روايات منى سلامة

روايات دكتورة منى سلامة
للتواصل مع الكاتبة:
الفيس بوك
الصفحة العامة

الانستجرام

الفصل الثامن من رواية مزرعة الدموع

رواية مزرعة الدموع بقلك بنوتة أسمرة


جلس "عمر" فى شرفة الفيلا واجماً , أقبلت "كريمة" وتطلعت الى ابنها الساكن , اقتربت منه ووضعت كفها على كتفه , فإنتبه "عمر" لوجودها وأمسك يدها وقبلها وابتسم لها , بادلته أمه الإبتسامه وجلست على المقعد المجاور له قائله :


- مالك يا "عمر" شكلك مش عاجبنى من ساعة ما رجعت انت و "نانسي" من شرم .. حصل حاجة يا ابنى ؟ .. قولى احكيلي .. أنا أمك ويمكن أقدر أساعدك
- لا أبداً يا أمي مفيش حاجة
- "عمر" انت طول عمرك صريح معايا , مش عايز تقولى مالك خلاص هحترم رغبتك لكن ما تكدبش عليا

شعر بالحرج من كلامها واعتذر اليها قائلاً :
- آسف يا أمى بس مضايق شوية
- من "نانسي" ؟
- لا مش من "نانسي" .. من تصرفات "نانسي"
- فزورة دى ولا ايه ؟
- لا مش فزورة .. "نانسي" اتربت تربية مختلفة عنى شوية .. وده لأن أصلاً أهلها مختلفين عنك وعن بابا .. ادوها حرية بدون حدود او قيود .. ويمكن كانت فاكرة عشان أنا راجل وغني يبقى مفيش عندى خطوط حمرا .. بس أنا بحاول أطبعها بطبعي بس شكلها هتتعبنى شوية

- فكرت كريمه فى كلامه ثم قالت : "عمر" انت لسه على البر , يعني لو شايف ان "نانسي" .......

قاطعها "عمر" قائلاً :

- ماما أنا بحب "نانسي" ومش هسيبها .. وبعدين أنا واثق انها تقدر تتغير للأحسن وتقدر تتنازل عن الحاجات اللى بتضايقني .. لأنها بتحبني .. وطالما بتحبنى يبأه هتحاول على أد ما تقدر انها ترضيني زى ما أنا بحاول أرضيها .. هى بس مشكلتها مدلعه شويتين تلاته ومش واخدة على ان حد يقولها اعملى كذا وما تعمليش كذا .. بس بكرة تتعود وتفهم يعني ايه جواز ومسؤليه

- انت أدرى بمصلحتك يا ابنى .. وأنا من جهتى مش هبطل الدعوة اللى بدعيهالك ليل ونهار وفى صلاتى وفى كل وقت ( ربنا يحميك وينورلك بصيرتك ويكفيك شر ولاد الحرام)

**********************************


- ده انسان لا يُطاق
هتفت "نانسي" بهذه العبارة فى غضب بعدما قصت على "نادين" نا حدق بينها وبين "عمر" فى شرم ..
- تمتمت "نادين" قائله : مضطرين نستحمله

نظرت "نانسي" اليها وقالت فى عصبيه :

- لا أنا مش مضطرة أستحمل أى حاجة .. مستحيل أتجوز بني آدم متخلف وعديم الذوق بالشكل ده , نفسي أفهم ازاى ده واحد المفروض انه من أرقى عائلات مصر.. ده ابن رئيس الخدم بتاعنا متحضر عن اللى اسمه "عمر" ده

قالت "نادين" فى برود :

- بس ابن رئيس الخدم بتاعنا مش هيقدر ينقذنا من ورطتنا .. مفيش حد غير "عمر" يقدر يلحقنا قبل ما نتفضح أدام الناس

استعادت "نانسي" هدوءها بعدما تنبهت لمشكلتهم الأساسية و قالت بتأفف:
- طيب أعمل ايه دلوقتى من ساعة ما رجعنا مكلمنيش وقبل ما نرجع يدوب قالى كلمتين بالعافية

ألتقطت "نادين" هاتف "نانسي" وناولتها اياه قائله :

-اتصلى بيه انتى .. متستنيش اتصاله .. اعتذريله .. وصلحى الموقف بكلمتين حلوين .. واياكى ثم اياكى تحصل مشكلة تانية .. خلى الموضوع يعدى على خير لأن شكل "عمر" مش سهل أبداً .. ثم أردفت بسخرية :
- فالحة بس تقوليلى ده زى الخاتم فى صباعى يا مامى

أمسكت "نانسي" هاتفها متبرمة واتصلت به

**********************************

تررررن تررررن تررررن

أخرج عمر خاتفه من جيبه وارتسمت ابتسامه صغيره على محياه عندما رأى أن المتصل "نانسي" .. ابتسمت "كريمة" لابتسامة ابنها وعرفت المتصل دون أن تنظر الى الهاتف , ربتت على كتفه وغادرت فى صمت

- "عمر" وهو يتصنع الجديه : ألو
- "نانسي" بصوت ناعم : ألــــو

ثم صمت كلاهما .. تكلمت "نانسي" أخيراً وقالت :
- وحشتنى أوى
اتسعت ابتسامة "عمر" ولكنه صمت ولم يتفوه ببنت شفه
- قالت له بنبره مستكينه : أتا عارفه انك زعلان منى .. أنا فعلاً غلطت .. ومهنش عليا تنام وانت زعلان منى .. أنا آسفة يا حبيبي
اتسعت ابتسامته أكثر ولمعت عيناه لكنه ظل محتفظاً بنبرته الجادة وقال لها :
- آسفة على ايه بالظبط ؟
- انت كان معاك حق .. ما ينفعش بعد ما اتخطبتلك انى أستمر بنفس الطريقة اللى كنت بتعامل بيها قبل الخطوبة مع صحابي .. عشان دلوقتى أنا بتاعتك انت وبس
لم يستطع "عمر" الاستمرار فى التظاهر وهمس قائلاً :
- وانتى كمان وحشتيني أوى

ارتسمت ابتسامة خبيثة على شفتيها وأطلقت نفساً عميقاً فقد استطاعت احتواء المشكلة وعاد لها "عمر" كما كان


**********************************

كانت "ريهام" تجلس ساهمة على فراشها ولم تشعر بـ "ياسمين" وهى تفتح باب الغرفة وتدخل وتغلقه خلفها , لاحظت "ياسمين" شرود أختها فسألتها :
- فى حاجة يا "ريهام" ؟
لم تجبها "ريهام" بل لم تسمعها أصلاً , فنادتها "ياسمين" بصوت أعلى :
- "ريهام" .. "ريهام"
- هه .. بتنادى ؟
- بنادى ؟ .. ايه يا بنتى فين عقلك ؟
- مفيش أصلى بفكر فى مشكلة واحدة صحبتى
- مشكلة ايه ؟

توجهت "ياسمين" اليها وجليت بجوارها على السرير .. شعرت "ياسمين" بأن المشكلة خاصة بـ "ريهام" وليس بصديقتها كما ادعت , لكنها لم تُفصح عما يدور فى عقلها لتتركها تتحدث بحرية
- ها .. ايه بأه يا ستى مشكلة صحبتك ؟
اعتدلت "ريهام" فى جلستها ووضعت يديها فى حجرها وفركتهما بتوتر وقالت :

- بصى هى حكتلى المشكلة دى وأنا معرفتش أرد عليها فقولت أحكيلك انتى .. لأنك أختى الكبيرة وأنا بثق فى نصايحك يا "ياسمين"

مررت "ياسمين" كفها على شعر أختها فى حنان وقال لها :
- قولى يا حبيبتى سمعاكى

- فى واحد معانا فى الجامعة فى نفس الكلية بتاعتنا وفى نفس السنة .. يعني تقدرى تقولى انه .. يعني .. بيحب صحبتى دى
سكتت "ياسمين" قليلاً ثم قالت :
- يعني ايه بيحبها ؟

- نظرت اليها "ريهام" بإستغراب قائلة : مالك يا "ياسمين" هى فيزيا .. بيحبها يعني بيحبها
- ايوة يعني ايه بيحبها .. ايه اللى هو عمله وهى فسرته انه حب
- بصراحة هو قالهالها بطريقة مباشرة

شعرت "ياسمين" ببعض القلق لكنها سيطرت على ردود أفعالها :
- وهى بتتكلم معاه فين ؟

- لا .. هى مش بتتكلم معاه خالص .. هو وقفها بس كذا مرة فى الجامعة وقالها الكلام ده .. بس هى لا بتخرج معاه ولا بتعد معاه لا فى الجامعة ولا بره الجامعة ولا مدياله ريق حلو أصلاً

شعرت "ياسمين" بالإرتياح , سألتها قائله :
- طيب فين المشكلة تحديداً ؟

- المشكلة انها بتصده جامد لأنه طبعا عايز نظام خروج وموبايلات وكدة يعني .. زى أى اتنين بيحبوا بعض
- طيب طالما بيحبها زى ما بتقولى ليه ما يتقدملهاش وكل ده يبقى فى النور

قالت "ريهام" بإحباط : أبوه السبب .. مش راضى يخطبله قبل ما يخلص دراسته وياخد شهادته
- طيب برده يا "ريهام" معرفتش فين المشكلة

- المشكلة انها مضايقة يا "ياسمين" وحسه انها بتظلمه , يعني هو بيحبها وأكيد بيحب يكلمها يعني غصب عنه عشان بتوحشه , وهى آخر مرة صدته جامد أوى وقالتله كلام صعب وهو أكيد زعل منها ..

وقصت عليها "ريهام" تفاصيل آخر حوار لها مع "معتز" .. ثم قالت :
- يعني فيها ايه لو كانت استجابت لكلامه .. يعني هو مش عايز حاجة وحسة هو كل اللى طلبه انه يطمن عليها بالتليفون كل فترة بكل احترام مش أكتر من كدة , هو ممكن يفهم صدها له ان هى مش عايزاه فيصرف نظر عنها
- طيب هو وبتقولى بيحبها .. طيب هى مشاعرها ايه ناحيته ؟
- بصراحة هى حسه انها معجبه بيه جداً وشكلها كده بتحبه


صمتت "ياسمين" قليلاً لتفكر جيداُ فيما ستقوله ,, فهى تعلم الآن أن الشيطان يلعب فى رأس أختها , قالت بعد تفكير :

- يعني هو بيحبها وهى بتحبه .. طيب قوليلى يا "ريهام" مين الوحيد اللى فى ايده انه يجمع بينهم أو يفرق بينهم ؟

- قالت "ريهام" فوراً : ربنا
جميل .. يعني هى عايزه الولد ده وبتحبه واللى فى ايده انه يجمع بينها وبينه هو ربنا .. طيب انتى لما بتعوزى حاجة من ماما أو من بابا بتعملى ايه ؟

- مش فاهمة

- يعني أما بتعوزى تخرجى , أو تزورى صحبتك , أو لما بتعوزى فلوس , أو لبس جديد .. بتحاولى تراضى بابا وتكوني مطيعة ليه وتسترضيه وبعدين تطلب طلبك , ولا بتغضبيه وتضايقيه منك وبعدين تطلب اللي انتى عايزاه ؟
- أكيد بطيعه وأرضيه عشان يرضى يعملى اللى أنا عايزاه

- هى عايزه من ربنا اللى فى ايده قلبه وقلبها انه يجمع بينهم , ازاى بأه عايزه تعصيه وبأى وش هتقدر تطلب منه وتدعوه يحققلها طلبها وهى مخلياه غضبان منها

تسللت علامات الارتياح على وجه "ريهام" وابتسمت ابتسامة كبيرة وحضنت أختها ثم قالت :
- معاكى حق يا "ياسمين" .. الى هى عملته هو الصح , ربنا ما يحرمني منك يا أحلى "سمسمة" فى الدنيا

استسلمت "ريهام" للتوم أخيراً , فلقد اطمئن قلبها أن ما فعلته هو الصواب , أغمضت عينيها وقبل أن تغوص فى سبات عميق تمتمت قائله :
-يارب لو هو خير ليا قربنا من بعض فى الحلال ولو هو شر ليا متعلقش قلبي بيه.
Comments
0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق