روايات منى سلامة

روايات دكتورة منى سلامة
للتواصل مع الكاتبة:
الفيس بوك
الصفحة العامة

الانستجرام

الفصل الثالث من رواية مزرعة الدموع

رواية مزرعة الدموع بقلم بنوتة أسمرة

جاء اليوم الموعود وارتدت فيه "ياسمين" فستانها الذى عثرت عليه بعد عناء وأجرته من أجل هذا اليوم , فكان اختيارها موفق اذ أنها لطالما كانت تتمنع بذوق راقٍ في اختيار ملابسها رغم بساطتها , كان فستانها ذو لون موف هادئ بسيط وارتدت طرحه من نفس اللون .. كان وجهها بلا زينة فبدت بمظهر هادئ برئ

كانت الزغاريد لا تنقطع منذ الصباح فهي البكرية والفرح بها له مذاق خاص , كانت حفلة الخطوبة صغيره فى منزلها المتواضع تضم الأسرتان فقط , و "سماح"احدى صديقات " ياسمين" المقربات من أيام الثانوية


- " سماح" : قمر يا اخواتى .. قمر اللهم بارك
- "ياسمين" : بجد يا "سماح" .. حلو الفستان والطرحة
- "سماح" : بقولك قمر
- "ياسمين" : قمر بالستر يختى
- "ريهام" : يلا يا عروسة الناس مستنيه بره
- "ياسمين" : حاضر خارجه أهو
خرجت "ياسمين" من غرفتها وتعالت الزغاريد مرة أخرى فى أرجاء المنزل.

قبل يومين خرجت الأسرتان وانتقت "ياسمين" دبلة الخطوبة والشبكة المكونة من خاتم رقيق و سلسلة بسيطة يتدلى منها قلب صغير , كانت سعيدة للغاية فهذه هى المرة الأولى التي ترتدى فيها ذلك المعدن الذهبي النفيس الذى يخطف عقول النساء , فلم تكن ظروف اسرتها تسمع بشراء مثل هذه الرفاهيات.

جلست "ياسمين" بجوار "مصطفى" وقدمت "كوثر" صنية ذهبية اللون مزينة بالورود عليها الشبكة الى ابنها ليلبسها لعروسته , قالت "ياسمين" بحرج :
- معلش يا طنط ممكن حضرتك اللى تلبسيني الشبكة
- "كوثر" : ليه يا حبيبتى ده "مصطفى" خلاص بأه خطيبك وقريب أوى هيبقى جوزك
- "ياسمين" بحرج أكبر : معلش يا طنط مش هينفع
نظرت اليها أمها نظرة معناها (عديها مفيهاش حاجة)

لكن "ياسمين" أصرت ألا يلمس يدها قبل كتب الكتاب فمازال رجل غريب عنها , شعرت بضيق "مصطفى" من تصرفها لكنها حدثت نفسها قائلة (من أرضى الله بسخط الناس رضى الله عنه وأرضى عنه الناس) , ألبستها "كوثر" الشبكة , شعرت "ياسمين" بأن قلبها يرقص فرحاً فها هى لحقت بركب صديقاتها وجاراتها المخطوبات.

==========================

فى هذه اللحظة وفى حديقة فيلا كبيرة فى المعادى كان هناك حفل خطوبة لأحد أكبر رجال الأعمال بالقاهرة .. "عمر نور الدين الألفي" .. كان "عمر" في الـ السابعة والثلاثون من عمره , أسمر طويل عريض المنكبين ذو شعر أسود حريري , تجمع ملامحه بين الوسامة والرجولة .. رجل تتمناه الكثير من النساء ليس لشكله ووسامته فقط بل لمركزه الإجتماعى وثراءه الفاحش أيضاً , فبالرغم من صغر سنه إلا أنه يملك ويدير العديد من المصانع والأراضى والشركات التي كانت ملكاً لأجداده ولكنه بذكائه وحسن ادارته لأعماله نجح فى توسيع أعماله حتى ذاع صيته داخل مصر وخارجها.

أقبل رجل فى العقد السادس من عمره على "عمر" قائلاً :
- ابني حبيبى , أخيراً عشت وشوفت اليوم ده
- "عمر" وهو يقبل يد والده : بابا , ربنا ما يحرمني منك
- مبروك يا "عمر" أخيراً هنفرح بيك , بقولك ايه ما تطولش فى الخطوبة هاا عايز أشيل ولادك قبل ما أموت
- "عمر" ضاحكاً : ربنا يديلك طولة العمر يا بابا , ما تقلقش هو ده أصلاً اللى أنا ناوى عليه

رأى "عمر" والدته "كريمة" مقبلة عليه فإستقبلها بإبتسامة قائلاً : أمى الغالية , هى فين العروسة مش هتنزل بأه
- الأم ضاحكة : هههههه اصبر على رزقك , خلاص خلصت لبس والكوافير كمان خلص شغله
- "عمر" واجماً : كوافير ؟ يعني راجل اللى بيزوقها ؟
- "كريمة" : بقولك ايه ما تضايقش البنت النهاردة , يوم سيبها تفرح بيه وبعدين انت ابقى طبعها بطبعك

أقبلت "نانسي" فى فستانها زهرى اللون الذى صُمم على يد أشهر مصممي الأزياء فى العالم , كانت فاتنة تخطف الأنظار بعينيها الخضراويين وشعرها الأشقر الذى رفعته الى الخلف , وبشرتها الملساء ناصعة البياض , كانت كالأميرة تنزل على سلالم الفيلا ليستقبلها أميرها الساحر.

- أمسك "عمر" يديها وقبلها وهمس لها : حبيبتي
- "نانسي" بإبتسامتها الساحرة : عجبتك ؟
- امتلأت عيناه بنظرات الحب والإعجاب قائلاً : عجبتيني بس , ده انتى هوستيني .. اعملى حسابك فترة الخطوبة هتكون قصيرة جدا

ضحكت "نانسي" بنعومة , وسارت يدها فى يده بينهما يهنئهما الجميع وباركون لهذين العروسين , كانت نظرات الجميع اليهم تجمع ما بين الحسد والإعجاب والانبهار , فالإثنان يمثلان ثنائي العام , " نانسي" ابنة رجل أعمال شهير ولا تقل ثراءا عن " عمر" , فكان الجميع يراهما مثاليان لبعضهما البعض.

أقبلت "نيرمين" صديقة "نانسي" المقربة حاملة وسادة من الستان الوردى موضوع عليها دبل الخطوبة , كانت الدبلتان مربوطتان ببعضهما البعض بشريط ستان أحمر , ألبس "عمر" الدبلة لـ "نانسي" وفعلت "نانسي" معه بالمثل , وأقبل والد "عمر" ليقص الشريط .. ووسط تصفيق ومباركة الحضور قبلها "عمر" على وجنتيها قائلاً :
- مبروك يا حبيبتى أنا النهاردة أسعد راجل فى الدنيا


رقص الخطيبان على أنغام موسيقى حالمة .. كانت نظرات "عمر" اليها تحمل الكثير من معانى الحب والحنان ود لو تمر الأيام سريعاً ليجتمعا معاً فى بيت واحد , نظر اليها قائلاً :
- فاكرة أول مرة شوفتك فيها ؟

- "نانسي" ضاحكة :
- طبعاً ودي حاجة تتنسي

- كنت راجع من الشغل وشوفتك راكنه عربيتك على جمب وكان شكلك مضايقك .. طلبت من السواق يوقف العربية ونزلت أعرض عليكي المساعدة.. قولتيلي ان عربيتك عطلت فجأة ومش راضية تدور , سبت السواق مع عربيتك وخدتك معايا فى عربيتي
- أهاا وفضلت تعاكسنى طول الطريق
- حد يبقى جمبه القمر ده وميعاكسهوش
أسعدتها كلمات "عمر" فلطالما أحبت سماع كلمات الاعجاب التى يلقيها الرجال على مسامعها دائماً , كانت مدركة لمدى جمالها وجاذبيتها جيداً


وعلى احدى الطاولات جلست سيدتان تنظران اليهما وتتحدثان
- "جيهان" : بنتك وقعت واقفة يا "نادين"
- "نادين" ضاحكة : طول عمرها شاطرة , جابت الراجل على ملا وشه , شايفة بيبصلها ازاى
- لا ومش أى راجل , ده "عمر الألفى" يعني هتضمنى ان بنتك هتعيش ملكة طول عمرها وطبعا هينوبك من الحب جانب
- "نادين" بإستعلاء : ما هى كانت عايشة ملكة طول عمرها , انتى نسيتي هى بنت مين وانا مراة مين ولا ايه ؟
- لا منستش يا حبيبتى , بس أنا وانتى عارفين كويس ان جوزك غرقان فى الديون بسبب لعب القمار اللى أدمنه
- "جيهان" بغضب : وطي صوتك انتى عايزة تفضحينا
- لا أبداً يا قلبي هو أنا قولت ايه يعني
- اقفلى على الموضوع ده , مش عايزاه يتفتح تانى ,الحيطان ليها ودان , انتى عايزة الجوازة تبوظ ولا ايه
- مش قصدى , أنا ...
- قالت "نادين" والشرر يتطاير من عينيها : قولتلك مش عايزة أسمع كلمة تانية فى الموضوع ده , انتى عارفانى كويس يا "جيهان" اتقى شرى أحسنلك
- بلعت "جيهان" ريقها بصعوبة قائلة : طيب يا "نادين" خلاص أنا آسفة .. مش هفتح الموضوع ده تانى

كانت تعلم جيداً أن "نادين" امرأة قاسية ولن تتردد فى أذيتها فآثرت الصمت.
Comments
0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق