر وبكدة تنتقم منه لانه طردها من بيته ومن حياته .. ثم التفت قائلا :
- مش كده برده يا مدام "فيروز" ؟
قالت وهي ممتقعة الوجه :
- كدب كل ده كدب .. معنكش أي دليل
قال بثبات :
- وجودك هنا والكاميرات بتصورك وانتي بتفتشي في كل حته في الجراج ده دليل قوي .. ده غير طبعا شهادة القاتل لما فاق تماما من الغيبوبة
قالت باضطراب شديد وبعصبية :
- حتي لو ده حصل .. أنا مليش ذنب انه كان غبي وقتل الحارس .. أنا قولتله يخوفهم بس .. ما قولتلوش يقتل حد .. أنا مليش دعوة بجرية القتل
صفق "عادل" بيديه ثم نظر الي احدي الكاميرات المثبته في زاوية الجراج ولوح أمامها ثم نظر الي "فيروز" قائلا منتشيا :
- وبكده نبقي خدنا من حضرتك اعتراف صوت وصورة .. علي فكرة القاتل مات من يومها ومدخلش غيبوبة أصلا
اختفت الدماء من وجهها وقفزت العبرات الي عينيها ورجال الشرطة يسحبونها وهي تقاومهم صارخة الى أن تغلبوا عليها وكبلوا أيديها بالأصفاد وسحبوها خارج الجراج .. تمتمت "سامرين" بخفوت :
- اللهم لا شماته
نظر الجميع الي بعضهم البعض في دهشه عندما قال "عادل" :
- نحل بأه اللغز التاني .. اللي هو لغز الحريقه
التفت ينظر الي "فريدة" وبدا وكأن كل منهما يفهم الآخر .. ثم قال ل "سامرين":
- الحريقة مكنش مقصود بيها أذيتك ولا أذية "عدنان" بيه .. الحريقه كان مقصود بيها أذية شخص تالت
قالت "سامرين" بإستغراب :
- ازاي مقصود بيها أذية شخص تالت .. محدش بيدخل الأوضة الا أنا وخالو
قال "عادل" علي الفور :
- المفتاح مع 3 أشخاص .. انتي و "عدنان" بيه
ثم نظر الي "لميس" الواقفه خلف الجميع وقال :
- و مدام "لميس"
وضعت "لميس" كفها على صدرها وصاحت بهلع :
- والله ما أنا .. أنا ليه هأذيهم
هتفت "كوثر" فجأة :
- لحظة .. لحظة .. "سامرين" قالت خالو .. وحضرة الظابط معلقش .. ده معناه ايه
ابتسم "عادل" قائلا :
- معناه اني كنت عارف ان "سامرين" هي بنت أخت "عدنان" بيه .. بس أوهمتكوا اني كشفت علي القسيمة عشان محدش يشك قي جوازهم .. لان كان همنا اننا نوصل للقاتل الحقيقي
هتفت "لميس" مرة أخري :
- مش أنا .. والله مش أنا
قال "عادل" بهدوء :
- عارف
قال "مهند" بدهشة :
- مش فاهم أمال مين اللي عمل الحريقة ؟
قال "عادل" وهو ينظر الي "مهند" :
- هو نفس الشخص اللي حط المسدس في أوضتك عشان يوهمنا ان انت القاتل
ازدادت دهشة "مهند" .. ونظر الجميع الي بعضهم البعض في شك .. شخص واحد وقف متقطع الأنفاس .. متوتر .. يحاول التظاهر بالثبات .. التفت "عادل" مشيرا الي ذلك الشخص قائلا :
- مدام "يسرية"
تجمدت في مكانها وقد أخذ قلبها يطرق علي باب صدرها بجنون .. هتف "حسني" :
- ازاي يعني .. انت بتقول ايه .. "يسرية" معهاش مفتاح أوضة "عدنان" و لا عمرها دخلت أوضة "مهند"
قال "علاء" موافقا :
- بالظبط كده .. لا عمرها دخلت أوضة "عدنان" ولا أوضة "مهند"
هتف "حسني" :
- أمال ازاي عملت الحريقة وخبت المسدس
قال بثقه :
- زي ما عملت مدام "فيروز" بالظبط .. استعانت بشخص تاني
ثم قال بحزم :
- خدامة "سامرين"
شهقت "سامرين" واضعة كفها فوق فمها وهي تقول :
- ازاي دي بنت طيبة .. ابه اللي يخليها تأذيني
قال "عادل" :
- قولتلك مكنش قصدها تأذيكي .. كان قصدها تأذي مدام "لمبس" لان محدش غيرها معاه مفتاح الأوضة وكل الشكوك هتتجه ناحيتها لانه هيكون التفسير المنطقي الوحيد لدخول المجرم الاوضه .. وعشان كدة الحريقه كانت في البلكونه مش في الأوضة نفسها .. عشان يقدر الحرس اللي علي البوابة بشوفوها وبطفوها قبل ما تمتد لجوه الأوضة وده اللي حصل فعلا .. بس خطة مدام "يسرية" فشلت لما "عدنان" بيه رفض بشدة و بإصرار انه يوجه الاتهام لمدام "لميس" وبكده مقدرناش نتهمها بحاجه
هتف "عدنان" وهو يتطلع الي "يسرية" بقسوة :
- خاينة.. خاينة .. والله ما أنا عاتقك .. ليه كنتي عايزه تأذيها .. مش كفاية اللي حصلها بسببكوا
أجهشت "لميس" في البكاء وعيناها تترجان "عدنان" ألا يقوم بهتك سترها والبوح بالسر الدفين .. فامتثل لرجاء عينيها وصمت .. فأكمل "عادل" :
- اللي فهمته من الآنسه "فريدة" هو وجود عداوة بين مدام "يسرية" و مدام "لميس" وده اللي خلانا نشك ان مدام "يسرية" ليها يد في الموضوع .. استدعينا خدامة "سامرين" واستجوبناها .. وتحت ضغط شديد مننا انهارت واعترفت بكل حاجه .. اعترفت ان مدام "يسرية" ادتها فلوس مقابل انها تحط منوم لمدام "لميس" في الشاي اللي متعودين يشربوه بعد الغدا .. تمام زي ما "سامرين" متعودة تطلب عصير بعد الغدا .. بعد ما حطت المنوم في شاي مدام "لميس" خدت منها المفتاح اللي دايما بتشوفها حطاه في جيبها .. ادت العصير ل "سامرين" اللي برده كان فيه منوم .. وخرجت من الاوضه بعد ما "سامرين" أفلت وراها بالمفتاح .. ولما سمعتها بتقع علي الارض عرفت ان المنوم بدأ مفعوله .. دخلت بمفتاح مدام "لميس" وولعت في ستارة البلكونه الخارجية اللي سهل ان الحراس يشوفوها من علي البوابه .. وخرجت وأفلت وراها بالمفتاح
ساد الصمت للحظات .. ثم أكمل :
- كان هدفها انها تخلي "عدنان" بيه يشك في مدام "لميس" انها ورا قتله ويسجنها أو في أفضل الظروف يطردها .. بس "عدنان" بيه كانت ثقته في مدام "لميس" كبيره
تنهد "مهند" بأسي وهو يقول ناظرا اليها :
- طيب وأنا .. أنا أذيتك في ايه عشان تأذيني كده
قالت بحقد دفين :
- من يوم ما جيت القاهرة و "عدنان" مخليك الكل في الكل أكن محدش بيشتغل في الشركة غيرك .. كان لازم أدافع عن حق ولادي
أجهشت "نهال" في البكاء وهي تنظر الي والدتها بعتاب شديد .. غادرت الجراج مسرعة وهي تبكي فلحقتها "لميس" الي غرفتها وعانقتها لتحاول التخفيف من مصابها

ساد الصمت طويلا .. والوجوه يعلوها الرجوم بعدما سيقت "يسرية" الي قسم الشرطة يصاحبها "نهاد" الذي رفض تركها بمفردها في هذه الظروف .. هتف "عادل" بمرح وقد استمتع بدور كاشف الألغاز :
- نيجي بأه لأكبر قطعة ناقصة في البازل .. مين اللي قتل الجنايني ؟!
هتف "عدنان" بحنق شديد :
- متقولش ان لسه في خونه وسطنا .. كفايه عليا اللي اكتشفتهم
ابتسم "عادل" قائلا :
- للأسف لسه في خاين أخير
نظر "حسني" و "علاء" و "كوثر" الي بعضهم البعض في توتر .. فأكمل "عادل" كأنه يقص حدوته :
- الحكاية بدأت بقتل الجنايني اللي كلنا ظنينا انه اتقتل غلط واللي مقصود بالقتل هو "عدنان" بيه
هتف "عدنان" بدهشة :
- أمال مين اللي كان مقصود .. وازاي القاتل دخل الفيلا وازاي خرج
حانت من "عادل" التفاته الي "فريدة" وابتسم لها .. ثم نظر الي "عدنان" قائلا :
- القاتل كان أدامك طول الوقت .. دخل أدام عنيك وخرج أدام عنيك وفضل واقف أدامك بكل قوة وجبروت
أكمل تحت عيونهم المندهشة :
- المعطيات اللي عندنا بتقول ان القاتل شخص محترف .. صوب مباشرة في اتجاه القلب .. مستحيل شخص أول مرة يشيل سلاح ويقدر بالدقة الشديدة دي ومن طلقة واحدة انه يصيب هدفه .. لاننا ملقيناش الا فارغ واحد لرصاصة واحدة .. وكمان أجهزة الانذار كانت علي السور واللي مكنش حد يعرف عنها أي حاجه الا "مهند"
هتفت "سامرين" بحدة :
- لا مش "مهند" .. مش هو اللي قتل
نظر اليها "مهند" نظرة جعلت قدماها تصطكان ببعضهما البعض وقلبها يرتجف بقوة .. فأشاحت بوجهها المضطرب عنه .. بينما أكمل "عادل" قائلا :
- وكمان احنا لما جينا فتشنا كل حاجة .. الفيلا والمرسم والجنينة حتي العربيات .. ومع ذلك ملقناش القاتل لانه بمنتهي البساطة كان واقف وسطنا طول الوقت
هتف "علاء" بعصبية :
- قصدك ايه .. أنا الوحيد اللي بعرف أشيل سلاح .. معني كدة انك بتتهمني بالقتل
هز "عادل" رأسه نفيا وقال :
- لا مش انت يا "علاء"
هتف حسني" بعصبية :
- أمال مين .. مفضلش غيري أنا و "كوثر" و "انعام" و "نهاد" و "نهال"
قبل أن يفتح "عادل" فمه ليخبرهم بإسم القاتل هتفت "فريدة" بدهاء :
- حاميها حراميها !
ابتسم "عادل" وهو بنظر اليها معجبا بذكائها وهو يقول :
- بالظبط كده .. حاميها حراميها
ثم نظر الي "عدنان" وفجر قنبلته قائلا :
- قاتل الجانيني هو .....
صمتت للحظات ثم قال :
- الحارس اللي مات
هتف "مهند" بدهشة :
- نعم ! .. الحارس اللي مات ! .. ليه وازاي ؟!
قال "عادل" شارحا :
- طبعا كان بعيد تماما عن الشبهات .. لكن "دياب" الحراس اللي اتجوز بنت الجنايني اللي مات جالي النهارده القسم وقالي معلومة خطيرة جدا عرفها من مراته .. عرف منها ان عم "مرزوق" أبوها رجع في يوم من الشغل وهو مضايق وقالها انه شاف حد من الفيلا وهو بيقطع الكهربا عنها
قال "مهند" شاردا:
- يوم ما الحرامي نط علي السور
قال "عادل" بحزم :
- مفيش حرامي ولا حاجه دي لعبة ألفها الحارس عشان يوهمكوا ان في حرامي بيحاول يدخل الفيلا عشان يبعد الشبهات عنه وبدخل الفيلا وياخد اللي هو عايزه .. يوميها قطع الكهربا عن الفيلا وضرب كام طلقه في الهوا وقال ل "دياب" بدخل يطمنهم وأوهمه انه هيجري ورا الحرامي .. بس حظه ان الجنايني شافه وهو بيقطع الكهربا .. وأكيد في حوار دار بينهم وقتها .. لكن الجنايني حس بالتعب فجأة ورجع البيت وقال ل "دعاء" بنته انه شاف حد من الفيلا بيقطع الكهربا عنها .. وقالت انه حاول يتصل ب "عدنان" بيه يومها لكن مردش.. من انفعاله دخل في غيبوبة سكر .. والضغط علي عليه .. فضل علي الحال ده أيام ولما فاق قال لبنته انه هيروح يشتكي الحارس ل "عدنان" بيه .. أول ما وصل الفيلا الحارس شافه .. وفهم انه هيبلغ عنه .. مشي وراه .. ولما جه الجنايني يكلم "عدنان" بيه لقاه مشغول في مكالمة التليفون وقاله ياخد اللوحة من المرسم ويطلعها الفيلا .. مخدش باله من الحارس اللي مشي وراه لحد المرسم وطلع سلاح تاني كان معاه .. شكله كان عامل حسابه انه يستخدمه لو الجنايني أصر انه يبلغ عنه "عدنان" بيه .. وده الي حصل وضربه الطلقة وبإحتراف شديد .. وفضل طول الوقت واقف أدامنا وبيساعدنا في التفتيش عن القاتل !
صمت قليلا يأخذ نفسه ثم قال :
- ولأن اللي بدر لتفكيرنا كلنا ان "عدنان" بيه هو المقصود بالقتل خاصة بعد الحادثة الوهمية بالتهجم علي الفيلا .. محدش شك ان الجنابني هو المقصود .. حتي بنته مشكتش وعشان كده ما جاش في بالها تبلغنا بحاجه زي كدة .. لكن "دياب" لما عرف منها الكلام ده .. ربط انه يومها مشفش الحرامي بنفسه .. الحارس قاله ان هو اللي شافه .. ف "دياب" شك .. طالما الجنايني شافه وهو بيقطع النور عن الفيلا .. يبقي أكيد مكنش في حرامي ولا حاجة وكانت تمثيليه من الحارس عشان يبعد الشبهات عنه لما ييجي يتهجم علي الفيلا بنفسه .. وجه "دياب" بلغنا علي طول
قال "عدنان" بإستغراب ووجهه يعلوه الوجوم :
- وايه يخلي الحارس يعمل حاجه زي كده ؟
قال "عادل" وهو يمط شفتيه :
- حاجه من اتنين .. يا اما كان هدفه انه يسرق فلوس من الخزنه .. يا يسرق منها ورق ويبيعه لأحد منافسينك .. طبعا بعد ما "دياب" بلغنا فتشنا مكان سكنه .. ومن حسن حظنا ان أهله مكانوش فرطوا في حاجته .. ولقينا في هدومه مسدس من نفس النوع اللي اضربت منه الطلقه .. ده غير اننا لقينا المسدس متعمر وناقص منه طلقه واحده بس


******************

تجمعوا في غرفة المعيشة بعد رحيل الشرطة وكل منهما غارق في النكبة التي أصابتهم .. نهض "حسني" وكاد أن يتوجه الي قسم الشرطة من أجل "يسرية" .. لكنه التفت قبل أن يغادر ووقف أمام "عدنان" قائلا :
- شكيت فينا كلنا .. اننا ممكن نفكر نقتلك .. صحيح احنا اتصرفنا تصرفات كتير غلط .. بس متوصلش للقتل يا "عدنان"
قالت "كوثر" بأسي:
- فعلا كان معاك حق تشك فينا .. لان بابا الله يسامحه بدل ما يعلمنا ازاي نحب بعض ونخاف علي بعض .. علمنا ازاي نحسد بعض ونحقد علي بعض
ثم قالت بعتاب :
- بس متوصلش للقتل يا "عدنان"
تنهد "عدنان" قائلا وهو ينظر الي "حسني" :
- اوعي تفتكر يا "حسني" اني نايم علي وداني ومعرفش الصفقات اللي بتعملها باسم شركتنا مع الشركة التركية بدن ما يدخل مكسبها في الحسابات أو تتثبت علي ورق .. واوعوا تفتكروا اني معرفش بقضية الحجر اللي كنتوا بتخططوا انكوا ترفعوها عليا .. كان لازم أعمل كده عشان أمنعكوا .. وعشان أعرف المخلص من الخاين .. حبيبي من عدوي
أطرق "حسني" برأسه خجلا .. فقال "عدنان" بحزم:
- أنا مغلطتش في حق واحد فيكوا .. ليه تعملوا فيا كدة
تحدث "مهند" قائلا :
- اسمحلي يا عمي .. حضرتك غلطت .. وغلطت غلط كبير أول
نظر اليه "عدنان" بإستغراب فأكمل "مهند" بأسى :
- غلطت لما طاوعت جدي في اللي عمله وحرمت كل واحد في اخواتك من ميراثه .. حتي لو كان جدي ظلم ولاده .. انت بموافقتك ورضاك ساعدته في ظلمه ده .. وظلمتهم زيه بالظبط
ثم قال :
- اوعي تفتكرني بقول الكلام ده عشاني أو عشان "فريدة" و "سامرين" .. لا احنا التلاته شرعا ملناش ميراث لان والدي وأم "سامرين" اتوفوا قبل ما جدي يموت .. لينا بس وصية واجبة فرضها القانون .. بس أنا برده مش بتكلم عشان الوصية الواجبة .. أنا بتكلم عشان عمي "حسني" وعمتي "كوثر" و عمتي "انعام" .. حرمتهم من ميراثهم الشرعي اللي ربنا أمر بيه .. اذا كان جدي زرع الحقد والحسد فانت سقيته وكبرته يا عمي
أطرق "عدنان" برأسه وهو يتنهد بقوة مستشعرا بخطأه .. فقال "مهند" بحزم :
- مينفعش تنتظر من اخواتك الحب والود والرحمة وانت مانع عنهم حقهم .. مينفعش تزرع شوك وتنتظر نبته طيبه .. محدش بيحصد الا الحاجة اللي زرعها .. قدم الخير تلاقي الخير .. ابدأ بالحب والعدل وهتلاقيهم حواليك .. حواليك مش عشان فلوسك .. لا .. حواليك عشان بيحبوك .. عشان صلة الرحم اللي بينك وبينهم

تقدم "حسني" ووقف أمام "عدنان" تماما وفي غفله منه أمسك برأسه وقبلها قائلا :
- سامحني با "عدنان" .. سامحني علي كل اساءة عملتها أو فكرت أعملها في حقك
اغرورقت عينا "عدنان" بالعبرات وهو يمرر عينيه علي وجوه اخوته ويقول :
- انتوا اللي تسمحوني اني حرمتكوا من حقوقكوا .. لكن كل ده هيتصلح ان شاء الله
ثم نظر الي "مهند" وعانقه قائلا بألم :
- سامحني يا "مهند" كل اللي حصلك انت و "سامرين" كان بسببي .. لو كنت اديت لكل واحد حقه كنتوا قدرتوا تجهزوا شقتكوا وتتجوزوا
انسابت العبرات بمرارة علي وجنتي "سامرين" فاقترب منها "عدنان" معانقا اياها مقبلا رأسها هامسا :
- سامحيني يا بنت أختي

*********************

رفع "دياب" طرحة عروسه وهو يقبل جبينها قائلا :
- مبروك يا حبيبتي
ابتسمت له "دعاء" وقالت بخفوت :
- الله يبارك فيه
دخلت غرفة النوم تبدل فستانها .. أخذ "دياب" يجول بعيناه في منزلها قديم الأثاث والذي لم يستطع تجديد أثاثه .. تنهد بأسي وهو يدعو الله أن يرزقه ويوسع في رزقه ليعوض "دعاء" عن ظروفه التي منعته حتي من شراء شبكة لها .. خرجت "دعاء" وهو تشد المئزر عاي جسدها وتنظر اليه بتوتر .. دق الباب فنظر الاثنان الي بعضهما البعض بدهشه .. فمن ذا الذي يزورهم في هذا اليوم .. وهذا الوقت .. أشار ل "دعاء" بدخول الغرفة .. سقط قلبه أرضا وهو يري "سحر" حاملة طفلتهما الباكية وتقتح البيت عنوة .. تراجع الي الوراء بدهشة .. خرجت "دعاء" بعدما سمعت صوت بكاء الصغيرة .. وصوت "سحر" وهي تقول بتهكم :
- مبروك يا عريس
نظرت بإحتقال الي "دعاء" من رأسها الي أخمص قدميها وهي تقول :
- بأه هي دي بأه اللي رايح تتجوزها .. يا راجل مش كنتي تنقي حاجه أنضف من كده
لم تستطع "دعاء" تحمل المزيد من كلماتها الجارحة فدخلت غرفتها وأغلقت الباب وجلست علي الفراش باكية .. أمسكها "دياب" من ذراعها بقوة ورفع كفه عاليا وهو يصيح :
- والله لو ما مشيتي لأكون رنك حتت علقه لحد ما يبانلك صاحب
قالت "سحر" بتهكم وهي تلقي بالطفله بين ذراعيه :
- ماشيه يا أخويا متقلقش .. بس خد بنتك بأه .. تتربي في عزكوا
قالت ذلك ثم خرجت وهي تغلق الباب خلفها بعنف .. نظر "دياب" الي ابنته الباكية والتي تنفذ منها رائحة كريهة مع ابتلال ملابسها .. تمتم قائلا :
- حسبي الله ونعم الوكيل
دخل الغرفة ليجد "دعاء" جالسه تكفكف دمعها وتنظر بدهشة الي الطفله .. تقدم خطوات ونظر اليها بأسي وهو يقول بصوت مختنق :
- أنا آسف يا "دعاء" .. بجد آسف
نهضت من فوق الفراش وقالت بدهشة :
- هي سابتها ومشت ؟
أومأ برأسه وهو يتنهد بقوة .. صمت قليلا ثم قال :
- هروح أوديها لأمي مش هتأخر عليكي
قالت وهو تتأمل الطفله التي زحف النوم والتعب الي جفونها :
- بس مامتك ست كبيرة ومريضة مش هتعرف تخلي بالها منها
نظر "دياب" الي طفلته بحيرة وألم وقد لمعت العبرات في عينيه وهو يقبلها ويمسح علي ظهرها .. خفق قلب "دعاء" بقوة وهي تتطلع اليه وابتسمت قائله :
- انت حنين أوي يا "دياب"
التفت ينظر اليها .. أراد الابتسام ولكنه لم يستطع فعقله كان منشغلا بتلك الصغيرة التي بين يديه .. أين يتركها في هذا الوقت .. اقتربت "دعاء" من الصغيرة ربتت علي ظهرها .. حاولت حملها .. لكن "دياب" أشار الي ملابسها المبللة بأسي وهو يقول :
- هتوسخ هدومك
لم تعبأ "دعاء" وحملت الصغيرة بين ذراعيها .. عادت الصغيرة الي الصراخ فقالت "دعاء" :
- أكيد مضايقه من هدومها .. وممكن كمان تكون جعانه
وقف "دياب" حائرا .. فتوجهت الي احدي الغرف وتركت الصغيرة فوق فراش صغير وبحثت في الخزانه عاليا حتي أتت ببعض الملابس التي تبدو بأنها مناسبة لها .. بدأت مهمتها في تحميم الصغيرة وتبديل ملابسها بأخري نظيفه .. طلبت من "دياب" التوجه الي الصيدلية ويأتي بطعام مخصص للأطفال في سنها .. فعل .. وعندما عاد وجد ابنته قد سكنت بين ذراعي "دعاء" وهي تنشد لها .. انتهت من اطعامها ووضعتها علي الفراش وظلت بجوارها بعض الوقت الي أن نامت .. خرجت من الغرفة بهدوء .. فنهض "دياب" الذي بدل ملابسه واقترب منها معانقا اياها وهو يقول :
- معلش .. حقك عليا
ابتسمت وهي تقول :
- مفيش مشكله .. حصل خير
فما كان منه الا أن أمسك بيديها مقبلا اياهما ومقبلا جبينها فقالت بخجل :
- "دياب" خلاص مفيش حاجة
زفر بقوة وهو يقول بحنق :
- مكنتش متخيل انها ممكن تعمل حركة تييييييييييت زي دي
قالت بهدوء :
- خلاص ربنا يسمحها ويديها علي أد نيتها
نظر اليها بشغف قائلا :
- عارفه يا "دعاء" أنا حاسس انك نعمة كبيرة ربنا رزقني بيها .. وأوعدك اني هحافظ عليكي وهعاملك بما يرضي الله
عانقها بقوة يرويان سويا عواطفهما التي وهبها كل منهما طوعا للآخر

********************

عاد "نهاد" الي بيته صباحا بعد أن خارت قواه .. ألقي بنفسه فوق الأريكة وهو يطلق زفرات حارة تجثم فوق صدره .. انتفض عندما رأى "بيسان" تخرج من غرفة النوم .. اعتدل في جلسته وهو ينظر اليها وهي تتقدم منه وتجلس علي الأريكة تاركة مسافة بينهما .. قالت :
- ازي طنط .. الموضوع رسا علي ايه ؟
عاد الي زفراته وقال :
- حجزينها في القسم .. وهتتعرض علي النيابة
فجأة انفجر "نهاد" في البكاء كطفل صغير .. نظرت اليه "بيسان" بهلع .. فلم يسبق أن رأته في مثل هذه الحاله من قبل .. ظلت بجواره قليلا ثم تحركت تبغي النهوض .. لكنها أمسك يدها وجذبها الي أن أجلسها بحواها ثم عانقها وهو يبكي فوق كتفها قائلا:
- سامحيني يا "بيسان" .. من يوم ما سبتيني وأنا بتعذب .. أنا محتجلك جمبي في الظروف دي .. أرجوكي متتخليش عني .. لو مليش خاطر عندك فعشان خاطر "فؤاد"
قالت وهو يشعر بارتجافة جسدعا بالبكاء :
- مش قادرة أسمحك .. مش قادرة
رفع رأسه ونظر اليها بأسف وقال :
- أنا آسف .. مستعد أكفر عن غلطتي بأي طريقة انتي عايزاها .. بس متبعديش عني .. والله بحبك انتي ومحبتش غيرك .. كانت ساعة شيطان .. "بيسان" عاقبيني بس متتخليش عني .. أنا موافق اني اتعاقب .. لاني أستحق العقاب
قالت "بيسان" بحزم وهي تكفكف دمعها :
- مش أنا بس اللي المفروض تعتذرله وتستسمحه .. انت غلطت وأذنبت في حق ربنا قبل ما يكون في حقي .. أغضبت ربنا قبل ما تغضبني أنا .. بتطلب مني أسامحك هل طلبتها من ربنا ؟
أطرق "نهاد" برأسه في خجل .. فقالت "ببسان" دامعة وبصوت مرتجف :
- نفسي تكون زي "مهند" ابن عمك
رفع "نهاد" رأسه ينظر اليها فأكملت :
- عمره ما بيبص لوحده ست .. عمره ما ايده بتلمس ايد واحده ست .. علي طول عامل حدود مع الكل حتي معايا .. نفسي تكون كده .. تخاف من ربنا قبل ما تخاف مني .. عينك ما تشوفش غيري .. عينك تخاف انها تبص لوحده غيري وتتأمل في مفاتنها .. ايدك تخاف انها تلمس غيري .. حتي لو لمسه عاديه .. حتي لو لمسة بريئة .. لان الذنوب الصغيرة هي الطريق للذنوب الكبيرة .. نفسي نكون قريبين من ربنا أكتر من كدة يا "نهاد" .. نفسي نخاف من غضبه أكتر ما بنخاف اننا نغضب بعض .. نفسي بيتنا يكون فيه جو ايماني زي اللي بحسه لما بزور صحبتي اللي اتعرفت عليها من المسجد .. بحس براحه في بيتها والقرآن شغال علي طول .. عمرها ما أعدتني مع جوزها ولا حتي أعرف شكله .. علي طول كلامها جميل وبتدكر ربنا .. بحس ان ربنا مباركلها في حياتها أوي .. نفسي في كده .. نفسي نكون كده
شرد"نهاد" في كلماتها .. ثم نظر اليها قائلا :
- ساعديني نكون كده
قالت بحماس :
- نساعد بعض .. تساعدني وأساعدك .. اللي يقع منه حاجه التاني يكملهاله .. ناخد بايد بعض يا "نهاد" عشان ربنا يباركلنا في حياتنا وفي "فريد"
ابتسم لها براحه قائلا :
- وأنا موافق .. وراضي بكل اللي هتقوليه .. بس طمنيني .. سامحتيني ؟
تنهدت قائلا بنظرات ألم :
- أبقي بكدب عليك لو قولتلك اني سامحتك .. بس أنا من جوايا عايزة أسامحك .. يمكن لاني حسه ان الغلط ده كان مشترك .. أنا برده سمحت بحاجات كتير مكنش المفروض أسمح بيها
ابتسم وهو يشد علي يديها قائلا بثقه :
- أوعدك اني هخليكي تسامحيني .. وعد

*********************

في الصباح خلت طاولة الطعام من الملتفين حولها علي غير العادة .. فكل منهم في مكان يجلس شاردا يفكر في حاله وحال تلك العائله المفككه .. سمعت "سامرين" طرقات علي باب غرفة الضيوف التي باتت فيها ليلتها .. فتحت الباب لتجد "فريدة" تقف أمامها مبتسمة وتحمل كوبين من مشروبهما النوبي المفضل .. دعتها "سامرين" للدخول .. جلسا متجاورين علي الاريكة فقالت "فريدة" :
- بحاول أتعود علي انك "سامرين" مش "سمر"
ابتسمت "سامرين" وهي تقول :
- أنا كمان خدت فترة عشان أتعود علي شكلي الجديد
قالت "فريدة" بإهتمام :
- احكيلي علي اللي حصل .. أنا طبعا سمعت اللي عمو "عدنان" حكاهولنا امبارح .. بس أنا بتكلم عنك انتي و "مهند" اللي أعرفه انكوا كنتوا كاتبين كتابكوا وفجأه اطلقتوا وسافرتي و "مهند" مشرحليش سبب طلاقكوا
قالت "سامرين" وهي تتنهد بقوة :
- مش حبه أتكلم في الموضوع ده .. مش حبه أفتكر حاجه
احترمت "فريدة" رغبتها وتجاذبتا أطراف الحديث في أمور أخري

**********************

جلس "عدنان" برفقة محاميه وأفراد عائلته يعيد لهم ورثهم الضائع .. بسعر اليوم .. كما لو كان يعمل طوال تلك السنوات علي نماء ذلك الميراث له ولاخوته .. صفيت النفوس و خزي الشيطان لفشل مسعاه
قدم "عدنان" ل "دياب" مكافأة كبيرة أسعدت قلبه لمساعدته في معرفة القاتل الحقيقي والتي أخرجت عائلته من دائرة الاتهام ..
ترجي "حسني" أخيه ليتنازل عن المحضر المقدم في "يسرية" زوجته .. فعل "عدنان" من أجل خاطر أخيه ولكنه اشترط علي "حسني" ألا تطأ قدما "يسرية" الفيلا طالما في صدره نفس يتردد .

ظن الجميع أن تلك هي نهاية المشاكل والأحزان .. لكن الله عاجل "حسني" بإبتلاء شديد عندما أتاه خبر وفاة "علاء" في منزل أحد أصدقاؤه علي اثر جرعة زائدة من تلك المواد المسمومة التي عاش عليها ومات عليها .. بكت عينا "حسني" لأول مرة .. ليس علي فقد ابنه "علاء" فحسب .. بل علي احساسه بالذنب والتقصير في تربية ابنه .. حتي مات وهو يحمل علي أكتافه أوزار تهد الجبال .. تمتم "مهند" بأسي وألم :
- الله يرحمه .. مات علي معصيه
تصدق "مهند" عن ابن عمه لعل الله يغفر له وتخف كفة ذنوبه


وقفت تتأمل حركة الأغصان المتناغمة مع حركة الرياح وهي شارده .. شعرت بيد تلمس كتفها فجفلت والتفتت ترتطم نظراتها بنظرات "مهند" تأملت للحظات تلك الملامح التي لطالما ذابت حبا لها .. ثم أطرقت برأسها بسرعة وهمت بالانصرف .. لكن يد السجان سبقتها لتتشبث بذراعها بقوة .. نظرت اليه قائله بتوتر :
- سيبني لو سمحت
همس مبتسما :
- مش هسيبك أبدا
بلعت ريقها وحاولت تحرير يدها دون جدوي فقال بحنان :
- متحاوليش .. مش هسيبك .. لازم نتكلم
نظرت اليه ببرود قائله بحدة :
- مفيش حاجة نتكلم فيها يا باشمهندس "مهند"
اتسعت ابتسامته وهو يقول :
- باشمهندس "مهند" .. ايه البواخه بتاعتك دي
خفق قلبها لتلك البسمة التي لطالما عشقتها .. اختفت ابتسامته وهو يقول بجدية :
- "سامرين" لازم نتكلم مع بعض .. انتي فاهمة غلط .. اللي حصل ..........
نظرت اليه بعيون تشع ألما وهي تهتف بغضب :
- اللي حصل انك بعتني يا "مهند" طعنتني في ضهري .. الخنجر خنجرك يا "مهند" والدم دمي
ثم قالت بمرارة :
- متطعنتش منك لوحدك .. اطعنت من أقرب صديقه ليا .. انت وهي .. دبختوني سوا
انهمرت العبرات من عينيها وارتحف جسدها وهي تهتف :
- حبيتها ؟ .. أد ايه ؟ .. أكتر مني مش كده ؟ .. ده ان كنت حبتني أصلا .. ليق قولتلي أستناك .. ليه ضحكت عليا وقولتلي انك بتجهز البيت عشاني .. ليه يا "مهند" ليه
قال بإنفعال وبصوت متهدج :
- أنا فعلا كنت بجهز البيت عشانك .. عشانك انتي .. عمري ما اتمنيت ان واخده تدهله غيرك انتي .. وانتي عارفه كده كويس .. لكنك كلمتيني لاخر مرة وقولتياي انك هتنسيني وهتتحوزي وهتعيشي حياتك وهتنسي كل أيامك معايا .. الخنجر خنجرك يا "سامرين" و الدم دمي
نظرت تليه بإحتقار قائله :
- اضحك علي نفسك .. لكن مش هسمحلك تضحك عليا تاني
همت بالانصراف لكنه جذبها من ذراعها مرة أخري يوقفها أمامه بقوه وهو يهتف بغضب :
- ليه ضحكتوا عليا وفهمتوني انك اتجوزتي .. ردي يا "سامرين" ليه سبتبني أتعذب من غيرك .. ليه
قالت بغضب :
- انت مكنتش بتتعذب يا "مهند" انت كنت عايش حياتك مع "نهلة" مع صحبتي .. مع أقرب صاحبه ليا
هتف بغضب :
- أنا متجوزتش الا بعد ما استنيتك سنين طويله .. استنيتك خمس سنين يا "سامرين" خمس سنين وأنا مش قادر أتخيل اني ممكن أتجوز واحدة غيرك .. خمس سنين وأنا كل يوم بسأل نفسي يا تري اتجوزت بجد .. يا تري مبسوطة معاه .. يا تري نسيتني
شلت الصدمة حركتها .. تظرت اليه بأعين غائره وهي تتمتم :
- خمس سنين ! .. ازاي
قال بحدة :
- أيوة خمس سنين يا "سامرين"

قالن بحيرة واضطراب :
- ازاي .. "نهلة" قالتلي انكوا هتتحوزوا .. والكلام ده بعد سنه واحدة من سفري .. ايه اللي أخر جوازك من "نهلة" ده كله
تجمدت الدماء في عروق "مهند" وقال :
- أنا مفكرتش اني أتقدم ل "نهلة" الا بعد خمس سنين يا "سامرين" ووقتها بابا بعتلي فلوس كملت بيها فرش الشقه ومستنتش كتير
أجهشت في البكاء وهي تهتف بلوعة :
- ازاي .. دي قالتلي انكوا هتتجوزوا .. ازاي .. الكلام ده قالتهولي بعد سنه واخدة .. قالتلي انكوا بتحبوا بعض واتخطبتوا وهتتجوزوا .. قالتلي انك زميت كل ذكوي ليا في البحر .. قالتلي انك نسيتني ومفيش في قلبك غيرها
قال "مهند" مصدوما :
ازاي تقولك الكلام ده .. وقتها أنا مكنتش أبدا بفكر فيها .. ولا اتقدمتلها .. ولا عمري كلمتها ولا وجهتلها كلام
صمت قليلا ثم هتف :
- ده اللي خلاكي تقوليلي الكلام اللي قولتيه في أخر مكالمه
أومأت برأسها وهي تحاول استيعاب صدمتها وهي تتمتم :
- يعني ايه .. كدبت عليا .. ليه .. ليه كدبت عليا .. ايه مصلحتها .. ليه تعمل فيا كده .. ليه تدبحني كده
صمت قليلا ثم قال بمرارة :
- أكيد مستحيل تعمل كدة من نفسها .. أكيد كان باتفاق مع باباكي لانها قالتلي نفس الكلام اللي باباكي قالهولي .. انك اتكتب كتابك وهتتجوزي
قال شارده في أحداث ذلك اليوم :
- "فيروز" أكيد هي كمان كانت مشتركة معاهم
نظر كل منهما الي الآخر وهو يحاول استيعاب الخداع الذي مورس عليه ليظن كل منها بأن الآخر خانه وباعه وفضل غيره عليه .. تجمعت العبرات في عينيها .. ودت لو بكت حتي تريح ذلك الحمل الذي يجثم فوق صدرها .. نظرت الي ذلك الصدر الذي كان دائماً مفتوح لها .. لحظة ووجدت وجهها مدفون في ذلك الصدر تسقيه من دموعها التي هطلت كالأمطار محملة بألم ومرارة سنوات طوال تتمني لو محيت من ذاكرتها تماما


******************

- أفندم يا "عدنان" بيه
قالت "لميس" تلك العبارة وهى واقفة أمام "عدنان" الذى استدعاها فى المرسم .. بدا عليه التردد قليلاً .. فقالت بقلق :
- فى حاجة ؟ .. حضرتك لسه شاكك فيا ؟
قال بثقه :
- أنا عمرى ما شكيت فيكي يا "لميس" .. وأظن لو شكيت فيكي مكنتش اديتك مفتاح أوضتى .. اللى مديتهوش لحد من اخواتى
شعرت بالارتياح .. ثم قالت :
- وأنا مستحيل أبدا أخون الثقة دى .. ياريت حضرتك تتأكد من كده
اتسعت ابتسامته وهو يقول :
- وأنا واثق من كده
نهض ودار حول المكتب ووقف أمامها قائلاً :
- أنا راجل عملى مليش لا فى اللف ولا فى الدوران
أخذ نفسا ثم قال :
- تقبلى تتجوزيني يا "لميس"
نظرت اليه وقد فغرت فاها واتسعت عيناها حتى كادتا أن تخرجا من محجريهما .. قالت بصوت مضطري :
- أفندم .. حضرتك قولت ايه ؟
ابتسم قائلاً :
- بقولك تتجوزيني يا "لميس"
صمتت قليلا تحاول أن تستجمع شتاتها .. ثم قالت بتوتر بالغ :
- بس ازاى .. يعين حضرتك عارف .. عارف ان
ترقرقت العبرات فى عينيها وهى تهمس :
- عارف ان كان ليا ماضى اسود
قال بقوة :
- لا مش اسود .. انتى معملتيش حاجة تغضب ربنا
قالت بألم وهى مطرقة برأسها :
- بس عملت حاجة الناس شيفاها غلط .. ورمونى بكلام كتير .. أظن حضرتك عارف كويس الكلام اللى اتقال عليها
قال بحزم :
- واللى يجيب سيرتك على لسانه أقطعهوله
رفعت رأسها تنظر اليه وقد طرب قلبها لدفاعه عنها .. فأكمل قائلاً :
- انتى اتجوزتى على سنة الله ورسوله .. ايه الغلط فى كده
قالت بخفوت :
- الغلط انى اتجوزت واحد كنت بشتغل خدامه عنده
قال "عدنان" بقوة :
- لا الغلط مش منك .. أنا عارف كويس انك مرضتيش تغضبى ربنا معاه رغم محاولاته المستميته و "حسنى" بنفسه اللى قالى الكلام ده ومكنش فى قدامه حل الا انه يتجوزك .. وانتى وقتها كنتى بنت صغيره وملكيش خبره .. متقدريش تحكمى كويس على الشخص اللى قدامك .. واتجوزتى جواز شرعى سليم .. انتى معملتيش حاجة غلط يا "لميس"
قالت بمرارة :
- نسيت حضرتك تقول ان لما مدام "يسرية" عرفت جت فضحتنى فى مكان سكني .. وبسببها ولدت قبل معادى وابنى مات أول ما اتولد من غير حتى ما أشوفه
تجمد للحظات .. ثم قال بحنان :
- انسى اللى فات يا "لميس" وارميه ورا ضهرك .. خلاص دى حاجه انتهت من سنين طويلة أوى .. انسى
رفعت رأسها تنظر اليه قائله وقد اغرورقت عينها بالعبرات :
- فى سؤال نفسى أسأله من زمان أوى
قال بهدوء :
- ايه هو ؟
قالت بفضول :
- ليه جيت دورت عليا أنا بالذات وجبتنى أشتغل فى فيلتك .. يعني أنا كنت بشتغل عندهم من سنين طويلة أوى .. ليه فجأة جيت ودورت عليا وأصريت انى أشتغل عندك .. لولا وقتها حاجتى للفلوس أنا مكنتش قبلت .. بس بصراحة لما اشتغلت هنا ارتحت جدا .. خاصة من المعاملة وان محدش هنا بيضايقنى .. بقالى هنا 6 سنين بشتغل فى الفيلا ونفسى أسأل حضرتك السؤال ده .. ليه جيت دورت عليا وأصريت انى أشتغل عندك
تنهد "عدنان" وهرب بعيناه قائلاً :
- مش لسبب محدد .. ممكن يكون عشان حست أد ايه "حسنى" أخويا ظلمك .. أنا مكنتش أعرف قصتك معاه الا من 6 سنين .. وساعتها حسيت انى عايز أدور عليكي وأجيبك تشتغلى هنا .. أنا كنت بشوفك فى بيت "حسنى" زمان .. وكان انطباعى عنك انت بنت هادية وخجولة وطيبة وأمينة .. لما سمعت قصتك مع "حسنى" اضايقت عشانك .. وحسيت انى عايز أعوضك ولو عن جزء بسيط من الأذية اللى سببهالك "حسنى" و مراته
قالت متنهدة :
- أنا خلاص نسيت الموضوع ده من زمان ومعدتش بفكر فيه أبدا .. بدليل انى لما بشوفه أو بشوفها بتصرف عادى جدا .. لانى فعلا نسيت
ابتسم قائلاً :
- مردتيش على سؤالى
على رغم من سنوات عمرها التى تجاوزت الخامسة والأربعون الا أن حمرة الخجل عرفت طريقا لوجهها وهى تقول :
- خايفة تندم فى يوم من الأيام
اتسعت ابتسامته وهو يقول :
- لا مش هندم .. واثق انى مش هندم .. حطيتك فى اختبارات كتير يا "لميس" من غير ما تحسى .. وكل مرة كنتى بتنجحى وبجدارة .. كفاية اختبارات بأه .. عايز أقضى الأيام الباقيه من عمرى معاكى .. مع واحدة حابه انها تكون معايا عشانى أنا مش عشان فلوسى وثروتى .. أكتر حاجة كانت بتشدى ليكي هى معاملتك ل "نهال" رغم اللى قاسيتيه من أمها وأبوها الا انك بتعامليها كأنها بنتك .. وبتحبلها الخير
تمتم "لميس" قائله :
- "نهال" بنت طيبة .. ومحتاجه اللى يوجهها للصح .. وأنا ملقتش حد بيعمل معاها كده الا "فريدة" .. وعشان كده حبه انى أكون جمبها وأنصحها .. ومش معنى ان أبوها وأمها ظلمونى زمان انى أعاملها وحش "
وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى"
ابتسم قائلاً :
- طيب قولتى ايه ؟
صمتت قليلا ثم قالت بتوتر :
- بس أنا واحدة بشتغل عندك يعني فى فرق كبير بينا
قال "عدنان" على الفور :
- لا مفيش فرق .. احنا الاتنين سننا مناسب لبعض .. من نفس الجيل .. اهتماماتنا قريبه من بعض .. حتى الطباع والشخصية فيها حاجات كتير مشتركة .. والتعليم أظن انتى أدرى الناس بانك أعلى منى فى التعليم .. أما لو بتبصى للمادة فهقولك ان هو ده الطبيعي .. ان الراجل يبقى له القوامة على الست بما أنفق .. الفرق الوحيد بيني وبينك ان الفلوس جتلى على طبق من فضة .. وانت أهلك كانوا فقرا وعيشتى فى نفس مستواهم .. يعني الفرق ظروف لا أنا ولا انتى لينا دخل فيها .. ومتنسيش انى مكنتش غنى وصاحب قصور طول عمرى .. أنا كنت فى اسكندرية عايش على أدى فى بيت صغير مع مراتى وابنى الله يرحمهم .. ها قولتى ايه
ابتسمت وهى تطرق برأسها .. فاتسعت ابتسامته وهو يقول بمرح :
- على خيرة الله

خرجت "لميس" من المرسم وقلبها يقفز فرحا .. لا تصدق ما حدث منذ قليل .. لم تكد تخرج حتى دخل "حسنى" المرسم وهو يشاهدها تبتعد .. فدخل على أخيه قائلاً وهو ينظر اليه بتمعن :
- انت كنت بتتكلم مع "لميس" فى ايه
قال "عدنان" ببرود :
- وانت ايه دخلك يا "حسنى"
تنهد "حسنى" قائلاً بمراره :
- سيب اللى فات يموت يا "عدنان" .. هو أصلا خلاص مات .. مفيش داعى تفتح فى الجروح
قال "عدنان" بحزم :
- انت غلطان .. أنا مجبتلهاش سيره
تنهد "حسنى "بإرتساح وهو يقول :
- افتكرتك قولتلها
قال "حسنى" بتهكم :
- أقولها ايه .. أقولها الحقيقة عشان قلبها يتدمر للمرة التانية .. أقولها الحقيقة عشان تحس بموت ابنها مرتين
ثم تنهد قائلاً :
- لولا انك مأمنى على السر كنت كشفتهولها من زمان .. اتأملت كتير .. كفاية ألمها لموته زمان .. وهى فاكرة انه ميت .. خليها فاكرة انه ميت .. طالما خلاص مات .. واتدفن
تمتم "حسنى" بخفوت :
- الله يرحمك يا "علاء" !

****************************************

كانت سعادة "فريدة" غامرة وهى جالسه أمام "عادل" فى غرفة الصالون مطرقة برأسها فى خجل وهى تتحدث عليها على مرآى من أخيها الذى ابتعد قليلا فى جلوسه ليترك لهماا حرية التحدث .. أطرقت برأسها شاعرة بخجل شديد .. كثيرا ما تعرضت لهذا الموقف لكن هذه المرة تشعر بأن قلبها يقفز فرحا .. تنحنح "عادل" قائلاً :
- ها .. مش حبه تسأليني عن أى حاجه
صمتت ولم تجيب .. فقال بمرح :
- طيب أسألك أنا .. اسمك وسنك وعنوانك
لم تتمالك نفسها من الضحك .. فابتسم قائلاً :
- طيب الحمد لله انى عرفت أضحكك
ظلت مطرقة برأسها فقال :
- هو نتى كل ما تشوفيني توطى راسك كده .. بصيلى طيب مش يمكن معجبكيش
تمتمت بخوف :
- ما أنا شوفت حضرتك قبل كده
فصاح بمرح :
- آه ده انتى طلعتى مايه من تحت تبن .. مش تقولى انك حاطه عينك عليا من زمان .. أنا برده كان قلبى حاسس
اختفت ابتسامتها ونظرت اليه وهى تهتف قائله بجدية :
- لا والله .. ايه اللى حضرتك بتقوله ده
فصفق قائلاً بمرح :
- برافو عليك يا "عادل" .. ضحكتها وخلتها تبصلك وكل ده فى دقيقة واحدة .. أنا بقول نخلى اخوكى ييجى يعد معانا قبل ما أجردك من كل أسلحتك
ضحكت للمرة الثانية فصاح بمرح :
- طيب نقول مبروك
صمت قليلا ثم قالت :
- فى أسئلة حبه أسألها
اتسعت ابتسامته وهو يقول :
- أأمر يا باشا .. تحت أمر معاليك
قالت بخفوت :
- اشمعنى أنا الىل حضرتك اخترتنى
قال "عادل" :
- ممم .. اشمعنا انتى .. هقولك اشمعنا انتى .. عجبنى فيكي هدوءك وخجلك ولبسك المحترم .. ولما اتكلمت معاكى فى التحقيق حسيت انى ارتحتلك .. ونضيف لده كله انك ذكية ولماحة .. وأنا أحب زوجتى تكون كدة .. تفهمنى من غير ما أتكلم .. من الآخر تسبر أغوارى زى ما أنا بسبر أغوار المجرمين ليل نهار
قالت بهدوء :
- بتصلى الفجر ؟
ابتسمت فقال :
- الحمد لله وفى المسجد .. ومش بس الفجر اللى بصليه فى المسجد .. الحمد لله مبفوتش فرض الا لو كنت فى مأمورية ومفيش مسجد قريب منى
نظرت اليه بدهشة ثم أطرقت برأسها .. فأكمل وكأنه أراد أن يزيد من دهشتها :
- وخاتم القرآن كله .. حفظ وتجويد .. ومعايا اجازة فى الاتنين
نظرت اليه مرة أخرى فى دهشة فاتسعت ابتسامته وهو يقول :
- ايه هما الظباط مينفعش يكون فيهم حد عارف ربنا ولا ايه
قالت بإستغراب وحيرة :
- لا مش كده .. بس بصراحة يعني أول مرة أشوف ظابط وحافظ قرآن وكمان معاه اجازه
قال مبتسما :
- لا فى ظباط أحسن منى بكتير .. ونفسى أكون زيهم .. الشركة مهنة زى أى مهنة تانية فى الدنيا .. فيها الكويس وفيها الوحش .. فيها اللى عنده ضمير وبيتقى ربنا وفيها اللى ضميره مات وربنا نزع من قلبه الرحمه .. فيها اللى بيكون سيف على رقبة كل ظالم وفيها اللى بيعين الظالم على ظلمه .. فيها اللى بيخدم أهله وبلده وفيها اللى بيسرقهم وينهبهم ويبقى مصدر هلع ليهم .. ما تتعوديش تطلقى أحكام عامة على أى حاجة .. لان كل حاجة فيها الكويس والوحش .. مينفعش تاخدى واحد بذنب التانى .. كل واحد يتحاسب على عمله
شعرت "فريدة" بالارتياح وهى تستمع الى كلماته التى تطابق مبادئها فى الحياة .. شعرت بإرتياح كبير جعلها ترفع رأسها لتنظر اليه مرة أخرى .. التقطت بعيناه البنيتان اللاتان تشعان ذكاءا ومكرا فأخفضت رأسها على الفور لتهرب من سحرهما ! .. عندما سألها "مهند" عن رأيها .. لم تملك سوى أن تومئ برأسها بالموافقة وشفتيها تتسعان فى بهجة !

**************************************

اقترب " بشير" من "دياب" قائلاً ببشاشه :
- "دياب"
التفت اليه "دياب" فقال "بشير" ببهجة :
- انت معزوم ان شاء الله يوم الجمعة على خطوبتى .. هى خطوبة على الضيق كده بس قولت لازم أعزمك
هتف "دياب" بمرح :
- ما شاء الله ربنا يباركلك يارب ويتمملكوا بخير .. ألف مبروك يا "بشير" تستاهل كل خير والله
نظر اليه "بشير" بإمتنان قائلاً :
- انت اللى تستاهل كل خير .. لانك كنت سبب كبير فى انى أخرج من وهم كنت معيش نفسي فيه .. انت ليك فضل كبير عليا يا "دياب" أكتر مما تتصور
ربت "دياب" على كتفه قائلاً :
- يا راجل متقولش كده ده احنا اخوات .. المهم ألف مبروك وربنا يعجل بجوازك أوام أوم
هتف "بشير" ببشاشه :
- يارب

***********************************************

هدر البحر بأمواجه فرحا بعودة الحبيبان اللذان افتقدهما طويلا ..
رفعت "سامرين" رأسها ونظرت اليه بعتاب قائله :
- عارف .. أنا لسه حسه اني زعلانه منك
نظر اليها قائله وقد عقد ما بين حاجبيه :
- ليه يا حبيبتي .. أنا شرحتلك كل حاجه .. وعرفتك احساسي كان ايه
قالت بلوم :
- زعلانه لانك معرفتنيش .. كان نفسي تعرفني بقلبك حتي لو ملامحي اتغيرت
ثم أشارت بأصابعها الي صدره قائله :
- المفروض ده كان يعرفني
تنهد طويلا .. ونظر الي البحر بلحظات .. ثم عاد ينظر اليها وهو يقول :
- لو كنت سبت نفسي وسبت مشاعري كنت أكيد هحس بيكي و أعرفك .. لكني مكنتش بدي لنفسي الفرصه أبدا اني أشوفك بصورة غير صورة مراة عمي اللي في مقام مراة الأب .. كان عقلي لاغي أي احساس أو أي فكرة غير الواقع اللي كنت شايفه أدامي وقتها .. رغم اني ساعات كتير كنت بحس بانجداب شديد جدا نحيتك .. أكني أعرفك .. أكني حاسس بيكي .. كان دايما في حاجه في عنيكي بتشدني عايزه تغرقني جواهم .. بس أنا كنت بطرد من قلبي أي احساس ممكن يتملك منه .. وكان عقلي مبيفكرش غير انك واحدة محرمة عليا
صمت قليلا ثم نظر اليها قائلا :
- بس لما كنت في سوريا .. وكلمتيني في التليفون .. رغم اني مسمعتش منك غير كام كلمة .. الا ان بحة صوتك فكرتني بآخر مكالمة ليكي كان فيه نفس البحة .. حسيت ان مشاعري بتتحرك نحيتك .. عشان كدة أفلت ومرضتش أكلمك .. ونبهت علي "فريدة" متدلكيش رقمي
قالت وهي تنظر اليه بحب وتمسح علي وجنته بأصابعها :
- امتى حسيت ان أنا "سامرين" ؟
ابتسم قائلا:
- لما كنا هنا في شقة اسكندرية .. لما دخلت عليكي ولقيتك واقفه في أوضة النوم بتعيطي ودموعك علي خدك .. حسيت وقتها انك جزء من المكان ده .. ولما عرفتي مكان المحبس كنت هتجنن .. حسيت ان عقلي هيشت .. لما رجعنا يومها القاهرة ووصلتكوا الفيلا ومشيت بالعربية .. سبت احساسي يدلني .. وقتها عرفتك بقلبي يا "سامرين"
ابتسمت قائله :
- أمال ليه قررت فجأة انك تسيب الفيلا ؟
تنهد قائلا :
- لما عمي أعلن خبر الحمل حسيت اني رجعت أتشتت تاني .. خفت يكون احياسي بيكي غلط .. كنت عارف اني لو سألتك مش هتريحيني .. عشان كده قررت أبعد عشان أقدر أفكر بوضوح .. لكن لما الدكتورة قالتلي ان مفيش لا جواز ولا حمل .. اختفي كل الشك من جوايا .. واتأكدت انك حبيبتي "سامرين"
وضعت رأسها مرة أخري فوق صدره وهي تقول شارده :
- كنت طول الوقت نفسي أقولك اني "سامرين" وفي نفس الوقت كنت حسه اني مجروحه منك أوي .. لاني طول السنين اللي فاتت وأنا فاكره انك بعتني وحبيت غيري
شد ذراعه حولها وهو يضمها اليه قائلا بصوت متهدج :
- ازاي صدقتي حاجه زي كده .. ازاي صدقتي اني ممكن أحب غيرك يا "سامرين"
رفعت رأسها تنظر اليه بأعين دامعة وهي تقول بمرارة :
- كلام "نهلة" دبحني .. متتصورش كان قاسي عليا ازاي .. ولما قالتلي انها عارفه انك ملمستنيش رغم اني ما قولتلهاش حاجه .. اتأكدت أكتر من كلامها .. مجاش في بالي أبدا انها تكون لعبة من بابا و "فيروز" عشان يكرهوني فيك ويبعدوني عنك
قبل رأسها وتنهد قائلا بحنان :
- انسي .. مش عايزك تفتكري السنين اللي بعدنا فيها عن بعض .. افتكري بس أيامنا سوا .. وأيامنا اللي جايه اللي هتكون أحلي من اللي فات ان شاء الله .. نفسي أعوضك عن كل دمعة نزلت من عينك وانتي بعيد عني
قالت هامسه والحب يرسم بريشته داخل عينيها فبرقتا بشده :
- وأنا نفسي أنسيك الأيام اللي عشتها مع غيري
همس بحب :
- أنا نسيتها خلاص
قبل "مهند" رأس "سامرين" وقال بحنان :
- فاكرة لما كنا بنيجي هنا زمان .. ونقعد على نفس الصخرة دى احنا الاتنين
ابتسمت قائله :
- طبعا فاكرة
أطرق "مهند" برأسه واستعاد ذراعه التى يلفها على كتفيها ثم مسح على بطنها المتكور وهو يقول وفى عينيه نظرات لهفة واشتياق :
- دلوقتى بقينا 3
ابتسمت "سامرين" وهى تضع كفها فوق كفه وهى تقول :
- قولتلى زمان لو جت بنت مش هتزعل .. لسه عند كلامك ولا غيرته
أحاطها بذراعه مرة أخرى ومقربا اياها منه وهو يقول :
- طبعا لسه عند كلامى .. اللى ربنا يرزقنى بيه أنا راضى بيه
تأملت أمواج البحر الثائر ثم قالت :
- عارف نفسى فى ايه ؟
قبل رأسها قائلاً :
- نفسك فى ايه ؟
قالت بهيام :
- نفسى نفضل هنا على طول فوق الصخرة دى وأدامنا البحر وفوقينا السما
حرك رأسها لتنظر اليه فغاص بعينيه فى عينيها التى لطالما أحبها .. والتى لم تتغير قط .. يرى عبرهما ما بداخلها بوضوح وكأنه يلمس قلبها ويشعر بنبضاته وهو يقول بصوت رخيم :
- أنا بأه نفسى أرجع البيت .. حالا
اتسعت ابتسامتها .. وذابت فى بحر عينيه

********************************************
استيقظت "سامرين" من نومها فلم تجد "مهند" بجوارها .. نهضت بصعوبة ثم توجهت الى الغرفة الصغيرة .. لاحت ابتسامه عذبة على شفتيها وهى تنظر اليه وهو ينحنى على ذلك المهد الصغير يتطلع بعيون ممتلأع بالحب والحنان الى ذلك الرضيع النائم فى سكينه وأمان .. اقتربت منه فرفع رأسه ينظر اليها .. لمع ضوء القمر المتسلل من زجاج الشرفة فى عغينيه لترى بها تلك العبرات المتلألأة .. وقفتبجواره تنظر الى ذلك الرضيع ثم تنظر اليه قائله برقه :
- ايه اللى مصحيك
عاد لينظر الى الرضيع بنفس النظرة وهو يقول :
- حبيت أطمن عليه
مدت أصابعها لتمسح على رأس رضيعها وهى تقول :
- - ربنا يباركلنا فيه
قبل رأسها وضمها اليه قائلاً :
- آمين
استيقظ الصغير وأصدر أنينه قبل أن يبدأ فى البكاء .. حاولت "سامرين" حمله .. لكن "مهند" عاجلها بلهفة :
- خليني أشيله
حملته "سامرني" من المهد ووضعته فوق ذراعه "مهند" .. أخذت العبرات تلمع مرة أخرى فى عينه وهو يقبل رأسه بحنان بالغ .. بينما "سامرين" تقف أمامه تداعب وجنته وتقبل أصابعه الرقيقة .. فسكن الرضيع بمداعبات والده ووالدته الحانية .. رفعت "سامرين" رأسها لتنظر الى "مهند" قائله :
- هنطلعله شهادة الميلاد امتى ؟
قال دون أن يبعد نظره عن ابنه :
- بكره ان شاء الله
ابتسمت وهى تنظر الى "مهند" قائله :
- ليه مصر على الإسم اللى اخترته
نظر اليها "مهند" قائلا :
- هو مش عاجبك
اتسعت ابتسامتها وهى تقول :
- بالعكس عاجبنى جداً

عاد "مهند" لينظر الى ابنه ويضمه الى صدره ويقول :
-
النبي صلى اللّه عليه وسلم ‏قال ‏"‏إنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيامَةِ بأسْمائكُمْ وأسماءِ آبائِكُمْ فأحْسِنُوا أسْماءَكُمْ‏"‏‏ .. وأنا اخترتله اسم "باســل "
ثم لاحت على شفتيه ابتسامه وعلى عينيه نظرات حالمة وهو يقول بحماس :
- نفسي يكون له نصيب من اسمه .. وأشوف فيه الشجاعة والإقدام والقوة والصلابة والشهامة والرجولة وقوة الإيمان
قبل الصغير مرة أخرى ونقل نظره بين حبيبته وابنه وهو يحمد الله عز وجل أن استجاب دعاءه ورزقه بما تمنى !

.. تمـت بحمــد الله ..13/6/2013 11:07pm



سُئلت كثيراً عن سبب محاكاتى لقصة مسلسل تركى هابط كمسلسل "العشق الممنوع"
كان هدفى هو تغيير صورة البطل فى المسلسل والذى أهيمت بحبه فتيات كثيرات وارتفعت أرصدة ايراداته ومشاهداته فى الوطن العربي ! .. وفى الوقت الذى كان بطل المسلسل هو انسان خائن زانى لم يتوانى عن فعل الرذائل والإنغماس فى مستنقع قذر والتهاون فى تعاليم ديننا واسلامنا .. نجد صور لرجال عندها من قوة الإيمان والخوف من الله ما يعصمها عن تتبع شهواتها والوقوع فى الحرام .. وتنفر من كل ما هو يخالف فطرتها السليمة .. فأحببت تقديم نموذج لرجل .. يستحق أن يطلق عليه .. بطــل !
Comments
21 Comments

هناك 21 تعليقًا:

  1. بجد انتى رائعه ربنا يزيدك بصراحه انا كنت بكره بمعنى الكلمه "مهند" بس اللى فى المسلسل التركى والله فعلا مش بأكذب بس لما انتى وضعتيه فى صوره تانيه زى مانتى قولتى شوفت فيه "بطل" روايتك رائعه ابدعتى فى وضع الغموض واللتى فاقت التوقعات انا مش عارفه ادعيلك بايه غيرؤ ربنا يزيدك وبكده باكون اتممت قرأه رواياتك وفى متابعه "القصر الاسود"

    ردحذف
  2. ربنا يكرمك بجد ربنا يوفقك

    ردحذف
  3. مبدعة بمعني الكلمة ما شاء الله .. ربنا يوفقك

    ردحذف
  4. ما شاء الله عليكي ، ؤيجعلك قدوة للروائيات

    ردحذف
  5. رائعة بمعنى الكلمة وفي انتظار الجديد دائما تمنياتي لك بالسعادة والتوفيق

    ردحذف
  6. اول رواية اقرئها لحضرتك .. و ما شجعني علي القراءه هو رؤيتي لك و لملابسك .. زادك الله بسطة في العلم و العفاف اخيتي
    جزاك الله خيرا

    ردحذف
  7. جزاكي الله خيراااا
    روايه جمييييله ربنا يزيك ❤

    ردحذف
  8. بجد شابووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ليكي و احييكي علي قصصك الرائعة ^_^

    ردحذف
  9. ماشاءالله ماشاءالله
    جزاك الله خيرا ونفع بك
    أسأل الله ان يستعملك ولا يستبدلك
    ده كل اللي قدرت أقوله بعد قراءة روايات الجميلة وياريت تطبيعهم كلهم ورقي زي كيجار
    أحبك في الله

    ردحذف
  10. ماشاءالله ربنا يحفظك
    اسلوبك حلو وقصصك ممتعة ومفيدة وانتي بقصصك بتنبهي الشباب انو في حب وعشق في اطار دينا الحنيف ومش لازم يكون الحب فيه انحلال وزنا

    ردحذف
  11. مبسوطة جدا لأنك حققتي المعادلة الصعبة في تصوير السعادة والمتعة بما احله الله
    وهو ما أصبح صعبا علينا جدا أن نتخيل وجوده

    ردحذف
  12. جزاك الله خيرا على رواياتك الجميلة أسلوبك الراقي وطابعها الإسلامي جعلني أقرأها كلها
    في انتظار المزيد من إبداعاتك

    ردحذف
  13. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  14. رائعة جزاك الله خيرا

    ردحذف
  15. جميلة جدا ومعبرة جزاك الله خيرا

    ردحذف
  16. جزاك الله خيرا ونفع بك الإسلام والمسلمين
    اكثر من رائعة
    ثالث مرة أقرأها ولا أمل منها

    ردحذف
  17. رائعة اتمنى لك مذيد من النجاح

    ردحذف
  18. الله
    ربنا ينفع بحضرتك هدف وعمل رائعين

    ردحذف
  19. ربي يحميكي ويزيدك إيمان الرواية روعة واجمل مافي رواياتك انك.مابتنسيش الدين وواجباتنا نحو الله عز وجل

    ردحذف
  20. استمتعت بكل فصل واخذتني الرواية لعالم واقعي اخر جميل وتركت القصة في قلبي امل وحب من مستوى آخر ارقى واجمل ..غبطت شخصية مهند واعجبت تجسيدك لها ..تعلمت من القصة الكثير جزاكي خير فأنتي مبدعه ف الطرح والسرد وتوصيل احساس عميق ومؤثر.

    ردحذف
  21. رواية رااااائعه جدا أناقتها اكتر من 3مرات وياريت تنزلى روايات جديده قريب

    ردحذف