روايات منى سلامة

روايات دكتورة منى سلامة
للتواصل مع الكاتبة:
الفيس بوك
الصفحة العامة

الانستجرام

الفصل السابع من رواية مزرعة الدموع

رواية مزرعة الدموع بقلم بنوتة أسمرة

انتهت "ياسمين" من ارتداء ملابسها وخرجت حيث يجلس "مصطفى" ووالدها ووالدتها وأختها "ريهام" , بمجرد أن رآها "مصطفى" نهض ومد يده ليسلم عليها :
- ازيك يا "ياسمين"
- "ياسمين" : الحمد لله

وقفت أمام يده الممدودة بالسلام اليها لا تدرى ماذا تفعل , فهى ليست معتادة على السلام على الرجال بيدها وفى نفس الوقت لا تريد احراجه , تمتمت بصوت خافت :

- معلش أنا اسفة مش بسلم بالإيد
شعر صطفى" بمزيد من الضيق والحرج , سحب يده وجلس فى مكانه وعلامات التبرم ظاهرة على محياه قال فى نفسه ( قال ما بتسلمش بالايد قال ده أنا شكلى هشوف معاكى أيام بمبي منقطة باسود ) , جلست "ياسمين" على المقعد الفارغ بجوار والدها


- "عبد الحميد" : ما فيهاش حاجة يا بنتى أما تسلمي عليه ده برده خطيبك

لم ترد "ياسمين" لأنها لا ترغب فى الجدال مع والدها أمام "مصطفى".. جلسوا قليلاً ثم انصرف "مصطفى" و "ياسمين" و "ريهام" معاً.



========================

التف ثلاثتهم حول مائدة أحد المطاعم التي تطل على النيل , كان الوضع غريباً بالنسبة لـ "ياسمين" فهذه هى المرة الأولى التى تخرج فيها مع رجل ولم تستطع حتى الآن أن تعتاد عليه كخطيب .

حاول "مصطفى" استدراجها للاشتراك فى الحديث معه و بالفعل تخلت "ياسمين" شيئاً فشيئاً عن جمودها وشاركته الحوار .. تحدث عن عمله وعن أسرته وعن أحلامه ونظرته للمستقبل .. أعجبت "ياسمين" بطموحه وتفائله .. تحدثت معه عن دراستها وعن رغبتها فى العمل والتى لم تضعها حيز التنفيذ .. كانت "ريهام" صامته معظم الوقت تفسح لهما المجال ليتحدثا معاً .. كانت سعيدة برؤية أختها وهى تعتاد شيئاً فشيئاُ على خطيبها .. كانت "ياسمين" أيضاً فى غاية السعادة لأنها وجدت موضوعات مشتركة كثيرة يتحدثان فيها .. كانت "ياسمين" شخصية قوية واثقة فى نفسها لكن حيائها كان يعطى انطباعاً خاطئ عنها بالضعف.


استمتع "مصطفى" بالحديث مع "ياسمين" وشعر بالألفة معها , وبعد ساعتين أوصلهم الى المنزل وعاد هو الى بيته .

=========================

فى اليوم التالى وقف "عمر" على الشط ينظر الى البحر تارة وتارة أخرى ينحني ليلتقط شيئاً ويعبث به .. رأته "نانسي" وهى مقبلة من بعيد , بمجرد أن رآها ابتسم وأقبل نحوها قائلاً :

- وحشتيني

- ضحكت بنعومة : ده أنا كنت لسه معاك من ساعة

- أنا عايزك معايا كل ساعة

نظرت "نانسي" الى ما يحمله فى يده , قائله :

- ايه ده ؟

- دي قطع صخور صغيرة متكسرة بتلاقيها على الشط دايماً , كل صخرة منهم ليها شكل وأبعاد وألوان وملمس مختلف

قالت وهى ترفع حاجبيها بإندهاش :

- وانت بتعمل بيهم ايه ؟

- ابتسم قائلاً : بجمعهم

- بتجمعهم ازاى يعني ؟

- مسمعتيش عن هواية جمع الطوابع وهواية جمع العملات أنا بأه أختلف عن الآخرين طول عمرى مميز عشان كدة أما فكرت أجمع حاجة جمعت ضحور

قال ذلك و أطلق ضحكة عالية ثم قال :

- دى هواية كانت عندى وأنا طفل صغير .. كل مكان ماما وبابا ياخدوني فيه ويكون فيه بحر .. أجمع شوية من الصخور الصغيرة وأفضل فترة طويلة أنقيهم زى ما أنا عايز عشان تكون ذكرى حلوة لليوم ده .. عندى مجموعة كبيرة منها لسه محتفظ بيها لحد دلوقتى.

صمتت " نانسي" فهى لا تدرى ماذا تقول , حدثت نفسها قائلة (مجنون ده ولا ايه بأه ده رجل أعمال ده ولا عيل فى كى جى )

فى هذه الأثناء أقبلت مجموعة تضم رجلين وثلاث نساء .. هتف أحد الرجلين :
- " نانسي" عاش مين شافك
التفتت "نانسي" الى محدثها وانفرجت أساريرها وهتفت :
- "عماد" هاى هاو آر يو
أقبل المدعو "عماد" قائلاً : مبروك يا "نانسي" وآسف انى مقدرتش أحضر الخطوبة
انحنى "عماد" ليقبل " نانسي" .. وقبل أن يفعل دفعه "عمر" فى صدره وصاح غاضباً :
- ايه يا كابتن أنا مش مالى عينك ولا ايه

قال ذلك ثم سحب "نانسي" من ذراعها وانطلق عائداً وسط دهشة "عماد" الذى أخذ يراقبهما .. كانت "نانسي" تجرى للحاق بـخطوات " عمر" وهو مازال مطبقاً على ذراعها ويسحبها منه .. توقفت فجأة وسحبت ذراعها من يده بقوة قائلة :

- انت ايه اللى انت عملته ده

قال لها غاضباً :
- ايه اللى أنا عملته ولا ايه اللى الحيوان ده كان عايز يعمله
- ده كان هيسلم عليا ويباركلى على الخطوبة عادى يعني

صاح عمر وقد ازداد غضبه : عادى يعني ايه , يبوسك وأنا واقف .. ليه شيفانى قفص جوافه أدامك
- ده "عماد" ابن صاحبة مامى الأنتيم يعني مش حد غريب ومتربيين مع بعض و "عماد" بجد حد كويس أوى
- كل اللى انتى قولتيه ده ما يسواش عندى حاجه

أخذ نفس عميق يحاول به السيطرة على غضبه : اسمعي يا "نانسي" أنا ليا طباعى ومبادئى اللى اتربيت عليها ومش هتنازل عنها أبداً فى يوم من الأيام .. حاولى انك متعمليش الحاجات اللى بتضايقني منك .. والحاجه اللى هقولهالك مرة هتبقى خط أحمر متقربيش ليها تانى .. وأولهم اللى اسمه "عماد" ده

- يعني ايه ؟ انت عايز تلغى شخصيتي تماماً وتمشيني وراك ..مين بأه اللى هتسمحلك بكده

نظر اليها مهدداً : ده اللى عندى ومفيش كلام تانى أقوله
ثم انصرف وتركها تغلى من الغضب


=========================


- وبكدة نكون خلصنا محاضرة النهاردة .. اتفضلوا

تعالت الأصوات داخل المدرج وهم ينهضون لمغادرته , سارت "ريهام" نحو بوابة الجامعة فقد كانت تلك هى المحاضرة الأخيرة لها اليوم .. سمعت صوتاً يناديها :
- "ريهام" .. "ريهام"

التفتت لتجد "معتز" الذى يسرع فى خطواته ليلحق بها .. التفتت "ريهام" يميناً ويساراً تخشي أن يراها أحد زملائها أو زميلاتها , أقبل "معتز" قائلاً :
- "ريهام" مالك بتعامليني كدة ليه ؟
نظرت اليه قائله : نعم ؟ .. عايزنى أعاملك ازاى ؟
- "ريهام" قولتلك مليون مرة أنا مش بلعب .. ولو هلعب بأى حد مش ممكن ألعب بيكي انتى بالذات

- أستاذ "معتز" أنا معنديش إلا الكلام اللى قولتهولك قبل كدة .. اللى عايزنى هيدخل البيت من بابه مش يفضل مستنى تحت الشباك منتظرة الفرصة اللى يلاقى فيها الشباك مفتوح يمكن يعرف يدخل منه .. وأظن انت عارف باب بيتنا كويس لأنه أدام باب بيتكوا على طول .. عن اذنك

التفتت لتغادر المكان فجذبها "معتز" من ذراعها ليوقفها , نزعت ذراعها منه بقوة وصاحت غاضبة : انت ازاى تسمح لنفسك تمسكنى كدة
- أنا آسف بس عايزك بس تسمعيني
- مش محتاجه أسمع لأنى عارفه الكلام اللى هتقوله كويس
- لا مش عارفه .. اديني بس فرصة أتكلم .. ماشي ؟
نظرت اليه صامتة تاركه له المجال ليتحدث بما لديه

- قولتلك قبل كدة ان بابا مستحيل يوافق يخطبلى قبل ما أخلص السنة دى انتى عارفه اننا فى آخر سنة فى الكلية
قاطعته قائلة : خلاص اصبر لحد ما تخلص السنة دى زى ما باباك عايز

- ما أنا صابر أهو أصلا مش فى ايدي حاجة غير انى أصبر .. بس ليه تحرميني منك وتفضلى بعيده عنى كل ده .. لسه السنة طويلة يا "ريهام"
- انت عايز ايه بالظبط يا "معتز"

- يعني فيها ايه لو خرجنا مع بعض فى مكان عام والناس كلها شيفانا .. مفيهاش حاجة وطالما انتى واثقة فى نفسك خلاص يبأه مش هتخافى من حاجة , فيها ايه لو اتكلمنا فى التليفون بكل احترام مجرد نطمن على بعض من وقت للتانى أحس انك معايا وتحسي انى معاكى انا مش عايز غير انى أطمن عليكي وتطمنى عليا , أعتقد ده مش غلط ولا عيب

صمتت "ريهام" لبرهه ثم قالت له فى حزم :
- عارف .. الكلام اللى انت قولته دلوقتى خلاك تنزل فى نظرى من سابع سما لسابع أرض

قالت ذلك ثم تركته وانصرفت , تابعها "معتز" بعينيه والشرر يتطاير منهما قائلاً :
- ماشي يا "ريهام" .. مش "معتز" اللى يتعامل بالطريقة دى .. انتى لسه متعرفيش مين هو "معتز".


Comments
0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق