روايات منى سلامة

روايات دكتورة منى سلامة
للتواصل مع الكاتبة:
الفيس بوك
الصفحة العامة

الانستجرام

الفصل الخامس من رواية العشق الممنوع



سمع الجميع من غرفة الجلوس صوت زمور سيارة فى الخارج .. قفزت "نهال" وجرت بإتجاه الباب فتحته وخرجت وهى تصيح بلهفه :
- بابا .. ماما
توقفت السيارة أمام باب الفيلا لتترجل منها امرأة فى نهاية العقد الرابع من العمر .. اقتربت منها "نهال" معانقة اياها بلهفة وهى تقول :
- ماما وحشتيني
عانقها المرأة قليلاً ثم ابعدتها قائله :
- وانتى كمان .. "نهال" حسبى أنا تعبانه من السفر
قالت بحماس :
- آسفة .. آسفة معلش .. أصلكوا وحشتونى أوى
انتقلت "نهال" الى المرأة التى ترجلت من المقعد الخلفى والتى كان يبدو عليها الصحة والنشاط رغم سنوات عمرها التى تجاوزت الستون .....


قبلتها "نهال" بلهفة قائله :

- عمتو "كوثر" وحشتيني أوى
عانقتها "كوثر" بحرارة وهى تمسح على ظهرها قائله :
- "نهال" حبيبتى انتى وحشتيني أكتر .. ما شاء الله عليكي احلويتي فى الفترة اللى غبناه عنك
ضحكت "نهال" بسعادة وهى تقول :
- حضرتك على طول شايفانى حلوة يا عمتو
ضحكت "كوثر" وقالت وهى تداعب وجنتها :
- عشان انتى فعلاً حلوة يا حبيبة عمتو
انطلقت "نهال" مسرعة الى الرجل الذى ترجل من السيارة وأحاطت عنقه بذراعيها قائله :
- وحشتيني يا بابا .. وحشتيني أوى
ربت على ظهرها قائلاً :
- وانتى كمان يا "نهال" .. جبتلك حاجات حلوة أوى هتعجبك
صفقت بيديها وصاحت كالأطفال :
- هى فين يا بابا وريهالى
قالت أمها بضجر :
- هتفضلوا وافقين كتير كده .. انا داخله
توجهوا الى الداخل وبعد الترحيب وتبادل عبارات المجاملة والسلام .. جلس الجميع فى غرفة المعيشة يتجاذبون أطراف الحديث .. قال "عدنان" موجهاً حديثه الى أخيه :
- ايه الأخبار يا "حسنى"
قال أخيه "حسنى" وهو يرجع ظهره الى الخلف ليسترخى :
- كله تمام يا "عدنان" .. وبعدين ما انت كنت متابعنى أول بأول ولسه متكلمين امبارح .. يعني مش هيلحق يحصل حاجة جديدة من امبارح للنهاردة
قال "عدنان" بشرود :
- الاتفاقات الجديدة مش مريحانى يا "حسنى"
اعتدل "حسنى" فى جلسته على الفور وهتف قائلاً :
- ليه يا "عدنان" .. ما أنا قايلك على كل حاجة .. حاولت معاهم لكن ده آخر ما قدرت أوصله .. وبصراحة أنا شايف الصفقة كدة ممتازة وخايف تضيع مننا
شرد "عدنان" وهو يحك ذفنه بأصابعه وهو يقول :
- بس ايه اللى خلاهم يغيروا الاتفاق والنسب .. ما احنا كنا متفقين على كل حاجة
قال "حسنى" على الفور :
- انت عارف يا "عدنان" ده بيزنس .. يعني أكيد جالهم عرض أحسن مننا .. وأنا بصراحة شايف نتوكل على الله بدل ما الفرصة تضيع
قالت "نهال" بحماس وهى تنظر الى عمتها "كوثر" :
- قوليلى يا عمتو تركيا حلوة زى ما بنشوفها فى التى فى
قالت "كوثر" مبتسمه :
- آيوه يا حبيبتى جميلة .. ان شاء الله نطلعها سوا
قالت "نهال" بحزن :
- كان نفسى أروح معاكوا المرة دى
قالت أمها وهى تبحث عن هاتفها داخل حقيبتها :
- احنا مكناش رايحين نتفسح يا "نهال" .. بابا كان عنده شغل
ابتسم "عدنان" بسخرية وهو يقول :
- بس الفاتورة اللى جاتلى بتقول غير كدة
غلت الدماء فى عروقها وهى تتطلع اليه .. بينما قال "حسنى" بحرج :
- يعني احنا نزلنا فى الفندق ده لان ده أرقى فندق هناك .. عشان يعرفوا اننا جامدين .. أمال كنت عايزنا ننزل فى أى فندق والسلام
قال "عدنان" بجدية ظاهرها مزاح وهو يعقد ما بين حاجبيه :
- بس المفروض دى رحلة عمل .. يعني انت اللى تطلعها يا "حسنى" .. ايه اللى طلع "كوثر" و "يسرية" معاك الا اذا كانت رحلة العمل اتحولت لرحلة استجمام
قالت "يسرية" زوجة "حسنى" بترفع :
- احنا مكناش رايحين نتفسح .. أنا و "كوثر" كان فى حاجات مهمة لازم نعملها
قال "عدنان" وهو ينظر الى وجهها المشدود ثم تنتقل نظراته الى وجه أخته "كوثر" ثم قال بسخرية :
- واضح
شعرت كلتا المرأتين بالحنق الشديد .. جاءت "لميس" فى تلك اللحظة لتقول بأدب :
- الغدا جاهز
نهض الجميع والتفوا حول الطاولة والتى اضطر الخدم الى احضار المزيد من المقاعد لتكفى هذا العدد الغفير .. تراهم من بعيد بضحكهم وحديثهم فتظن أنهم عائلة كبيرة سعيدة .. لكن لو كان لك القدرة لتشق صدر وعقل كل منهم لوجدت أن مشاعرهم وأفكارهم متباينة للغاية
بعدما انتهى الجميع من تناول الطعام .. قال "عدنان" وهو ينظر الى اخوته :
- أنا عايزيكوا كلكوا فى حاجة مهمة .. تعالوا ندخل المكتب
هم "علاء" و "نهاد" بالتوجه الى المكتب فنظر اليهم "عدنان" وقال :
- جيل الأبناء يعدوا مع بعض .. أنا محتاج أتكلم مع اخواتى بس
نظر الجميع الى بعضهم البعض فى دهشة .. توجه اخوته الى مكتبه وقبل أن يغلق الباب عاد أدراجه مرة أخرى ونظر الى "مهند" قائلاً :
- "مهند" تعالى لو سمحت
نهض "مهند" ودخل المكتب خلف عمه ..صاح "علاء" بحقد :
- مش قال عايز يجتمع بإخواته .. ليه دخل "مهند" الاجتماع
ظهر الضيق على وجه "نهاد" الذى زفر بحنق .. فأكمل "علاء" بحده شديدة :
- شوفت مش قولتلك يا "نهاد"
التفت اليه "نهاد" وصاح بحده :
- كفاية بأه يا "علاء" أنا اللى فيا مكفيني
نظرت "نهال" و "بيسان" و "فريدة" الى بعضهم البعض .. بينما نهضت "يسرية" واقتربت من ابنيها قائله :
- فى ايه .. متعرفوش عمكوا عايز اخواته ليه
التفت اليها "علاء" وقال :
- المشكلة مش انه يجتمع باخواته .. المشكلة فى "مهند" اللى طلب منه يحضر الاجتماع
نظرت "يسرية" اليه وقالت :
- عادى .. يمكن .......
قاطعها "علاء" قائلاً بحدة :
- لا مش عادى يا ماما انتى متعرفيش اللى حصل .. عمى لغى مرتباتنا واتعامل معانا بالنسبة . ونسبة "مهند" ضعف نسبتى أنا و "نهاد"
رفعت "يسرية" حاجبيها فى دهشة واتسعت عيناها وهى تقول :
- ازاى عمك يعمل كده
ابتسم "علاء" بسخرية وهو يقول :
- بيقول فلوسه وهو حر فيها
كان التوتر قد وصل مبلغه فاستأذنت "فريدة" وخرجت بصحبة الفتيات الى الحديقة .. بينما جلس "نهاد" و "علاء" مع أمهما "يسرية " فى حجرة المعيشة كما هم وكل منهم يغلى من الغضب

********************************

فى داخل المكتب .. جلس "عدنان" خلف المكتب ونظر الى اخوته .. "انعام" .. "حسنى" .. "كوثر" .. وهو يقول :
- أنا جمعتكوا النهاردة عشان أتكلم فى موضوع مهم .. موضوع قديم .. بس آن الأوان اننا نتكلم فيه
رمق "حسنى" "مهند" بطرف عينه ثم قال :
- بس انت يا "عدنان" انك عايز تجتمع باخواتك .. "مهند" بيعمل ايه هنا ؟
بدت تعبيرات "مهند" جامدة .. خاليه من أى تعبير .. قال "عدنان" :
- "مهند" موجود فى الاجتماع بدل أبوه الله يرحمه
رفع "مهند" رأسه لينظر الى عمه الذى أخذ نفساً عميقاً ثم قال :
- زمان .. بابا الله يرحمه فرق بينى وبينكوا فى المعاملة وفى الميراث .. وده السبب اللى خلانا بعيد عن بعض سنين طويله .. بصراحة أنا مكنش قطع العلاقات بينى وبينكوا فارق معايا .. كان ليا حياتى وبيت ومراتى ولابنى .. لحد ما ربنا شاء انى أفقدهم هما الاتنين .. ساعتها حسيت بالوحدة وفكرت أجمع اخواتى حوليا مرة تانية
ثم نظر الى "انعام" وقال :
- انتى يا "انعام" أول واحدة فتحتلى دراعها .. وقالتى انها مسامحانى .. ويمكن لان ظروفك كانت شبيهه بظروفى قدرنا نفهم بعض كويس
ابتسمت "انعام" وهى تنظر اليه .. التفت "عدنان" لينظر الى "حسنى" و "كوثر" وهو يقول :
- انتوا بأه مكنش الموضوع سهل أبداً بس الحمد لله عرفت أكسبكوا تانى واجمعكوا حوليا
ثم نظر الى "مهند" بأسى وهو يقول :
- أما أبوك ما "مهند" أنا للأسف ملحقتوش .. كان اتوفى .. وعشان كدة صممت ان انت و "فريدة" تيجوا تعيشوا معايا هنا يمكن أقدر أعوض بيكوا اللى فات .. وأعمل معاكوا اللى مقدرتش أعمله مع أخويا
ثم أخذ نفساً عميقاً وهو يقول بحزم :
-أنا قررت أريح ضمرى أدام ربنا وأرجع الحقوق لاصحابها
نظر الجميع الى بعضهم البعض فى دهشة .. فأكمل "عدنان" :
- الورث اللى أبونا الله يرحمه كتبه كله بإسمى .. هيتوزع من أول وجديد بينا بقسمة العدل
ضاقت عينا "حسنى" وهو يقول :
- بسعر اليوم ؟
تجمدت ملامح "عدنان" وهو يقول :
- طبعاً لأ .. هيتحدد المبلغ زى ما كان وقتها .. هو ده الميراث اللى هيتوزع
هتف "حسنى" بمزيج من الدهشة والحنق :
- بس يا "عدنان" ده مش عدل .. ازاى عايز تقسم الميراث زى ما كان يوم ما بابا مات .. الأسعار اختلفت .. والدنيا اتغيرت .. مينفعش تحاسبنا بنفس أسعار زمان
ضرب "عدنان" بكفه فوق المكتب وهو يقول بحزم :
- ده اللى عندى يا "حسنى"
ثم أشار الى ما حوله قائلاً :
- كل اللى انت شايفه حواليك ده شقايا وتعبى أنا .. أنا اللى كبرت الورث وخليه بأه امبراطورية كبيرة .. ده تعبى ومجهودى .. اللى هيتوزع هو الورث اللى أبونا سابه .. مش ورثى أنا .. أنا لسه عايش يا "حسنى"
ساد التوتر بينهم فأسرعت "انعام" تقول :
- "عدنان" فيش مشكلة .. اللى انت شايفه صح اعمله
رمقتها "كوثر" بحنق شديد لكنها التزمت الصمت .. قال "عدنان" بحزم :
- بعد ما الورث يتوزع .. أنا هكتب وصيتى ان شاء الله
نظر اليه الجميع بدهشة بينما ظلت تعبيرات "مهند" مبهمة .. قالت "كوثر" بقلق :
- وايه هى وصيتك ؟
ارتسمت ابتسامه على شفتيه وهو يقول :
- هتعرفوها لما أموت
شعرت "كوثر" بفصة فى حلقها .. انتهى الاجتماع وخرج الجميع .. بدا على "حسنى" و "كوثر" الوجوم .. تأملتهما "يسرية" بإهتمام .. ثم تعللت بشعورها بالتعب واستأذنت للانصراف .. صاحبها .. "حسنى" و "كوثر" وانطلقوا فى طريقهم الى بيتهم الذى يأوى جميعهم .. بينما انطلق "نهاد" الى بيته برفقة "بيسان" زوجته .. أما "علاء" فقرر الخروج برفقة أصدقائه .. وفضلت "نهال" المبيت هذا اليوم أيضاً فى بيت عمها

****************************************
صاحت "كوثر" بغضب :
- أخونا المحترم بيقولك قسمة العدل .. عدل ايه ده ميعرفش عن العدل أى حاجه
قالت "يسرية بحقد :
- وأنا اللى كان عندى أمل ان ضميره يصحى ويدى لكل واحد حقه .. ازاى عايز يوزع الميراث اللى كان من سنين بسعر زمان .. يعني مش هينوبنا الا ملاليم
نظرت الى زوجها وقالت بحنق :
- متقول أى حاجة يا "حسنى" هتفضل ساكت وأخوك عمال يشترى ويبيع فينا كده
قال "حسنى" شارداً :
- تفتكروا هيكتب ايه فى الوصية ؟
جلست "كوثر" على أحد المقاعد منهارة وهى تقول:
- آه يا خوفى .. آه يا خوفى يعمل معانا زى ما أبونا عمل
قالت "يسرية" وهى تنظر اليهما :
- تفتكروا ممكن يميز "مهند" عن الباقيين
نظر اليها "حسنى" وقال بحده :
- ازاى يعني
قالت "يسرية" ساخرة :
- انتوا متعرفوش ولا ابه .. أخوكوا المحترم لغى مرتبات الولاد .. وقالهم هيتعامل معاهم بالنسب .. ونسبة البشمهندس "مهند" ضعف نسبة "نهاد" و "علاء"
هب "حسنى" واقفاً ولمعت عيناه بغضب وهو يقول :
- يعني ايه ضعف نسبة "نهاد" و "علاء" ؟
قالت "يسرية" عاقدة ذراعيها أمام صدرها مستندة بظهرها على ظهر الأريكة :
- يعني يا "حسنى" .. مجموع نسبة "علاء" و "نهاد" تضربهم فى 2 .. تطلع دى نسبة "مهند"
هتفت "كوثر" بغضب :
- ده أخويا اتجنن فى عقله
نظرت "كوثر" الى "حسنى" وقالت :
- كده "عدنان" معدش طبيعي يا "كمال" يعنى ايه النسبه دى كلها لـ "مهند" .. "مهند" ابن أخويا أيوة .. بس زي ولادك .. ليه يميزه عنهم .. معنى كده بأه انه كمان هيميزه فى الوصيه .. ومش بعيد يعمل زى ما أبونا عمل ويكتبله كل حاجه بإسمه
هتف "حسنى" بغضب :
- ده أنا كنت أولع الدنيا .. يعنى ايه يكتبله كل حاجه بإسمه .. أنا طافح الدم فى الشركة دى وبشتغل عنده زى الكلب المذلول عشان فى الآخر يكتب كل حاجه لـ "مهند" .. لا ده أنا أقلب عليها واطيها
قالت يسرية بقلق :
- يا جماعة لازم نشوف حل .. انتوا عارفين الديون اللى علينا .. لازم نتصرف بسرعة .. أنا كان عندى أمل ان أخوكوا يفوق .. لكن كده من الواضح ان عمره ما هيفوق .. ولو عرف بالديون اللى علينا مستحيل يساعدنا
قالت "كوثر" بإحتقار :
- طبعاً مستحيل يساعدنا ده أخويا وأنا عارفاه .. مبيطلعش الجنيه الا بطلوع الروح
قالت "يسرية" بحدة :
- طيب وبعدين هنتصرف ازاى .. هنفضل ساكتين لحد ما يكتب وصيته فعلاً .. لو كتب الوصيه خلاص كل حاجة ضاعت
نظرتا لى زوجها "حسنى" والذى بدا عليه الإنهماك فى التفكير .. قائله :
- "حسنى" رد علينا .. فكر معانا
لم يجيبها "حسنى" بل أخذ مفاتيحه وتوجه مسرعاً الى خارج البيت وهى تصيح خلفه :
- "حسنى" .. "حسنى"

*************************************

- ليه عمى عمل كده .. كده النفوس هتشيل من بعض
قالت "فريدة" تلك العبارة شاردة وهى جالسه مع "مهند" فى غرفته .. فمسح "مهند" وجهه بكفيه وهو يقول :
- أنا مضايق جداً يا "فريدة" .. حاسس ان عمى بيخلق مشاكل بينى وبين ولاد عمى من غير ما يقصد .. "نهاد" و "علاء" مضايقين من موضوع النسب دى .. وبصراحة معاهم حق يضايقوا
- طيب هو ليه عمل كده ؟
- سألته قالى انه ادى لكل واحد نسبة على حسب كفائته فى الشغل وان النسبة قابله للتغير فى أى وقت هو يختاره على حسب مجهود كل واحد فينا
قالت "فريدة" شاردة من جديد :
- هو معاه حق .. بس المشكلة ان "نهاد" و "علاء" مش هيفهموا كده
زفر "مهند" بضيق وهو يقول :
- أنا مليش فى جو الصراعات ده .. خاصة لو كان على فلوس .. عشان كدة أنا متردد ولسه ممضتش العقد لحد دلوقتى
نظرت اليه "فريدة" قائله :
- وكمان موضوع الميراث ده اللى زود الطينة بله
ضحك "مهند" بسخرية وهو يقول :
- مشفتيش اللى حصل فى المكتب كانت هتبقى حريقة .. ولسه لما "يسرية" تعرف .. هتبقى حريقة بجد
تنهدت "فريدة" قائله :
- ربنا يهديهم كلهم .. والله الدنيا مش مستاهله ده كله .. ده النبي صلى الله عليه وسلم قال انها لا تزن عند ربنا جناح بعوضه
ثم التفتت الى "مهند" وقالت :
- بس يا ترى اللى عمله عمى ده صح ولا غلط .. يعني المفروض يوزع الميراث القديم زى ما كان زمان ولا بأسعار دلوقتى ؟ .. يعني العمارات والأرض المفروض تتحسب بأنهى أسعار .. زى ما هو عمل ولا زى ما هما عايزين ؟
قال "مهند" فى حيرة :
- بصراحة مش عارف بس هسأل فى الموضوع ده .. لازم أسأل
قالت "فريده "بأسى :
- حتى لو سألت .. عمو "عدنان" عنيد أوى مبيمشيش الا اللى فى دماغه
التفت "مهند" اليها ليقول بحزم :
- بس على الاقل مبقاش شوفت الغلط وسكت عليه .. الساكت عن الحق شيطان أخرس .. أنا ليا ان أنا أنصحه .. استجاب مستجبش هو اللى هيتحاسب أدام ربنا
صمتت "فريدة" قليلاً ثم قالت بحنق :
- شوفت اللى طنط "يسرية" و عمتو "كوثر" عاملينه فى نفسهم .. اتصدمت أول ما شوفت بشرتهم مشدودة كدة .. أنا افتكرت سافروا تركيا مع عمو "حسنى" يتفسحوا .. أتاريهم ريحين يعملوا عملية تجميل ويشدوا بشرتهم
تنهد "مهند" وهو يهز رأسه قائلاً :
- ربنا يهديهم .. سبحان الله الشيطان وعد ونفذ
نظرت اليه "فريدة" بإستغراب قائله :
- مش فاهمة يعني ايه ؟
التفت اليها "مهند" يقول بهدوء :
- "وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ" .. الشيطان توعد انه يغوى الناس انهم يغيروا فى الدين والشكل والفطرة اللى ربنا خلقنا عليها
قالت "فريدة" وهى تزم شفتيها :
- ممكن يكونوا مش عارفين انها حرام
قال "مهند" ناظراً اليها بحزم :
- المفروض تقوليلهم يا "فريدة" عشان متتحمليش الوزر معاهم .. شوفتى حاجة غلط المفروض تنصحى صاحبها .. كلامى أنا معاهم ممكن يكون محرج بالنسبة لهم .. اتكلمى انتى معاهم .. بس بهدوء متجادليش
أومأت برأسها قائله وهى تستثقل المهمة :
- طيب مع انى هتحرج أتكلم معاهم فى حاجه زى كده .. بس زى ما انت قولت يا "مهند" هكلمهم بهدوء ومش هجادل
نهضت وهى تتثائب قائله :
- يلا تصبح على خير
ابتسم قائلاً :
- وانتى من اهل الخير
أغلقت "فريدة" الباب خلفها بينما تمدد "مهند" بجسده فوق فراشه واضعاً ذراعيه خلف رأسه مستغرقاً فى تفكير عميق

****************************************

فى الصباح جلست "سمر" أمام مكتب والدها بالشركة تتفحص الملفات أمامها علها تفهم كيفية سر العمل بالشركة .. لكن ضاع وقتها سدى .. كانت البيانات والدراسات أكبر من ادراكها .. أغلقت اللفات فى حنق وهى تشعر بمرارة الفشل فى حلقها .. لكم تتمنى أن تثبت لـ "فيروز" أنها تستكيع ادارة أعمال والدها بنجاح ودون أن تحتاج اليها .. فى تلك اللحظة دخل "باهر "المكتب فنهضت "سمر" قائله بلهفة :
- "باهر" كويس انك جيت .. أنا محتاسه جداً .. مش عارفه أعمل أى حاجه .. فى ورق كتير حطتهولى السكرتيرة على المكتب وقالتلى محتاج امضتى .. وأنا أصلاً مش فاهمة ورق ايه ده ولا عارفه آخد أى قرار فى أى حاجه
ربت "باهر" على ذراعيها قائلاً:
- متقلقيش يا روحى أنا هتصرف فى كل ده .. خلاص التوكيل معايا .. ارجعى انتى البيت ارتاحى
قالت "سمر"و هى تحمل هاتفها :
- لا أنا هلف على الشركة شوية وأتعرف على الموظفين وشغلهم
قال "باهر" بضيق :
- طيب وايه لزمته .. قولتلك أنا هتضرف
قالت "سمر" بحده :
- يا "باهر" ايه اللى هيرجعنى البتي ويبقى وشى فى وش "فيروز" .. أنا خلاص جبت أخرى من الست دى .. خلينى هنا أحسن .. أهو ألاقى أى حاجه تسليني
قالت "باهر" بتبرم :
- زى ما تحبي .. أنا كان قصدى راحتك
خرجت "سمر" من المكتب .. وبدأت فى المرور على مكاتب الموظفين مكتب تلو الآخر .. تحاول أن تستوعب طريقة سير العمل فى الشركة

***************************************

فى الظهيرة خرجت "انعام" من الفيلا وتوجهت الى مرسم "عدنان" والذى كان يقع فى حديقة الفيلا فى مكان منعزل .. يدخل اليه وينعزل عن العالم أجمع .. يتنمج فى ريم لوحاته الفنية والتى أصبحت هواية ملازمة له منذ الصغر .. كان للمرسم بابان .. أحدهما على الجدار المواجه للمكتب مباشرة .. والآخر على الجدار خلف المكتب .. توجهت "انعام" الى الباب المفتوح دوماً ألا وهو ذلك الواقع على الجدار المواجه الى المكتب .. طرقت طرقات خفيفه .. فرفع "عدنان" الجالس على المكتب رأسه لينظر الى "انعام" من خلف الباب الزجاجى وأشار لها بالدخول .. دخلت "انعام" وقالت مبتسمة :
- هعطلك عن حاجة يا "عدنان"
خلع نظارته الطبية قائلاً :
- لا أبداً يا "انعام"
أغلقت الباب خلفها وجلست على أحد المقاعد أمام المكتب وهى تقول بجديه :
- بصراحة يا "عدنان" عايزة أتكل معاك فى موضوع مهم
شبك يديه فوق المكتب وقال :
- خير يا "انعام"
صمتت قليلاً وهى تحاول أن تنتقى كلماتها بعناية ثم قالت :
- شوف يا "عدنان" بخصوص كلامك امبارح عن توزيع الميراث .. فدى حريتك .. أنا مش هتكلم فى نقطة زى دى .. بس اللى يهمنى دلوقتى هو "مهند" و "نهاد" و "علاء" . .متعملش معاهم زى ما أبونا عمل معانا يا "عدنان"
ظهر الغضب على وجه "عدنان" وقال :
- مش فاهم يا "انعام" وضحى كلامك
أخذت نفساً عميقاً ثم قالت :
- شوف يا "عدنان" أنا عارفه انك شخص عقلانى جداً وبتحسبها دايماً بعقلك .. وعارفه انك طالما اديت النسبة دى لـ "مهند" يبأه هو فعلاً يستحقها . .بس بلاش النفوس تشيل من بعضها بسبب حاجة زى كدة .. متخليش ولاد العم يخسورا بعض يا "عدنان"
أرجع "عدنان" ظهره الى الوراء وهو ينظر اليها بإمعان قائلاً :
- عرفتى منين .. "علاء" و "نهاد" اشتكوكى منى ؟
قالت على الفور :
- لأ عرفت من "فريدة" .. "مهند" كمان مضايق .. لانه حاسس ان الموضوع ده سبب مشاكل بينه وبين ولاد عمه .. بصى يا "عدنان" انت حر فى شغلك .. بس أنا هقول اقتراح لو عجبك نفذه لو معجبكش خلاص انت حر
أشار اليها أن تكمل الحديث فقالت :
- قطع ال 3 عقود اللى انت كبتتها وادى التلاته نسبه زى بعض .. واديهم مهلة وليكن مثلا 6 شهور تقيم خلالها شغلهم واللى يستحق ان نسبته تعلى عليه .. واللى يستحق ان نسبته تفضل زى ما هى خليها زى ما هى .. واللى يستحق ان نسبته تقل قللها ..
صمت "عدنان" يفكر فى ذلك الإقتراح .. تأملته "انعام" تتمنى أن يوافق حتى لا يعطى فرصة للشيطان للدخول بين أبناء العم .. وأخيراً تحدث "عدنان" قائلاً :
- خلاص يا "انعام" هعمل زى ما قولتى
اتسعت ابتسامته اوهى تتنهد فى ارتياح .. لكنه عقد جبينه قائلاً :
- بس كده "مهند" هيضايق
قالت على الفور مبتسمة :
- لا متخفش "مهند" عاقل .. وأساساً فريدة قالتلى انه لسه ممضاش العقد وانه متردد
أومأ "عدنان" برأسه وهو يقول :
- خلاص النهاردة بعد السهرة اللى عاملها فى البيت للعيلة كلها .. هجمع "مهند" و "نهاد" و "علاء" وأعرفهم قرارى الجديد
نهضت "انعام" وقد انفجرت أساريرها وهى تقول بمرح :
- خلاص وأنا مش هجيب سيرة .. بعد السهرة انت تقولهم بنفسك

**************************************

ألقى "علاء" بمحتوى كأسه فى فمه ومسحه بظهر يده قبل أن يقول بحنق :
- ابن التييييييييييت .. لسه فى روح يناهد ويناكف
قل له صديقه :
- الراجل ده باين عليه مش سهل أبداً .. ماغه متكلفه ومحدش عارف هو ناوى على ايه
قال "علاء" وهو يضع كأسه الفارغ فوق البار أمامه :
- بيقول هيكتب وصيته بعد ما يوزع على اخواته ميراثهم من جدى .. الميراث القديم اللى عمى نهبه لوحده .. يا اخوفى من وصيتك يا عمى
قال صديقه مستفهماً :
- تفتكر هيكتب ايه فى الوصية ؟
أخرج "علاء" احدى اللفافات من جيبه ثم نظر حوله وفى غفلة من الآخرين استنشق المسحوق كاملاً وأخذ يمسح أنفه ينفضه من المسحوق الأبيض ثم قال :
- مش عارف .. بس شكله بيزن على خراب عشه
نهض متثاقلاً وأخرج رزمة نقديه وضعها فوق البار ثم التفت مغادراً فناداه صديقه :
- على فين العزم .. ده السهرة بتبتدى
التفت اليه "علاء" وفرد ذراعيه قائلاً بلهجة مسرحية :
- عمى العزيز عامل سهرة للعيلة عنده فى الفيلا .. ولازم الرعايا كلهم يكونوا موجودين فى سهرة سموه
افرج صديقه ضاحكاً .. ثم قال :
- وناوى تعمل ايه يا حضرة الرعيه .. هتسيب سمو الملك يوزع ممتلكاته زى ما هو عايز
قال "علاء" رافعاً حاجبيه :
- ده لما يشوف حلمة ودنه
التفت مغادراً وهو يلوح له بيده من فوق رأسه

********************************

فتح "حسنى" باب بيته ودلف ليجد "كوثر" تنهض عن مقعدها قائله :
- ايه يا "حسنى" .. ايه كل التأخير ده .. هنتأخر على "عدنان"
مط "حسنى" شفتيه قائلاً بوجوم :
- جاهزين ؟
قالت وهى تحمل حقيبة يدها من فوق الطاول :
- آه جاهزين
ثم التفتت تنادى قائله :
- "يسرية" .. يلا "حسنى" جه
خرجت "يسرية" من غرفتها وهى تمسك بذيل فستانها وتشير الى احدى البقع الزيتيه وتهتف بحده :
- وديت الفستان امبارح المغسله ورجعلى زى ما هو .. هروح ازاى بالمنظر ده
قالت "كوثر" وهى تتفحص البقعة :
- خلاص يا "يسرية" البسى فستان تانى
نظرت "يسرية" اليهما قائله :
- طيب روحى انتى مع أخوكى وأنا هغير وأحصلكوا بعربيتي
خرجت "كوثر" برفقة "حسنى" .. وبينما هما فى طريقهما الى الفيلا .. أتى "حسنى" اتصالاً فرد فوراً :
- ألو .. أيوة .. تمام .. لا مفيش فرصة غير دى .. زى ما اتفقنا .. على تليفون
كان "حسنى" يجيب بكلمات مقتضبه ويرمق "كوثر" بالنظرات من طرف عينيه أثناء حديثه .. أنهى المكالمة ووضع هاتفه فى جيبه .. بدا متوتراً فالتفتت اليه "كوثر" قائله :
- فى حاجة يا "حسنى" ؟
قال دون أن ينظر اليها :
- لأ عادى شغل
قالت وهى تتأمله :
- بس اسلوب كلامك كان غريب .. اكنك مش عايزنى أعرف بتتكلموا فى ايه
بداعليه الإضطراب حتى أنه كاد ان يصطدم بإحدى السيارات والتى أخرج سائقها رأسه ليطلق سبه على "حسنى" .. قال "حسنى" بحده :
- هيكون فى ايه يعنى يا "كوثر" .. قولتلك شغل .. دى "يسرية" مراتى مبتحاسبنيش كده
نظرت "كوثر" أمامها على الطريق .. وهى تشعر بأنه يكذب .. وبأنه يخفى أمراً ما .. لا يريدها أن تعلمه

***************************************
توجه الجميع الى غرفة المعيشة بالطابق الثانى .. دارت الخادمات بالحلوة والعصائر لتمضية الأمسية .. أداروا شريط فى التلفاز يعرض أحد الأفلام .. فتح "مهند" الشرفة ووقف فيها بمفرده .. كثيراً ما كان يشعر بالحاجة الى الانفراد بنفسه .. بعيداً عن الجميع .. لكن عينان كانت تتابعانه بإهتمام .. عينا "نهال" .. طال وقوفه .. وشروده .. ووجومه .. قمت من مقعدها وتوجهت الى حيث يقف .. أجفل "مهند" عندما رآها .. ثم أدار وجهه لينظر الى الحديقة متنهداً .. ابتسمت "نهال" وهى تقف بجواره قائله :
- مالك يا "مهند" واقف لوحدك ليه ؟
قال بإقتضاب دون أن ينظر اليها :
- شويه وهدخل
قالت برقه :
- ينفع أقف معاك
التفت "مهند" ونظر اليها بحده قائلاً :
- "نهال" لو سمحتى اتفضلى اعدى معاهم .. أنا حابب أكون لوحدى
التفت مرة أخرى لينظر الى الحديقة متجاهلاً اياها .. ظهر الأسى على محياها وهى تنظر اليه لا تبعد عيناها عن وجهه .. ثم قالت بنبره حزينه :
- لسه بتحبها ؟
التفت اليها "مهند" بحدة شديدة .. اخترقتها نظراته الحاجة الثاقبة والتى بدا فيها غضبه جلياً .. ثم تحركت شفتاه ليقول بصرامة وحزم :
- دى حاجه متخصكيش .. اوعى تتكلمى معايا فى الموضوع ده تانى
أخافتها نظراته الحادة فالتزمت الصمت .. دار على عقبيه ودخل حيث يجتمع الجميع .. التفتت تتطلع الى الحديقه حولها وهى تحاول جاهده اخفاء الدموع من عينيها

نظرت "كوثر" حولها وقالت :
- أمل فين "عدنان" ؟ .. و "انعام" كمان مختفيه
أشارت "فريدة" الى غرفة التى تقع فى نهاية الممر المؤدى لغرفة المعيشة وهى تقول :
- دخلوا المكتب من شوية
نهضت "كوثر" وقالت :
- أما أروح أناديهم
وصلت الى مكتب وكادت أن تطرق الباب لولا أن تنامى الى مسامعها صوت حديثهما .. نظرت خلفها لتتأكد خلو الممر .. ثم أرهفت أذنها ووضعتها فوق الباب .. سمعت "انعام" تقول :
- "عدنان" صدقني ده ملوش أى لازمه .. ومش هستفاد منها بحاجه
شعرت "كوثر" بالإستغراب فأرهفت سمعها أكثر .. سمعت "عدنان" يقول :
- دى ممتلكاتى وأتصرف فيها زى ما أنا عايز يا "انعام" .. أنا خلاص خدت قرارى .. المزرعة هتتكتب كلها بإسمك انتى .. الكلام ده هيتكتب فى الوصية اللى هكتبها مع المحامى آخر الاسبوع
ظهر الغضب والحقد فى عيني "كوثر" .. سمعت "انعام" تقول :
- بس يا "عدنان" ..........
قاطعها "عدنان" قائلاً :
- مبسش .. من حقى أهب اللى أنا عايزه للناس اللى بحس انهم قريبين منى .. وبيحبونى من قلوبهم .. وانتى واحدة من الناس دى يا "انعام"
اكتفت "كوثر" بما سمعت .. عادت الى مقعدها وهى تغلى من الغضب والغيظ !

**************************************

نظر "عدنان" الى الجميع فى حبور وهو يقول :
- أكتر حاجة بتفرحنى هى لمتنا سوا .. لازم دايماً نفضل متجمعين كده .. صحيح فات كتير من حياتنا فى بعد وخلاف .. بس خلاص لازم نرجع نتجمع تانى ونكون ايد واحدة
ارتسمت ابتسامه "ساخرة على شفتى "علاء" أخفاها بقطعة حلوة دسها فى فمه .. بينما كانت "كوثر" للتلوى من الغيظظ وهى ترمق "عدنان" خفية .. أما "يسرية" فكانت نظراتها باردة جامدة .. بدا "نهاد" فى علام آخر .. متوتراً مضطرباً تتابعه نظرات "بيسان" القلقه .. قال "كامل" بغير حماس :
- طبعاً يا "عدنان" .. أحلى حاجة هى لمة العيلة
ابتسم "عدنان" وشرد بخياله قائلاً :
- فاكرين لما كنا كلنا عايشين فى بيت واحد .. فاكرين ألعابنا اللى كنا بنبدلها مع بعض .. وذكرياتنا الجميلة فى بيتنا القديم .. أنا لسه محتفظ بالبيت ده مرضتش أبداً أفرط فيه
قال "حسنى" بشئ من الحنق :
- فاكر
ثم التفت اليه قائلاً :
- وفاكر كمان لما كان أبونا الله يرحمه بيحبك وبيميزك عننا كلنا .. أكنه مخلفش غيرك يا "عدنان"
نظر اليه "عدنان" يستعيد ذكريات الماضى .. فقالت "كوثر" بحنق :
- مش بس كان بيميز "عدنان" عننا كلنا .. ده كان كمان بيميز فى معاملة الولاد عن اللبنات .. دول لهم معاملهم ودول لهم معاملة تانية .. عمره ما عامل حد فينا زى التانى .. تنهدت "انعام" قائله :
- أعتقد ده كان جهل منه .. بس مش معنى كده ان بابا كان بيحب حد وبيكره حد .. هو أكيد كان بيحبنا كلنا
نظرت اليها "كوثر" بسخرية وهى تقول :
- طول عمرك كنتى بتدافعى عنه .. يبأه ضاربك ومديكي العلقة اللى هيا وبردة تدافعى عنه
قال "عدنان" بحزم :
- مفيش داعى نفتح فى القديم .. خلونا فى النهاردة .. احنا متجمعين مع بعض .. علية كبيرة بنحب بعضها
نظرت اليه "انعام" نظرة ذات مغزى وقالت :
- بالظبط كده .. ومفيش حد فيها مميز عن التانى
أشارت بعينيها الى "مهند" ونهاد" و "علاء" .. ففهم "عدنان" مقصدها .. التفت "مهند" قائلاً لـ "عدنان" :
- أخبار آخر لوحاتك ايه يا عمى .. قولتلى فاضلها شويه صغيرين .. لسه مخلصتش برده ؟
قال "نهاد" بسخرية :
- ومن امتى والمهندسين بيهتموا بالأعمال الفنية .. دول شغلهم كله طوب وزلط وأسمنت
نظر اليه "مهند" قائلاً بهدوء :
- الشغل حاجة والهواية حاجة تانية
قام "عدنان" قائلاً :
- اللوحة فعلاً خلصت هروح أجيبها من المرسم
نهض "مهند" قائلاً :
- خليك انت يا عمى هروح أنا أجيبها
قال "عدنان" مبتسماً :
- لا خليك يا "مهند" هروح أنا
نزل "عدنان" الدرج فقابل "لميس" بالأسفل ابتسمت له فقال :
- هروح أجيب آخر لوحاتى من المرسم
أومأت برأسها قائله بإبتسامه :
- هى خلصت ؟ .. مبروك
خرج "عدنان" فأغلقت "لميس" الباب خلفه .. تفرق الجميع فى غرفة المعيشة .. نظرت "كوثر" بإهتمام الى "حسنى" التى انهمك فى مكالمة هاتفيه بدت مهمة .. ثم قامت لتغادر الغرفة .. وقفت "انعام" فى الشرفة مع "فريدة" و "نهال" .. بينما خرج "علاء" ثم تبعه "نهاد" .. بينما استأذنت "يسرية" للذهاب الى الحمام .. أما "مهند" فخرج قليلاً ثم عاد ليقف أمام احدى اللوحات المعروضة فى غرفة المعيشة يتأملها بإمعان

بعد مضى نصف ساعة .. بدا وكأن الجميع عادوا الى غرفة المعيشة مرة أخرى .. نظر "حسنى" فى ساعته قائلاً :
- هو "عدنان" اتأخر ليه
قالت "يسرية" وهى تمط شفتيها :
- فعلاً اتأخر
أخرج "نهاد" هاتفه يحاول الإتصال به ثم قال :
- مبيردش على الموبايل
قال "مهند" وهو يترك كوب العصير من يده :
- هروح أشوفه
قالت "انعام" :
- استنى يا "مهند" هكلم "لميس" تروح تشوفه
اتصلت "انعام" بـ "لميس" على اللاسلكى وأخبرتها أن تتوجه الى المرسم وتحث "عدنان" على القدوم فالجميع جالس فى انتظاره

سارت "لميس" بخطوات واسعة فى اتجاه المرسم .. لم تستطع رؤية ما بداخله من الباب الزجاجى بسبب الظلمة التى أحاطت بالمكان .. فتحت الباب ثم أضاءت النور .. ثـــم .. أطلقــت صرخــة مدوية سُمع صداها فى البيت كله وهى تتطلع الى تلك الجثــة الغارقــة فى دمائهـــا !

Comments
0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق