روايات منى سلامة

روايات دكتورة منى سلامة
للتواصل مع الكاتبة:
الفيس بوك
الصفحة العامة

الانستجرام

الفصل السابع عشر من رواية العشق الممنوع



- ميرسى أوى يا "فريدة"
قالت "سمر" ذلك بحبور وهى تعانق "فريدة" بأخوية وتنظر اليها بتأثر قائله :
- مش عارفه أقولك ايه
ابتسمت "فريدة" قائله :
- متقوليش حاجه .. وأصلاً دى حاجه بسيطة .. تتهنى بيها
نظرت "سمر" الى السوار فى سعادة .. فقالت "فريدة" وهى تنقل عينها من السوار الى "سمر" :
- تحبى ألبسهولك ؟
أومأت "سمر" برأسها .. لفته "فريدة" حول رسغها .. شكرها "سمر" مرة أخرى وقالت :
- ميرسى أوى ...
ابتسمت لها "فريدة" قائله :
- اعتبرينا اخوات يا "سمر" ماشى .. أى حاجة محتجاها .. أى حاجه عايزة تتكلمى فيها اتكلمى فيها معايا
نظرت اليها "سمر" بتأثر وقالت بجديه :
- أكيد يا "فريدة"

شعرت "سمر" بالتأثر ليس لتلك الهدية فى حد ذاتها ولكن للمشاعر الصادقة التى لمستها فى "فريدة" .. فلكم افتقدت مثل تلك المشاعر الصادقة فى غربتها !


*********************************
توجهت "سمر" الى غرفة المعيشة لتجدها فارغة .. سألت احدى الخادمات عن الجميع فأخبرتها قائله :
- "عدنان" بيه فى المرسم .. و مدام "انعام" و الآنسه "فريدة" والآنسة "نهال" فى الجنينة
أومأت "سمر" برأسها وقالت :
- وفين "مهند" ؟
- فى مكتب "عدنان" بيه
توجهت "سمر" الى المكتب ووقفت أمام الباب .. مرت عليها لحظة تردد قبل أن تطرق الباب وتفتحه .. أطلت برأسها وهى تقول :
- هعطلك ؟
رفع "مهند" رأسه وانظر اليها قائلاً :
- لا أبداً
دخلت المكتب وأغلقت الباب خلفها .. فقال "مهند" على الفور :
- سبيه مفتوح
اختفت ابتسامتها ونظرت اليه بتمعن قائله :
- مش انت قولت اننا محارم لبعض ؟
أخذ "مهند" نفساً عميقاً ثم قال بصرامة :
- أيوة .. بس سبيه مفتوح
وفى استغراب التفتت لتفتح الباب مرة أخرى ثم نظرت اليه بتهكم قائله :
- كويس كده ؟
أومأ برأسه وعاد الى الانكباب على تلك الأوراق أمامه دون أن يعيرها أدنى أهتمام .. جلست على الأريكة المقابلة للمكتب ..تستند بمرفقها الى ذراع الأريكة .. وتضع ساقاً فوق ساق .. لا يحيد نظرها عن "مهند" الذى شعر بتلك النظرات فرفع رأسه ينظر اليها .. ساد الصمت للحظات الى أن قال :
- فى حاجه ؟
ابتسمت قائله :
- لا أبداً .. بس كنت زهقانه ومش عايزة أعد لوحده
تجمدت ملامحه وقال ببرود :
- "فريدة" و "نهال" بره اعدى معاهم هيسلوكى
قالت وقد اتسعت ابتسامتها :
- انت على طول متنشن كده ؟
لم تتغير تعبيرات وجهه الجامدة وهو يتطلع اليها .. فأكملت بهدوء :
- لأ انت مش كده .. بتبقى مختلف مع "فريدة" .. بتبقى على طبيعتك معاها .. طيب مش انت بتقول انى من محارمك ليه مش بتعاملنى زى "فريدة"
عقد جبينه بإستغراب وهو ينظر اليها قائلاً بحده :
- انتى عايزه ايه بالظبط ؟
اختفت ابتسامتها ونهضت بعصبية وقالت :
- مش عايزة حاجه
أغلقت الباب خلفها بعنف وهو لا يزال يتطلع الى الباب المغلق وقد ازدادت تجاعيد جبينه حدة

**************************************
قالت "انعام" وهى تنظر الى "سمر" الجالسه معهم على احدى الأرائك فى الحديقة :
- مالك يا "سمر" فى حاجه مضايقاكى ؟
هزت رأسها نفياً دون أن يختفى عبوس وجهها .. ضحكت "انعام" وقالت :
- لو "عدنان" مضايقك قوليلى .. ده أخويا وأنا أكتر واحدة بعرف أتفاهم معاه
تدخلت "نهال" على الفور وقالت :
- لا أكيد يا عمتو عمو "عدنان" مزعلش "سمر" ده بيموت فيها مستحيل يزعلها
أشاحت "سمر" بوجهها عنهم دون أن تجيب .. فنهضت "انعام" وقالت :
- هدخل أشوف عملوا ايه فى الغدا
نهضت "فريدة" وقالت :
- وأنا هطلع آخد شاور
اقتربت "نهال" فى مجلسها من "سمر" وقالت :
- "سمر"
التفتت اليها "سمر" فى برود .. فقالت "نهال" بلؤم :
- عايزة أجيب هدية لـ "مهند" ممكن تختاريها معايا
اتسعت عينا "سمر" وهى تنظر اليها بحدة وغضب .. وقالت بغضب مكبوت :
- بطلى بأه لعب العيال ده
هتفت "نهال" فى دهشة :
- قصدك ايه ؟
قالت "سمر" وهى تبتسم فى تهكم :
- مفيش حاجه بينك وبين "مهند" .. أنا سألته وقالى انه بيعتبرك زى أخته "فريدة"
امتقع وجه "نهال" ونهضت من فوق مقعدها وهى تهتف بغضب :
- مش من حقك أصلاً تسأليه عن حاجه زى كده .. وبعدين تعالى هنا انتى ايه دخلك اذا كان "مهند" يحبنى ولا ميحبنيش
نهضت "سمر" ووقفت أمامها بتحدى وقالت بحزم شديد :
- لأ دخلى .. ودخلى ونص كمان
رفعت "نهال" حاجبيها وهى تقول بعنف :
- ايه مش مكفيكي راجل واحد ولا ايه ؟
توقعت ان تقذف تلك الكلمات الغيظ فى نفس "سمر" فتتقهقر وتتراجع .. لكن يبدو أنها كانت مخطئة .. ابتسمت "سمر" وهى ترفع أحد حاجبيها قائله بمياعه :
- لأ مش مكفيني
امتقع وجه "نهال "أكثر واحتقن بالدماء وهى تقول :
- انتى واحدة مش محترمة
عقدت "سمر" ذراعيها أمام صدرها وهى تقول بتهكم :
- هاا وبعدين ؟
هتفت "نهال" بعنف :
- وهقول لعمى "عدنان" على الكلام اللى قولتيه دلوقتى
أطلقت "سمر" ضحكة ساخرة وهى تقول :
- هتقوليله ايه كنت بحاول أفهم "سمر" ان فى حاجه بينى وبين "مهند" .. تؤ تؤ .. معتقدش .. شكلك هيبقى مش لطيف خالص
أدركت "نهال" بالفعل أنها لن تستطيع مواجهة عمها ولا أبيها وأمها بما قالت والا ستضع نفسها فى موقف صعب وسيسخر منها الجميع .. هتفت "نهال" وهى تشعر بالعجز والغضب :
- "سمر" ابعدى عن "مهند" انتى احدة متجوزة .. "مهند" مش ممكن يفكر فيكي انتى مراة عمه
رفعت "سمر" حاجبيه وهى تنظر اليها بخبث قائله :
- ابعدى انتى عنه يا "نهال" .. لانه مش ممكن يفكر فى عيله تافهه زيك
ابتسمت "سمر" بوجهها فى تشفى قبل أن تدور على عقبيها وتنصرف تاركه اياها تتلوى من الغيظ .. والغيرة .. والغضب

*************************************

فتح "دياب" باب منزله ثم دخل وأغلقه بهدوء باحثاً بعينيه عن ساكنى بيته وفؤاده ! .. توجه الى غرفة النوم ليجد زوجته نائمة بجوار ابنتهما .. اقترب منها ومسح على شعرها الى أن استيقظت .. أشار لها بالخروج حتى لا تستيقظ الطفلة .. وفى تبرم خرجت "سحر" من الغرفة لا يميزها عن كل يوم سوى الغضب الذى يشع من عيينها وهى تتطلع الى "دياب" الذى قبل رأيها قائلاً :
- أنا آسف حقك عليا
عقدت ذراعيها أمام صدرها وهى تنظر اليه تلك النظرة الغاضبة المملوءة باللوم و العتاب .. أمسك ذراعيها قائلاً بخفوت وامارات الخجل على محياه :
- أنا عارف ان مكنش يصح انى أعمل كده .. انا مش عارف عملت كده ازاى .. الشيطان كان أقوى منى .. سامحيني يا "سحر" .. أنا مش عايز أخسرك
حررت ذراعيها من بين يديه وقالت بقوة :
- أنا ثقتى اتهزت فيك يا "دياب " .. صدمتنى فيك .. مش قادرة أصدق ان انت تعمل كده
زفر "دياب" بقوة وقال :
- احنا الاتنين غلطانين يا "سحر" اقفلى على الموضوع لانى مش حابب أتكلم فيه أكتر من كده .. كل ما أفتكر الذنب اللى أذنبته بتقهر
قالت "سحر" بحده :
- انت هتشركنى فى الغلط معاك ليه انت اللى غلطان لوحدك .. هو أنا اللى قولتك روح حط القرف ده على موبايلك
قال "دياب" بحزم شديد :
- قولتلك خلاص اقفلى على الموضوع
ثم اخذ نفساً عميقاً وتوجه الى اللفة التى تركها فوق الطاولة بعدما دخل .. وحملها وقدمها اليها قائلاً :
- دى كنافة .. عارف انك بتحبيها
نظرت الى اللفة فى يده ثم قالت :
- مكنش فيه داعى .. كنتى قولى انك عايز تاكلها وأنا كنت اعملهالك
قال مبتسماً :
- أنا جايبها عشانك مش عشانى
أخذت اللفة من يده وهو تقول :
- تسلم يا "دياب"
أمسك ذقنها بني أصابعه ونظر فى عينيها قائلاً :
- يعني خلاص سامحتيني ؟
قالت بحزم :
- لا لسه .. مش هقدر انسى غير لما أتأكد انك مش هتعمل كده تانى
قال بهدوء :
- والله ما هعمل كده تانى .. بس انتى خلى بالك منى واهتمى بيا شويه
صاحت بحده :
- يعني لو مهتمتش بيك هترجع للأرف ده تانى يا "دياب"
زفر "دياب" بحنق وقال :
- يا "سحر" انتى ليه مصره تقلبيها خناقه .. انتى اللى فى ايدك انى معملش كده تانى .. يا "سحر" أنا لا راجل تيييييييييييييت ولا عيني فارغه وانتى عارفه كده كويس .. ومفيش حد مبيغلطش .. بس انتى ليكي دور فى الغلط ده ودور كبير كمان
قالت بغضب وهى تترك اللفة من يدها :
- أنا مغلطتش أنا أيدالك صوابعى العشرة شمع .. انت اللى راجل غريب عايزنى أفضل 24 ساعة على سنجة 10 .. محسسنى اننا من أصحاب الأملاك وحولينا الخدم والحشم .. احنا ناس فقرا يا "دياب وعلى أد حالنا
قال بعنف :
- وايه علاقة فقرا وأغنيا باللى احنا بنتكلم فيه دلوقتى .. الغنى راجل والفقير راجل .. الغنية ست والفقيرة ست .. ايه علاقة الغنا والفقر بإهتمام الواحدة بنفسها وبجوزها
ٌقالت بتهكم :
- علاقته ان دول ستات رايقه مفيش وراهم اللى يشغلهم لو قضت 24 ساعة عن الكوافير مش هترجع تلاقى الدنيا خربانه .. عندها حتى اللى يسرحولها شعرها
ٌقالت بغضب :
و انا مطلبتش منك تعلمى كده ولا طلبت منك انك تبقى 24 ساعة على نجدة 10 .. انا كل اللى طالبه ان من وقت للتانى أشوفك بحاجه حلوة .. تهتمى انك تتكلمى معايا .. اه انتى مش مخليانى محتاج حاجة فى اكل ولا فى شرب ولا فى لبس .. بس فين أنا ومشاعرى فين زوجتى اللى تعد تتكلم معايا وتشاركنى طموحى وأحلامى فين ده يا "سحر" ؟
قالت بتهكم :
- طموح ايه واحلام ايه يا "دياب" فوق وبص لحالك انت واحد زى ملايين الناس التعبانه والشقيانه على لقمة عيشها .. محسسنى انك صاحب شركه ومحتار يكبرها ازاى
نظر اليها بأسى قائلاً :
- عمرك ما هتفهمينى .. عمرك ما هتحسى بيا
التفت وفتح الباب فقالت بحده :
- انت رايح فين دلوقتى
قال دون أن ينظر اليها :
- نازل أتمشى شوية
نزل "دياب" الدرجات لكنه لم يكملها .. افترش احدى الدرجات جالساً عليها واضعاً رأسه بين كفيه متنهداً بحسرة !

***************************************
-10 دقايق وهكون عندك
أنهت "انجى" المحادثة مع "نهاد" وهى تقول بميوعه :
- ماشى مستنياك
نظرت الى ما أعدته لاستقبال "نهاد" .. جلست على أحدى الأرائك وهى تعيد التفكير فيما تفعل .. هتفت فى نفسها .. كيف تحصل امرأة معدومة الخبرة مثل "بيسان" على رجل مثل "نهاد" .. كيف ايتطاعت أن توقعه فى شباكها .. أنتِ أجمل من "بيسان" .. وأذكى منها .. كيف تحصل صديقتك على "نهاد" وتحصلين أنتِ على رجل مثل طليقك .. لمعت عينيها وهى تسبح فى أحلامها .. وتتخيل "نهاد" وقد وقع فى حبها وشباكها .. بالتأكيد لن تطلب منه أن يطلق "بيسان" على الأقل فى البداية فهى تعلم مدى حبه لها .. يكفيها فى البداية أن تشارك صديقتها فى ذلك الرجل الذى لم تقابل مثله من قبل .. وعندما تملك قبله وعقله .. وبعد أن تجعله مدلهاً فى حبها .. ستدفعه الى طلاق "بيسان" .. لتظفر به وحدها .. أخرجها جرس الباب من شرودها .. فتأملت نفسها للمرة الأخيرة فى المرآة .. قبل أن تفتح الباب مبتسمة .. لتتجمد البسمة على شفتيها قبل أن تموت .. اقتربت منها "بيسان" وعانقتها قائله :
- ازيك يا "انجى"
أفاقت "بيسان" من صدمتها سريعاً لتقول بصوت مضطرب :
- الله يسلمك يا "بيسان"
دخل "نهاد" خلف "بيسان" وهى يتطلع الى "انجى" قائلاً :
- ازيك يا "انجى"
لمع فى عينيها غضب لم يلاحظه الا "نهاد" وقالت :
- الحمد لله .. اتفضلوا
دخل الزوجان وتقدمتهما الى الأريكة فجلسا عليها والتفتت اليها "بيسان" قائله بمرح :
- لما "نهاد" قالى انك اتصلتى وعزمتينا على العشا فرحت أوى .. اهى فرصة أسيب "فريد" مع الدادة .. مبقتش بخرج كتير من يوم ولادتى .. حتى عمو "عدنان" مبقتش بروحله زى الأول .. بس انتى غير .. مقدرش أرفض دعوتك أبداً
ابتسمت "انجى" بتوتر .. ثم تطلعت الى "نهال" تقابلها نظراتها الغاضبة .. بنظراته البارده !

***************************************

قال "عادل" شارداً وهى يستند بظهره الى مقعده :
- بس كلامها منطقى .. فعلاً لو القاتل استنى برده لحد ما "عدنان" ييجي أكيد هيشوف ان اللى دخل المرسم الجناينى مش "عدنان"
هتف المساعد بحماس :
- وهى ايه اللى عرفها كده .. ما يمكن القاتل استنى "عدنان" جوه المرسم مش بره ولما لقى الجاينى داخل المرسم معرفش يشوف وجه من الضلمة وقام ضرب النار عليها
صمت قليلاً ثم صاح وهو يضرب أحد كفيه بالآخر :
- كده يبأه أكيد "فريدة" هى القاتل
خرج "عادل" من شروده ونظر اليه بدهشه .. ثم ينحنى الى الأمام وهو يصفق بيديه بهدوء قائلاً :
- برافو ... برافو .. ممتاز
اتسعت ابتسامة المساعد وهو يقول بثقه ممزوجة بالخجل :
- متشكر يا فندم .. احنا برده اتعلمنا من حضرتك كتير
هتف "عادل" بحده :
- الله يخربيتك اتعلمت منى ايه .. "فريدة" ايه اللى قتلت .. انت يا ابنى عديت من الاعدادية ازاى
اختفت ابتسامة المساعد وقال بتوتر :
- ليه يا فندم ؟
ألقى "عادل" قلمه فوق مكتبه بحده وهو يقول :
- "فريدة" كانت واقفة فى البلكونه ومخرجتش منها بشهادة الشهود ... "فريدة" هتنشن ازاى بدقة على القلب .. "فريدة" ازاى أصلاً هتمسك سلاح فى ايدها دى كانت هتموت من الرعب لما شافت حارس الامن والقاتل مرمين على الارض .. ده أنا كنت خايف عليها يجيلها انهيار عصبى .. تقولى هيا القاتل
قال المساعد بعناد :
- بس يا فندم هى عرفت معلومات دقيقة محدش يعرفها غير القاتل
أسند "عادل" وجنته الى كفه وهو يقول بتهكم :
- معلومات ايه اللى عرفتها يا أذكى اخواتك ؟
قال المساعد بحماس :
- عرفت ان القاتل كان مستخبى بره المرسم مش جوه المرسم .. ايه خلاها تحديداً تقول بره المرسم ما يمكن كان مستخبى جوه
ضرب "عادل" كفاً بكف وهو يقول :
- آدى أخرة الخضار اللى بيرشوه بالمبيدات .. يا ابنى لو القاتل مستخبى جوه المرسم وشاف الراجل داخل وقام ضربه بالنار .. مش برده الجثة هيبقى مكانها أدام الباب وفارغ الرصاصه هنلاقيه جوه فى المرسم
قال المساعد شارداً :
- آه
قال "عادل" بغيظ :
- الجثة لقيناها عند المكتب .. والفارغ أدام باب المرسم .. يبأه القاتل كان واقف فين ؟
قال المساعد شارداً :
- بره المرسم
قال "عادل" بنفس الغيظ :
- وهو ده اللى قالته "فريدة" .. لاننا قولنا اننا لاقينا الفارغ أدام باب المرسم .. وهى جمعت 1 + 1 .. واستنتجت ان القاتل كان بره المرسم وكان مستخبى للضحية ولما دخل المرسم قام وضرب عليه النار .. فهمت ولا أجيبها تشرحهالك ؟
قال مساعده بحيرة :
- طيب ازاى موضوع الجلابيه بتاعة الجناينى دى .. لو فعلاً معاها حق .. يبأه القاتل مكنش قاصد "عدنان"
قال "عادل" بحيرة بالغه :
- ازاى مش قاصد "عدنان" .. وحادثة السرقة اللى كان قبل الجريمة واللى بسببها حطوا أجهزة الانذار .. والقاتل اللى حاول يتهجم على الفيلا والحارس قتله .. لو هو عايز يقتل الجناينى ما هو خلاص قتله .. ايه اللى يخليه يرجع تانى ؟ .. لأ اللى مقصود بالقتل "عدنان" .. أما قتل الجناينى فأكيد قتل بالغلط .. ممكن يكون أصلاً القاتل مكنش يعرف مين اللى هيقتله .. ولا يعرف انه صاحب الفيلا .. اللى اتفق معاه قاله ان فى واحد هيدخل المرسم دلوقتى اقتله .. هو نفذ الكلام بالحرف .. بدون تفكير .. وقتل الشخص اللى دخل أدامه المرسم .. وجت فى الجناينى


********************************************

فوجئ الجميع بزيارة "عادل" و بعض من رجال الشرطة .. أخبر "عدنان" برغبته فى تفتيش الفيلا .. نظر اليه الجميع فى دهشة وقال "حسنى" بإستغراب :
- ليه هتفتشوا الفيلا ؟
التفت "عادل" يتطلع الى وجوه الجميع قائلاً :
- أولاً أحب أعرفكوا ان الحارس مات .. والقاتل ممتش .. دخل غيبوبة .. ومستنيينه يفوق
نظر الجميع الى بعضهم بأعين تحمل علامات استفهام وعلامات تعجب كثيرة .. فأكمل "عادل" :
- القاتل احنا بنشك بنسبه كبيرة انه نفس القاتل اللى قتل الجناينى بالغلط .. وكان قصده يقتل "عدنان" بيه .. ولما فشل رجع تانى .. بس محسبهاش كويس .. والسيكيوريتي وقفوله .. فى المرة الأولى مقدرناش نوصل هو ازاى دخل وازاى خرج من الفيلا .. بس فى المرة التانية كان سهل عليه الدخول لان كان فى حفلة فى الفيلا بدون قايمة مدعوين .. والكاميرات اللى مرتكبه على البوابه بينت فعلاً انه دخل وسط المدعويين .. لكن مخرجش معاهم
نظر اليهم قائلاً :
- المسدس اللى لقيناه معاه مش هو المسدس اللى اتقتل بيه الجناينى .. عشان كده احنا عندنا شك كبير انه خبى المسدس هنا فى الفيلا أو فى الجنينة .. وعشان كده بندور عليه
ثم تمتم شارداً :
- المسدس اللى استخدمه مسدس قديم من نوع .......... وعندى احساس كبير اننا هنلاقيه هنا فى الفيلا .. أمر رجاله بالانتشار فى الفيلا دون العبث بمحتوياتها أو اتلافها .. فأخذوا فى البحث والتنقيب تحت نظرات أهل البيت الحانقة .. التفت "عادل" الى "عدنان" وهو يخرج ورقة من جيبه قائلاً :
- قسيمة جوازك انت ومدام "سمر" يا "عدنان" بيه .. معلش بس اتعلمنا فى شغلنا اننا نشك فى كل حاجه
أخذ "عدنان" الورقه منه ةةضعها فى جيبه قائلاً ببرود :
- ده شغلكوا يا حضرة الظابط .. مفيش مشكلة .. المهم تمسكوا اللى بيعمل الجرايم دى كلها
قال "عادل" بحزم :
- متخفش أكيد هنمسكه
هتفت "فيروز" بحنق :
- مش فاهمة ايه ده .. لحد دلوقتى ومش عارفين تمسكوه .. لو كنا فى تركيا كان زمانهم مسكوه فى نفس اليوم
نظر اليها "عادل" بتهكم قائلاً :
- معلش يا مدام .. فرق توقيت بأه
قالت بترفع :
- كل حاجة فى مصر خربانه .. مفيش حاجه بتمشى مظبوط أبداً .. أنا شكلى هرجع تركيا قريب
نظرت اليها "كوثر" قائله بتهكم :
- من غير مقاطعه ان شاء الله
نظرت اليها "فيروز" بغيظ .. استمتع "عادل" بمتابعة ما يحدث .. شعر بأنهم مجموعة غريبة من الأشخاص اجتمعوا معاً تحت سقف واحد .. حانت منه التفاته الى "فريدة" التى عقدت ذراعيها أمام صدرها وبدا عليها الخوف الاضطراب وهى تتابع المفتشين بعينها .. فقال "عادل " :
- متخفوش .. ربع ساعة بالكتير وهنمشى
التفتت تنظر اليه .. فتلاقت نظراتهما فأخفضت عينيها على الفور

*************************************


شعر "مهند" بالحنق وهو ينتظر "سمر" فى السيارة .. شعر بالضيق لاصرار "عدنان" على أن يأخذها معه لمقابلة الوفد القادم من شركة الخشب التركية التى يتعامل معها "عدنان" .. فكان يفضل أن يأخذ أى مترجمة أخرى .. لكن "عدنان" أخبره أن يأخذ "سمر" كمترجمة للقاء الذى سيدور بينهم .. نزلت الدرج لتقابلها "نهال" فى أسفله وهى تهمس لها بغيظ :
- كان ممكن ترفضى
تلفتت "سمر" حولها لتتأكد من عدم وجون آذان متنصته ثم نظرت الى "نهال" بتحدى وقالت هامسه :
- وايه اللى يخلينى أرفض .. حد تجيله فرصة انه يقضى اليوم بطوله مع "مهند" ويقول لأ
أمسكتها "نهال" من ذراعها السليم بعنف وهى تقول بحده :
- "سمر" بطلى تستفزيني
حررت "سمر" ذراعها من يد "نهال" وهى تقول بتحدى :
- وانت طبطلتش هتعملى ايه ؟
قالت "نهال" بغضب :
- ابعدى عن "مهند" .. هتتفضحى .. وعمى هيطلقك ويطردك بره الفيلا
قالت "سمر" بتحدى هامسه فى أذن "نهال :
- مش هبعد عنه .. لو تقدرى تبعديني ابعديني
احمر وجه "نهال" من الغضب وهى تتابعه "سمر" التى خرجت من الفيلا لتجلس بجوار "مهند" فى السيارة .. التفتت اليه قائله بابتسامه عذبه :
- سورى اتأخرت
احتدات ملامحه وهو يقول :
- ممكن لو سمحتى تلبسى جاكيت
نظرت الى بلوزتها عارية الذراعين والرقبه وقالت :
- الجو حر
تنهد قائلاً بحزم :
- معلش بس مش هقدر أخدك معايا كده .. لاننا هنفضل مع بعض طول اليوم .. ومش هقدر أبقى واقف جمبك وكل الرجالة فى القاعة بيتفرجوا عليكي
ثم قال بحزم وهو يخرج هاتفه :
- أنا هكلم عمى أخليه يبعت "نهاد" أو عمى "حسنى"
هتفت بسرعة قائله :
- لأ لأ أنا هطلع أغير
وقبل أن تعطيه فرصة للرد فتحت باب السيارة وأسرعت الخطا عائدة الى غرفتها .. ساعدتها الخادمة فى تبديل ملابسها ونزلت سريعاً الى "مهند" الذى اخذ ينظر الى ساعته فى ضيق .. حانت منه التفاته اليها وهى تقول مبتسمه :
- كده كويس ؟
أخفت قدميها ببنطلون وذراعيها ببلوزه بأكمام .. فقال بإقتضاب وهو ينطلق بالسيارة :
- مش كويس .. بس أحسن من الأول
ساد الصمت بينهما الى أن قالت بهدوء :
- فى تركيا الوضع مختف كتير عن مصر .. يعني الحاجات دى عادى هناك .. زى ما هى برده ساعات بتبقى عادى هنا
اضطربت أكثر وهو تقول :
- يعني اللى أقصده .. انى مش بلبس كده عشان حاجه معينه .. بس هو الموضع تعود
انتظرت منه أن يتحدث .. لكن انتظارها طال .. فقالت بهدوء :
- على فكرة أنا كنت محجبة
التفت ينظر اليها ثم عاد ينظر الى الطريق مرة أخرى .. تمتمت بشرود :
- قبل ما اسافر تركيا كنت محجبة وكنت بلبس زى "فريدة" تقريباً .. بس معرفش .. لما سافرت حاجات كتير اتغيرت
أطلقت من صدرها تنهيده وهى تتطلع من الشباك بجوارها .. بدا عليها الشرود والوجوم الى أن وصلا الى الفندق الذى سيتم استقبال الوفد بداخله

***********************************

جلست "سمر" الى جوار "مهند" على الطاولة التى ضمت وفد رجال الأعمال وقامت بدور المترجمة بروعة واتقان .. انتقلوا بهم الى بعض المعالم السياحية فى القاهرة ومن ثم عادوا الى الفندوق لتناول الطعام .. اندمج "مهند" فى الحديث مع أحد الرجال الذى كان يتقن الإنجليزية فكان من السهل على "مهند" التواصل معه .. حانت منه التفاته الى "سمر" فوجدها تعقد ما بين حاجبيها وهى تتحدث التركية الى الرجل بجوارها .. لم يفهم حرفاً .. لكنه رآى الضيق مرسوماً على وجهها واستطاع التقاط نبرة صوتها الحازمة الصارمة .. التفت اليها قائلاً :
- فى حاجه ؟
قالت بهدوء :
- لأ مفيش
تحدث اليها الرجل مرة أخرى وهو يلقى نظرة على "مهند" أجابت هذه المرة بحدة أكبر .. فتدخل "مهند" مرة أخرى قائلاً بحزم :
- فى ايه يا "سمر" ؟
قالت بهدوء :
- قولتلك مفيش
حاول "مهند" التحدث مع الرجل بالانجليزية والفرنسية بدا الرجل غير ملم بتلكم اللغتين أو تعمد عدم فهم حديث "مهند" .. قالت "سمر" بإصرار :
- خلاص يا "مهند"
قال بحدة :
- حاسس انه بيضايقك
قالت بنفس الهدوء :
- أنا بقدر أتصرف فى المواقف اللى زى دى
نظر اليها بعينين ثاقبتين والشرر يتطاير من عينيه قائلاً :
- يعني كان بيضايقك ؟
قالت بهدوء وهى تتطلع حولها :
- مفيش داعى تعمل مشكلة من لا شئ .. أنا فاهمة الناس دى كويس .. هو مش قاصده يهيني .. هما مش فاهمين طباعنا ولا عادتنا .. افتكر انى بتمنع عشان أخليه يتمسك أكتر .. بس أنا فهمته وخلاص الموضوع انتهى
ثم قالت وهى ترمق الرجل بنظراتها ثم تعود لتتطلع الى "مهند" :
- متقلقش أنا كنت بقابل ناس كتير بالعقلية دى وأنا عايشة بره .. وكنت بعرف أتعامل معاهم كويس
نظر "مهند" اليها وتعجب بعض الشئ .. ففتاة متحررة هذا التحرر فى ملبسها كان يتوقع أن تكون متحررة فى علاقاتها أيضاً .. ولكم ضايقع ذلك .. لأنه تمنى لعمه امرأة تعرف كيف تصون نفسها .. أيقن الآن من كلمات "سمر" بأنه كان مخطئ فى الحكم عليها فى هذا الأمر .. وإن لم يكن الخطأ كاملاً .. فمازال يظن .. بل يوقن .. بأن علاقاتها بالأخرين تتسم بالتحرر .. لكنه ارتاح على الأقل لوجود خطوط حمراء تضعها لنفسها
استأذنت للرد على هاتفها فى الخارج .. تابعها الرجل بعينيه لكنه اضطر الى أن يشيح بوجهه بعدما طالعته أعين "مهند" الثاقبة المهددة الغاضبة !

نظر "مهند" الى ساعته .. ثم نهض ليبحث عن "سمر" التى أطالت مكالمتها كثيراً فعجز عن التواصل مع رجال الأعمال .. بحث عنها بعينيه خارج قاعة الطعام بالفندق فلم يجدها .. ظل يبحث يميناً تارة .. ويساراً تارة .. حتى خرج من الفندق بعدما فشل فى الاتصال بها .. لأنه لا يعرف رقمها !
اتسعت عيناه دهشاً وهو يراها جالساً حوار النافورة التى تزين مدخل الفندق وهى توليه ظهرها وجسدها يرتج بعنف .. اقترب منها ليسمع شهقات بكائها وأنينها الذى يمزق طيات القلب .. قال بإهتمام :
- فى ايه ؟ .. مالك ؟
التفتت بحده تنظر اليه ثم تعود لتطرق برأسها مستمرة فى آهاتها وأناتها .. اقترب حتى وقف أمامها وقال :
- فى ايه .. حد ضايقك ؟
هزت رأسها نفياً .. فقال بإستغراب :
- أمال فى ايه ؟ .. بتعيطى ليه ؟
قالت بصوت مرتجف مضطرب يشوبه اليأس والقنوط :
- الدكتور بتاعى كلمنى .. وقالى زى ما كل الدكاترة قالولى .. برده مش عارفين فيا ايه .. نفسى حد يقولى ان فى أمل ولو حتى 1%
تنهد وهو يطرق برأسه واضعاً كفيه فى جيب بنطاله .. أطرق برأسها مرة أخرى مستمرة فى بكائها .. قال بهدوء :
- لازم تبقى أقوى من كده
هزت رأسها يميناً ويساراً وهى تقول :
- مش قادرة .. مش قادرة أكون قوية .. مش عارفه ليه بيحصلى كده .. ليه يارب كده
قاطعها "مهند" بحزم قائلاً :
- مينفعش تقولى ليه يا رب كده .. مينفعش تعترضى على ارادة ربنا .. ربنا هو اللى خلقنى وخلقك وخلق الدنيا دى كلها .. وله انه يتصرف فيها وفينا كيفما يشاء .. له انه يقول للشئ كن فيكون .. ايه معنى ليه يارب .. بتحاسبى ربنا ؟
أطرق برأسها وهى تقول بخفوت :
- أكيد لأ
تنهد قائلاً :
- انتى متعرفيش الخير فين .. ربنا بيقول "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم "
نظرت اليه بمرارة وهى تشير الى ذراعها المشلول وتقول بحده :
- ايه الخير فى انى أتشل .. ايه الخير فى كده ؟
قال بحزم وهو ينظر الي عينيها بحده :
- مش عشان مش شايفه الخير يبقى مش موجود .. هو انتى بتشوفى الهوا اللى حواليكي ؟
هزت رأسها نفياً فأكمل بحزم :
- بس هو موجود .. رغم انك مش شايفاه
قالت بحزم :
- بس حسه بيه .. وبشمه وبدخله جوايا .. حتى لو مش شايفاه
قال بحزم هو الأخر :
- وعشان تحسى بالخير اللى فى اصابتك لازم يبقى عنك ايمان قوى .. مستحيل تحسى بيه وانتى ايمانك ضعيف .. ومهزوز .. انتى مش عارفه تحسنى الظن بالله .. ولا عارفه ترضى بنصيبك .. وبقدرك .. اللى مش هيتغير مهما عملتى .. انتى لجأتى لدكاتره كتير هنا وبره محدش فهم قدر يشفيكي مش كدهر؟
نظرت اليه وقد انتبهت كل حواسها لكلماته .. فقال بحزم ناظراً اليها :
- بس ملجأتيش للشافــى .. لربنا .. لجأتى للعبد الضعيف اللى ميملكش من أمره شئ .. وسبتى القوى .. وأعرضتى عنه
أطرقت "سمر" برأسها وهى تفكر بتمعن فى كلماته .. نظر "مهند" اليها ليشعر بأن كلماته أصابت وتراً حساساً فلم يشأ أن يترك تلك الفرصة فأكمل :
- انتى بتصلى ؟
رفعت رأسها تنظر اليه بخجل ثم عادل لتطرق برأسها من جديد
فقال بهدوء :
- حتى أبسط حاجه ربنا أمرك بيها مبتعمليهاش .. الحاجه اللى بتميزك عن اليهود والنصارى والبوذية وعبدة البقر وعبدة الشمس .. مبتعمليهاش .. تقدرى قتوليلى ازاى عايزه ربنا يشفيكي ؟ .. ازاى أصلاً بتجيك الجرأة انك تطلبى منه انه يشفيكى ؟ .. ازاى ؟ .. بتجيبى الجرأة دى منين ؟

أطرق رأسها بشدة وقد ازدادت خجلاً على خجل .. ظهر ذلك جلياً فى ملامحها .. فرق "مهند" لحالها وخفف من حدة صوته وهو يقول :
- بصى أنا عارف ان ممكن تكونى عشتى فى بيئة فاسدة بره .. غيرتك وملقتيش اللى ينصحك ويوجهك .. ده طبعاً مش عذر لأنك المفروض تبحثى وتدورى بنفسك .. بس حتى لو كنتى فاكراه عذر فدلوقتى خلاص العذر معدلوش وجود .. دلوقتى انتى مش معذورة .. لان حواليكي ناس بتنصحك .. وأولهم أختى "فريدة" حاولى تقربى منها .. هى بتحبك وبتحبلك الخير .. وهتساعدك كتير .. ربنا أمر النبي صلى الله عليه وسلم وقاله " وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ? وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ? وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا " .. تخيلى ربنا بيقول كده للنبى وهو من هو .. بيقوله يحيط نفسه بالصحبة الصالحة وهو أكمل الخلق ايماناً .. ما بالك احنا بأه ؟ .. احنا أحوج ما نكون للصحبة الصالحة من النبى اللى كمل خلقه وايمانه
رفعت "سمر" رأسها لتنظر الى "مهند" وقد ظهر تأثرها بكلماته واضحاً جلياً على محياها .. نظر "مهند" الى رجل الأعمال الذى خرج من الفندق يبحث عنهما وقال :
- أنا هروح للناس لإننا اتأخرنا عليهم .. لو حبه تستنى هنا استنى .. خلاص يعتبر كده يومنا معاهم انتهى
قال ذلك وانصرف يحث الخطا الى الفندق .. توجه الى طاولة رجال الأعمال وتحدث معهم بالانجليزية التى ترجمها اليهم أحدهم .. بقى ما يقرب من ربع ساعة ثم توجه الجميع الى الخارج .. استعت عيناه دهشة وهو لا يجد "سمر" فى المكان الذى تركها فيه عند النافورة .. أخذ يبحث بعيناه عنها دون جدوى .. سأل أحد رجال الأمن الواقفين على البوابة قائلاً وهو يشير الى النافورة :
- لو سمحت كان فى واحده أعده هنا من شوية هى بشعرها ولابسة جينز ودراعها متجبس
أومأ الرجل برأسه وقال :
- أيوة أيوة اللى كانت بتعيط .. شوفتها خرجت من شوية ووقفت تاكسى ومشيت
ردد "مهند" فى دهشة :
- مشيت ؟
- أيوة
- انت متأكد ؟
- أيوة متأكد
شعر "مهند" بالدهشة والحيرة فى نفس الوقت لكنه قال فى نفسه لربما شعرت بالملل وعادت الى الفيلا .. بعد عدة ساعات .. عاد "مهند" الى الفيلا فيما كان الجميع فى غرفة المعيشة .. دخل ونظر اليهم تبحث عيناه عن "سمر" فلم يجدها .. قالت "انعام" بمرح :
- حماتك بتحبك مدام "لميس" محضرالنا عشوة حلوة أوى
نظر اليه "عدنان" والى وجومه قائلاً :
- أمال فين "سمر"
جلس على أحد المقاعد قائلاً بحيرة :
- معرفش
رفع "عدنان" حاجبيه قائلاً :
- ازاى متعرفش مش هى كانت معاك
قال بحيرة :
- سابتنى ومشيت .. افتكرتها رجعت على البيت
أخرج "عدنان" هاتفه من جيبه وحاول الإتصال بها دون جدوى .. قالت "انعام" بقلق :
- مبتردش ؟
قال "عدنان" وقد دب الخوف فى قلبه :
- موبايلها مقفول
التفت الى "مهند" قائلاً :
- حصل حاجه ضايقتها
تنهد "مهند" قائلاً :
- جالها تليفون من الدكتور بتاعها فى تركيا .. والتليفون ضايقها
قالت "فريدة" بأسى :
- يا حبيبتى .. أكيد قالها انها مش هتخف .. زمانها مقهورة الموضوع ده تاعبها أوى
نهض "عدنان" قائلاً :
- أدور عليها فين طيب
قالت "نهال" ببرود :
- يا جماعة فى ايه .. محسسنى انها طفلة .. شوية وهتلاقوها هنا
نظرت اليه
"انعام" قائله :
- يا "نهال" .. "سمر" متعرفش حاجه هنا فى القاهرة .. عايشة بره بقالها سنين .. وحتى لما كانت فى مصر كانت عايشة فى اسكندرية مش هنا
قال "عدنان" والقلق على محياه :
- هى بقالها أد ايه مختفية
نهض "مهند" وقد ساوره القلق هو الآخر وقال :
- يعني تقريبا ساعتين أو 3 ساعات .. أنا وصلت الوفد للمطار واتأخرنا شوية فى الكلام .. بس تقريبا زى ما بقول كده
هتف "عدنان" بغضب :
- ومهنش عليك تتصل بيها تطمن عليها
قال "مهند" بإضطراب :
- أنا معييش رقمها يا عمى
هتف "عدنان" بنفس الغضب :
- كنت اتصل بالبيت اطمن عليها .. اتصل بيا .. بـ "فريدة".. بعمتك
تنهد "مهند" بقوة وهو يقول بحنق :
- فعلاً معاك حق .. بس أنا متخيلتش انها مختفية .. قولت زهقت ورجعت على البيت .. أنا جاى معاك ندور عليها
شعرت "نهال" بالحنق وهى تنظر الى "مهند" وتقول :
- أكيد هترجع متقلقوش نفسكوا
لم يعيرها أحداً منهم انتباهه وخرجا "مهند" بصحبة "عدنان" .. فقط ليهتف "مهند" وهو يشير الى بوابة الفيلا :
- الحمد لله أهى جت
نظر "عدنان" الى البوابة ليجد "سمر" تترجل من سيارة الأجرة وهى تشير الى "دياب" لحمد بعض الحقائب الى الداخل .. سار "دياب" خلفها حاملاً الحقائب .. نظرت الى الرجلين وقالت بهدوء :
- مساء الخير
هتف "عدنان" بلهفه :
- كنتى فين يا "سمر" ؟
قالت بهدوء :
- كنت بعمل شوبينج
نظر اليها "مهند" رافعاً حاجبيه دهشة .. فتجاهلت نظرته .. بل تجاهلتهما معاص ودخلت الى الفيلا .. توجهت الى غرفة المعيشة فنهضت "انعام" و "فريدة" للترحيب بها :
- قلقتينا عليكي يا "سمر"
- "سمر" حبيبتى انتى كويسة
ابتسمت "سمر" وقالت :
- أيوة كويسة .. كويسة أوى .. هطلع آخد شاور وأنزلكوا .. اوعوا تروحوا فى حته راجعالكوا
توجهت الى غرفتها واستغرقت قرابة الساعة قبل أن تعود اليهم من جديد .. ابتسمت قائله :
- كويس ان محدش مشى
سمعت صوت سيارات بالخارج فهتفت وهى تصدفق :
- ده أكيد "نهاد" و " حسنى" .. انا اتصلت بالاتنين .. حبيت نتجمع كلنا النهاردة
نظر اليها "عدنان" بدهشة .. فقالت مبتسمه :
- اتضايقت ؟
هز رأسه نفياً وقال :
- لا أبداً
دخل الجميع الى الغرفة .. نهضت "سمر" وحيت "يسرية" و "كوثر" بحرارة على الرغم من شعورها ببرود كل منهما تجاهها .. رحبت بـ "نهاد" و "بيسان" و "علاء" و "حسنى" .. وحملت الصغير فوق ذراعها السليم وجلست واضعه اياه على قدميها تلاعبه وتلاطفه .. تقدمت "لميس" منها وقالت :
- دلوقتى يا مدام "سمر" ؟
هزت "سمر" رأسها وكل منهم ينظر الى الأخر فى دهشة .. سأل "عدنان" بفضول :
- فى ايه يا "سمر"
ابتسمت وقالت بسعادة :
- جبت لكل واحد فيكوا هدية
فى تلك اللحظة حضرت "فيروز" والتى كانت تتجنب تلك اللقاءات العائلية وتنشغل بالسهر والإندماج فى المجتمع الليلى وتمضية النهار فى النوم .. بل تعدى الأمر ذلك وتعرفت على احدى النساء التى صارت رفيقة مقربة اليها تمضى فى بيتها أكثر مما تمضى فى فيلا "عدنان" .. حتى لم يعد يشعر أحد من أصحاب البيت بأنها فرداً من أفراد هذا البيت .. لكن فى تلك الليلة حضرت على غير عادتها .. نظرت اليها "سمر" ساخره وقالت :
- بجد نسيتك
رفعت "فيروز" حاجبيها بدهشة .. فقالت "سمر" :
- جبت هدية لكل واحد فى البيت .. ونسيتك
نظرت اليها "فيروز" بإباء وقالت :
- وأنا مش مستنية هديتك .. أنا جاية أخد هدومى وبعض متعلقات ليا عشان مسافرة كام يوم
قالت ذلك وهى تخرج من الغرفة بخيلاء
هزت "سمر" رأسها وكأنها تنفض أى صورة لـ "فيروز" و اى كلمة لها من رأسها .. عادت تنظر اليهم مبتسمة .. قالت لـ "بيسان" :
-"بيسان" لو سمحتى شيلي "فريد"
حملت "بيسان" فريدة من بين ذراعى "سمر" التى نهضت وتوجهت الى الطاولة التى دفعتها "لميس" من الخارج محمل عليها علب هدايا ملفوفة بعناية فاقة .. حملت هدية تلو الاخرى وأخذت تقدمها لكل فرد منهما .. كانت كل هدية ملصق عليها كارت صغير بإسم صاحبها .. كانت العلبة الخاصة بـ "مهند" هى أصغرهم .. كانت صغيره للغاية حتى أن "نهال" اندهشت من شكلها .. لم تكن مغلفة فى علبة كما هو الحال فى باقى الهدايا .. حتى نوع التغليف كان مختلفاً .. كان يبدو أرخص وأقل قيمة ! .. انتهت من توزيع الهدايا وعادت الى مقعدها فى حين تنطلق من الأفواه عبارات الشكر والإعجاب بتلكم الهدايا القيمة المقدمة لكل منهم .. بدا للجميع أنها أنفقت مبلغ محترم على تلك الهدايا .. تأمل كل منهم هديته بإعجاب .. صاحب "بيسان" قائله :
- "سمر" ميرسى أوى ذوقك يجنن
نظرت الى البرفيوم فى يدها والذى تعلم قيمته جيداً وقالت بإمتنان :
- بجد ميرسى أوى
نهضت لتقبلها فقالت "سمر" بسعادة :
- أنا مبسوطة أوى انه عجبك
قالت "بيسان" بحماس :
- طبعاً ده يجنن
قالت "فريدة" بتأثر وهى تعانقها هى الأخرى :
- بجد تعبتى نفسك
ابتسمت "سمر" قائله بسعادة :
- لا أبداً ولا تعب ولا حاجه
قالت "يسرية" وهى تتأمل البروش القيم فى يدها :
- هدية جميلة يا "سمر" .. ذوقك فعلاً حلو
ابتسمت قائله :
- مبسوطة انه عجبك
قالت "نهال" فجأة وهى تنظر بفضول شديد الى هدية "مهند" والتى لم يفتحها بعد :
- "مهند" افتح هديتك
نظر "مهند" الى "سمر" فرأى فى عينيها نظرة غريبة .. وساوره القلق وهو يلف بين يديه تلك الهدية الصغيرة والتى لا تتعدى طول الاصبع .. أخذ يفض غلافها .. لتتوقف يداه فجأة وهو يرفع الهدية ينظر اليها بدهشة شديدة .. هتفت "نهال" ضاحكة :
- ولاعة ؟ .. جبتى لـ "مهند" ولاعة
ظلت "سمر" محتفظة بتعبريات وجهها الهادئة .. قالت "فريدة" بدهشة :
- "سمر" .. "مهند" مبيشربش سجاير ولا عمره شربها
قالت "نهال" ضاحكة بشدة :
- بقالك أد ايه عايشة معانا .. ولسه لحد دلوقتى متعرفيش ان "مهند" مبيشربش سجاير .. أصلاً مفيش حد فى العيلة بيشرب سجاير الا "علاء"
ثم نظرت ضاحكة الى "علاء" وهو يحمل هديته قائله :
- حتى "علاء" اللى بيشرب سجاير جبتيله ساعة
قالت "بيسان" :
- يمكن "سمر" غلطت وادت هدية "علاء" لـ "مهند"
قالت "سمر" بهدوء :
- لا مغلطتش
تدراكت "انعام" الموقف وقالت :
- معلش يمكن مكنتش تعرف انه مبيشربش سجاير .. ميرسى يا "سمر" على الهدايا الحلوة دى
فى تلك اللحظة حضرت "لميس" لتخبرهم بأن الطعام معداً على طاولة الطعام .. نهض بعضهم واندمج آخرون فى الحديث بينما أخذت الخادمة فى جمع أغلفة الهدايا الملقاة على المقاعد .. رفع "مهند" هديته أمام ناظريه وهو يعقد جبينه بشدة .. لم يكن مندهشاً فحسب من نوع الهدية التى اختارتها له وخصتها له دون سواه .. فلعلها لا تعلم بأنه غير مدخن .. لكن ما ادهشه .. وأصابه بالحيرة .. هو أنها أنفقت مبالغ كبيرة على هدايا تحمل ماركات عالمية .. إلا هديته .. لم تكن حتى ذات قيمة ! .. لم تكن حتى موضوعه فى علبه .. بل كانت من تلك القداحات الشعبيه التى تباع على الأرصفة والتى لا يتجاوز ثمنها خمسة جنيهات ! .. حتى الغلاف بدا .. رخيصاً .. ظهر الضيق على وجهه وهو يسأل نفسه .. ماذا تقصد بذلك ؟ . .أتقصد اهانتى ؟ .. اتقصد التحقير من شأنى ؟ .. رفع رأسه يبعد ناظريه عن الهدية لينظر الى "سمر" .. التى وجدها تنظر اليه بنفس النظرة التى يحتار دائماً فى تفسير معناها .. تلك المرة لم يهرب بعينيه بل غاص فى عينيها أكثر يحاول فهم ما فيهما .. لم تكن نظراتها تحمل سخرية .. ولا تهكم .. ولا تحقير من شأنه . .بل حملت شئ غريب لا يجد كلمات لوصفه .. أطبق على القداحة بين أصابعه ونظراته تشع حيره وأخذت عيناه ترسم أمام عيناها علامة استفهام كبيرة .. تمنى أن تستطيع محوها ليرتاح باله .. وليخرج من حيرته .. لكنها أطرقت برأسها للحظات .. ثم قامت لتغادر الغرفة فى صمت !
نهض خلفها .. وجلس فوق مقعده فى مواجهتها .. لم يتناول طعامه بل لازمه الشرود طوال العشاء .. ناظراً من حين لآخر لتلك القداحة التى وضعها أمامه فوق الطاولة .. رفع عينيه الى "سمر" ليجدها تشرف من العصير فى يدها وهى ترمقه بنظراتها التى زادته حيره .. قال بهدوء :
- انتى منين من المندرة ؟
وضعت الكوب أمامها فوق الطاولة وهى تقول بهدوء مماثل :
- مش فاكرة
رفع حاجبيه بدهشة قائلاً :
- ازاى مش فاكرة ؟
قالت "انعام" :
- أكيد يا حبيبى عشان بعدت عن اسكندرية سنين .. فطبيعى تنسى أسماء الشوارع
وضعت "سمر" عينيها فى طبقها .. فعاجلها "مهند" بسؤال آخر :
- سافرتى تركيا امتى ؟ من كام سنة يعني ؟
ساد الصمت حتى ظن بأنها لن تجيب سؤاله .. وأخيراً رفعت نظرها اليه قائله :
- مش فاكرة
لاحت على شفتيه ابتسامة ساخرة وهو يقول :
- ازاى يعني مش فاكرة ؟
نظرت الى كوب العصير فى يدها وهى تقول بهدوء :
- بطلت أعد .. مش هتفرق خمس سنين ولا عشرة ولا خمساتر ولا عشرين .. أصلاً السنة فى الغربة بعشرة
قال "عدنان" بمرح :
- معاكى حق أنا لما بسافر يوم واحد بره مصر بحس انى بشتاقلها ونفسى ارجعلها .. أكن فى حاجه ربطانى بيها بخيط متين
ابتسمت له "سمر" وهى تقول :
- نفس احساسى
ثم نظرت الى "مهند" قائله بجدية بالغة :
- طول ما أنا بره .. كنت حسه ان روحى هنا .. فى مصر .. فى اسكندرية .. فى المندرة .. على شط البحر .. فوق الصخور
عقد "مهند" حاجبيه قائلاً بإستغراب :
- فوق الصخور ؟
أومأت برأسها وقالت وهى تنحنى الى الأمام وتستند بمرفقها الى الطاولة :
- أيوة فوق الصخور .. عارف صخرة ليلى "مراد" اللى فى مطروح ؟
أومأ برأسه وهو لايزال ينظر اليها فى حيرة .. فأكملت بهدوء :
- أنا ليا صخرة هناك .. فى اسكندرية .. ملهاش اسم .. بس أنا مسمياها بإسمى .. لانها بتاعتى أنا .. ولسه لحد دلوقتى فاكرة شكلها
قالت ذلك ثم أبعدت عينيها عن عينيه وهى تزيح مرفقها من فوق الطاولة .. أكملت طعامها فى صمت .. ندم "مهند" على ذلك الحديث الذى بدأه معها .. لأن كلامهــا لم يزيــده الا حيـرة فوق حيــرة !
Comments
0 Comments

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق