روايات منى سلامة

روايات دكتورة منى سلامة
للتواصل مع الكاتبة:
الفيس بوك
الصفحة العامة

الانستجرام

الفصل السابع من رواية العشق الممنوع


مرت الأيام التالية على "عدنان" وهو حيرة من أمره .. ازدادت فترات صمته .. ووجومه .. وشرودة .. يحاول أن يتوصل الى معرفة الشخص الذى حاول قتله .. أصبح يشك فى كل من حوله .. فكل منهم له دافع لقتله .. حاول أن يحل لغز تلك الجريمة المعقدة فلم يستطع .. أصبح عصبياً وقلوقاً .. ويتعامل مع الجميع بحذر .. لكن بقى عنده أمل .. فى أن يكون الرائد "عادل" مخطئاً .. وأن يكون القاتل من خارج الفيلا .. دخل بطريقة ما ونفذ جريمته ثم هرب مرة أخرى .. حاول أن يبث الإطمئنان بداخله .. لكن عقله بقى منتبهاً .. لكل شاردة وواردة ......


دخل "مهند" مكتب "عدنان" محيياً اياه قائلاً :
- صباح الخير يا عمى
- صباح النور يا "مهند"
- السكرتيرة قالتلى ان حضرتك عايزنى
أومأ "عدنان" برأسه وأشار له بالجلوس .. جلسه "مهند" يتطلع الى عمه بإهتمام .. قال "عدنان" بجديه :
- "مهند" .. أنا محتاجلك جمبى .. أنت أكتر حد بثق فيه دلوقتى .. بعد اللى حصل ده بقيت بشكل فى كل اللى حوليا
قال "مهند" على الفور :
- متقلقش يا عمى .. أنا جمبك
قال "عدنان" وهو ينظر اليه بحزم :
- أنا قررت أعينك نائب رئيس مجلس ادارة الشركة
جمدت ملامح "مهند" لذاك الخبر الصادم .. فأكمل "عدنان" :
- أنا محتاجك جمبى يا "مهند" .. أنا معرفش مين اللى كان عايز يقتلنى .. بس اللى أنا متأكد منه أنه أكيد هيحاول تانى .. لما أعينك نائب ليا فأنا كده بستفز القاتل .. وأكيد أكيد هيغلط ويكشف نفسه
قال "مهند" وهو مطرقاً برأسه :
- بس يا عمى الحكاية دى ممكن تخلق عداوات بينى وبين "نهاد" و "علاء" و عمى "حسنى"
هتف" عدنان" بحدة وهو يشيح بيده :
- العداوات أصلاً موجودة .. أنا موتى وسمى الناس الحقوده اللى تبص على اللى فى ايد غيرها .. دى فلوسى ودى شركتى وأنا حر فيها .. أمشيها على مزاجى أنا مش مزاجهم هما
صمت "مهند" حتى لا يثير غضب عمه أكتر .. حاول "عدنان" تمالك نفسه قائلاً :
- "مهند" عمك بيقولك انه محتاجلك .. هتقف جمبه ولا لأ ؟
أطرق "مهند" قليلاً وأخذ نفساً عميقاً ثم رفع رأسه قائلاً :
- طبعاً يا عمى .. هقف جمبك
ابتسم "عدنان" وأشار له برأسه للإنصراف .. غادر "مهند" مكتب عمه وهو يفكر بغضب .. من ذا الذى يجرؤ على محاولة قتل "عدنان" .. كيف يعمى الطمع الناس بهذا الشكل .. لدرجة أن يفر الواحد منهم فى القتل طمعاً فى ممتلكاته .. كيف يخلق المال العداوة والبغضاء بين أبناء الرحم الواحد .. كيف يأتون بأكبر الكبائر من أجل حفنة جنيهات .. لن تسمن ولن تغنى من جوع يوم العرض على رب الأرباب .. يوم يقدم لكل نفس ما عملت .. كيف سيكون رد كل منهم على رب السماوات .. عندما يسأله لما قتلت عبدى ؟!
دخل "مهند" مكتبه ماراً بمكتب سكرتيرته .. فقال دون أن ينظر اليها :
- لو سمحتى مش عايز أن ازعاج دلوقتى لا مقابلة ولا تليفون
قامت بأدب وقالت :
- حاضر يا فندم
تابعته بعينيها حتى دخل المكتب .. بعد قليل أتتهى احدى الفتيات العاملات بالشركة .. ألقت نظرة على غرفة "مهند" ثم قالت :
- ازى "هتلر"
ضحكت السكرتيرة بخفوت وهى تنظر الى باب مكتب "مهند" المغلق مخافة أن يسمعهما وقالت هامسه :
- حرام عليكي ده "هتلر" ؟
قالت الفتاة بضيق :
- أيوة "هتلر" .. "هتلر" كان بيعذب اليهود .. وبشمهندس "مهند" بيعذبنا احنا .. من ساعة ما جه الشركة وهو ما بيفوتش أى حاجه .. ومركز أوى فى كل حاجه
ثم تنهدت قائله بحسره :
- فين أيام سى "عيييلاء"
ضحكت السكرتيرة وقالت :
- لا "عيييلاء" ايه بأه ما راحت عليه خلاص .. البشمهندس "مهند" بأه الكل فى الكل دلوقتى .. ده بأه أهم من أستاذ "حسنى" وأستاذ "نهاد" شخصياً
قال الفتاة بحنق وهى تنظر الى الباب المغلق :
- ما هو لو يفك التكشيره بتاعته دى كان ممكن يبقى مبلوع .. لكن شخط ونطر وتكشره ويحاسبك على الواحدة كده أوفر أوى
فتح "مهند" باب المكتب فجفلت الفتاتان .. تظاهرت السكرتيرة بأنها تعطى الفتاة احدى الملفات .. خرج "مهند" دون أن يهتم بالنظر اليهما .. تابعته الفتاتان بأعينهما ثم هتفت الفتاة :
- يا باى على دى قلبة وش
هتفت السكرتيرة وهى تدفعها بيدها :
- يلا يا بنتى متجبيلناش مشاكل .. لو كان سمعنا كان زمانه سوحنا .. يلا كلى عيش

*****************************************

جلس "نهاد" منهمك فى عمله فى مكتبه .. عندما رن هاتفه المحمول .. نظر الى المتصل فى توتر .. ثم أطلق سبه وتحدث قائلاً بتوتر:
- عايزه ايه ؟
أتاه صوت أنثوى ناعم يقول :
- وحشتني يا حبيبى
قال "نهاد" بإضطراب :
- لو سمحتى أرجوكى سبيني فى حالى مراتى لو عرفت هتبقى مشكلة
أطلقت المرأة ضحكة قبل أن تقول :
- ايه يا "نهاد" اللى حصلك .. مالك خايف منها كده ليه .. وبعدين يا حبيبى مين قالك انها هتعرف .. أنا مش ممكن أأذيك أبداً
قال "نهاد" بحزم وإن لم يستطع اخفاء التوتر من صوته :
- لو سمحتى دى آخر مرة تتصلى بيا .. ولا أقولك أنا هغير الخط خالص .. سلام
وبحركة سريعة نقل الأرقام المسجلة على الشريحة الى الهاتف .. ثم أخرج الشريحة ووضعها فى جيبه وفتح أحد الأدراج ليخرج منها شريحة أخرى وضعها بدل الأولى .. زفر بضيق وهو يعاود عمله محاولة التركيز مرة أخرى
عاد "نهاد" الى عمله شارداً كعادته فى الآونة الأخيرة .. حاول أن يندمج مع "بيسان" فى الحديث حتى لا يثير شوكها .. لكن "بيسان" تعرفه جيداً .. تعرفه أكثر من نفسه .. علمت بأن هناك ما يشغل باله ويقلقه .. حاولت معرفة السبب لكنه أنكر .. فإستسلمت وتظاهرت بأنها تصدقه .. لكن عقلها ذلك يدور ويدور .. تحاول أن تخمن سبب قلق زوجها وتوتره !

*******************************************

انكبت "نهال" على اللعب فى هاتفها بينما يدور حديث ساخن حولها فى بيت عمها .. قالت "انعام" :
- ربنا يستر .. الواحد معدش حاسس بالأمان نهائى
قالت "يسرية" بحيرة :
- بس ازاى المجرم ده دخل الفيلا .. السور زى ما قولتوا عليه انذار .. مين كان يعرف بموضوع الانذار ده ؟
قالت "كوثر" بنبرة ذات معنى :
- "عدنان" قال ان محدش يعرف بموضوع الإنذار غير "مهند" .. هو الوحيد اللى عارف ان مينفعش المجرم ينط من على السور والا هينكشف
قالت "انعام" شاردة :
- الغريب ان محدش عارف لحد دلوقتى ازاى المجرم ده دخل .. وازاى خرج .. ولا حتى لقوا المسدس
قالت "يسرية" مستفهمة :
- طيب احنا ازاى مسمعناش صوت الطلقة ؟
قالت "كوثر" على الفور :
- ودى محتاجة ذكاء يا "يسرية" أكيد كان حاطت فيه كاتم للصوت .. وإلا كان زمانها سمعنا ضرب النار
قالت "نهال" بضيق :
- بلاش السيرة دى بأه أنا بضايق كل ما بفتكر اللى حصل .. وبترعب جداً
قلت "انعام" مبتسمه وهى تنظر اليها :
- متخفيش يا حبيبتى .. عمك "عدنان" غير طقم الحراسة كله .. والإنذار شغال 24 ساعة
ثم قالت :
- ان شاء الله مش هيحصل حاجة وحشه
أتت "لميس" فى تلك اللحظة لتخبرهم بأن الغداء جاهز .. تلاقت عيناها مع عيني "يسرية" بدا وكأن عينا المرأتان تتحدثان بلغة لا يفهمها سواهما .. التفوا حول طاولة الطعام .. تساءلت "نهال" بإهتمام :
- فين "مهند" ؟
قالت "انعام" :
- لسه مجاش من الشركة .. حتى "عدنان" قال هيتأخر النهاردة
أومأت برأسها وقد أصابها الإحباط .. فما كان سبب قدومها الى بيت عمها فى هذا اليوم الا بهدف رؤيته .. أكملت طعامها فى شرود

*****************************************

جلست "سمر" وسط أصدقائها شاردة .. شعرت فجأة بالضيق من صوت الموسيقى الصاخب .. فتوجهت الى الشرفة تستنشق هواءاً نقياً .. جلس أحد أصدقائها بجوار "باهر" قائلاً بمرح :
- ايه الأخبار .. سمعت انك بقيت رئيس مجلس ادارة شركة "سمر"
نظر اليه "باهر" بحدة قبل أن يرشف من كأسه قائلاً :
- شركة ايه .. الشركة بتودع
عقد صديقه حاجبيه قائلاً :
- ازاى يعني ؟
قال "باهر" بتهكم :
- كلها كام شهر والشركة تفلس
رفع صديقه حاجبيه بدهشة فأكمل "باهر" :
- كنت فاكر انها شركة كبيرة وتستاهل الواحد يديرها .. أتاريها بتودع .. عايزه شغل جبار عشان تقف على رجليها من جديد .. وأنا مش بتاع الكلام ده خالص
قال صديقه وهو يرمق "سمر" الواقفة فى الشرفة بنظراته :
- وبعدين هتعمل ايه ؟ .. "سمر" عارفه
قال "باهر" بلا مبالاة :
- ايوة عارفه .. بس أنا مفيش فى ايدى حاجه
ثم قال بضيق :
- أصلاً هقولها تشوفلها مدير تانى غيري .. أو تخلى مراة باباها تشوف السغل أكيد هى فاهمة فى شغل جوزها .. الا ما عمرى اشتغلت فى حياتى أبداً آجى دلوقتى أعد على مكتب
ضحك صديقه قائلاً :
- طيب ووافقت أصلاً من الأول ليه ؟
قال "باهر" بلا مبالاة :
- قولتلك كنت فاكرها شركة كبيرة .. ومركز و اسم .. وفلوس متلتله .. لقيت خربانه على الآخر
ثم قال بحزم :
- سيبك بأه من الكلام ده دلوقتى متفصلنيش
عاد للإندماج فى المزاج والحديث مع رفقته .. بينما وقفت "سمر" فى الشرفة كعادتها تنظر الى البيوت .. وتتخيل ما يحدث بداخلها .. تتخيل أنها وسط عائله من نسج خيالها .. تعيش معهم وبهم ولهم .. لعل هذا هو الشئ الوحيد الذى يهون عليها حالها .. فتلك التخيلات تشعرها براحه وبسعادة .. سعادة مؤقته .. ومصطنعه .. لكنها أفضل من لا شئ ! ..

****************************************

احتدت "يسرية" قائله :
- يعني ايه عين "مهند" نائب رئيس مجلس ادارة الشركة .. وانت روحت فين يا "حسنى"
زفر "حسنى" بضيق وقال وهو يتهالك فوق فراشه :
- مش ناقصك يا "يسرية" دلوقتى أنا اللى فيا مكفيني
ثم قال بغل :
- من ساعة مسمعت خبر التعيين وأنا دمى فاير .. يحط حته عيل زى ده نائب له .. يعني ريس عليا أنا
قالت "يسرية" وهى تجلس بجواره :
- وهتسكت على الموضوع ده
قال بتهكم :
- وأنا فى ايدي ايه أعمله .. وبعدين للأسف مضطر أهدى اللعب شوية .. ومظهرش أى عداوة لا لـ "عدنان" ولا لـ "مهند" فى الوقت الحالى .. لحد ما نشوف حكاية الجناينى اللى اتقتل دى هتخلص على ايه
قالت "يسرية" هامسة وهى تنظر الى باب الغرفة المغلق تخشى أن تسمعها "كوثر" التى تعيش معهم فى نفس المنزل :
- طيب قولى .. هتعمل ايه فى الصفقة اللى بين شركة "عدنان" وبين الشركة التركية .. هستتمر زى ما قولتلى
قال هامساً هو الآخر :
- مش عارف .. خايف الحكاية تتكشف يا "يسرية"
قالت بحماس :
- لا هتتكشف ولا حاجة .. انت اتفقت معاهم بنفسك وهما رجال أعمال يعنى أهم حاجه عندهم المكسب وبس .. وبعدين الفلوس اللى طلعالنا من الموضوع ده مش قليلة يا "حسنى" .. وأيك شايف أخوك اتهبل فى عقله على الآخر .. ومش بعيد يعد فى بيته ويخلى "مهند" هو المسؤل الأول عن الشركة
قال "حسنى" مفكراً :
- معاكى حق .. الواحد مش عارف بكرة فيه ايه .. وبطريقة تفكير "عدنان" دى .. الواحد مش مطمن أبداً
قالت "يسرية" :
- بقولك ايه مش عايزاك تعمل مشاكل معاه خالص .. وافق على كل حاجة يقولها .. حسسه ان الفلوس مش مهمة عندك .. "مهند" عرف ياكل بعقله حلاوة .. خليك انت أنصح من "مهند" .. وحاول تقرب من أخوك على أد ما تقدر
قال مقتنعاً بكلامها :
- معاكى حق يا "يسرية" .. لازم أكون أذكى من "مهند"

**************************************
- هتجنن يا "مها" .. مش عارفه أعمل ايه عشان يحس بيا
قالت "نهال" ذلك فى وجوم وهى جالسه مع صديقتها فى غرفة هذه الأخيرة .. ثم أكملت بحزن :
- كل ما أحاول أتكلم معاه يصدنى .. نفسى أفهمه انى كبيره وفاهمه مشاعرى كويس .. بحس انه بيتعامل معايا أكنى طفلة صغيره
قالت "مها" وهى تتناول الآيس كريم من طبقها :
- قولتلك قبل كده انتوا الاتنين عايشين مع بعض فى بيت واحد
نظرت اليها "نهال" قائله بحيرة :
- يعني أعمل ايه
غمزت لها "مها" وقالت :
- اغريه يا ريا
قالت "نهال" متأففه :
- "مها" أنا عايزاكى تنصحيني بحاجه أقدر أنفذها
قالت "مها" وهى تحشو فمها بالآيس كريم :
- هقولك .. عشان يحس انك كبيره فعلاً ومعدتيش صغيره .. وعشان تجننيه وتشعلليه .. لازم يحس انك مرغوبه من الطرف الآخر
رفعت "نهال" حاجبيها بدهشة وقالت :
- ازاى يعني ؟
قالت "مها" بحماس :
- خليه يشوفك مع حد من الشلة بتاعتنا .. مرة واتنين وتلاته أنا واثقة ان مشاعره هتتحرك وهيبتدى يغير عليكي ويحس بيكي
قالت "نهال" شارده :
- تفتكرى
قالت "مها" بنفص الحماس :
- أيوة يا بنتى طبعاً .. لما يشوف حد معجب بيكي هيعرف انك كبرتى وهيبتدى يشوفك بطريقة تانية
قالت "نهال" وقد راقت لها الفكرة :
- فكرة حلوه وسهل أنفذها
ارتسمت ابتسامه على شفتيها .. وهى تتخيل نجاح خطتها !


**************************************

جلست "سمر" على الأريكة حاملة طبق طعامها فى يدها .. تشاهد التلفاز وتقلب من حيث لآخر .. دخلت "فيروز" من الخارج .. فنظرت "سمر" بسخرية الى الساعة التى تجاوزت الثالثة صباحاً .. قالت "فيروز" وهى تجلس على المقعد المجاور لها :
- حد ياكل متأخر كده .. هتبوظى جسمك
قالت "سمر" بحزم وهى تتطلع الى التلفاز وتدس الطعام فى فمها :
- جسمى وأنا حره فيه
رفعت "فيروز" عينيها وقد علمت أن النقاش معها لن يثمر بشئ .. تركت حقيبتها فوق الطاولة وأسندت ظهرها الى المقعد واضعه ساقاً فوق ساق وهى تقول :
- ايه أخبارك انتى وحبيب القلب
رمقتها "سمر" بنظرها قبل أن تعاود النظر الى التلفاز وهى تقول :
- كويسين
كانت "فيروز" تنظر اليها متأملة ..فجأة ضاقت عيناها وانحنت الى الأمام قائله :
- "سمر" قوليلى الصراحه .. انتى حصل حاجة بينك وبين "باهر" .. قوليلى عشان بس أبقى عارفه الوضع عامل ازاى
التفتت اليها "سمر" يحده وقالت وقد اتسعت عيناها دهشة :
- انتى اتجننتى .. ايه اللى بتقوليه ده ؟
قالت "فيروز" بإبتسامه خبيثة :
- معقول يعني بتحبوا بعض ومخطوبين ومفيش ...............
لم تدعها "سمر" تكمل حديثها .. تركت الطبق بعنف فوق الطاولة فأصدر صوتاً عاليا أجفلت منه فيروز .. نهضت "سمر" والشرر يتطاير من عينها وهى تقول :
- إياكى تتكلمى معايا فى الموضوع ده تانى .. انتى فاهمه .. أنا مش زيك يا "فيروز"
نظرت اليها "فيروز" بحقد .. فأسرعت "سمر" تغادر المكان وأغلقت باب غرفتها بعنف رجت له أرجاء المنزل ..

*************************************
دخل مساعد الرائد "عادل" مكتبه وأدى التحية قائلاً :
- صباح الخير يا فندم
قال "عادل" وهو منهمكاً فى تفحص أحد الملفات :
- صباح النور
جلس المساعد وقم اليه ملفاً وقال :
- تقرير الطبيب الشرعى بتاع جريمة قتل الجنايني
أخذ "عادل" الملف بلهفة وطالع الكلمات التى خطها الطبيب الشرعى .. وبعد فترة من الصمت قال :
- يعني اتقتل فى نفس الوقت اللى كانت عيلة "زياكيل" متجمعة فى الفيلا
أومأ المساعد برأسه قائلاً :
- أيوة يا فندم
أكمل "عادل" وكأنه يحادث نفسه :
- مات بطلقة نافذة فى الصدر اخترقت القلب تماماً فأودت بحياته على الفور
أغلق الملف ورفع نظره شارداً وهو يقول :
- طلقة زى دى فى مكان دقيق وحساس زى ده وكمان النور كان مطفى .. ده مش اى حد .. لازم يكون محترف .. ومتعود يشيل سلاح
التفت الى المساعد وقال بلهفة :
- مين فى عيلة "زياكيل" متعود يشيل سلاح ؟
قال مساعدة بحماس :
- مفيش غير واحد بس فى العيلة دى اللى معها ترخيص بحمل سلاح
أوقفه "عادل" بإشاره من يده قائلاً :
- استنى هخمن هو مين
استند بمرفقيه الى المكتب ثم سرح بخياله قليلاً .. وقال فجأة :
- يا "حسنى" .. يا "علاء"
ابتسم المساعد وقال :
- بالظبط يا فندم .. "علاء" .. هو الوحيد اللى معاه ترخيص بحمل السلاح .. اتحفظنا على السلاح بتاعه وقارناه بالفارغ اللى وقع من الطلقة اللى اضربت على الجناينى .. بس للأسف مطلعش نفس السلاح اللى استخدمه القاتل فى الجريمة
قال "عادل" بتهكم :
- طبعاً هو مش غبى لدرجة انه يستخدم المسدس اللى مترخص بإسمه .. أكيد هيستخدم مسدس تانى .. والتحريات عن "علاء" بتقول ان مشيه مش مظبوط ويعرف ناس سو
صمت قليلاً ثم قال :
- مديرة الفيلا اللى اسمها ......
صمت وهو يحاول أن يتذكر ثم قال فجأة :
- "لميس" .. بتشتغل فى الفيلا من زمان ؟
- أيوة يا فندم بقالها سنين طويلة عايشه معاهم
قال "عادل" بحزم :
- عايزك تعملى تحريات مكثقه عنها
- انت شاكك فيها يا فندم ؟
قال "عادل" وهو يعاود فتح الملف الموضوع على المكتب أمامه :
- ده أنا شاكك فى أبويا .. يلا وعايز التقرير فى أقرب وقت
وقبل أن ينصرف المساعد ناداه "عادل" قائلاً :
- وكمان "بشير" السواق .. عايزك تجبلى قراره
ابتسم المساعد وقال :
- ما شاء الله عليك يا فندم حفظت كمان اسم السواق
قال "عادل" ضاحكاً :
- أصلك متعرفش .. الباشا الكبير قالى لو قفلت القضية دى هيحط اسمى فى حركة الترقيات الجديدة .. فعشان كدة متحمس أوى انى أحل اللغز ده وأجيب القاتل من أفاه
ابتسم المساعد وقال :
- أدها وأدود يا فندم .. بعد اذنك

************************************

خرج "مهند" من الفيلا كعادته فى الصباح ذاهباً الى عمله فى الشركة .. لفت نظره سياره مكشوفة تقف فى ساحة الفيلا بداخلها "نهال" جالسه فى الأمام وبجوارها شاب .. وفى الخلف فتاة .. قالت "مها" بلهفة :
- خرج يا "نهال" خرج
التفتت "نهال" تنظر الى "مهند" الذى ينظر تجاهها فالتفتت بسرعة تتضاحك مع الفتى بجوارها .. ظل "مهند" يتابعها بأنظاره حتى انطلق الفتى بالسيارة مع الفتاتان خارج الفيلا .. صاحت "مها" ضاحكة :
- مش قولتلك .. ده فضل باصص جهتنا وهاين عليه يديكى قلمين
ضحكت "نهال" بسعادة وهى تقول بلهفة :
- يعني غار عليا بجد
قالت "مها" بحمس :
- طبعاً يا بنتى .. تسلم أفكارى .. ابقى اسمعى كلامى بعد كده
قال الفتى ضاحكاً :
- على آخر الزمن بقيت كوبرى
ضربته "نهال" على رأسه قائله :
- طيب سوق وانت ساكت يا كوبرى

بمجرد أن وصل "مهند" الشركة توجه الى مكتب "نهاد" .. نهض "نهاد" ونظر اليه فى تبرم .. قال "مهند" بجدية :
- خلى بالك من أختك يا "نهاد"
قال "نهاد" بحده :
- يعني ايه خلى بالك من أختك !
قال "مهند" بحزم :
-شوفتها من شوية خارجه مع شاب فى عربيته ومعها واحدة صحبتها
قال "نهاد" بنفاذ صبر :
- أيوة يعني مش راكبه مع الشاب لوحدها .. وبعدين تلاقيه زميلها
احتد "مهند" قائلاً :
- يعني ايه زميلها .. أختك فى سن مراهقة .. خلى بالك منها .. سهل ان حد يضحك عليها بكلمتين .. "نهال" لسه صغيره ومعندهاش أى خبره فى الحياة .. وانت أخوها الكبير المفروض تحافظ عليها أكتر من كده
قال "نهاد" بغضب :
- انت هتعرفنى ازاى آخد بالى من أختى .. لو سمحت يا "مهند" ملكش دعوة لا بيا ولا بأختى ولا بأى حد يخصنى
صمت "مهند" على مضض وعيناه تشعان غضباً .. توجه الى الخارج وأغلق الباب خلفه بقوة

**********************************

عادت "سمر" الى البيت لتفاجأ بذلك الجمع من الرجال والنساء جالسن على طاولة الطعام يلعبون بالورق وتدور عليهم الخادمة بأحد المشروبات .. نظرت بغيظ الى "فيروز" التى نادتها بمرح :
- "سمر" .. تعالى أعرفك على صحابى
التفت الجميع ينظرون الى "سمر" .. أشارت لها "فيروز" موجه الحديث اليهم قائله :
- أأدملكوا "سمر" بنت جوزى الله يرحمه
- أهلاً سمر
رحب الجميع بها .. بعضهم تركى وبعضهم مصرى .. لكنها شعرت بالغيظ والحنق عندما وجدت أحد الرجال يرمقها بنظرات جريئة متفحصه .. نظرت اليه بحده عله يتراجع .. لكن حدة نظراتها لم تزيده الا جرأة .. شعرت بغصة فى حلقها ودت لو أمسكت بتلك المزهرية بجوارها لتهشمها فوق رأسه .. اتجهت نحو الباب .. فهتفت "فيروز" :
- على فين يا "سمر" .. تعالى اعدى معانا
قالت "سمر" وهى تشعر بالإختناق من تلك العينان المسلطتان عليها :
- خارجه أشم هوا
بمجرد خروجها .. مالت على "فيروز" احدى النساء قائله بخبث وهى تشير برأسها الى أحد الرجال :
- شوفتى لما شاف "سمر" عمل ازاى .. الراجل منزلش عينه من عليها .. يا بختها
ابتسمت "فيروز" وهى تنظر الى ذلك الرجل الذى بدا واضحاً على محياه اعجابه بـ "سمر"

أوقفت "سمر" سيارة والدها على جانب الطريق .. لا تدرى لما توقفت .. ولا لما تُكمل ! .. كل ماكانت تشعر به هو الإختناق .. وكأن الهواء يُسحب سحباً من رئتيها .. فيضيق صدرها .. نظرت حولها الى السيارات التى تمر بجانبها .. كل منهم يعلم وجهته .. ويسير بإتجاه هدفه .. إلا هى .. لا تعلم وجهتها .. ولا تعلم لها هدفاً .. فتحت شباك السيارة الزجاجى وأسندت مرفقها اليه .. وأسندت رأسها الى قبضة يدها .. الى أين ستأخذك الحياة بعد يا "سمر" .. لماذا تشعرين دائماً بهذا الخوف وذاك القلق .. لماذا لا تجدين مرفأ ترسو عليه سفينتك .. تلك السفينة التى تقاذفتها الأمواج حتى ضلت طريقها .. وتحطمت بوصلتها .. لكم تهفو نفسك الى الشاطئ .. الى المرفأ .. الى الأرض الثابتة .. تقفين عليها بقدميك .. أغمضت عينيها وهى تعود بذاكرتها الى الوراء .. الى مصر .. الى حضن والدتها .. الى ابتسامتها الدافئة .. لكم كانت تشعر بالسعادة والأمان فى كنفها .. وبين ذراعيها .. رفعت أصابعها الى وجنتها وهى مازالت مغمضة العينين .. تتذكر قبلة والدتها الحنون كل يوم قبل نومها .. تتذكر ضحكتها التى تبث السعادة والأمل فى كل كيانها .. تتذكر مرضها .. وضمورها .. وحزنها .. ودموعها .. تتذكر ارتجافة جسدها ليلاً وهى تصراع كوابيسها .. ستفقد أمها .. ستفترق عنها للأبد .. سيخلو البيت من طيب عطرها .. وعذوبة صوتها .. هربت دمعة من عينيها وهى تتذكر ذلك اليوم المتشح بالسواد .. أظلمت الدنيا فى ذلك اليوم .. أظلمت فى عينيها وفى قلبها .. مات النور بداخلها .. تحطمت بوصلتها .. تقاذفتها هموم الحياة وأشجانها .. تُرى أستجد يوماً بر الأمان ؟! .. أم ستظل هائمة فى بحر الظلمات .. لا تدرى فيه العدو من الحبيب .. القريب من البعيد .. فتحت عينيها .. ومسحت تلك العبرة الهاربة .. وأدارت السيارة .. وانطلقت تشق طريقها .. الى حيث لا مكان !
Comments
0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق