روايات منى سلامة

روايات دكتورة منى سلامة
للتواصل مع الكاتبة:
الفيس بوك
الصفحة العامة

الانستجرام

الفصل العاشر من رواية العشق الممنوع



- "نهاد" .. "نهاد" .. قوم بسرعة
استيقظ "نهاد" فزعاً على صرخ "بيسان" .. قال بهلع :
- ايه يا "بيسان" .. مالك ؟
قالت وعضلات وجهها تتقلص من الألم :
- باينى بولد يا "نهاد" .. الحقنى
بقفزة واحدة غادر الفراش وأسرع بالاتصال بوالدته قائلاً بقلق بالغ :
- ماما "بيسان" بتولد
- طيب يا حبيبى هاتها على المستشفى وأنا هصحى باباك و عمتك ونحصلك على هناك
أغلق "نهاد" واقترب من "بيسان" التى تتألم قائلاً بقلق :
- "بيسان" متخافيش قومى معايا ......


ساعدها على النهوض وهى تصرخ قائله :
- أنا خايفة أوى
ربت على ظهرها قائلاً وهو يلهث من فرط توتره :
- متخفيش يا حبيبتى متخفيش
ساعدها على ارتداء ملابسها وحجابها .. وانطلق بها الى المستشفى .. أدخلتها الطبيبة لإحدى الغرف لفحصها .. ثم ابتسمت قائله :
- متقلقيش كل حاجة ماشية طبيعي الحمد لله
قال "نهاد" بتوتر وهى ينظر اى "بيسان" اتى سكنت قليلاً :
- هتولد دلوقتى
قالت الطبيبة وهى تغادر اغرفة :
- لا لسه شوية .. بس ان شاء الله على الصبح يكون "فريد" شرف بالسلامة
اقترب "نهاد" من فراش "بيسان" قائلاً :
- "بيسان" انتى كويسة
ما كادت تومئ برأسها حتى شعرت بتقلص آخر .. ضغطت بقوة على يد "نهاد" الذى بلغ قلقه وتوتره مبلغه !

**********************************
فتحت "سمر" عينيها لترى ضباباً كثيفاَ .. أغمضتهما مرة أخرى ..لحظات وفتحتهما من جديد .. صراخ .. عواء .. أشخاص يرتدون الأبيض .. يركضون .. يحاولون فتح عينيها .. يسلطون عليها ضوء أزعجها .. ألم حاد فى جسدها كله .. أخذت تتساءل .. أين أنا .. من هؤلاء .. ماذا حدث .. حاولت التحدث .. حاولت مناداتهم .. حاولت التحرك .. فلم تستطع .. شعرت بأطرافها مخدرة .. رباه .. ماذا حدث .. "باهر" .. السيارة .. الصدام .. وفجأة .. أظلم كل شئ .. بعد فترة بدت لها كثوانى معدودة .. فتحت عيناها ببطء .. لتجد نفسها فى غرفة مظلمة الا من ضوء بسيط .. حاولت التحرك .. تقلص وجهها لما شعرت به من الألم فى جميع أنحاء جسدها .. حاولت أن ترفع رأسها فشعرت بألم حاد .. مدت يدها اليمنى لتحسس رأسها فوجدت ضمادة كبيرة تلفه .. ما هى الا لحظات حتى حضرت احدى الممرضات .. ابتسمت لها وأخبرتها أنها ستذهب لإحضار الطبيبة .. عادت بالطبيبة التى بدأت فى الكشف على "سمر" .. تطلعت الى الأجهزة الموصله بـ "سمر" .. سألت "سمر" :
- أين أنا ؟ .. ماذا حدث ؟
قالت الطبيبة وهى ماازلت تفحص أجهزتها الحيوية :
- أنتِ بالمشفى .. لقد نقلتِ الى هنا على إثر اصابتك فى حادث سير .. ألا تذكرين
رفعت يدها اليمنى وتحسست رأسها قائله بوهن :
- نعم .. أتذكر
ثم التفتت الى الطبيبة تقول :
- "باهر" .. صديقي .. كان معى بالسيارة
قالت الطبية تطمئنها :
- لا تقلقى انه بخير
أمرتها الطبيبة أن تحاول تحريك قدميها .. حاولت "سمر" ذلك ثم قالت :
- أشعر فيهم بالألم
قالت الطبيبة :
- لا تقلقى هذا طبيعي بسبب الكدمات .. حاولى الآن تحريك ذراعيكِ
حاولت "سمر" مع ذراعها اليمين فإستجابت لها .. حاولت مع اليسرى .. وحاولت .. وحاولت .. دون جدوى .. نظرت الى الطبيبة بقلق قائله :
- لا أستطيع تحريكها
التفتت الطبيبة الى الجهة الأخرى من الفراش ورفع ذراعها تتفحصها .. ثم قالت :
- حاولى قبض أصابعك ثم بسطها
حاولت "سمر" تحريك أصابعها .. ففشلت .. نظرت بقلق أكثر الى الطبيبة وقالت :
- لا أستطيع .. لا اشعر بها على الإطلاق
عقدت الطبيبة جبينها .. وهى تسقط ذراع "سمر" من يدها ليسقط بجوارها على الفراش دون أى مقاومة .. أحضرت ما يشبه الدبوس وشكت "سمر" فى يدها ونظرت اليها بإهتمام قائله :
- أتشعرين بذلك
قالت "سمر" بأعين دامعة وشعور بالخوف يغمرها :
- لا .. لا أشعر
حاولت الطبيبة اجراء الاختبار مرات ومرات بطول الذراع .. دون أى استجابه .. التفتت الى الطبيبة قائله :
- اطلبى رئيس قسم جراحة المخ والأعصاب
قالت "سمر" ودموعها تتساقط :
- ماذا هناك ؟ .. لماذا لا تتحرك يدي
نظرت اليها الطبيبة قائله :
- لا تقلقى .. هذا طبيعى .. لقد تلقيتيِ ضربة على رأسك .. لا تقلقى
لكن عينا الطبيبة أنبئتها بكذبها .. بدت الطبيبة نفسها كما لو كانت حائرة .. رفعت "سمر" عينيها الى سقف الغرفة وصدرها يعلو ويهبط .. وشعور بالقلق والخوف يغمرها !

********************************

وقف "نهاد" يتآكله القلق .. ربتت أمه على كتفه قائله :
- متخفش يا "نهاد" .. دى أحسن مستشفى فى مصر
نظر اليها دون أن يجيبها .. أخذ يزرع الردهة سيراً لا يستطيع الوقوف فى مكانه .. قالت "نهال" بقلق :
- اتأخرت أوى
قالت "انعام" مبتسمه :
- متخفيش شوية وتخرج ان شاء الله
التفتت "نهال" تنظر الى "مهند" الذى جلس أمامها على أحد المقاعد .. مطرقاً برأسه .. همست وهى تحرك شفتيها بصوت غير مسموع بينما تنظر اليه فى هيام :
- بحبك يا "مهند
ودت لو استطاعت أن تنهض وتسمعه اياها .. لكنها خشيت من ردة فعله .. نهضت "كوثر" واقتربت من "نهاد" قائله :
- حاجة البيبى جبتوها معاكوا ولا نسيتوها
نظر اليها "نهاد" قائلاً :
- أيوة جبتها فى العربية بره
قالت "كوثر" :
- طيب اديني المفتاح وأنا هروح أجيبها
نهض "مهند" قائلاً :
- خليكي يا عمتو هروح أجيبها أنا
أخذ "مهند" المفتاح من "نهاد" وتوجه الى الخارج ليحضر أغراض الصغير من حقيبة السيارة .. عاد ليفاجئ بـ "نهاد" يحمل الصغير بين ذراعيه والتف الجميع حوله فى سعادة .. ابتسم "مهند" وهو يتطلع اليهم وأمر "نهاد" بأن يؤذن فى أذن الصغير ففعل .. فما لبثت الممرضة أن أخذت الصغير وطلبت أغراضه ودخلت الغرفة مرة أخرى .. جلس "نهاد" على أحد المقاعد والدموع فى عيناه .. جلس "مهند" بجواره ورب على كتفه قائلاً :
- ربنا يباركلك فيه يا "نهاد"
ابتسم "نهاد" وقال وهو يمسح عبراته التى فلتت من عينيه :
- يارب
خرجت "بيسان" على الترولى فوقف "نهاد" وأمسك بيدها قائلاً :
- "بيسان" .. شوفتى "فريد" .. زى القمر
بتسمت بوهن وقالت :
- شكلك يا "نهاد"
اتسعت ابتسامته ودخل معها غرفتها .. ودخل الجميع بإستثناء "مهند" الذى ظل فى الخارج .. خرجت الممرضة تحمل الصغير .. فنهض "مهند" وحمله عنها .. أخذ يتأمله فى حنان .. بوجه الصغير وكفه الرقيق .. لف أصابع الصغير حول اصبعه مقبلاً يده .. تطلع اليه بعينان يملأهما الحنان .. مرر اصبعه على وجنته الملساء الناعمة مقبلاً جبينه فى رقه .. ضمه "مهند" الى صدره بحنان بالغ .. هفت نفسه الى صغير مثله .. خاصاً به هو .. ملكاً له هو .. تذكر زوجته الراحلة .. وأحلامهما بطفل صغير يجمعهما .. لكن كانت ارادة الله أن حرمهما من ذاك الحلم .. نظر اليه مرة أخرى بأعين تغشاها الدموع .. كان قد نسى هذا الحنين الى تكوين أسرة يكن هو قائدها وحاميها .. لكن هاهو ذلك الحنين قد عاوده .. شعر بغصه فى حلقه وهو يقبل جبين الصغير مرة أخرى .. انفتح الباب وتمرت "انعام" فى مكانها وهى تتطلع الى ذلك المشهد .. رفع "مهند" عيناه ينظر اليها .. لمحت تلك العبرات فى عينيه فشعرت بالألم من أجله .. اقتربت منه متنهدة بحسرة .. فأعطاها الصغير .. ثم التفت ليغادر المشفى .. تتابعها بعيناها التى غشيتها العبرات هى الأخرى

***********************************

دخلت "فيروز" المشفى وبمجردأن رأت "باهر" الواقف مع أحد رجال الشرطة .. اقترب منه قائله بلهفة :
- "باهر" ايه اللى حصل .. فين "سمر"
قال وهو يزفر بضيق :
- حصلت حادثة .. متقلقيش هى كويسة
هتفت "فيروز" بحنق :
- طبعاً كنت سايق زى المجنون كعادتك مش كدة
احتد عليها قائلاً :
- هى اللى غلطانه .. هى اللى عصبتنى وأنا سايق
قالت بقلق :
- فين أوضتها
أسار لها "باهر" الى الغرفة خلفها .. تقدمت لفتح الباب .. لكن الباب انفتح من الخارج ليخرج منه طبيب وطبيبة .. نظرت اليهما "فيروز" قائله :
- أنا زوجة أبيها .. كيف حالها ؟
نظر الطبيبن الى بعضهما البعض .. ثم قال الطبيب لها :
- بصراحة الأخبار ليست جيدة
ازداد قلق "فيروز" فقالت لعصبية :
- من فضلك أخبرنى
قال الطبيب بأسى ممزوج بالحيرة :
- جسمها سليم الا من بعض الرضوض والكدمات التى ستشفى مع الوقت .. أما بخصوص ذراعها فالأمر محير
قالت بدهشة :
- ما به ذراعها ؟
قال الطبيب وهى ينظر الى زميلته :
- فى الحقيقة لقد أصاب ذراعها الأيسر .. الشلل
وضعت "فيروز" كفها على فمها وعيناها تتسعان على آخرهما .. بينما وقف "باهر" يتطلع الى الطبيب بدهشة هو الآخر .. أكمل الطبيب :
- المحير فى الأمر هو أن ذراعها الأيسر فقط هو ما اصابه الشلل .. ففى المعتاد فى مثل تلك الحواث التى يتعرض أصحابها الى اصابات فى الرأس أن يصيبها شلل نصفى أو كلى .. أى تشل حركة الذراعان أو القدمان أو كليهما .. أما فى هذه الحالة فالمحير هو أن ذراعها الأيسر فقط هو ما أصابه العطب
قالت "فيروز" بلهفه :
- أتعنى أن ذراعها لن يتحرك مرة أخرى .. ألا يوجد أمل ؟
قال الطبيب بأسف :
- أنا آسف .. هذا الأمر ليس بأيدينا .. سنخضعها الى المزيد من الفحوصات .. لكن ليس فى أيدينا أى شئ
أومأت "فيروز" برأسها .. انصرف الطبيب .. فالتفتت ترمق "باهر" بنظرات نارية .. فما كان منه الا أن انصرف مغادراً المشفى .. دخلت "فيروز" حجرة "سمر" .. رأتها نائمة على فراشها مغمضة العينين .. قالت لها الممرضة بهمس :
- لقد نامت الآن بعدما أعطيناها المهدئ
أومأت "فيروز" برأسها وقالت :
- سأعود الى البيت وآتيها فى الصباح
خرجت هى الأخرى .. لتغادر المشفى !

***********************************
فى صباح اليوم التالى .. نهض "دياب" من فراشه ودخل الحمام يأخذ دشاً بينما كانت "سحر" تعد الفطور .. خرج مبتسماً لها وقال :
- صباح الخير يا "سحور"
قالت وهى مستمرة فى عملها :
- صباح النور ..يلا عشان تفطر
جلسا حول الطبلية الصغيرة الموضوعه على الأرض .. فنظر اليها "دياب" قائلاً :
- "سحر" .. خلينا نتكلم مع بعض .. مش حابب نكون أفشين على بعض كده
فى تلك اللحظة استيقظت الصغيرة تصرخ باكية فقالت "سحر" بعصبية :
- أوووف بأه
نهض "دياب" بسرعة قائلاً :
- خليكي أنا هجيبها
حمل "دياب" صغيرته بني ذراعيه يلاعبها ويداعبها حتى هتفت "سحر" :
- يا "دياب" يلا يا "دياب" هتتأخر على شغلك
خرج "دياب" من الغرفة يحمل الصغيرة وجلس يتناول طعامه مجلساً اياها فوق ساقه .. حاول أن يضع قطع خبز فى فمها فصاحت "سحر" بحده :
- "دياب" انت بتعمل ايه .. ملهاش أكل دلوقتى
قال "دياب" مبتسماً :
- نفسى أوى أأكلها
ٌقالت بنفاذ صبر وهى تحملها من بين ذراعيه :
- هاتها عشان تعرف تاكل .. وأنا هدخل أغيرلها البامبرز
أنهى "دياب" طعامه .. وتوجه الى غرفة النوم .. كانت "سحر" جالسه على الفراش ترضع الصغيرة .. فاقترب "دياب" منها يداعب الصغيرة التى تلهت فى اللعب معه تاركة الرضاعه .. فتمتمت "ٍحر" :
- يا "دياب" يلا هتتأخر
ارتدى "دياب" ملابسه وودعهما قائلاً :
- هحاول أرجع النهاردة بدرى .. بس متنيميهاش بدرى ماشى .. هجبلكوا حاجة حلوة وأنا جاى
قالت "سحر" :
- اقفل الباب كويس وانت خارج
أومأ برأسه وخرج من بيته ذاهباً الى عمله

*************************************

قال "عدنان" واضعاً ساقاً فوق ساق :
- أيوة فعلاً يا حضرة الظابط .. مدام" لميس" كانت بتشتغل عد "حسنى"
قال "عادل" وقد ضاقت عيناه :
- بس مش غريبة يعني .. خدامه كانت بتشتغل عند أخوك .. وسابت الشغل .. وتجيبها انت شتتغل عندك
قال "عدنان" بحزم :
- وايه الغريب فى كده .. عادى .. سابت الشغل عند أخويا وشغلتها عندى .. ايه المشكلة
انحنى "عادل" واضعاً مرفقيه فوق المكتب وهو يقول :
- طيب هى سابت الشغل عند أخوك ليه
ٌقال "عدنان" بإقتضاب :
- مرتحتش معاهم
سأل "عادل "بإلحاح :
- ليه ؟
قال "عدنان" بنفاذ صبر :
- مرتحتش وخلاص .. كام خدامه بتسيب الشغل فى البيوت عشان مرتاتحش .. ايه المشكلة يعني
قال "عادل" وهو يرفع أحد حاجبيه :
- تفتكر ممكن يكون أخوك ضايقها
التفت "عدنان" ينظر اليه بحده .. فأكمل "عادل" بمكر :
- يعني يكون اتحرش بيها مثلاُ .. ومدام "يسرية" اكتشفت الموضوع وطردتها .. أو اكتشفت ان فى علاقة بينهم فعلاً برضى مدام "لميس" .. وطردتها عشان تبعدها عن جوزها
قال "عدنان" بصرامة وقد بدا الغضب فى عيناه جلياً :
- مدام "لميس" ست محترمة .. وعارفه ربنا .. ومكنش ليها علاقة بحد
ضاقت عينا "عادل" وهو يقول :
- مالك متأكد كده يا "عدنان" بيه .. مش يمكن .......
قاطعه "عدنان" بحزم وهو يقف بعضبيه :
- لا مش يمكن .. مفيش حاجه بين "حسنى" وبين "لميس" .. محصلش حاجه بينهم ومش هيحصل .. ياريت تحاول تدور على القاتل يا حضرة الظابط .. بدل ما انت عمال تخوض فى أعراض الناس .. ممكن أمشى ولا لسه فى اسئله تانية
أشار "عادل" فى اتجاه الباب .. خرج "عدنان" بينما أرجع "عادل" ظهره الى الوراه وهو يتمتم :
- أقطع دراعى ان ما كنت مخبى حاجه يا "عدنان" .. بس هتروح منى فين .. هعرفها يعني هعرفها

*****************************************
اصطدم "نهاد" أثناء سيره فى ممر المستشفى بفتاة فأوقع هاتفه .. انحنت الفتاة لالتقاطه وهى تقول :
- سورى مخدتش بالى
ابتسم "نهاد" قائلاً وهو يتناول منها هاتفه :
- لا ولا يهمك
كاد أن يكمل طريقه لكنها أوقفته قائله بمرح :
- انت "نهاد زياكيل" مش كده
نظر اليها "نهاد" بدهشة فقالت مبتسمه :
- أنا "انجى" صاحبة "بيسان" حضرت فرحكوا
ابتسم لها "نهاد" معتذراً وهو يقول:
- معلش مش واخد بالى
ضحكت قائله :
- ولا يهمك .. أنا جيه لـ "بيسان" ممكن تاخدنى لأوضتها
قال على الفور وهو يشير الى الطريق بيده :
- أيوة طبعاً اتفضلى
اتسعت ابتسامة "بيسان" وهى ترى صديقتها مقبلة نحوها فصاحت :
- "انجى" .. حبيبتى وحشتينى
عانقتها "انجى" قائله :
- حبيبتى "بيسان" انتى كمان وحشتيني موت
قالت "بيسان" بلهفة :
- احلويتي يا "انجى" هو كل اللى بيسافر بره بيحلو كده
ضحكت "انجى" بدلال وقالت :
- ميرسى يا "بيسان"
ثن التفتت حولها قائله بمرح :
- أمال فين البيبى
قالت "بيسان" بضيق :
-أخدوه وحطوه فى الحضانه .. بيقولوا يومين ويطلع تانى ان شاء الله
قالت "انجى" وهى تمط شفتيها :
- يخساره كان نفسى أوشفه
نظرت "انجى" ضاحكة "الى "نهاد" الواقف أمام باب الغرفة وقالت :
- مش أنا عرفت جوزك .. صحيح مشفتوش غير مرة واحدة يوم فرحكوا بس عرفته على طول
ابتسم "نهاد" قائلاً :
- أنا بأه اللى مش فاكرك معلش
قالت "بيسان" وهى تنظر اليه :
- دى "انجى" يا "نهاد" صحبتى من زمان .. عرفتك عليها يوم فرحنا
قالت "انجى" ضاحكة :
- عادى يا جماعة . .أكيد كنتوا ملبوخين يومها .. وكمان حبايب "بيسان" كتير
قالت "بيسان" وهى تتأملها بلهفة :
- بجد فرحت أوى انى شوفتك يا "انجى" .. اوعى تقوليلى انك هتسافرى تانى بسرعة .. المرة اللى فاتت كنت ملبوخة فى التحضير للفرح ومعرفناش نعد مع بعض
قالت "انجى" بتهكم :
- لا هتشوفيني كتير من هنا ورايح
رفعت كفها الخالى أمام وجه "بيسان" وهى تقول :
- اطلقت !

*************************************

فى المساء دخلت "فيروز" المشفى وبمجرد أن اقتربت من غرفة "سمر" سمعت صوت صراخ .. اقتحمت الغرفة لتجد اثنان من المممرضات يحاولان تهدئة "سمر" التى أخذت تصرخ باكية .. قالت "فيروز" بتوتر :
- "سمر" .. مالك فى ايه
سكنت "سمر" قليلاً والتفتت تتطلع اليها بوجهها الباكى وعينيها الحمراوين والضمادة على رأسها وتلك الخدوش فوق وجهها وذراعيها .. قالت بصوت مبحوح من كثره البكاء :
- "فيروز" .. "فيروز" الحقيني
اقتربت "فيروز" من فراشها .. وسألت الممرضة :
- ماذا بها ؟
قالت الممرضة وهى تعيد رأس "سمر" الى الوسادة :
- كلما استيقظت أخذت تصرخ وتبكى
قالت "سمر" بألم وهى تعاود البكاء بأدمعها المنهمرة فوق وجهها :
- "فيروز" خليهم يشوفولى حل .. خليهم يعملوا أى حاجه .. دراعى مش بيتحرك يا "فيروز" .. خليهم يعملوا حاجه .. مش هقدر أعيش كده
أقتربت "فيروز" من فراشها وبلعت ريقها قائله :
- ان شاء الله هيكون فى حل يا "سمر"
مدت "سمر" يدها لتسمك بذراع "فيروز" وقالت بلهفة وهى تنظر اليها برجاء ودموعها تغرق وجهها :
- عشان خاطرى متسبينش كده .. بيعي الشركة .. هعملك توكيل .. عشان خاطرى خليهم يعالجونى .. دراعى مش بيتحرك يا "فيروز " .. متسيبينيش كده
أخذت ترتجف وتبكى .. أسرعت الممرضة بحقن المهدئ مرة أخرى فى المحلول الموصل بذراعها .. دفعت "سمر" الممرضة بيدها وهى تصيح :
- بتنيمينى ليه .. مش عايزة أنام .. ناديلى الدكتور يشوف دراعى .. ناديلى الدكتور اللى هنا
خرجت "فيروز" بعدما فشلت أعصابها فى تحمل هذا الكم من الصراخ .. زفرت فى ضيق وهى تسب وتلعن "باهر" الذى تسبب فى تلك الكارثة .. ماذا تفعل .. أتخبرها بالحقيقة .. لا شئ سيعود الى ما كان عليه .. عيلها أن تتأقلم على وضعها الجديد .. وعلى اصابتها التى لن تطيب !

**********************************

قال "علاء" بينما كان يسوق سيارته التى تحمل بداخلها والده ووالدته وعمته "كوثر" :
- فكرة الحجر فكرة جامده .. ياريت ننفذها
هتف "حسنى" :
-أنا مش مصدق .. كلكوا شايفنها فكرة جامدة الا أنا
قالت "يسرية" بحزم :
- أيوة فكرة جامدة . .خليك انت بره دلوقتى واحنا اللى هنتصرف
قالت "كوثر" وهى تنظر الى "يسرية" الجالسه بجوارها :
- صح يا "يسرية" هنتصرف احنا
التفتت اليهم "حسنى" قائلاً :
- بحده .. هتتصرفوا ازاى يعني
قالت "كوثر" بحزم :
- اطلع منها انت .. احنا هنعرف ازاى نثبت ان "عدنان" مش طبيعي .. وانه محتاج وصى عليه
توقفت السيارة أمام الفيلا ومن خلفها سيارة "مهند" .. صعد "مهند" الدرجات المؤدية الى الفيلا .. وقبل أن تتمكن "فريدة" من الصعود نظرت اليها "يسرية" قائله بتشفى :
- عقبالك انتى كمان يا "فريدة"
ابتسمت "فريدة" وقالت بخجل :
- شكراً يا طنط
قالت يسرية" بلؤم :
- انتى عديتي الـ 35 مش كده ؟
اختفت ابتسامة "فريدة" وهى تقول بتوتر :
- أيوة يا طنط
قالت "يسرية" وهى تمط شفتيها :
- يا حرام .. متقلقيش أكيد هيجيلك نصيبك .. انتى صحيح وصلتى لسن صعب .. بس خلى عندك أمل
قالت جملتها الأخيرة وهى تربط على ذراعها فى برود .. ثم التفتت لتصعد الدرجات الى الفيلا وابتسامة تشفى على شفتيها .. اغرورقت عينا "فريدة" بالعبرات .. شعرت بالإختناق .. حاوت التحكم فى تلك العبرات التى انهمرت رغماً عنها .. تمتمت بألم :
- حرام عليها ليه تعمل فيا كده
مسحت عبراتها .. وأخذت نفساً عميقاً .. وصعدت الدرجات فى تؤدة .. وجدتهم جميعاً فى غرفة الصالون .. فصعدت مسرعة الى غرفتها .. أغلقت الباب عليها وألقت بنفسها فوق فراشها .. تبكى ذلك كرامتها الجريحه !

************************************

ظلت الكوابيس تطارد "سمر" .. تستيقظ فقط لتضخ لها الممرضة المزيد من المهدئ .. أشفق عليها العاملون فى المشفى .. فحالها كان من سئ الى أسوأ .. كانت تبكى حتى أثناء نومها .. مرت الأيام حزينة كئيبة .. كلما التفتت لتنظر الى ذلك الذراع الراقد بجوارها بلا حراك ازدادت حزناً وألماُ .. طلب الطبيب حجزها لعمل المزيد من الفحوصات والتى لم تنبأه بشئ جديد .. لا استجابه فى ذراعها على الإطلاق .. أمر بعمل جلسات من العلاج الطبيعي .. فلعلها تفيد .. وإن كان يظن غير ذلك .. حاول أن يأهلها نفسياً لتقبل وضعها الجديد .. لكن "سمر" كانت ثائرة .. جامحة فى غضبها .. ترفض أن تظل هكذا .. ترفض أن يصبح هذا هو حالها .. ازداد توترها وعصبيتها .. ازدادت نوبات انهيارها وبكائها .. أخذت تصرخ فيهم ليعالجوها .. ثم ما يلبث أن يتحول الصراخ الى عويل وبكاء ورجاء وتوسل .. كانت تضرب فى ذراعها المشلول ليتحرك .. ليستجيب .. دون جدوى .. دون أمل .. أغمضت عينيها وتمنت لو كانت والدتها على قيد الحياة .. لتلقى بنفسها بين ذراعيها .. وتبكى الى أن تنضب دموعها .. شعرت بأنها فى أمس الحاجة لذلك الحضن الحانى .. يحيطها ويحميها ويبث الأمل فيها .. فتحت عينيها على واقعها المر .. تتذوقه كالعلقم فى فمها .. ليس لكِ أحد فى هذه الدنيا يا "سمر" .. أنتِ وحدك .. ستواجهين واقعك بمفردك .. يجب أن تصبحى أقوى حتى تستطيعي الاستمرار فى هذه الحياة .. لا تأملى أن يساعدكِ أحد .. أو أن يحنو عليكِ أحد .. أو أن يبكى عليكِ أحد .. أنتِ بالنسبة للجميع لا أحد يا "سمر" .. لا تعنين لهم أى شئ .. لا لـ "باهر" .. و لا لـ" فيروز" .. ولا لأى أحد .. ظلت عيناها الدامعتان معلقتان بسقف الغرفة وشفتيها ترتجفان وهما يتذوقان ملوحة دمعها .. رفعت كفها لكى تمسح تلك العبرات .. لكنها أعادت كفها الى مكانه مرة أخرى .. ما فائدة مسح تلك العبرات .. إن كان هناك المزيد منها .. وسقط المزيد !
Comments
0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق